ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعمات كوكو عضوة الحزب الشيوعي السوداني في حوار مع جريدة بيان اليوم:
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 06 - 2014

حزب التقدم والاشتراكية اختار أن تكون خارطة طريقه في المرحلة القادمة موسومة بالدفاع عن المؤسسات والعدالة الاجتماعية
وقف الحرب وإرساء دعائم السلام بمشاركة كل الحركات المسلحة شرطنا لدخول الحوار الوطني في السودان
قالت نعمات كوكو عضوة الحزب الشيوعي السوداني إن حزب التقدم والاشتراكية اختار أن تكون خارطة طريقه في المرحلة القادمة موسومة بالدفاع عن المؤسسات والعدالة الاجتماعية.
وأضافت في حوار أجرته معها بيان اليوم على هامش مشاركتها في المؤتمر التاسع لحزب التقدم والاشتراكية ببوزنيقة نهاية الشهر الماضي، أن المؤتمر عكس مدى التفاعل مع الحراك الاجتماعي السياسي الذي عرفه المغرب الذي يبدو البلد الذي حدث فيه استجابة حقيقية للتغيرات التي حملها الربيع العربي.
ما هي ارتساماتكم بخصوص المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية؟
كنت سعيدة جدا بحضور المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية، إذ عكس لي المؤتمر مدى التفاعل مع الحراك الاجتماعي السياسي الذي عرفه المغرب الذي يبدو البلد الذي حدث فيه استجابة حقيقية للتغيرات التي حملها الربيع العربي. فهناك تفاعل سياسي، اجتماعي مع الأحداث، والمؤتمر نفسه، بشعاره، شكل نقلة نوعية في تفكير الأحزاب السياسية وبالتحديد حزب التقدم والاشتراكية الذي اختار أن تكون خارطة طريقه في المرحلة القادمة موسومة بالدفاع عن المؤسسات والعدالة الاجتماعية. فانتباه الحزب للعدالة الاجتماعية كمطلب أساسي يجب العمل من أجل تحقيقه في الفترة القادمة معناه أنه سوف يضغط في اتجاه الاستجابة إلى تطلعات الجماهير للحياة بكرامة وإنسانية وإلى المتغيرات التي باتت تشهدها المنطقة المغاربية والعربية، وأعتقد أن الحزب كان موفقا في اختياره لهذا الشعار .
كما كانت كلمة الأمين العام، خلال افتتاح المؤتمر، رسالة واضحة وقوية تعبر عن برلمان الحزب، فضلا عن كون المؤتمر شكل لوحة للتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر، ذلك أن الحضور خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كان متنوعا، إذ لفت نظري حضور شركاء الحزب في الحكومة والبرلمان، وفي تقديري تترجم هذه الصورة نوعا من أنواع الممارسة الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر، وهذه الثقافة ، ثقافة التنوع السياسي، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي نحتاج إلى إرسائها في المنطقة العربية، كما نحتاج في نفس الوقت إلى بناء قدراتنا، فهذه إشكالية طبعت تاريخ المنطقة العربية سياسيا، وتطرح حتى بالنسبة لقوى اليسار والديمقراطية في المنطقة، حيث أن مسألة احترام الرأي والرأي الآخر والاعتراف بالتعددية تعد مسألة في غاية الأهمية .
باعتباركم أحد مكونات اليسار العربي، ما الذي يشكله بالنسبة لكم حضور مؤتمر حزب يساري تقدمي، في مرحلة تعقب أحداث الربيع العربي ؟
نحن في السودان عادة لا نميل لكلمة اليسار، ونعتبر كلمة يسار بمثابة قوس قزح، فقد درجنا في السودان تاريخيا على الحديث عن الحركة الديمقراطية، أي كل من يؤمن بالديمقراطية يمكن أن يكون معنا، فبالنظر للطبيعة الطائفية لبلدنا حيث يوجد حزبان كبيران لهما جماهير واسعة جدا، ويتعلق الأمر بحزب الأمة وحزب الاتحادي الديمقراطي بطائفتي الأنصار والخاتمية، يمكن القول أنه من الصعب أن نتجاهل القوى الديمقراطية داخل هذه الأحزاب، ولذلك شعاراتنا تستند على الديمقراطية كإطار نظري فكري ونعمل على تجميع القوى الديمقراطية وهذا من الموروث السياسي لحزبنا، حيث نادينا وعملنا على تجميع القوى الديمقراطية في كل المحطات التي كنا نفقد فيها الديمقراطية. ففي أكتوبر 1964 كان شعارنا الديمقراطية، وحتى نظام النميري كنظام عسكري هزمناه بجبهة عريضة للديمقراطية وإنقاذ الوطن، حيث نجحنا في تكوين أكبر جبهة ضمت أيضا القوى الديمقراطية داخل الأحزاب الأخرى.
