عرف المغرب تطورا ملحوظا في قطاع السياحة مند خطاب جلالة الملك محمد السادس في افتتاح أشغال المناظرة الوطنية حول السياحة في 10 يناير 2001 بمراكش حول الانطلاق الرسمي لسياسة سياحية جديدة. هذه المبادرة الفريدة من نوعها جعلت من قطاع السياحة أولوية اقتصادية وطنية، وبالتالي لعبت دورا كبيرا في جدب و استقطاب السياح على مدى السنوات الأخيرة المنصرمة. وباعتبار قطاع السياحة عاملا من عوامل التعريف بالمغرب عبر العالم و تقريبه من مختلف الثقافات و انفتاحه على الكثير من الحضارات، عملت الحكومة على الارتقاء به و اعتبرته من أولوياتها التي تستوجب الاهتمام و التطوير على الكثير من الأصعدة. هذه الجهود المبذولة لنهوض بالقطاع السياحي ساهمت في تطوير الاقتصاد وجعلت من المغرب قبلة مفضلة للعديد من السياح من مختلف بلدان العالم، الأمر الذي كشفته العديد من التقارير التي صدرتها منظمات و مؤسسات مغربية و دولية. في هذا السياق، صنف تقرير المجلس العالمي للسفر و السياحة لسنة 2014 المغرب كأول قطب سياحي في منطقة شمال إفريقيا، محتلا بذلك الرتبة الأولى في المغرب العربي و الرتبة 38 في العالم قبل الجزائر 49 و تونس 111. و كشف التقرير أيضا أن هذا القطاع ساهم في الناتج الداخلي الخام للمغرب سنة 2013 ب 9.5 مليار دولار أي 77.13 مليار درهم، ويتوقع أن يرتفع حجم هذه المساهمة بنسبة 8.1 بالمائة للسنة الجارية. بدوره أكد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أنه، خلال الربع الأول من العام 2014، بلغت عائدات السياحة في المغرب 12 مليار درهم، محققة ارتفاعا بنسبة 3 % مقارنة بنفس الفترة في عام 2013. وأوضح بلاغ لوزارة السياحة نقلا عن نفس التقرير أن هذا القطاع سيعرف معدل نمو سنوي متوسط نسبته 5.6 في المائة في الفترة ما بين 2014 و2024 ، ليعادل ما قيمته 141.5 مليار درهم، أي 9.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام هذا التطور في القطاع السياحي يعزى إلى كون المغرب يقدم لزائريه سلسلة من الاختيارات السياحية المتنوعة التي تناسب كافة الأذواق. فعلى مستوى الخدمات، يستجيب المغرب بشكل جيد من حيث الجودة لمتطلبات السياح الأجانب و المغاربة أيضا. في هذا الصدد أكدت وزارة السياحة أن نتائج الدراسة التي أنجزت لتتبع الطلب و مستوى رضا السياح خلال الربع الأخير من سنة 2013، كشفت على أن 81 في المائة من السياح راضون بشكل كبير عن المغرب كوجهة سياحية مقارنة بالوجهات السياحية الأخرى التي زاروها. أما على مستوى الإمكانيات الطبيعية، فالشواطئ و الصحاري و المدن القديمة و الجبال و المناخ المتنوع و الموقع الجغرافي تجعل المغرب مقصدا رئيسيا للسياح العالم. فبالرغم من الاضطرابات التي اجتاحت العالم العربي في خضم ما يسمى بالربيع العربي ظلت المؤهلات السياحية الهائلة التي يتوفر عليها المغرب تجعل منه بلد استقطاب من الصنف الرفيع ليس فقط للسياح بل أيضا للمستثمرين الأجانب. في هذا الإطار، كشف التقرير أعلاه «تقرير المجلس العالمي للسفر و السياحة لسنة 2014» أن الاستثمارات فاقت 31 مليار درهم، أي ما يعادل 11.2 في المائة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي جلبها المغرب في سنة 2013. وحسب نفس التقرير، يتوقع أن ترتفع هذه النسبة خلال السنة الجارية. إن توفر المغرب على مؤهلات سياحية هائلة و انتباهه المبكر لهذا القطاع جعله من أحسن الوجهات السياحية العالمية. بدون شك، هذا التطور سينعكس إيجابيا على مستوى الاقتصاد و الثقافة و العلاقات بين البلدان و سيساهم أيضا في إطلاق دينامية قوية لتنمية مستدامة و مندمجة. ومن جهة أخرى، سيزيد من اهتمام المستثمرين السياحيين الدوليين بفرص الاستثمار في المغرب. (طالب باحث)