فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها في شبه جزيرة القرم أول أمس الأحد، أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في استفتاء بشأن البقاء ضمن أوكرانيا أو الانفصال عنها والانضمام إلى روسيا، بينما تشهد الأوضاع الأمنية توترا بسبب «توغل» روسي في أرض أوكرانية للمرة الأولى. وتنظم سلطات القرم المؤيدة لروسيا الاستفتاء بعد وقت قصير من الإعلان عنه، في حين يرفض الزعماء الأوروبيون والرئيس الأميركي باراك أوباما التصويت باعتباره «غير شرعي» معتبرين أنه سينتهك دستور أوكرانيا. وقبل ساعات من بدء التصويت، وضعت السلطات في القرم اللمسات الأخيرة على الاستعدادات الخاصة بالاستفتاء. ووفق السلطات، يتوقع أن تشهد عملية التصويت إقبالا كبيرا، وقد بدأ العشرات في التوجه إلى مكاتب الاقتراع للمشاركة في التصويت. وأعلن رئيس اللجنة الانتخابية بالقرم ميخائيل ماليشيف أن النتائج الأولية للاستفتاء ستعرف «بُعيد» غلق مكاتب التصويت الأحد الساعة الثامنة ليلا بالتوقيت المحلي (السادسة بالتوقيت العالمي) موضحا أن النتائج النهائية للاستفتاء ستعلن صباح يومه الاثنين. ووصل عشرات المراقبين من دول أوروبية بعد دعوة وجهت إليهم من روسيا وسلطات شبه جزيرة القرم للإشراف على الاستفتاء، ووفق سلطات شبه جزيرة القرم يتوقع وصول قرابة سبعين مراقبا من 21 دولة. وتبدو نتائج الاستفتاء شبه محسومة في اتجاه الموافقة على الانضمام إلى روسيا، إذ أنّ أكثر من نصف سكان شبه الجزيرة من أصول روسية، رغم أن الأقليات الأوكرانية، والذين يشكلون 37% من الشعب دعوا الى مقاطعة الاستفتاء. ويرى البعض أن غالبية الناخبين بالقرم والبالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، يؤيدون الانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا، بينما يعتقد آخرون أن الاستفتاء لا يعدو أن يكون «انتزاعا للسلطة» من طرف أشخاص بالكرملين مستغلين في ذلك الضعف الاقتصادي والعسكري لأوكرانيا. وتدعم موسكو الاستفتاء الذي يخير سكان القرم بين الانضمام إلى روسيا كإقليم بحكم ذاتي، والبقاء ضمن سيادة أوكرانيا مع العودة إلى دستور عام 1992 الذي يمنح شبه الجزيرة صلاحيات موسعة. وكان رئيس وزراء القرم سيرغي أكسيونوف -الذي لا تعترف كييف بعملية انتخابه التي جرت بجلسة مغلقة للبرلمان الإقليمي- قد قال في وقت سابق إن هناك عددا كافيا من أفراد الأمن لضمان مرور هذا الاستفتاء بسلام. وأضاف في حديث للصحفيين «لدينا أكثر من عشرة آلاف من قوات الدفاع الذاتي، وأكثر من خمسة آلاف بوحدات مختلفة بوزارة الداخلية وأجهزة الأمن» لحفظ النظام بمراكز الاقتراع. وقد كثفت الحكومة الأوكرانية تنديدها بالاستفتاء واعتبرته غير شرعي ومخالفا للدستور لكنها غير قادرة على وقفه، في الوقت الذي استخدمت فيه روسيا أمس حق النقض «فيتو» ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يعلن عدم شرعية الاستفتاء المجرى بشبه جزيرة القرم الأوكرانية. وبهذا الفيتو الروسي، رفض مشروع القرار الذي حصل على موافقة 13 صوتا وامتناع الصين عن التصويت. وجاء بمسودة القرار «هذا الاستفتاء لن تكون له شرعية ولا يمكن أن يكون أساسا لأي تغيير في وضع القرم» ويدعو جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة إلى عدم الاعتراف بأي تغيير في وضع القرم استنادا للاستفتاء. على صعيد ميداني، قالت السلطات في كييف إن القوات الروسية توغلت في أراضيها خارج شبه جزيرة القرم للمرة الأولى، مما يثير المخاوف من تدخل مسلح في أجزاء واسعة من البلاد. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الخارجية الأوكرانية قولها إن الحادث «يرقى إلى غزو عسكري» مطالبة روسيا بأن تسحب قواتها على الفور من الأراضي الأوكرانية. وأوضحت الوزارة بالسياق ذاته أن كييف «تحتفظ لنفسها بحق استخدام جميع الإجراءات اللازمة» لوقف الغزو. في المقابل، أشارت الخارجية الروسية أمس إلى أن منطقة شرق أوكرانيا الصناعية بحاجة إلى حماية أيضا، قائلة إنها تدرس «طلبات عديدة» من مواطنين هناك. وأضافت أن لديها معلومات بأن «رتلا من المرتزقة المسلحة» ممن وصفتهم بالمتطرفين اليمينيين يتحركون من مدن بشرق أوكرانيا لفتح «جبهة شرقية». من جانب آخر، قالت مصادر صحفية أوكرانية، أن نحو مائة من أفراد القوات الروسية الخاصة انتشروا حول منشأة غاز في بلدة قريبة من شبه جزيرة القرم. وقال نفس المصدر، إن القوات الروسية بررت انتشارها في الموقع بأن لديها معلومات عن نية إحدى المجموعات اقتحامه. وتمتلك المنشأة الغازية شركة أوكرانية تنوي السلطات في شبه جزيرة القرم تأميمها عقب انتهاء الاستفتاء بشأن انفصالها عن أوكرانيا. وأضاف المصدر ذاته، أن الجيش الأوكراني استقدم بالفعل تعزيزات عسكرية إلى المنطقة حيث قامت بقطع الطريق الرابط بين المنشأة والبلدة التي تقع في محيطها.