والآن نمر بنفس تلك التجربة، إذ نتحدث عن البديل الديمقراطي لنظام الحزب الواحد. ففي عهد النميري كنا ننادي بتكوين جبهة عريضة للديمقراطية وإنقاذ الوطن من الشمولية وحكم الفرد، وطورنا خطابنا السياسي بطرح فكرة البديل الديمقراطي لحكم الحزب الواحد لصالح دولة الوطن، وبالضرورة فحينما كنا نتحدث عن البديل الديمقراطي كان في بالنا تجميع أكبر قدر من كل القوى الديمقراطية داخل كل الأحزاب السياسية التي تتفق معنا حول مسألة التعددية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، ومن المفارقات العجيبة أنه لفترة امتدت من 1997 إلى مرحلة انفصال الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي عن الحكومة يلاحظ أن هذا الحزب ذي المرجعية الإسلامية والذي كان هو أصلا السبب الأساسي في قيام هذا النظام، أصبح بدوره يشكل جزء من قوى المعارضة مما أضعف هذه الحكومة، ولا نستطيع أن ننكر هذه الحقيقة على اعتبار أنه ذو مرجعية إسلامية وكان السبب في الانقلاب، لكن الانقسام الحاصل حاليا بينه وبين النظام كنظام عسكري أمني وهو كتيار سياسي التحق بالقوى السياسية التي تنادي بالديمقراطية، إذ على ما يبدو قد اقتنع بأنه لابد من الديمقراطية، وذلك ما يصرحون به حتى الآن، وهذا هو القاسم المشترك الذي يجمعهم في هذه المرحلة مع كل القوى السياسية الأخرى التي تنادي بالديمقراطية والتعددية .
على كل، حضورنا في مؤتمر حزب التقدم والاشتراكية كحزب ديمقراطي يعد أمرا في غاية الأهمية بالنسبة لنا ،خاصة وأننا نوجد حاليا داخل جبهة تناضل من أجل التعددية والديمقراطية، وفي مرحلة يمر فيها السودان بأزمة سياسية عميقة كما يعيش كارثة اقتصادية ، والتي يمكن القول أنه من المحتمل أن تكون السبب وراء دفع الحكومة السودانية إلى الانتباه إلى المأزق التاريخي الذي أصحبت فيه، مما حتم عليها الدعوة إلى إجراء حوار وطني، هذا علما أن هناك من يعتبر أن هذه الدعوة جاءت بضغط من جناح الترابي وكذا نتيجة ضغوط دولية.
بارتباط مع موضوع الحوار الوطني الذي دعت إليه حكومة البشير ، ما هو موقفكم داخل الحزب الشيوعي السوداني اتجاه هذا المسار؟
مبدئيا، نحن لا نرفض الحوار الوطني، ونعتبره آلية للتوافق الوطني بديلا عن الحرب وسفك الدماء، فيكفي السودان والشعب السوداني ما عاشه من حروب ونزاعات وسفك للدماء، وما سقط من شهداء وما شهده من أسرى ونازحين، خاصة وأننا لازلنا نعيش مأساة حقيقية بالأخص في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، فالحزب الشيوعي نادى وينادي وسيظل ينادي بالحوار الوطني من أجل حل مشاكل السودان، لكن مع التنبيه لطبيعة النظام في السودان الذي تنعدم فيه الثقة تماما حسب ما تبين لنا من خلال تجارب سابقة، فقد وقع هذا النظام عددا من الاتفاقيات مع دارفور و جبال النوبة وفصائل في النيل الأزرق ولكنه لم ينفذ تلك الاتفاقات. فمن وجهة نظرنا، ونحن مقتنعون بذلك، بات من الضروري فتح حوار وطني جاد ومثمر يكون هدفه الأساسي إرساء دولة الوطن بديلا عن دولة الحزب، أي أن يسفر الحوار عن وضع خارطة طريق تؤدي إلى تفكيك هذا النظام، وقد وضعنا بعض الشروط الواضحة لبدأ هذا الحوار من بينها، العمل على وقف الحرب ،إذ لا يمكن أن ندخل الحوار الوطني والبلاد تعرف نزيفا دمويا، فوقف الحرب وإرساء دعائم السلام بمشاركة كل الحركات المسلحة، شرط أساسي بالنسبة لحزبنا.
