يعرض الفنان التشكيلي والشاعر عبد الرحمان بنحمزة أول مغامرة صباغية، برواق "لوشافليي" في الدارالبيضاء، ويندرج المعرض الفني ضمن التجارب الإبداعية الجادة، التي اشتغلت في صمت، وثارت على النمطية في الإبداع الصباغي، كما ثارت على مقولة "إن الناقد الفني لا يمكنه أن يتجاوز الإطار النظري".وقال الناقد الجمالي والشاعر عبد الرحمان بنحمزة، إن "التشكيل امتداد للقصيدة، واللوحات المعروضة في رواق "لوشافليي" عبارة عن تراكيب موسيقية، واشتغلت كثيرا على جميع الألوان"، وأضاف في حديث إلى"المغربية" أن الأعمال الصباغية تكشف عن تجربة جديدة في عالم التشكيل، وهي مغامرة فنية تؤمن بأن الشعر والتشكيل معادلان طبيعيان، كل واحد يرفد من الآخر ويكمله لخلق انسجام تام في العمل الإبداعي.وأوضح بنحمزة أن شخوصه لها بعد غرائبي، وبلا ملامح، خصوصا في ما يتعلق بالأشكال التي تحيل على المرأة، حتى يترك مجالا واسعا للمتلقي لقراءة أعماله، وفق مداركه وطاقته في فهم مضمون اللوحة، وزاد موضحا أن المشاهد الطبيعية تحضر بقوة في أغلب لوحاته، تماما كما في قصائده الشعرية، وهي طبيعة خارجة عن تصورها المعتاد، من حيث الوصف.ويرى بنحمزة أن الفنان التشكيلي هو مبدع الأشكال، كما هو مايسترو الأوبرا، والتشكيل كتابة بلغة الألوان، والخطوط. واعتبر أن مميزات الأعمال تكمن في شفافية الألوان، التي لا تهدف فقط إلى اعتبار المعطى الجمالي في اللوحة، هدفا في حد ذاته، وإنما استدعاء إسقاطات ذاتية لحالات نفسانية معينة.وتعزز المعرض، يوم افتتاحه، بحضور أصدقاء بنحمزة، الذين ينتمون إلى عالم التشكيل والفن، أمثال الفنان التشكيلي رحول، والحسين طلال، وسعيد كحيا، وعبد اللطيف الزين وآخرين، حيث تفاجأوا بأسلوب اللوحات المعروضة، التي بلغت 34 لوحة، فضلا عن 18 قصيدة مأخوذة من دواوين صدرت في الثمانينيات من القرن الماضي. وتبدد لدى الجميع فكرة أن الناقد الفني لا يستطيع ممارسة الإبداع التشكيلي، ويبقى محصورا في الجانب النظري. وأمام وحات المعرض استحسن الفنانون الحاضرون تجربة بنحمزة الفنية، كما ارتاحوا لأسلوبه ومغامرته الصباغية. ومن بين الأمور التي شجعت عبد الرحمان بنحمزة على دخول هذه المغامرة الصباغية، أريحية صاحب رواق "لوشافليي"، الذي فتح أبواب الرواق على مصراعيها للفنان. من جهة أخرى قال الفنان التشكيلي، عبد الرحمان بنحمزة، إنه اشتغل في صمت لمدة طويلة، وأنجز 140 لوحة تشكيلية، اكتفى بعرض 34 فقط، وتتنوع بين التشخيصي والتجريدي الموسوم بالأشكال الهندسية، وإشارات "البوب آرت"، فضلا عن رسومات الأطفال، والمشاهد الطبيعية، ويرى بنحمزة أنه يمارس التشخيص والتجريد في الآن نفسه. ويدعو بنحمزة كناقد فني إلى فتح مجال التشكيل أمام الجميع وإعطاء الفرص لمختلف التعبيرات الفنية، لأن الفن المغربي ميدان خصب وله مستقبل كبير، ويجب أن تتجاوز الساحة الفنية المفهوم الطبقي، لأن هناك نوعا من الطبقية تجد امتداداتها في التشكيل، معتبرا أن التجارب المتعددة والمختلفة تغني الذاكرة الجماعية والتراث. وبخصوص أنه مارس النقد الفني وكتب عن تجارب فنية كثيرة، وشارك في الندوات، كما شارك في أول بينالي في الفن المعاصر، الذي نظم أخيرا في مراكش، رفقة نقاد مرموقين أمثال فريد الزاهي، وتوني ماريني، ونيكول دي كونشارا، فضلا عن تدريسه تاريخ الفن في مدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء، أفاد ل"المغربية" أن أعماله الجديدة لم تخل من تأثيرات فنانين مشهورين عالميين، وإن حددها في تأثيرات تدخل ضمن اللاشعور، مبرزا أنه معجب بالمدرسة الانطباعية، كما تجتذبه المدرسة التعبيرية الألمانية، من حيث قوة الأعمال والصدق في التعبير، والبعد الجمالي، الذي يصل إلى حد البعد الميتافيزيقي، ومن بين هؤلاء الفنانين ذكر في السياق ذاته كلا من أوتو ديكس، وكرينويلد، وكلي، وآخرين. ما بين النقد الفني والشعر يدخل بنحمزة عالم التشكيل بعين مدربة على قراءة الأعمال الفنية، وأحاسيس بارعة في استنطاق مفرداتها، التي توزعت في دراسات ومقالات احتوتها العديد من المجلات منها "ميساج دو لاناسيون"، و"الأساس"، و"لاماليف، و"السندباد"، إضافة إلى العديد من الجرائد الوطنية الناطقة باللغة الفرنسية. ويعد عبد الرحمن بنحمزة، الذي أنجز الآلاف من الورقات التي حلل من خلالها مجموعة من أعمال أبرز الفنانين المغاربة أمثال عبد اللطيف الزين، وعبد الحي الملاخ، والماحي بينبين، وكريم بناني، وغاني بلمعاشي، بلغة شعرية راقية، من بين الكتاب، الذين أدرجوا ضمن أنطولوجية شعراء من المغرب الصادرة بفرنسا سنة 1985، إلى جانب الراحلين محمد خير الدين وعبد الكبير الخطيبي، وبنسالم حميش، والطاهر بن جلون ***************************** صورة خارجة عن الموضوع وعن الفقرة نرجو تاملها