مقترح خط هاتفي مجاني يعمل 24/24 ساعة للنساء المعنفات توفير مراكز لاستقبال الضحايا وتمكينهن من رفع الدعوى المدنية لجبر الضرر والحصول على التعويض كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان مساء الخميس الماضي خلال جلسات الندوة الدولية التي نظمها المجلس وائتلاف «ربيع الكرامة، حول موضوع «الإفلات من العقاب والتمييز: العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي بالمغرب»، عن المضامين الأولية لمذكرة يعدها تتضمن رأيه ومقترحاته بشأن القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والذي يستعد لتقديمها مساهمة منه في إدخال تعديلات على القانون الخاص بالعنف ضد النساء الذي أعدته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية والذي كان محط انتقادات شديدة من طرف مكونات الحركة النسائية والحقوقية. اللقاء الذي على ما يبدو أراد عبره المجلس أن يكون وسيطا بين مواقف مختلف الأطراف المعنية بقضية محاربة العنف ضد النساء خاصة، جمعيات الحركة النسائية ووزارة التضامن والمرأة والأسرة والتضامن، بالتأكيد على الحرص على ضرورة تعميق النقاش بإعمال المقاربة التشاركية حيث تم إشراك جميع المكونات بها فيها الأحزاب السياسة من خلال ممثلات عن الفرق البرلمانية، شكل محطة للنقاش الهادئ والرصين للإطلاع واستلهام والاستئناس بالتجارب الرائدة المنتهجة في بلدان أخرى في موضوع إقرار قوانين لمحاربة العنف ضد النساء،حيث تم استدعاء المقررة الأممية الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه، والخبيرة بمجلس أوروبا و وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية والتضامن الوطني بدولة البنين. أعلن محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال افتتاح هذه الندوة أن المجلس إدراكا منه لأولوية موضوع العنف ومقاربته بشكل شمولي، وانطلاقا من الاختصاصات التي يحددها القانون المحدث له، ومن منطلق حرصه على أن يسهم بما يمكن من الدينامية لضمان أن تكون المكاسب التي جاءت في الدستور محط تنفيذ فعلي، يسعى إلى المساهمة في جهود مراجعة النصوص القانونية التي تكرس واقع العنف ضد النساء، بالارتكاز على التزام المغرب بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما، و باعتماد مبدأ المساواة بين الجنسين كما هو منصوص عليها في الفصل 19 من الدستور. وأبرز أن مقاربة العنف ضد النساء والفتيات يجب أن يتم في ضوء مختلف التشريعات ذات الصلة بالموضوع من زاوية شمولية تضع مسألة العنف في إطارها المتعدد الأبعاد والتداعيات في علاقاته بالاستراتيجيات والسياسات العمومية، وذلك من أجل ملاءمتها، نصا وروحا، مع دستور يوليوز 2011 والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، مع الاستئناس بالتجارب الرائدة المنتهجة على المستوى الدولي. وفيما يخص مضامين المذكرة التي يعدها المجلس حول قانون محاربة العنف، أكدت المحامية السعدية وضاح أن المجلس يرى أن القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والفتيات لا يمكن إلا أن يكون ملائما لمختلف المرجعيات المعيارية والتصريحية على المستويين الوطني والدولي المتعلقة بحقوق الإنسان والحقوق الإنسانية للنساء، مع الأخذ بعين الاعتبار الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي قام بها المغرب، والتجربة والخبرة المتطورة التي راكمتها الحركة النسائية بل وكل الخطوات المهمة والمتقدمة التي خطتها المملكة من أجل الدفع بحقوق الإنسان وتحقيق المساواة بين الجنسين التي تعد مقتضيات الدستور الجديد أحد تجلياتها الواضحة. وأبرزت أن اقتراحات المجلس بشأن نص القانون الخاص بمواجهة العنف ضد النساء، تتمحور حول ضرورة أن يتم التنصيص على تعريف محدد للعنف بشكل واضح، باعتباره