كما يجب العمل على إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات الفردية والجماعية وحرية الصحافة ،فالنظام مازال يدير الدولة بقوانين من صنعه ،ذلك أن الدولة دولة أمنية بوليسية ولا يستقيم إجراء الحوار تحت مظلة نظام من هذا النوع،فنعتبر أن هذه القوانين ذات أولوية يجب العمل إما على تجميدها أو إلغائها أو تعديلها، حتى نبدأ الحوار ونحن مطمئنين من أن هناك مناخ من الأمن والسلام يضمن حق التجمع وحق التظاهر، وهو المناخ الذي يعد في الوقت الحاضر منعدما، حيث وأنا هنا في المغرب علمت من خلال اطلاعي على الأخبار عبر الانترنت أنه تم اعتقال الصادق المهدي، كما تم تعنيف أنصاره الذين خرجوا احتجاجا على اعتقاله، وتم ضرب متظاهرين سلميا، كما تم إيقاف صحف، وفي اعتقادي لا يتسقيم أن نجري حوارا في ظل هذا الوضع.
أما شرطنا الثالث فهو أن يتم إلغاء كل القرارات التي أدت إلى الانتفاضة الشعبية» سبتمبر» احتجاجا على رفع أسعار المواد الأساسية وإلغاء دعم المواد البترولية، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية السيئة بتحمل الدولة لمسؤوليتها وألا يتحمل الشعب السوداني تكلفة الحرب وأداء مصاريف المؤسسات السيادية التي لا حد لها، حيث أن دولة كالسودان يطبعها شح الموارد المالية بها30 وزير مركزي بما له من امتيازات مادية كبيرة.
ونقترح أن يتم تنظيم مؤتمر دستوري من أجل وضع خارطة الطريق ، التي لا يجب أن تضعها الدولة بجهازها الموجود، ولا أن يضعها حزب واحد، أو مجموعة الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، بل يتم وضعها عبر مؤتمر دستوري ينفتح على كل المجتمع السوداني بكل فصائله الحزبية، المدنية، الثقافية، العرقية وبمشاركة حتى مكونات ما يسمى في السودان بالمركز والهامش أي الخرطوم كمركز وبقية الولايات،بحيث يتم مناقشة كل القضايا التي تتعلق بالنظام الفيدرالي و تقسيم السلطة و الثروة، فهذه القضايا استراتيجية وجوهرية ، ونعتبر في الحزب الشيوعي السوداني أنه يجب أن معالجتها في إطار المؤتمر الدستوري، في اتجاه التأسيس للمحطة التالية لقيام الدولة الديمقراطية بوضع دستور جديد،و قانون انتخابات جديدة .
فهذه هي شروط الحزب لبدأ في الحوار الذي لانرفض إذا تمت الموافقة عليها ،فالحوار نعتبره أمرا مبدئيا وضروري جدا القيام به في الظروف الحالية التي يمر بها السودان، لكوننا نريد أن نتفادى ما حدث في الصومال وما يحدث في سوريا ،فطبيعة المجتمع السوداني وظروفه لاتتحمل أي مجازفات دموية أخرى، وعلى الحكومة أن ترجع إلى رشدها وتبدأ العمل الجاد.
بالنسبة للمناطق التي تشهد اضطرابات وعمليات مسلحة في السودان،سواء تعلق الأمر بدارفود أو كردفان أوالنيل الأزرق،ماهو موقف حزبكم بخصوص هذه المعضلات ؟
الحزب طرح ضرورة وقف الحرب من جانب الحكومة، وضرورة التوافق على البديل الديمقراطي من جانب الحركات السياسية المسلحة،على اعتبار أنه ليس كل الحركات المسلحة هي بالضرورة حركات ديمقراطية، فهناك بعض الحركات القائمة على أسس جهوية ،وأخرى قائمة على أسس إثنية عرقية، وهذا لن يفيد مستقبل السودان، ولذلك الحوار الحزبي مع هذه الحركات المسلحة تأسس على فكرة بلورة مشروع نتوافق فيه على مستقبل السودان كبلد متعدد الأديان والأعراق والثقافات تسوده الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.
