تحتضن الدارالبيضاء إلى غاية 10 مارس، معرضا للفنان اليزيد اجبيل. وقد استطاع هذا الفنان التشكيلي ابتكار نموذج فني خاص به لإنتاج أعمال ذات أشكال هندسية تحيل على ذاكرة المكان والزمان. وتتضمن أعماله فن الحفر البارز على شكل نتوءات مكونة من خامات المعدن أو مواد أخرى، تضفي لمسة فنية على العملة النقدية المتداولة من بداية القرن الحادي عشر الهجري إلى القرن الخامس عشر، كما يعمل هذا الفنان على إعادة إنتاج هذه العملات في صيغة تشكيلية جديدة تعتمد على التراث. ولليزيد اجبيل معارض جماعية وفردية، إذ نظم أول معرض فردي له بفاس سنة 2009، والمعرض الثاني في مجال القطع النقدية هو المنظم حاليا بالدارالبيضاء. وسينظم معرضا ثالثا بالمكتبة الوطنية بالرباط.. كما سبق له أن شارك في معارض جماعية منذ سنة 2001 بالعديد من المدن المغربية. هنا نص الحوار الذي أجريناه معه : كيف جاءت فكرة اختيار تيمة القطع النقدية القديمة وتوظيفها فنيا؟ أشتغل على القطع النقدية القديمة من حقبة الملوك العلويين، التي تمتد من القرن الحادي عشر إلى الخامس عشر، لربط الماضي بالحاضر. كما أنني أحاول من خلال اشتغالي التعريف بالقطع النقدية، التي تمتاز بالرموز والنقوش، وتحيلنا إلى عصرها، من أجل إحياء هذه الحقبة من تاريخ المغرب تشكيليا، بحيث تتنوع لوحاتي مابين أشكال هندسية ضخمة، وذلك من أجل إبراز المكان والزمان للمملكة بكل معانيها، وبالتعدد وتنوع ثقافتها. كما أنها تتضمن أشكالا مكونة من خامات مستحدثة من بحوث شخصية، من أجل إعادة إنتاجها في حلة جديدة. ولوحات المعرض، فهي أعمال تشكيلية جديدة، غنية برموزها وبالتراث الوطني للعلويين، وأن هذا العمل هو الأول من نوعه في التشكيل المغربي. من هنا يأتي اشتغالي على القطع النقدية ليعرف الجيل القديم بهذه القيمة الفنية، ويعطي في الآن نفسه، نظرة للجيل الجديد، حول هذه اللوحات، التي يرجع تاريخها إلى مئات السنوات، وكلها عبارة عن أحجام كبيرة. فأعمالي مبنية بأسلوب فن الحفر البارز على شكل نتوءات مكونة من خامات المعدن، مستحدثة من بحثي الشخصي، من أجل إحياء الثقافة الفنية للعملة النقدية، وكذلك خوفا من أن تتلاشى مع مر الزمن في أذهان الأجيال الصاعدة، لهذا أعمل على إعادة إنتاجها في حلة تشكيلية جديدة غنية برموزها التراثية الوطنية، الزاخرة بالقوة و الإبداع. من هنا تمكنت من ابتكار أسلوب فني غير مسبوق على الساحة الفنية، كرست فيه كل خبرتي و تجاربي، لأقدم أعمالا توظف تقنيات ورموزا، على سطح عملات ملوك العلويين، وذلك في علاقتها بالذاكرة الشعبية المغربية، منذ زمن بعيد، حيث أتوخى إبرازها بصفتي فنانا تشكيليا باحثا في تفاصيل تاريخ حضاراتنا، وبما انتجته ذاكرتنا البصرية والمعرفية من أشكال العملات القديمة .. لماذا اختيار الاتجاه إلى فن التشكيل؟ منذ طفولتي كنت مولعا بالتشكيل، ومعتزا بعصاميتي، وكونت نفسي بنفسي، لهذا تجدني اشتغل في بداياتي الفنية على كل ما هو تراثي ورمزي، إلى جانب اشتغالي مع التشكيليين المغاربة كمؤطر للوحاتهم، أي أنا من يصنع الإطارات الذي تتطلبه لوحاتهم التشكيلية. ومع الاحتكاك بهؤلاء الفنانين، استطعت أن أرسم لنفسي طريقا متميزا في مجال التشكيل، وبشهادة جميع التشكيليين والنقاد. وفعلا دخلت هذا المجال من بابه الواسع، مستعملا تقنية منفردة، لا يملكها أي فنان تشكيلي آخر. كيف تواكب تحولات الساحة التشكيلية المغربية؟ الميدان الإبداعي بشكل عام، سواء تعلق الأمر بالتمثيل أو المسرح أو الكتابة، يمر بظروف صعبة، لكن مع التحدي والرغبة من أجل إيصال رسالة فنية نبيلة للجمهور، يحقق الفنان ذاته. وفيما يخص الساحة التشكيلية فهي بخير، من حيث عدد القاعات، التي أصبحت متوفرة، من أجل خدمة الفنان التشكيلي وتواصله مع الجمهور، ولكي يفرض الفنان ذاته في الساحة الإبداعية يجب عليه أن يواجه كل الصعوبات الميدانية..