كشف رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أن الدبلوماسية المغربية ستواصل جهودها للدفاع عن قضية الوحدة الترابية، من خلال استرتيجيتها المستقبلية، مشيرا إلى أن الدبلوماسية الرسمية لم تعد وحدها كافية بل تحتاج إلى آليات أخرى، منها الدبلوماسية الموازية، مجددا عزم المغرب واستعداده للانخراط في عملية تفاوضية مكثفة لإيجاد حل سلمي ونهائي متوافق عليه حول قضية الصحراء المغربية. وتجسيدا للإجماع الذي تحظى به القضية الوطنية، تركت مكونات مجلس النواب، أغلبية ومعارضة خلافاتها الداخلية، والتأمت في جلسة عمومية، أمس الثلاثاء للاستماع إلى مختلف التطورات التي عرفها مسار قضية الصحراء، والإستراتيجية المستقبلية للحكومة للدفاع عنها. وقال عبد الإله بنكيران أمس، خلال الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسات العمومية، بمجلس النواب، والتي خصصت لموضوع القضية الوطنية الأولى، إن الدبلوماسية المغربية تضع قضية الصحراء في صدارة أولوياتها، وتكرس كل طاقاتها وإمكانياتها المادية والبشرية للدفاع عنها في مختلف المحافل والمنتديات الدولية، وتتابع سير ملفها لدى الأممالمتحدة. وكشف رئيس الحكومة عن الملامح الكبرى للإستراتيجية المستقبلية للدفاع عن القضية الوطنية الأولى، وتتمثل في إطلاق تفاوض حقيقي حول مشروع الحل السياسي في إطار الأممالمتحدة، على أساس المبادرة المغربية الشجاعة لمنح الأقاليم الجنوبية للمملكة حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية، وصيانة الدعم الدولي لها، ومواجهة كل انحراف عن المقاربة الأممية الساعية لاعتماد حل سياسي. وتتضمن الإستراتيجية، كما أعلنها رئيس الحكومة أمام ممثلي الأمة، توفير الشروط الضرورية لتنزيل الجهوية المتقدمة، من خلال النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، وتعزيز حقوق الإنسان، واحترام الخصوصية الثقافية الصحراوية الحسانية. وأضاف عبد الإله بنكيران أن الإستراتيجية المستقبلية تتطلب التصدي لمناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة، والتعريف بانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها الانفصاليون ضد المحتجزين في مخيمات تندوف، وإقرار إحصائهم، وتعزيز موقف المغرب الحازم الرافض لأي محاولة لاستغلال حقوق الإنسان في هذا النزاع المفتعل. ومواصلة إقناع الدول المتبقية والمحدودة لسحب اعترافها بالجمهورية الوهمية. وأبرز رئيس الحكومة أن الاختيارات التي ستؤطر عمل الدبلوماسية، الرسمية منها والموازية، يتمثل في مواصلة التعبئة لمواكبة وتفعيل التوجه لتطوير علاقات المغرب الثنائية مع دول إفريقيا جنوب الصحراء كما أكد على ذلك جلالة الملك في خطاب المسيرة الخضراء حيث دعا إلى تعزيز سبل التنسيق والتعاون مع هذه الدول في مختلف المجالات وخصوصا العمل من أجل عقد اتفاقيات للتبادل الحر معها في أفق تحقيق اندماج اقتصادي، وأيضا العمل على تفعيل الاندماج المغاربي، كخيار استراتيجي للتكامل والاندماج بين البلدان المغاربية الخمسة، فضلا عن تعزيز الشراكة الإستراتيجية النموذجية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتدعيم الشراكة مع الاتحاد الأوربي، وتشجيع العلاقات معه مؤسساته الأخرى، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، والعمل على تنويع وتوسيع دائرة آليات التنسيق متعدد الأطراف لتعزيز موقف المغرب على المستوى الإقليمي. وأشار رئيس الحكومة إلى أن هذه الاختيارات تتيح توفير إطار استراتيجي ومؤسساتي قوي لدعم القضية الوطنية. ودعا عبد الإله ابن كيران إلى مضاعفة الجهود المرتبطة بالتعبئة والمشاركة الفعالة في جميع النقاشات الدائرة بالأممالمتحدة ومختلف أجهزتها للتصدي للمناورات المعادية للمغرب ونصرة القضية الوطنية، ومواصلة تفعيل الدبلوماسية غير الحكومية عن طريق البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات والمثقفين ورجال الأعمال والإعلام والنساء للتواصل مع الشعوب، وشدد ابن كيران على ضرورة تطوير علاقات التعاون والتبادل مع مجمل وسائل الإعلام، الوطنية منها والدولية، وتطوير آليات الرصد الإخبارية وتقوية حضور الأخبار المتعلقة بالصحراء في وسائل الإعلام، من أجل ضمان تواصل واسع وتفاعل منتج مع الأنشطة والتظاهرات المرتبطة بالحق الدبلوماسي الوطني، ودعم الإنتاج السينمائي حول القضية الوطنية تاريخا وحاضرا. علاوة على ذلك أكد على الأهمية التي يمكن أن يضطلع بها المغاربة المقيمون بالخارج في تحسيس الرأي العام المحلي وجمعيات المجتمع المدني ببلدان الإقامة. وأكد رئيس الحكومة خلال رده في الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة بمجلس النواب أن المكتسبات التي تم إحرازها إلى الآن في حاجة إلى التعزيز، ومواصلة الدفاع عن القضية الوطنية والحقوق المشروعة ضمن مقاربة شمولية يكون في صلبها الرفع من وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر مختلف الجهات، وفي مقدمتها الأقاليم الجنوبية، من خلال إرساء قواعد الجهوية المتقدمة لإنجاح النموذج التنموي بها، والانفتاح على مزيد من الدول الصديقة، ومواصلة الجهود للتعريف بعدالة قضيتنا. وخلص عبد الإله ابن كيران إلى أن الدبلوماسية المغربية ومعها كافة مكونات الشعب المغربي ستواصل الدفاع عن قضية الوحدة، انطلاقا من أننا أصحاب حق «حيث لا يستوي من يدافع عن قضية مشروعة وعادلة ومن يسعى إلى مزيد من التأزيم واستمرار الجمود وإطالة أمد الصراع وتوظيفه لأغراض لا تخدم مصلحة شعوب المنطقة».