وقد قبلت الحركات بهذا المبدأ لكن يبقى هناك تعنت الدولة في وقف الحرب الذي يبقى قراره بيد الدولة،ونعتبر أن لو أوقفت الدولة الحرب من جانبها، فإن الحزب الشيوعي يمكن أن يلعب دور كبير جدا مع قوى الإجماع الوطني ومع بقية القوى السياسية من أجل إقناع الحركات المسلحة بالجلوس إلى طاولة التفاوض ،ذلك أن كل تجارب التفاوض السابقة كانت تتمحور حول تقسيم السلطة والثروة فقط ، لكن لم يكن يتم التأكيد على مسألة طبيعة النظام الذي من المفروض أن يتم في ظله ذلك، فنحن نقترح أن يتم التفاوض على كل القضايا الخاصة بالسودان في إطار الوطن الديمقراطي.
ويمكن القول أنه إلى حد ما فإن الحوار مع الحركات المسلحة أنتج بعض الاستجابات،و ننتظر فقط رد الحكومة فيما يتعلق بمسألة وقف الحرب ، والحزب الشيوعي مستعد للقيام بدور كبير في ما بعد ،خاصة فيما يتعلق بإقناع الحركات المسلحة بالجلوس إلى طاولة التفاوض وخلق البديل الديمقراطي المشترك
كيف يرى حزبكم مستقبل النظام السياسي في السودان؟
استراتيجيا الحزب يطرح فكرة الدولة الوطنية الديمقراطية، وهذا برنامجه، خاصة وأن الحزب الشيوعي هو حزب ثوري يؤمن بالجمهورية الثورية ومازال يحمل النظرية الثورية، و مرجعيته مبنية على التحليل الماركسي والتي يتضمنها بشكل واضح برنامجه. فإستراتيجية الحزب تقوم على بناء الدولة الوطنية التي تعتمد على المؤسسات الديمقراطية، و حاليا نعتبر أننا نوجد في مرحلة انتقالية، والتي تتطلب أساسا وبالضرورة للمرور من حكم الحزب الوحيد إلى دولة الوطن، مشاركة الجميع بمختلف الفئات السياسية والاجتماعية بما فيها الجهوية، والحركات المسلحة بدارفور، بحيث يجد كل واحد ذاته في ظل نظام ديمقراطي تعددي، سياسي.
كما نركز في الحزب فيما يخص النظام المستقبلي للبلاد على الجانب الاقتصادي، حيث نقترح بأن يكون هناك بديل ديمقراطي تنموي، بحيث تقوم الديمقراطية على حقوق الفئات المهمشة والضعيفة في المجتمع الموجودة داخل كل السودان، بما فيها تلك التي تتواجد على المستوى المركزي بالخرطوم، علما أننا كحزب شيوعي نشدد على فئة العمال والمزارعين الفقراء من أبناء وبنات السودان.
هذا وبالرغم من أنه في الحزب لدينا برنامج اقتصادي بديل، فإنه لا نعتبر أنه يجب بالضرورة فرضه، ولكن يجب أن يخضع لحوار مع كل أطراف القوى السياسية التي ستقبل تدبير المرحلة الانتقالية، بحيث يتم التوافق على برنامج اقتصادي في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية ، مع التأكيد أن القوى الإقليمية والدولية مدعوة إلى مساعدة السودان للخروج من الأزمة والمأزق الذي تشهده البلاد حاليا. ويجب الإشارة إلى أنه كحزب لدينا برنامج مرحلي نشترك فيه مع بقية الأحزاب السياسية من خلال البديل الديمقراطي وندعو إلى عقد مؤتمرات وطنية لحل كل المشاكل المطروحة بإعمال التشاور ومقاربة الحوار الهادئ والرصين، كما أنه لدينا كحزب إستراتجيتنا لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية في المستقبل.
