اليوم يبلغ حزب التقدم والاشتراكية، وريث الحزب الشيوعي المغربي وحزب التحرر والاشتراكية، عامه السبعين، وهي مناسبة تستحق أن توضع ضمن دينامية المستقبل، أي في الأفق النضالي الحداثي والديمقراطي لشعبنا، وأن تتم قراءتها بموضوعية، ليس من لدن مناضلات ومناضلي الحزب فقط، بل ومن طرف كل الديمقراطيين والتقدميين من أبناء شعبنا، ومن طرف الأكاديميين والباحثين والمثقفين المنشغلين بقضايا بلادهم وشعبهم. عندما تحضر اليوم ذكريات التأسيس ولحظاتها ووقائعها التاريخية وشخصياتها الفاعلة، وتكون الساحة السياسية مكبلة بكثير من الأغلال وتجليات الانحسار، نعود إلى استحضار تضحيات التقدميين الأوائل، وكل المحن والأهوال التي عانوها من أجل... «وطن حر وشعب سعيد». نتذكر انصهارهم وسط الفلاحين الفقراء في الحقول والضيعات والمداشر والجبال، ومع العمال والكادحين، ونستحضر جهدهم لتفسير الأفكار الاشتراكية والماركسية، ولإشعاع قيم المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة، وأيضا حقوق العمال، وحاجة المجتمع إلى الحرية والديمقراطية، ونتأمل، من خلال الأدبيات والقصص والحكايات المروية، لحظات التأسيس، وبدايات الممارسة النضالية التقدمية وسط شعبنا... من كل هذا المسار النضالي التاريخي، ومن سير الرواد والمؤسسين ندرك حجم تضحيات شعبنا من أجل الديمقراطية، وندرك أيضا الطريق الذي سلكه الشعب وقواه التقدمية إلى أن بلغنا راهننا، وندرك ثالثا ما تفرضه علينا المرحلة الحالية من تمتين للالتزام بالوطن والشعب، ومن ضرورة صياغة الأجوبة والآليات المناسبة لواقع اليوم، والتي من شأنها تعزيز مسيرة شعبنا نحو المزيد من التقدم والحرية والمساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، فهو يخلد هذا العام الذكرى السبعينية ببرنامج احتفالي غني ومتنوع يشمل كثير مناقشات وندوات وتجمعات، ولم يجعل ذلك طقسا نمطيا ينشر من خلاله الرضى عن الذات و... التكلس، كما أنه لم ينح إلى اعتبار وضعه «طبيعيا» قياسا إلى مآلات الأحزاب الشيوعية العربية وغير العربية، القريبة منه في النشأة والميلاد على الأقل، وإنما اختار إدراج هذه المحطة الكبيرة من عمره السياسي ضمن دينامية المستقبل، وربطها بالمسار الديمقراطي والتنموي لبلادنا وشعبنا، وبالدور المطلوب من الحزب «كقوة وطنية تقدمية حداثية» خدمة للبلاد، هنا والآن وفي المستقبل. الحزب اختار اليوم تكثيف نقاشات داخلية، بداية من قيادته التنفيذية، تسعى لقراءة واقع الحزب وأدائه، وتقيم مساره العام انطلاقا من القضايا الكبرى والأهداف الوطنية التي بقيت دائما ملتصقة بفكره وممارسته، ومناسبة بلوغه العام السبعين اليوم تستحق فعلا أن تحفز الأكاديميين والفاعلين التقدميين، من خارج الحزب أيضا، للانخراط في هذا التقييم الموضوعي لمسار مدرسة سياسية وفكرية متميزة في التاريخ الوطني. وإن الحرص على إنجاح هذا التقييم، هو حرص أولا على المنطلقات التقدمية والحداثية المؤطرة والفاعلة في نضالات شعبنا ضد كل الميولات النكوصية والشعبوية والتحكمية المتربصة اليوم بشأننا السياسي العام. في سبعينية حزبهم، يبقى على مناضلات ومناضلي التقدم والاشتراكية مسؤولية امتلاك هذا التاريخ الثري، وتأمل نقاط قوته في المرجعية والممارسة ومبادئ التحليل، وأيضا استعراض تجليات القصور أو التراجع، والسعي لتقوية المسار النضالي العام من أجل الديمقراطية والتقدم والمساواة والعدالة الاجتماعية. صباح الذكرى لكل الرفيقات والرفاق كل عام وبلادنا وشعبنا طيبون. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته