يعرض الفنان التشكيلي المغربي اليزيد اجبيل، من سادس إلى 30 أكتوبر الجاري، آخر أعماله الفنية، للمرة الثالثة، التي اختار لها تيمة "اجبيل.. رسام العملة"، بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدارالبيضاء. اجبيل في مرسمه يضم هذا المعرض الجديد للفنان العصامي، الذي فضل الاشتغال على العملة كرمز وطني يجسد امتدادا واستمرارية الدولة المغربية، لما تشكله القطع النقدية من حس معاملاتي وموضوعاتي معا، مجموعة من اللوحات، التي اشتغل فيها اليزيد اجبيل، على القطع النقدية لربط الماضي بالحاضر، وهي حسب قوله، أشكال هندسية ضخمة، غنية بذكر المكان والزمان للمملكة بكل معانيها، وبالتعدد وتنوع ثقافتها. وأضاف اجبيل أن"موضوع سك النقود ألهم كثيرا المؤرخين، الذين كتبوا عن تطور العملة المغربية، انطلاقا من الدول التي تعاقبت على حكم المغرب، وصولا إلى الدولة العلوية، التي اهتم ملوكها بهذا الجانب، وكانوا قدوة في ضرب النقود وسكها، لتسهيل عمليات التبادل التجاري بين مختلف الدول، التي ارتبطوا معها عبر اتفاقيات دبلوماسية وتجارية". وأشار إلى أن لوحاته تتضمن أشكالا مكونة من خامات مستحدثة من بحوث شخصية، من أجل إعادة إنتاجها في حلة جديدة. وأن معرضه، يضم لوحات تشكيلية جديدة، غنية برموزها وبالتراث الوطني للسلطة العلوية، مشيرا إلى أن هذا العمل هو الأول من نوعه في التشكيل المغربي. على مستوى النقد الفني والجمالي، عرفت أبحاث الفنان التشكيلي اجبيل تطورا ملحوظا في ما يتعلق بالمضامين والتيمات، إذ اعتمد في معرضه الحالي على تصور رمزي شديد الارتباط بالاهتمامات الراهنة، عوض الطقوس الصوفية، التي طبعت معارضه السابقة. فبعد معرضه الأخير الذي يحمل عنوان" الأبعاد الخفية"، الذي وظف فيه جانبا من الغرائبي، واحتفى فيه بالأماكن المنسية، وأعاد الاعتبار إلى الأضرحة، وكل ماله علاقة بالتصوف، إذ كانت كائناته ومخلوقاته الغرائبية تتماهى إلى حد كبير مع التعبيرات التشكيلية للراحل صلادي، هاهو يعود في تجربة ومغامرة صباغية جديدتين إلى "ضرب العملة" بطريقة فنية قلما شاهدناها في تجارب فنانين مغاربة. عن هذه التجربة الفريدة كتب الناقد الفني والجمالي عبد الرحمان بنحمزة نصا نقديا حاول أن يبرز فيه هذه الحساسية الجديدة، وقال فيه إن" تجربة اجبيل الحالية منذورة للتاريخ، إذ اختار الفنان تيمة قلما التفت إليها التشكيليون". عمل يرصد العملة في تجلياتها الصغيرة والكبيرة، وفي قطعها المختلفة، فهو يرسم النقود القديمة، ويمزج بين الألوان المضيئة واللمسات الضبابية والانطباعية كخلفية جمالية تظهر بجلاء القطع النقدية في مركز اللوحة، وكأنها منبثقة من متحف خيالي متخصص في عرض القطع النقدية النادرة. وعن عشقه لفن التشكيل، أكد اجبيل أنه، منذ طفولته، كان مولعا بالتشكيل، مبرزا أنه فنان عصامي، كون نفسه بنفسه، اشتغل في بداياته الفنية على كل ما هو تراثي ورمزي، قائلا "أنا فنان غير مثقف، لكن الله ساعدني على صقل هذه الموهبة، لأن مهنتي الأصلية، هي اشتغالي مع التشكيليين المغاربة كمؤطر للوحاتهم، أنا من يصنع الإطار، الذي تتطلبه لوحاتهم التشكيلية. ومع الاحتكاك بهؤلاء الفنانين، استطعت أن أرسم لنفسي طريقا متميزا في مجال التشكيل، وبشهادة جميع التشكيليين والنقاد، فأنا أستطيع أن أفجر هذه الموهبة الربانية، وفعلا دخلت هذا المجال من بابه الواسع، مستعملا تقنية منفردة، لا يملكها أي فنان تشكيلي آخر". وبخصوص الساحة التشكيلية المغربية، أكد اليزيد أن الميدان الإبداعي بشكل عام، سواء تعلق الأمر بالتمثيل أو المسرح أو الكتابة، يمر بظروف صعبة، لكن مع التحدي والرغبة من أجل إيصال رسالة فنية نبيلة للجمهور، يحقق الفنان ذاته.