أنتم كامرأة داخل حزب ديمقراطي يؤمن بالحرية وحقوق المرأة وبكونية الحقوق كما هي متعارف عليها عالميا، كيف تنظرون لأضاع المرأة داخل السودان بصفة خاصة والعالم العربي بصفة عامة، على ضوء التغيرات التي حملها الربيع العربي ؟
كحزب نعتبر قضية المرأة جزء من قضية المجتمع، وكل الكارثة التي حلت بالسودان حلت أيضا بالمرأة التي دفعت الثمن غاليا نتيجة الحروب والنزاعات، والتي بسببها أصبح السودان ولأول مرة في تاريخه يشهد ما يسمى بالنازحات اللواتي تركن مناطقهن وسبل عيشهن بها، ونزحن إلى المناطق الهامشية المحيطة بالمدن، حيث يتعرضن للعنف القانوني السياسي والعنف الأمني.
فالمرأة السودانية تمر حاليا بمرحلة حرجة وذلك كجزء من المرحلة الحرجة التي يمر منها السودان، هذا علما أن المنظمات النسوية تقوم بكل ما في وسعها دفاع عن المكتسبات التي حققتها المرأة السودانية طوال السنوات الماضية، وعلى ما أعتقد أن شعوب المنطقة العربية على علم بأن المرأة السودانية تعد من الأوائل على مستوى النضال داخل الحركات النسائية والتي تمكنت من نيل حقوقها السياسية والاقتصادية بما فيها الحق في الأجر المتساوي منذ سنوات الخمسينات.
وهذه الحقوق الآن معرضة للانتهاك، كما تشهد البلاد بروز ظاهرة العنف ضد النساء كظاهرة جديدة في السودان، بما فيه العنف الجنسي ،الاغتصاب خاصة بمناطق النزاع،والعنف الاقتصادي ممثلا في أحزمة الفقر حول المدن واتساع ما يسمى بالقطاع الاقتصادي غير المنظم أو ما يسمى الهامشي كبيع الأطعمة والشاي على الطرقات، مما يعرضهن لعنف يومي و لعنف قانوني. فلا يمكن أن تتصوري أوضاع المعاناة التي تعيشها النساء الفقيرات بالسودان داخل المدن ، واللواتي يعملن في القطاع الهامشي الذي أصبح قطاعا واسعا تشتغل به أكثر من 65 في المائة من النساء في ظل أوضاع هشة وظروف تنعدم فيها الحماية القانونية ،وهذه معضلة كبيرة جدا في السودان، حيث تتعرض الحقوق السياسية للخطر بسبب غياب الديمقراطية.
ففي ظل هذه الأوضاع الاقتصادية ،لا تملك النساء قرارهن فما بالك بالقرار السياسي، فوجود النساء تحت خط الفقر أبعدهن عن المشاركة العامة في تناول ما يعيشه الوطن من هموم بل وأبعدهن عن المشاركة السياسية برمتها، فالمرأة السودانية تمر بظروف صعبة جدا لكن مع ذلك أؤكد على قدرة المرأة السودانية على التفاعل مع الأحداث،إذ أن النساء داخل الأحزاب السياسية أصبحن يشكلن قوة كبيرة جدا داخل هذه الهيئات ويضطلعن بدور كبير في تبني هيئاتهن قضايا المرأة .
فإلى أي مدى يبدو تأثير هذا التواجد النسائي داخل الأحزاب السياسية على قضايا المرأة؟
قوة النساء السياسيات في الأحزاب السياسية المختلفة تبدو من خلال تمكنهن في التأثير على برامج هذه الهيئات، بما فيها حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي التي وصلت فيها النساء إلى مواقع اتخاذ القرار، فمثلا حزب الأمة، وهو حزب طائفي ذو توجه ديني ولكن توجد على رأسه امرأة أمينة عامة، والتي يمكن أن نقول عنها أنها امرأة متفتحة ، ديمقراطية، صحيح أنها تتبنى النزعة الدينية كجزء من تركيبة الحزب وتركيبة طائفة الأنصار، ولكنها في نفس الوقت تبقى امرأة محترمة جدا وإسهاماتها وهذا حال الكثير من النساء داخل الأحزاب، لها تأثير كبير داخل الحراك السياسي.