تمييز متعدد الأشكال يلحق النساء والفتيات وانتهاك للحقوق الإنسانية لهن، وحول منع العنف ضد المرأة والتأكيد على معاقبة مرتكبي العنف وعدم الإفلات من العقاب بالإضافة إلى توفير الحماية والوقاية وتمكين النساء ودعمهن في كل المجالات الصحية الاقتصادية والاجتماعية. هذا فضلا عن التنصيص حضر كل أشكال التمييز ضد النساء وخلق آليات ومساطر لدعمهن وحمايتهن والاستجابة الفورية والفعالة للحصول على المساعدة القضائية، وكذا ضرورة توفير ميزانية للتطبيق الجيد لهذا القانون والتكوين الجيد للعاملين في مجال إنفاذ القانون في هذا المجال خاصة بالنسبة للشرطة وقضاة النيابة العامة والمحامون والعاملين في مجال الصحة والمساعدات الاجتماعيات. لابد من التنصيص على إشراك الجمعيات العاملة في المجال التنصيص على آليات المتابعة وتنفيذ هذا القانون والتعامل مع كل المتدخلين في المجال والتنصيص على الإجراءات الحمائية للنساء. كما يقترح المجلس التنصيص بشكل دقيق وواضح على الأفعال التي تقترف في حق النساء والتي تشكل عنفا وتمييزا والتي نجدها مجرمة طبقا لمقتضيات القانون الدولي، في حين هي غير مجرمة في القانون الجنائي الحالي في حيث مازال مثلا على مستوى حالة الاغتصاب كما جاءت في الفصل 486، فهو ذلك الاتصال الجنسي، في حين لا يشمل كل الممارسات الأخرى التي تعد اغتصابا. والتنصيص أيضا على تجريم الزواج القسري الذي يجبر المرأة والفتيات دون سن 18 سنة، و تجريم الاتجار بالنساء والفتيات، ووضع مسطرة لتلقي شهادة الشهود وضمان الحماية لهم، على أن تمتد هذه الحماية للأطفال الذين يكونوا شهودا على أفعال العنف، كما يتعين التنصيص على ضمان السرية للمبلغين عن حالات العنف تحت طائلة إدارية أو جنائي في حق من يخرق هذه السرية. هذا فضلا عن وضع خط هاتفي مجاني على المستوى الوطني يعمل 24 على 24 ساعة مع توفير مراكز لاستقبال الضحايا، وتمكينهن من رفع الدعوى المدنية لجبر الضرر والحصول على التعويض، بل وتمكينهن( النساء والفتيات الضحايا) من رفع دعوى ضد السلطات والهيئات إذا لم تمارس العناية الواجبة، والحماية لهن وخاصة في أماكن الاحتجاز أثناء الحراسة النظرية، وتشجيع التبليغ في مثل هذه الحالات. وبشأن العقوبات يرى المجلس أنه يتعين ملاءمة العقوبة مع خطورة الجريمة خاصة أن جريمة العنف هي أخطر الجرائم بالنظر للآثار التي تخلفها خاصة على نفسية النساء والفتيات وتبصم حياتهن مدى العمر، والتنصيص على منع الوساطة والصلح في قضايا العنف ضد النساء والفتيات سواء أثناء الشروع في رفع الدعوى أو أثناء سريانها أو قبل رفعها ،مع مراعاة أن تكون الغرامة في حجم الفعل المقترف . كما اقترح المجلس أن يتم التنصيص على إجبارية البحث التمهيدي تحت إشراف النيابة العامة في قضايا التبليغ عن العنف وإلزام الشرطة بالاستجابة لطلبات الحصول على الحماية للنساء حتى لو تم تقديم البلاغ من طرف شخص غير المرأة المعنفة ،وإعطاء نفس الأهمية للمكالمات والاتصالات الهاتفية وتوفير نقل المعنفة للمستشفى لتلقي العلاج، بل والعمل على إصدار أوامر بالحماية بشكل سريع و إبعاد مقترف المعنف عن بيت الزوجية وعن الأطفال، على أن لاتكون المرأة المعنفة المشتكية مطالبة بالإدلاء بأي أدلة أخرى . ومن جانبها أكدت المقررة الأممية الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه، رشيدة مانجو، أن العنف والتمييز ضد النساء والفتيات يعد أحد أخطر أشكال انتهاكات حقوق الإنسان وأكثرها انتشارا،بل ويعد وفق منظمة الصحة العالمية وباء يمس بالصحة العمومية، مبرزة أهمية الجهود التي يبذلها المغرب لتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجان الأممية والمقررين الأمميين بشأن قضايا مناهضة التمييز والعنف ضد النساء والإفلات من العقاب، وبالأخص التوصيات الصادرة