تمكنت الشرطة القضائية، أول أمس الثلاثاء، من إلقاء القبض على قاتل المواطن المغربي، اليهودي الديانة، جاكوب الشريقي (84 عاما)، الذي عثر على جثته ظهر الاثنين الماضي داخل مطبعته في الدارالبيضاء. وأفاد بيان للإدارة العامة للأمن الوطني، أن الجاني، وهو في الستينات من العمر وينحدر من الدارالبيضاء، كان يمتهن تسفير الكتب، وتربطه بالضحية علاقة تجارية، وهو من ذوي السوابق العدلية في العنف والسرقة الموصوفة. وإلى غاية ظهر الأربعاء لم تعرف أسباب هذه الجريمة ولم يتم بعد إعادة تمثيلها، لكن مصادر أمنية استبعدت أي دوافع دينية أو سياسية وراء مقتل جاكوب الشريقي، ورجحت أن يكون سبب القتل هو محاولة السرقة. وكان الشريقي يسكن مع زوجته في حي بوردو، الذي يقطنه عدد كبير من المغاربة اليهود، ويمتلك مطبعة قديمة أسفل العمارة التي يقطن فيها، وظلت المطبعة التي كانت تطبع مطبوعات تجارية متوقفة عن العمل منذ سنوات. نتائج التشريح أثبت التشريح الطبي الذي أجري على جثمان المواطن المغربي اليهودي جاكوب الشريقي، أنه تلقى ضربة قوية على الجهة الخلفية من رأسه أدت إلى جرحه لكنها لم تكسر جمجمته. وقال مصدر مسؤول بمركز الطب الشرعي "الرحمة"، إن التشريح أظهر أن القتيل (84 سنة) تعرض ل"نزيف داخلي في المخ"، وأضاف أنه تعرض لجرح عميق على مستوى قفاه، ورجح المصدر أن يكون ذلك تم بواسطة "آلة حادة جدا نظرا للجرح الغائر الذي خلفته". هذا وقد تسلمت عائلة الضحية جثمانه صباح أول أمس من مستودع الأموات، ويتوقع أن تكون مراسيم الجنازة قد تمت عشية نفس اليوم بمعبد اليهود الكائن بحي عين الشق، قبل أن ينقل إلى إسرائيل حيث سيوارى الثرى، بحسب ما أكدته مصادر متطابقة. رأس الخيط اكتشاف الجريمة لم يتم إلا عند الواحدة ظهرا من يوم الاثنين، حسب ما تؤكده مصادر أمنية استنادا إلى أقوال زوجة القتيل التي عثرت على جثة زوجها مدرجة في بركة من الدماء وسط محله التجاري (مطبعة) في الطابق الأرضي من العمارة التي يقطن بها. ففي الساعة التاسعة صباحا، خرج جاكوب من بيته في الطابق الثاني، الذي لم يكن يغادره إلا لماما بسبب تقدمه في السن (84 سنة)، وتوجه إلى مطبعته التي يديرها بنفسه. وحوالي الساعة الواحدة، نزلت الزوجة لتدعو زوجها لوجبة الغذاء، ودخلت من الباب الخلفي الذي يوجد تحت سلم العمارة ويؤدي إلى المطبعة، لتصعق لما شاهدت زوجها مذبوحا من الوريد إلى الوريد... وصرحت زوجة القتيل بأنها وجدت عند باب المطبعة شخصا يحمل مفاتيحها، وادعى أنه تسلمها من الشريقي ليجلب له بعض الأغراض، وكانت المواصفات التي قدمتها الزوجة للمحققين بخصوص هذا الشخص بمثابة رأس الخيط الذي قاد إلى الإمساك به. مسرح الجريمة الساعة الثانية بعد ظهر الاثنين الماضي، عشرات من المواطنين محتشدين أمام باب العمارة رقم 162 بشارع بوردو (وسط الدارالبيضاء)، متطلعين بأعناقهم لمتابعة تحركات رجال الأمن الذين حضروا بكثافة إلى المكان بعد إخطارهم بوقوع جريمة قتل. ثلاث سيارات إسعاف والعديد من سيارات الأمن بمختلف تلاوينها كانت رابضة أمام مسرح الجريمة. أفواج كبيرة من عناصر الأمن بالزي الرسمي والمدني يتقدمهم مسؤولون أمنيون كبار وفدوا إلى المكان من أجل الإشراف على عملية التحقيق في ملابسات وقوع هذه الجريمة. "آش واقع؟"، تسأل امرأة مسنة بفضول شرطيا بزي مدني، قبل أن ينهرها آمرا إياها بالانصراف إلى حال سبيلها والابتعاد عن المكان، لكن المرأة لم تستطع مقاومة فضولها، فتوجهت نحو فتاة كانت تقف بالقرب من باب العمارة لتطرح عليها نفس السؤال. "لقاو شي يهودي مقتول.."، أجابتها الفتاة وعيناها مرصودتان على باب العمارة الذي تصدر منه أصوات صرخات نسوية، تاركة علامات الدهشة تعلو وجه المرأة الشاحب. رجال الشرطة بكل أجهزتها وعناصر الوقاية المدنية وموظفو مركز الطب الشرعي.. كانوا يدخلون ويخرجون عبر باب العمارة المؤدي إلى باب المطبعة، حيث عثر على القتيل. فيما كانت قوات الأمن تحاول إبعاد المواطنين المتجمهرين أمام المبنى بسبب إعاقتهم لحركة السير بالشارع. "الله يرحمو مسكين، كان الله يعمر ليه الدار.."، هكذا علق أحد جيران الضحية لحظة إخراج جثة القتيل حوالي الساعة الرابعة والنصف عصرا، متحدثا عن كرم الهالك وحسن أخلاقه مع الجميع. نفس المتحدث أكد أن الضحية جاكوب الشريقي، وهو أب لابنة واحدة تشتغل في مجال العقار، كان كثير التنقل بين المغرب وأمريكا، وكان بصدد بيع مطبعته في الآونة الأخيرة. جماعة من الرجال والنساء من الجالية اليهودية كانوا محتشدين أمام باب العمارة المحاذية ل"صيدلية بوردو"، يحاولون تهدئة أحد أقرباء القتيل الذي كان يبكي بهستيريا. وحينما حاولت "أخبار اليوم" التقرب من أحد هؤلاء من أجل الاستفسار عن بعض المعلومات، لم يتردد أفراد الجالية اليهودية في التدخل لمنعه من قول أية كلمة للصحافة.