جثة عليها آثار دماء تحمل طعنات غائرة في الجهة اليمنى،وهي ملقاة على شاطئ البحر تحيط بها جموع غفيرة من المواطنين تدقق فيها النظر. فضوليون بلغت بهم الجرأة، حد الكشف على وجه القتيل بعد إزالة القماش التي تم وضعه فوق الجثة تحت ذريعة تحديد هويته. كان المشهد عنيفا ومثيرا في نفس الوقت،وقد جدب الكثير من الناس تبادلوا بينهم القيل والقال حول من يكون القاتل ولماذا قتل الضحية، وذلك قبل أن تسمع صفارة سيارة الإسعاف تتبعها سيارة الدرك الملكي ،وهما تشقان طريقهما نحو مسرح الحادث بضواحي أكادير. كان حرارة الشمس مرتفعة في منتصف شهر غشت سنة 2007، رجال الدرك الملكي، الذين حضروا إلى عين المكان كانوا يتصببون عرقا، لكن ذلك لم يمنعهم من مباشرة التحريات وأخذ مجموعة من الصور للجثة الممدة فوق رمال البحر الساخنة، وقد بدأت رائحة الجثة النتنة تنتشر في المكان، لكن ذلك لم يمنع الفضوليين من الاقتراب منها. رجال الدرك الملكي، الذين لا يتركون شيئا للصدفة بحثوا بدقة في كل شيء، بدؤوا بتفحص الجثة، وانتهوا بعملية مسح دقيق للمحيط الذي وجدت فيه، وأخذوا ما يكفي من عينات التي قد تفيد التحقيق. قبل السماح لعناصر الوقاية المدنية بنقل الجثة إلى مصلحة الطب الشرعي بالمستشفى من أجل التشريح. استمع رجال الدرك الملكي لإفادات شهود كانوا سباقين لموقع الحادث. استنتج رجال الدرك الملكي أن الأمر يتعلق بجريمة قتل وأن الضحية قد يكون تعرض لاعتداء بشع من قبل شخص أو أشخاص مجهولين، أصيب خلاله بطعنات قاتلة. وعلى أساس هذه الفرضية،انطلق البحث سريعا، حتى أن المحققين لم ينتظروا التوصل بتقرير الطب الشرعي. وشمل البحث الدواوير المجاورة المعروفة بالبناء العشوائي وبطالة الشباب الذي يتعاطى أغلبهم المخدرات وحبوب الهلوسة. كانت جميع الفرضيات لدى الضابط المكلف بالبحث، تشير إلى احتمال تورط مشبوه أو مشبوهين من أبناء هذا الدوار أو ذاك في هذه الجريمة النكراء ولذلك ركز خلال تحقيقه على المخبرين. لم تكد تمر ثلاثة أيام حتى توصل الضابط بمعلومة من أحد المخبرين،مفادها، أن القتيل معروف عنه استهلاك حبوب الهلوسة والمخدرات،وأن له نديما غالبا ما يعاقر الخمر ويتعاطي المخدرات معه على شاطئ البحر. وركزت المعلومة، على أن القتيل قبل أن يختفي عن الأنظار شوهد بصحبة المنحرف المذكور، وأنه بعد ذلك اختفى إلى أن تم اكتشاف جتثه. كانت هذه المعلومة بمثابة مفتاح لغز هذه الجريمة البشعة التي هزت سكان الضاحية. كان المشتبه فيه اختفى عن الأنظار ولم يعد أحد يراه منذ مرافقته للضحية من أجل شرب الخمر وتعاطي حبوب الهلوسة. ركز المحققون في بحثهم عن المشتبه فيه، على الأماكن التي يتردد عليها بكثرة وعند أهله وأقربائه، لكن دون جدوى. وفي إحدى الليالي من نفس الشهر، رن الهاتف بقاعة الاتصال بمصلحة الدرك الملكي، مخبر على الطرف الآخر يود إبلاغ معلومة مهمة إلى ضابط المداومة، مفادها أن المشتبه فيه، يتواجد صحبة مجموعة من المنحرفين بأحد المنازل بالحي المذكور. ما هي إلا دقائق معدودات من تلقف هذه المعلومة القيمة، حتى أمر الضابط عناصره للاستعداد لمداهمة المنزل حيث يوجد المشتبه فيه، وحثهم على عدم إهدار هذه الفرصة، لأن الصيد ثمين ومن شأنه كشف ملابسات الجريمة المروعة التي هزت مشاعر سكان المنطقة. تكللت العملية بالنجاح، وتم اعتقال المشتبه فيه الذي حاول الفرار. أثناء التحقيق معه حاول المشتبه به جاهدا إبعاد الجريمة عنه بالتذرع أنه يوم وقوع الجريمة لم ير الضحية ولم يرافقه إلى الشاطئ ولم يعاقر معه الخمر، بل الأكثر من ذلك، زعم الجاني بأنه لم يلتق بالضحية منذ شهر عن وقوع الجريمة، إلا أن تكثيف البحث معه من خلال أسئلة المحققين ومواجهته بتصريحات الشهود ضيق الخناق عليه وجعله يرتبك في أكثرمن مناسبة، ليعترف في الأخير بارتكابه الجريمة التي دهب ضحيتها صديقه أثناء جلسة خمرية بشاطئ البحر. وحسب اعترافات المتهم الذي أدل المحققين على المكان الذي خبأ فيه أداة الجريمة، فإنه تعود على مرافقة الضحية من أجل تعاطي المخدرات وشرب الخمر بشاطئ البحر. وأنه يوم الحادث،وقع خصام بينهما حول المخدرات تطور إلى الرشق بالحجارة وتبادل الضرب. وأضاف الجاني، أنه أخرج سكينا كانت معه ثم وجه بها عدة طعنات إلى غريمه الذي سقط فوق أرضا مضرجا في الدماء ليلوذ بعدها بالفرار. باستكمال البحث مع المتهم تم تقديمه إلى محكمة الاستئناف بأكادير التي قضت في حقه بعد استنقاذ القضية مراحلها الكاملة، ب30سنة حبسا نافذا من اجل ارتكابه الجريمة.