عن المقرر الأممي المعني بمناهضة التعذيب، إلا أنه مازال مطالبا باتخاذ عدد من الإجراءات المناسبة لإقرار الآليات الكفيلة بضمان عدم إفلات مقترفي أفعال العنف المبني على النوع من العقاب. وشددت المقررة الأممية في عرض شاركت به في الندوة الدولية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وائتلاف «ربيع الكرامة،أمس الخميس بالرباط حول موضوع «الإفلات من العقاب والتمييز: العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي بالمغرب»، أن الإقرار بوجود مشكلة العنف ضد الفتيات والنساء يجب أن يتبعه البحث عن جذور وأسباب الظاهرة واتخاذ الإجراءات المناسبة، خاصة وأن التقرير الدولي الذي قدمته بشأن حجم الظاهرة وانتشارها أبرز استمرار ارتفاع مؤشرات التمييز والعنف الموجه ضد النساء والفتيات وارتفاع جرائم القتل في حقهن إذ أغلبهن يقضين بسبب جرائم الشرف أو نتيجة اتهامهن بممارسة السحر . وأشارت إلى أن من بين أشكال التمييز الذي يمس النساء يوجد التمييز القضائي والذي يعد أحد أبرز المخاطر التي تتعرض لها النساء بشكل مهيكل ، داعية في هذا الصدد إلى ضرورة اعتماد الدول فضلا عن إيجاد إطار يمكن الدولة من القيام بمسؤوليتها في حماية ضحايا العنف ومعاقبة مقترفي هذه الأفعال، وذلك بشراكة مع مختلف الأطراف المعنية وخاصة هيئات المجتمع المدني. وذكرت المسؤولة الأممية بالإطار الاتفاقي لمناهضة التمييز والعنف المبني على النوع والمسار التطوري الذي قطعه، والتحول الذي طرأ على مقاربة الظاهرة إقليميا ودوليا والتي تم الإقرار والاعتراف بوجودها، والإقرار بوجود أشكال جديدة للعنف منها العنف المنزلي وجرائم الاتجار في البشر واستغلال النساء والفتيات في الأفلام الإباحية وعدم احترام جسد المرأة . هذا وكانت الندوة مناسبة جدد فيها تحالف ربيع الكرامة انتقاده الشديد للمضامين التي حملها نص مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والذي أعدته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، إذ جددت عتباها للوزيرة حقاوي بعدم إشراك مختلف مكونات الحركة النسائية في بلورة هذا المشروع وإقصائها من التشاور على اعتبار أنها فاعل أساسي في مجال محاربة العنف القائم على النوع، وبالنظر للتجربة والخبرة التي راكمتها في مجال محاربة العنف ودعم ضحاياه من النساء من خلال ما توفره من مراكز لاستقبالهن رفقة أطفالهن . فالانتقادات طالت المقاربة التي تم اعتمادها في إعداد المشروع والذي غيب وبشكل واضح مقاربة النوع منهجا وهدفا لمشروع القانون، هذا فضلا عن عدم الاعتماد على التعريف والتوصيات الدولية المتعارف عيها في مجال مناهضة العنف المبني على النوع ودون الأخذ أيضا بعين الاعتبار مقتضيات دستور 2011 الذي ينص على المساواة بين الجنسين ومحاربة التمييز.وطالبت مكونات ربيع الكرامة في هذا الصدد الحكومة بالإفراج عن نص القانون الذي يوجد لدى لجنة وزارية كان قد تم تكوينها لإعادة صياغته. هذا وفي وثيقة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان فإن هذه الندوة الدولية تهدف إلى تسليط الضوء على المسار الجاري المرتبط بإعداد واعتماد قانون لمكافحة العنف ضد النساء ودعمه، تماشيا مع التعاريف والمعايير الدولية التي يلتزم بها المغرب بالإضافة إلى تحليل كيفية معالجة العنف ضد النساء في الإطار القانوني الوطني وتحديد الثغرات والقيود من حيث العقوبة والحماية والوقاية من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. كما تهدف من خلال مشاركة العديد من الفاعلين الحقوقيين والمؤسساتيين والسياسيين والخبراء المعنيين بالموضوع إلى تبادل الأفكار حول الدروس المستفادة من أشكال التعبئة والتجارب الدولية في مجال مكافحة الإفلات من العقاب بالنسبة لممارسي العنف ضد النساء والفتيات.