كذلك الأمر بالنسبة لجزء آخر من النساء اللواتي يتواجدن داخل المجتمع المدني، سواء المنظمات الشبابية أو النسائية، وهن يبذلن مجهودات كبيرة جدا في الدفاع ومن أجل الحفاظ على حقوق النساء، وأشير إلى أنه حاليا بدأت تتشكل داخل المجتمع كتل من أجل الدخول والمشاركة في الحوار الوطني بأجندة مجتمعية، فالنساء يردن المشاركة بأجندة نسائية، الشباب بأجندة شبابية، والإعلام بأجندة إعلامية،على أساس خلق أرضية مشتركة لحوار وطني مثمر.
فنحن في السودان متأثرين بما يجري في المنطقة العربية، وحقيقة التحولات التي شهدتها ولازالت تشهدها المنطقة كان لها أثر سلبي داخل السودان، فيمكن القول أن تأثيرها كان إيجابيا في بعض الدول والمناطق ومن ضمنها المنطقة المغاربية، لكن بالنسبة لنا كان لها تأثير سلبي ، لأنه لما انحبست رياح الربيع العربي، بوصول الحركة الإسلامية للحكم في مصر وما عرفته بعذ ذلك من تطورات، ومحاولات وصول الحركة الإسلامية في تونس وفشلها في ذلك، كان لابد للإسلام السياسي في المنطقة العربية أن يعيد ترتيب صفوفه وترتيب حساباته ولم يجد مرتكزا إلا السودان التي تعد الدولة الوحيدة في المنطقة ذات النظام الإسلامي، ونحن نعتقد أن هناك دعم سياسي واقتصادي للنظام، وهناك تدخل إقليمي في السودان، كما أن هناك محاولات لحماية آخر معقل للحركة الإسلامية من الانهيار.
وهذا أخطر ما نعاني منه وهذا ما نرصده الآن في السودان، فكل الأحزاب السياسية والحركات المجتمعية تنظر إلى نتائج الربيع العربي بنوع من التخوف في أن يكون مردوده على السودان أكثر تأثيرا،على اعتبار أن السودان سوف يكون محطة للحركات الإسلامية وقد بدأ يظهر ذلك، فقد بدأت بعض طلائع الإخوان المسلمين من مصر بحثا عن الحماية تصل للسودان.
ونحن واعون ومتابعون للدور الذي تقوم به بعض الأطراف الإقليمية التي تنظر للسودان باعتباره آخر معقل للإسلام السياسي ،ولا نستبعد في هذا الصدد الدور الأمريكي ، بالنظر أن هناك علاقة وثيقة بين أمريكا والإسلام السياسي ،فأمريكا لا يهمها الديمقراطية ولاتهمها حقوق الإنسان وما يهمها هو مصالحها الاقتصادية خاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت الغرب بصفة عامة، وهي تعمل من أجل الحفاظ على نوع من الاستقرار السياسي لمصلحة رأس المال غير آبهة بمستقبل شعوب المنطقة.
وعلى هذا الأساس نعتبر أننا في السودان سنكون ضحايا لهذا الربيع العربي، لكن نتطلع أن نحصل على تضامن من الشعوب، كما تضامنا نحن في السابق مع الشعب المصري والتونسي، واحتفلنا مع الشعب الليبي، فنتمنى من الشعوب العربية والحركات الديمقراطية والسياسية في المنطقة العربية أن تعي ما يجري في السودان وأن تعمل من أجل تقديم الدعم للحركة الديمقراطية والسياسية، والحركات النسوية والشبابية . فنحن نعتبر أن الربيع العربي أنتج كتل عربية قد لا تكون ثورية لكن متطلعة إلى التغيير، وهذا حق مشروع للشعوب العربية في اتجاه بناء مشروع إنساني تحاول أن تصل إليه بطرق مختلفة. ونحن كنساء ننظر إلى تجارب أخواتنا السناء في دول الربيع العربي بكل احترام وتقدير، ونعمل بشكل حثيث من أجل الاستفادة من تجاربهن.
