تنطلق اليوم الثلاثاء بالكويت، أشغال الدورة ال34 للمجلس الأعلى لقادة مجلس التعاون الخليجي، وذلك في سياق إقليمي ودولي متميز يجعل من هذه القمة مختلفة عن سابقاتها بالنظر إلى دقة وحساسية القضايا التي ستتناولها والتي ستكون لها انعكاسات على مستقبل التعاون الخليجي في علاقته بمحيطه الإقليمي والدولي وكذا على العلاقة ما بين أعضائه الستة أنفسهم. ومن جملة القضايا التي تخيم على هذه الدورة موضوع الاتحاد الخليجي، وموضوع العملة الخليجية الموحدة، والتقارب الغربي الإيراني بالإضافة إلى قضايا أخرى لا تقل أهمية، والتي تهم بالأساس دول مجلس التعاون، وفي مقدمتها قضايا حقوق الإنسان والبيئة والتعليم ومكافحة الأمراض المعدية والشؤون الثقافية والإعلامية، ومواضيع أخرى ترتبط بتقييم مسار الاتحاد الجمركي بين دول المجلس والإكراهات الموضوعية التي تعيق تطور التبادل التجاري بين دول المجلس. وبخصوص موضوع الاتحاد الخليجي قال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الصحة الشيخ محمد العبد الله الصباح في تصريح صحفي أول أمس بالكويت:»إن الموضوع بحاجة إلى المزيد من البحث والدراسة من خلال المشاورات المستمرة»، مشيرا إلى أنه في حال تم الاتفاق على فكرة الاتحاد فسيتم طرحها كموضوع فريد ضمن قمة خاصة تعقد في الرياض، وذلك في إشارة إلى الصعوبات التي لا زالت تعترض إنشاء الاتحاد خاصة أمام الفيتو العماني الذي هدد بالانسحاب من مجلس التعاون الخليجي في حال تم الاتفاق على التحول إلى اتحاد. وقي ذات السياق نقلت مصادر إعلامية خليجية عن وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله تصريحا صحفيا قال فيه «نحن ضد الاتحاد»، مضيفا «لن نمنع الاتحاد لكن إذا حصل لن نكون جزءا منه»، وفي حال قررت الدول الخمس الأخرى الأعضاء في المجلس(السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة) إقامة هذا الاتحاد «فسننسحب ببساطة من مجلس التعاون الخليجي»، وهو ما كشف حجم الخلاف بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي بخصوص فكرة إنشاء اتحاد خليجي، لكن ذلك لا يعني أن الفكرة ستكون عائقا أمام تقريب وجهات النظر بين أعضاء المجلس، حيث أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الصحة الكويتي الشيخ محمد العبد الله الصباح، أن حكمة قادة دول مجلس التعاون قادرة على تخطي الصعاب والعقبات التي قد تعترض مسيرة المجلس من أجل المزيد من الاستقرار والرخاء بما يخدم مصلحة الشعوب الخليجية. ومن جانبه شدد عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في تصريح لتلفزيون الكويت على أن «الاتحاد الخليجي ينطلق من أساس وحدة كيان دول مجلس التعاون كما يتضمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي طرحها في قمة الرياض والتي تدعو إلى الانتقال من التعاون إلى التكامل في كيان واحد متماسك»، مشيرا إلى الدراسات الخاصة بهذا الموضوع تم انجازها وتقديمها للمجلس الأعلى لمجلس التعاون وأنها معروضة على المجلس الوزاري لبحثها وفق المادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس والتي تنص على»تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها». وليس فقط، فكرة الاتحاد هي وحدها التي لم تنضج بعد، بل هناك أيضا موضوع العملة الموحدة التي من المرجح أنها ستكون مطروحة على طاولة النقاش رغم كونها غير مدرجة ضمن جدول أعمال الدورة، وأن قادة مجلس التعاون لن يحسموا هذا الموضوع على الأقل في المنظور القريب. وبهذا الخصوص قال الشيخ محمد العبد الله ردا على سؤال في الموضوع «ليس لدي القدرة على استنباط المستقبل ولكن بالتأكيد ستصدر عن قمة الكويت العديد من القرارات لصالح شعوب المنطقة». وكان محافظ البنك المركزي الإماراتي سلطان السويدي قد أكد في تصريح سابق بخصوص العملة الموحدة، أن هناك مشاكل فنية ومالية واقتصادية وان الفكرة لم تنضج ولم تتبلور حتى تصل الدول إلى اتفاق، وقال في هذا الصدد «إن هناك أمور مالية واقتصادية وتجارية ما زالت تشكل عائقاً أمام هذا الاتفاق، ومتى ما كان هناك يسر ومرونة في التعامل الاقتصادي والمالي حينها يمكن أن يتم الاتفاق على العملة الخليجية الموحدة». وفي الجانب السياسي من المتوقع أن تجدد القمة التأكيد على موقف دول مجلس التعاون الرافض لاستمرار احتلال إيران للجزر الامارتية الثلاث. كما ستناقش القمة قضايا إقليمية مهمة وفي مقدمتها الأزمة السورية ومسألة انعقاد مؤتمر»جنيف 2» الرامي لإيجاد تسوية سياسية بما يضمن وقف الاقتتال وحقن الدماء في سوريا، بالإضافة إلى آخر تطورات الملف النووي الإيراني واتفاق جنيف بين إيران ومجموعة دول(5+1).