قال رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله ابن كيران، اليوم الثلاثاء بالرباط، إن إطلاق تفاوض حقيقي حول مشروع الحل السياسي لقضية الصحراء في إطار الأممالمتحدة على أساس مبادرة الحكم الذاتي الشجاعة، وصيانة الدعم الدولي لها، تبقى من بين ملامح استراتيجية العمل المستقبلية. وأوضح ابن كيران، في معرض رده على أسئلة النواب خلال الجلسة الشهرية العامة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة حول مستجدات القضية الوطنية، أن ملامح هذه الاستراتيجية التي تؤطرها التوجيهات السامية للملك محمد السادس الذي يولي هذا الموضوع رعاية وحرصا خاصين، تهدف أيضا إلى مواجهة كل انحراف عن المقاربة الأممية الساعية لاعتماد حل سياسي، وإلى الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في ملف الوحدة الترابية، وفتح آفاق جديدة للعمل في هذا الاتجاه . وأكد أن الاستراتيجية تروم أيضا توفير شروط تنزيل الجهوية المتقدمة من خلال النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية وتعزيز حقوق الإنسان، واحترام الخصوصية الثقافية الصحراوية الحسانية والتصدي لمناورات خصوم الوحدة الترابية، وفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها الانفصاليون ضد المواطنين المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف وإقرار إحصائهم، وتعزيز موقف المغرب الحازم الرافض لأي محاولة لاستغلال حقوق الإنسان في هذا النزاع المفتعل، مع مواصلة مجهود إقناع الدول المتبقية والمحدودة لسحب اعترافها بالجمهورية الوهمية. وأوضح رئيس الحكومة أنه سيؤطر عمل الدبلوماسية الوطنية، رسمية وموازية، عدد من الاختيارات والآليات أهمها مواصلة تعبئة الدبلوماسية المغربية لمواكبة وتفعيل التوجه لتطوير علاقات المغرب الثنائية مع دول جنوب الصحراء، مذكرا بدعوة العاهل المغربي في خطاب الذكرى 38 للمسيرة الخضراء إلى تعزيز سبل التنسيق والتعاون مع هذه الدول الشقيقة، في مختلف المجالات، وخاصة من أجل عقد اتفاقيات للتبادل الحر معها، في أفق تحقيق اندماج اقتصادي جهوي. وقال ابن كيران إنه سيتم العمل على تفعيل الاندماج المغاربي كخيار استراتيجي للتكامل والاندماج بين البلدان الخمسة المغاربية، والمجال العربي امتدادا طبيعيا لهذه البلدان، وكذا العمل على تعزيز الشراكة الإستراتيجية النموذجية التي تم إرساؤها سنة 2011 بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة التي أكدت دائما موقفها الثابت والمتضامن مع المغرب للحفاظ على وحدته الوطنية. وشدد أنه سيتم أيضا العمل على تدعيم الشراكة الإستراتجية مع الإتحاد الأوروبي، و تشجيع العلاقات مع مؤسساته الأخرى (الأمانة العامة لمجلس الاتحاد، مجموعة العمل حول حقوق الإنسان ...) مع إشراك الجهات الفاعلة غير الحكومية في الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، بما في ذلك، تعزيز الحوار مع البرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا. وأشار إلى أنه سيتم أيضا تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية، وهو ما يتضح جليا من خلال الزيارة الرسمية الأخيرة للملك محمد السادس لهذا البلد، وتكريس سياسة الانفتاح والتقارب مع دول أمريكا اللاتينية ومواصلة الجهود لضمان تموقع متميز للمغرب بمنطقة آسيا والشرق الأقصى من خلال تشجيع التشاور السياسي والتبادل الاقتصادي. وأضاف ابن كيران أنه سيتم العمل على تنويع و توسيع دائرة آليات التنسيق متعدد الأطراف لتعزيز موقف المملكة على المستوى الإقليمي، عبر المساهمة الفعالة، ضمن تجمع دول الساحل والصحراء و تقوية روابط التعاون والتنسيق مع المنظمات الإقليمية الإفريقية، ومن ذلك إعطاء أولوية لتفعيل أنشطة مؤتمر الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، باعتبارها أداة لتعزيز علاقات التعاون والتضامن مع هذه الدول الشقيقة والصديقة، مع تعزيز الحضور الفعال للمغرب في المسلسلات الجهوية والمنتديات في إطار التعاون جنوب-جنوب. وبعد أن أكد أن هذه الاختيارات الكبرى للدبلوماسية المغربية تتيح توفير إطار استراتيجي ومؤسساتي قوي لدعم القضية الوطنية، مع مضاعفة الجهود على مستوى مجموعة من الإجراءات منها التعبئة والمشاركة الفعالة في جميع المناسبات والنقاشات الدائرة في إطار الأممالمتحدة على مستوى مختلف أجهزتها بهدف التصدي للمناورات المعادية للمغرب ولنصرة القضية الوطنية وكذا التعبئة وتضافر الجهود من أجل مواصلة تفعيل الدبلوماسية غير الحكومية عن طريق البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات والمثقفين ورجال الأعمال والإعلام والمرأة للتواصل مع الشعوب وخاصة في ما يتعلق بعدالة القضية الوطنية. ومن بين هذه الإجراءات -يضيف رئيس الحكومة- تطوير علاقات التعاون والتبادل مع مجمل وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، وتطوير آليات الرصد الإخبارية وتقوية حضور الأخبار المتعلقة بالصحراء في وسائل الإعلام، وإعطاء الأهمية للدور الذي يمكن أن يضطلع به المغاربة المقيمون في الخارج في تحسيس الرأي العام المحلي وجمعيات المجتمع المدني بحكم تواجدها واحتكاكها ومعرفتها بمجتمعات بلدان الإقامة وتحقيق تأطير جيد للجمعيات والفاعلين بالمجتمع المدني من أجل توحيد الصفوف وتمتين جبهة داخلية قادرة على مواجهة الأطروحات الإنفصالية. وخلص ابن كيران إلى أن الإجراءات تهم أيضا تعزيز العمل الثقافي كوسيلة فعالة من وسائل الدفاع على المصالح العليا للبلاد -وفي مقدمتها قضية الصحراء- كمنطلق للتعريف بالموروث الحضاري الوطني، مع إبراز خصائص الهوية المغربية وتكريس البعد الثقافي للدبلوماسية المغربية، من أجل التعريف بالنموذج المغربي القائم على الاعتدال والانفتاح والتضامن مع الشعوب ومواكبة الجهود الرامية إلى تأهيل الجهاز الدبلوماسي، من خلال التكوين والتكوين المستمر والتدبير المعقلن للموارد المالية والبشرية.