من المنافسة إلى التكامل أقيمت مؤخرا بالرباط أشغال ندوة نظمتها الجمعية المغربية لنقاد السينما على مدى يومين لتشخيص واقع العلاقة بين السينما والتلفزيون واستشراف مداخل لتأسيس تكامل خلاق بين القطاعين. وسعت الندوة التي نظمت بدعم من وزارة الاتصال وبشراكة مع المكتبة الوطنية، إلى فتح نقاش هادئ وعميق حول تطور العلاقة بين السينما والتلفزيون: من مستوى المنافسة إلى مستوى التكامل، وتقديم وجهات نظر المختصين حول قضايا تخص الإنتاج والإبداع في السينما والتلفزيون والوقوف عند مستويات التقاطع والتداخل بين الفيلم السينمائي والفيلم التلفزي. وثمن وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، توقيت وموضوع لقاء يواكب النقاش الدائر حول مساهمة التلفزيون في دعم الانتاج السينمائي الوطني، كبند في دفاتر تحملات القطب العمومي. وذكر بأن خلاصات المناظرة الوطنية حول السينما تنبهت إلى ضرورة تحقيق المصالحة بين السينما والتلفزيون، مؤكدا أن مفتاح الإبداعية في التلفزيون توفره السينما كما أن مدخل التسويق سينمائيا يوجد في التلفزيون. وأشار الوزير إلى معالم سياسة تكوين الأطر في المجال السينمائي والسمعي البصري، في أفق تخرج الفوج الأول من طلبة المعهد العالي للمهن السينمائية، موضحا أن التجربة أبانت أن مقومات التكوين في السينما والحقل السمعي البصري تكاد تكون متماثلة. ومن جهته، أبرز رئيس جمعية نقاد السينما بالمغرب، خليل الدامون، أهمية مساءلة وظائف وأدوار كل من السينما والتلفزيون في المشهد الوطني وبحث امكانيات تحقيق التكامل بينهما، واستجلاء الفوارق بين الفيلم السينمائي والتلفزيوني رؤية وإنتاجا. وانطلقت الفعاليات العلمية للندوة بمحاضرة نشطها الخبير الفرنسي فرانسوا جوست، الباحث في جامعة السوربون، مسؤول مركز الدراسات حول الصور والأصوات الوسائطية بفرنسا ومدير مجلة «تلفزيون» الصادرة عن المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا. وانطلاقا من سؤال: «هل نشاهد مسلسلا كأنه فيلم؟»، قارب الخبير الفرنسي العناصر التي بنت عليها موجة المسلسلات التلفزيونية مجدها على حساب الفيلم السينمائي، من زاوية المشاهد الذي يجد في المسلسل سهولة في ولوج المشاهدة وتشويقا ممتدا يطيل عمر المتعة الحكائية. لكن المحاضر استبعد في الوقت ذاته أن يؤدي ازدهار السلسلة التلفزيونية، خصوصا مع قوة الانتاجات الأمريكية، إلى القضاء على السينما. السينما تبقى لأنها توفر دائما امتياز الاختيار الواعي، ولأنها تنتج متعة وجودية دائمة على خلاف السلسلة، التي هي بطبيعتها، ذات طابع استهلاكي. وتواصلت الندوة بطرح أسئلة هامة : «كيف يمكن فهم هذا الوضع الجديد للسينما في علاقتها بالتلفزيون؟ هل أصبحت السينما تبحث عن جمهور آخر، أم أن جمهور التلفزيون يقبل الآن أكثر على الأفلام السينمائية التي تعرض على الشاشة الصغيرة؟ هل من الجائز الآن، نتيجة لتفاعل الجمهور الذي أصبح لا يكاد يفرق بين الفرجة السينمائية والفرجة التلفزية، أن نستمر في التمييز بين الفيلم السينمائي والفيلم التلفزي؟ وهل حقيقة، بعد التطور الحاصل حاليا في التقنيات السمعية البصرية، اختفت الفوارق بين الفيلم السينمائي والفيلم التلفزي من الناحية التقنية والجمالية وبالتالي من حيث الكلفة الإنتاجية؟». وتوزعت أشغال اللقاء بين محور «السينما والتلفزيون. أية تقاطعات؟» الذي نشطه أحمد غزالي باحث ورئيس سابق للهاكا، نور الدين أفاية باحث جامعي وناقد والمخرج والمنتج نبيل عيوش، تلاه محور «الكتابة للسينما وللتلفزيون» بمشاركة المخرجين السينمائيين أحمد المعنوني وهشام العسري ونجيب الرفايف من قناة دوزيم.