صور صادمة لطفلات دخلن مؤسسة الزواج ولم يتجاوز عمرهن بعد العشر أو الثلاثة عشرة على أكثر تقدير، لم يبرحن بعد عمر الطفولة ببراءته وخوفه ومرحلة استكشاف المحيط، فما بالك بالحياة. صور ضمها معرض منظم من طرف صندوق الأممالمتحدة للسكان وسفارة كندا بالمغرب، حط رحاله مساء الخميس بفضاء مسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط بعد أن جاب عددا من بلدان المعمور. فضاء مسرح محمد الخامس، من خلال معرض هذه الصور هذا الذي يحمل شعار «لازلن صغيرات جدا على الزواج»، ينقل مأساة آلاف الطفلات اللواتي يتم بيع أجسادهن من طرف الكبار في استهتار بأدنى المبادئ الإنسانية وبحقوق العيش لطفولة من حقها الاستفادة من الخدمات الصحية والتعليم الذي يؤهلها لمواجهة ظروف الحياة بوعي وللتطلع نحو آفاق مستقبلية واعدة. ففي المغرب تصدمنا أرقام لا تخطر على بال. 12 في المائة من حالات الزواج تتعلق بطفلات قاصرات. طفلة من بين ثلاثة يتم تزويجهن قبل سن 18 عشرة عاما، بل ويتم إخضاعهن لضغوطات بعد ذلك للإنجاب في السنة الأولى من الزواج، في حين أنهن لازلن هن أيضا بعد طفلات ويحتجن بدورهن للرعاية. المعرض الذي عرف افتتاحه حضور عدد من فعاليات المجتمع المدني والحقوقي، يدق ناقوس الخطر من جديد بشأن مستقبل أجيال، بل وطموحات بلدان وحكومات في تحقيق التنمية وفي بناء مجتمعات يتمتع فيها الأطفال بحقوقهم كاملة. فهو يقدم عبر صور تم التقاطها بمناطق عديدة من بلدان العالم، نماذج لمجتمعات لازال بها الطفل يعيش مآسي جهل الآباء والأوصياء وعجز المسؤولين، حيث تستمر ظاهرة زواج الأطفال كممارسة تندرج ضمن العبودية الحديثة التي تتم باسم القانون والعادات. فمثلا زواج الأطفال بالمغرب يعد ممارسة ما زال معمول بها نسبيا ومافتئ يرتفع عدد حالات زواج الذين تقل أعمارهن عن عمر 18 عاما سنة بعد أخرى، إذ تجاوز حسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة العدل 39 ألف زواج، بينما سجل على التوالي سنة 2010 ما مجموعه 34 ألف و777 حالة زواج ، وسنة 2009 لم يكن الرقم يفوق 33 ألف و253 حالة. وكذا الأمر على مستوى العالم حيث تسجل الإحصائيات التي تحملها تقارير المنظمات الدولية أن حوالي 70 مليون من الفتيات واللواتي تتراوح أعمارهن حاليا بين 20و24 سنة تم تزويجهن في سن يقل عن 18 عاما، فظاهرة تزويج الأطفال لازالت عصية أو يصعب اجتثاثها مع ملاحظة أنها تنتشر بشكل كبير بالأخص في المناطق القروية لعدد من البلدان. وأكدت ممثلة صندوق الأممالمتحدة ميكو يابيتا في تصريح للصحافة على هامش افتتاح هذا المعرض، أن المعرض يحاول أن يبرز هول ظاهرة تزويج الطفلات القاصرات وفظاعتها لكونها تعد انتهاكا صارخا لحق الطفلات في التعليم ، في الصحة ، مشيرة إلى أن هذا الزواج غالبا ما يحول دون تمدرس الفتيات أو استكمال نضجهن والحصول على سلاح العلم والمعرفة لمواجهة الحياة ،حيث يتم الدفع بآلاف الطفلات إلى أتون الحياة الصعبة وهن لازلن بعد في سن صغيرة لا يفقهن فيما يحيط بهن شيئا. أما سفيرة كندابالرباط ساندرا ماك كارديل فقد عبرت عن شرف بلدها تنظيم هذا المعرض بالمغرب ، بعد أن جاب عددا من البلدان من بينها كندا، مبرزة أن الهدف الأساسي يتمثل في تحسيس الجمهور الواسع لما تمثله هذه الظاهرة من أخطار على مسار حياة الطفلات وصحتهن حيث ترتفع نسبة الوفيات وسط هاته الفتيات في حالة الإنجاب، وكذا الأمر بالنسبة للأطفال حديثي الولادة، هذا فضلا عن أن الظاهرة لها انعكاسات سلبية على محيط عيش تلك الزوجات الطفلات بل وتعد أحد عناصر توسع مستنقع الفقر والهشاشة في العديد من المجتمعات.