أي التجارب الأقرب بالنسبة لكن كنساء، والتي ترون أنه يجب الاستفادة من مسارها في اتجاه حفظ المكتسبات وتحقيق المزيد على مستوى الحقوق؟
في السودان ننبه دائما إلى قدرات النساء العربيات اللواتي تمكن من المشاركة والمساهمة في الربيع العربي وعبرن عن ذلك بكل وضوح، ففي مصر وتونس نزلن للشارع، وفي اليمن بنقابهن كذلك نزلن للشارع، وهذه التجربة لابد أن نستفيد منها ، ومن قدرة النساء على المشاركة في الحراك السياسي والاجتماعي، ولكن موازاة مع ذلك ننظر بقلق إلى مدى ما كسبته المرأة العربية من هذا الحراك، ويمكن القول أن هذه الورشة التي أحضرها خلال هذه الأيام بالعاصمة المغربية الرباط، هي جزء من هذا التفكير التي يهدف إلى بلورة نهج يمكننا من العمل على تأمين حقوق النساء في ظل التحولات الديمقراطية ،والخطة التي على النساء اتباعها ليحصلن على حقوقهن ويحصلن على المساواة بقدر ما قدمن من تضحيات في ظل الربيع العربي.
و في السودان نحن ننظر إلى التجربة المغاربية، خاصة منها التجربتين التونسية والمغربية بكل تقدير واعتزاز ،خاصة على مستوى قدرتهن على التأثير على مضامين الدستور والقوانين، وقدرتهن على الحشد والتعبئة وسط النساء، والتأثير، ففي المغرب كدولة ذات نظام ملكي نجحت الحركات النسائية في إنتاج مدونة للأسرة أكثر تقدما مما هو موجود على صعيد بلدان العالم العربي، وهذا يمثل إنجازا بالنسبة لنا في السودان و نريد أن نستند عليه ونستلهم منه ونريد الاستفادة منه كتجربة . وأنوه في هذا الصدد بالجهد الذي بذلته مناضلات الجمعية الديمقراطية على مستوى بلورة مشروع مغاربي لتدريب النساء على آليات الترافع من أجل قضايا النساء، حيث أخذت بعين الاعتبار في مشروعها طبيعة المنطقة وتقاليدها وبرؤية استراتيجية واضحة، حيث تم البدأ في تنفيذه على مستوى بلدان المغاربية، على أن يتم توسيع التجربة لتشمل باقي البلدان العربية.
هناك سؤال قد يبدو طوباويا ، لماذا لا تفكر الأحزاب ذات التوجه الديمقراطي التقدمي بالمنطقة العربية والمغاربية، في تكتل يكون بمثابة إطار للتفكير وتجديد الرؤية كلما دعت الضرورة لذلك، على غرار الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية بأوروبا التي تتكتل في إطار الأممية الاشتراكية أو تجتمع في إطار آخر لمناقشة القضايا التي تفرضها بعض الأحداث الآنية ؟
حقيقة هذا سؤال جوهري واستراتيجي. في تقديري وهذا رأيي الخاص، التجربة الاشتراكية في المنطقة العربية كانت تجربة فاشلة بكل المقاييس، بمعنى أنها أكدت فشلها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي رغم إحراز بعض الانجازات. الفكر الشمولي فيها والفكر الديكتاتوري، وحكم الفرد فيها بما فيها، وهنا نأخذ تجربة عبد الناصر كمثال، أضعف البعد الديمقراطي، ولذلك أصبحت البنية الفكرية لما يسمى بالاشتراكية والتقدم في المنطقة العربية غير مقنعة في ظل انتهاكات حق الفرد في الديمقراطية والحرية. نحن في السودان لم نكن متأثرين بما يحدث. الحزب الشيوعي السوداني من أوائل الأحزاب الشيوعية التي الذي اعتبرت الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة إستراتيجية. في المنطقة العربية هذا اتجاه حديث، كتيارات تسمى يسارية واشتراكية أن تقبل بالتعددية، أن تقبل بالتداول السلمي للسلطة، أن تقبل بالانتخابات الحرة النزيهة، هذه ظاهرة حديثة في المنطقة العربية، وأعتقد أنه إذا تم الثبات على هذا المبدأ دون أن يكون تكتيك، وإذا كان فعلا هذا منظور فكري استراتيجي نستطيع أن نبني تحالف ديمقراطي تقدمي عريض، وقد يصبح في مستوى التجربة الأوربية لكن هذا يحتاج لوقت، حتى تخرج الأحزاب السياسية من سلبيات التجربة السابقة لأحزاب التي حكمت باسم الاشتراكية. نحتاج للوقت، لكن إذا ما توافقنا على مبدأ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، والحريات الفردية والحريات الجماعية، إذا أصبح هذا مبدأ أساسي وركيزة أساسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.