عبرت الجمعيات النسائية المكونة لربيع الكرامة والشبكات الوطنية لمراكز الاستماع التابعة لها، اليوم الاثنين بالرباط، عن رفضها لمشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الذي أعدته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية. وقدمت الهيئات النسائية، خلال ندوة صحافية نظمها تحالف ربيع الكرامة، مذكرة تحليلية نقدية لمشروع القانون ضمنتها مجموعة من المؤاخذات حول هذا الأخير والتي تهم بالأساس منهجيته، وتعريف العنف، وتجريم أفعال العنف، والعقوبات، والإجراءات المسطرية، الإشكالات المفضية الى الإفلات من العقاب، وآليات التكفل بالنساء ضحايا العنف، والوقاية من العنف. كما سجلت المذكرة تعارض تسمية المشروع مع مضمونه الذي يشمل العنف ضد فئات أخرى من قبيل الأطفال والأصول والكافلين والأزواج، وغياب ديباجة للمشروع. فبخصوص العقوبات التي تضمنها المشروع، سجلت الجمعيات الغياب الكلي للعقوبات النوعية والعقوبات البديلة واستمرار هيمنة نفس الخلفية التي تحكمت في صياغة القانون الجنائي والتغليب الكلي للعقوبات السالبة للحرية والإقرار الشكلي لعقوبات مالية وذلك بالاقتصار ، في أغلب الأحيان، على الرفع من قيمتها، وبقائها ضعيفة جدا في بعض الحالات، إضافة إلى أن سياسة تشديد العقوبات التي انتهجها المشرع لم تطل بعض الجرائم ذات الطابع المالي ، خاصة النصب والاحتيال وخيانة الأمانة بين الأزواج. كما جاء في المذكرة النقدية أن المشروع لم يؤخذ بعين الاعتبار خلاصات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة والمضمنة بالميثاق، ومنها التنصيص على إصلاح سياسة العقاب ووضع سياسة جنائية خاصة بالنساء وتقليص حدي للعقوبات. وعلى مستوى آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف، أعطى المشروع، حسب المذكرة التحليلية، تعريفا للعنف لكنه لم يعرف ولم يوضح المقصود ب"التكفل بالنساء" ضحايا العنف، وأنه من شأن غياب تعريف مفهوم التكفل المقصود في قانون خاص أن يؤثر سلبا على توجيه عمل الآليات ومراقبة عملها بموضوعية وفعالية، مشددة على ضرورة التمييز بين الأطفال عامة وأطفال النساء ضحايا العنف انسجاما مع عنوان المشروع وأهدافه. وأضافت المذكرة أن هذا الخلط أو الجمع بين النساء والأطفال في نفس السياق يحيل على غموض التصور بشأن خصوصية التكفل بالنساء ضحايا العنف ومتطلباته، وينزاح عن الإطار الحقوقي المذكور بالمذكرة التقديمية ومقاربة النوع. كما انتقدت الجمعيات "تجاهل التجارب التي راكمتها الحكومات السابقة" على مستوى التشريع ومختلف المبادرات وتهميش إنتاجات المجتمع المدني وإنجازاته في مجال مناهضة العنف القائم على النوع ومستلزمات محاربته. ونددت بإقصائها من التشاور حول مضامين هذا المشروع، باعتبارها فاعلا أساسيا في مجال محاربة العنف القائم على النوع منذ عدة سنوات، إذ استطاعت انتزاع مكسب الشراكة والتشاور وتمكنت من تكريسه كحق دستوري سنة 2011 . وعزما من هذه الجمعيات النسائية على المساهمة في تطوير مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، فإنها تدعو الحكومة إلى مراجعة هذا المشروع وتوفير شروط تدقيقه وتحقيق انسجامه على مستوى الرؤية والمقاربات والمقتضيات. كما أوصت بفتح حوار جدي مع مكونات الحركة النسائية التي راكمت خبرات ومعرفة مهنية في مجال محاربة العنف ضد النساء لضمان إصدار مشروع قانون في مستوى التزامات المغرب الدولية في مجال الحقوق الإنسانية للنساء ومتطلبات الحماية الفعلية والناجعة من العنف . و كان مجلس الحكومة المنعقد يوم سابع نونبر قد قرر متابعة دراسة مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الذي تقدمت به وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وتكوين لجنة برئاسة رئيس الحكومة لمراجعة النص وتقديمه للمصادقة في اجتماع حكومة مقبل. ويشدد مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء العقوبات في حق مرتكبي العنف بمختلف أشكاله.