يبدو أن قضية ما أصبح يُعرف بمهزلة "انتخابات مجلس جماعة سيدي التيجي"، ستأخذ أبعاداً أخرى، بعد الحكم بالبراءة لفائدة رئيس الجماعة ووالده المقاول، بعد متبعتهما من طرف الوكيل العام بتهمة الحصول على أصوات الناخبين بفضل تبرعات نقدية، طبقا للفصل 100 و102 من ظهير 59، تنفيذا للقانون رقم 97 المتعلق بمدونة الإنتخابات، ومتابعة سبعة أشخاص بتهمة قبول تبرعات نقدية من أجل التصويت لصالح المتبرع طبقا للفصلين أعلاه، والحفظ في حق الباقي لانعدام الإثباث والإحالة على القضاء الجماعي العادي. ستأخذ أبعادا سببها الحكم/ المفاجأة الصادر عن المحكمة الإبتدائية بمدينة آسفي، لأن لا أحد كان يتوقع أن تحكم المحكمة ببراءة الرئيس ووالده بسبب الحجج التي قدمها الطرف الثاني، والمتمثلة في مجموعة من الوثائق والقرائن والدلائل وشهود الإثبات. وحسب المتتبعين، إن تلك الدلائل تؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن الشاب/ الرئيس اشترى له والده مجلسا وفصله على المقاس. ودليل هؤلاء المتتبعون في ذلك هي الوثائق التي تتبث أن الرجل قام بتسليم مجموعة من المرشحين أموالا أتبثها بواسطة عقود مُصححة الإمضاءات وأخرى تمت عند عدلين قانونيين، وهي الوثائق التي تؤكد بأن الرجل دفع أموالا من أجل ابنه القادم من أحياء الدارالبيضاء لتسيير جماعة قروية بالكاد يعرف مكانها على الخريطة. وحتى نضع الجميع في الصورة، فالإنتخابات بتلك الجماعة القروية التي عرفت تقدما ملموسا بفضل تسيير سابق لمستشارين يمثلون الصف الديموقراطي، عرفت مجموعة كبيرة من الخروقات قبل الإنتخابات، أهمها أن والد الرئيس/الشاب، قام بتوقيع كمبيالات مع كل المرشحين للإنتخابات، حتى يضمن الفائز منهم، والحجة دين عبارة عن سلف الله والإحسان؟ ليتحول كل ذلك إلى عملية تجارية تحت يافطة اقتناء أراضي سكنية بتجزئته الكائنة بجماعة سبت جزولة، مع أن الجميع يعلم أن العدد الكبير من المرشحين لا يملك ما يقتني به دراجة نارية، فما بالك ببقعة أرضية في جماعة تعرف ارتفاعا في ثمن العقار، حيث يصل ثمن البقعة الواحدة إلى 240 ألف درهم. وحين ظهرت النتيجة وفاز من راهن عليهم الوالد/ المقاول، وهم ثلة من المستشارين الذين يقدمون ولاءهم لكل من تباركه السلطة، تم تهريبهم إلى وجهات معلومة، وهناك تم ترغيبهم للتصويت على الإبن المدلل من أجل منصب الرئاسة، إلى حين وصول يوم الإنتخاب، وهناك تم ذبح الديموقراطية تحت أعين السلطة والرأي العام المحلي والوطني من خلال الإعلام الذي عاين ما وقع، سلطات تقوم بالدعاية للشاب داخل الجلسة، وتقوم بخروقات قانونية واضحة ضمانا لفوز الرجل، وضدا على مرشحي الصف الوطني والديموقراطي الذي كان ينبه السلطات إلى ما يقع وما وقع، لينتهي كل شيء، وتم انتخاب الولد الشاب تحقيقا لرغبة الوالد المقاول، وتم فضح كل شيء، أسئلة بغرفة المستشارين، تحقيقات محلية ومن طرف وزارة الداخلية، تم دعوى قضائية، والنتيجة براءة أكدت أن مغرب الديموقراطية الذي نادى به الملك الشاب، منذ اعتلاءه عرش المغرب، يحاول الكثيرون إجهاضه، والدليل ما وقع ويقع بجماعة سيدي التيجي التي أصبحت لها شهرة كبيرة قبل وأثناء وبعد الإنتخابات. الآن وبعد حكم البراءة الإبتدائي، وضع الجميع أيديهم على قلوبهم خوفا على مستقبل هذا الوطن، خصوصا وأن قضايا مماثلة بمحاكم أخرى، حكمت على المتلاعبين بالإنتخابات بأحكام معقولة، صونا لصورة الديموقراطية التي ناضلت من أجلها الأحزاب الديموقراطية، أما جماعة سيدي التيجي، ومكتبها الذي تم صنعه على المقاس، وتمت تبرئته من طرف القضاء الإبتدائي، فتلك حكاية لن تنتهي هناك، خصوصا والأمل يحدوا الجميع بكون القضاء على مستوى محاكم الإستئناف سيكون منصفا وعادلا، وسيتحقق من تلك الوثائق التي تجمع الوالد ببعض المستشارين الجماعيين هناك، والتحقيق في تلك الأموال التي تسلموها من والد الرئيس الشاب، وكذلك التوقف أمام تناقضات شهود الرئيس ووالده، وتأكيدات شهود الإتباث، واستدعاء رجال السلطة المتورطين في ذلك، والتوقف عند الخروقات التي وقعت يوم انتخاب الرئيس ومن معه، بالإعتماد على ما كتبته الصحافة التي تابعت الجلسة من بدايتها إلى نهايتها، لأن ذلك هو ما سيعيد الأمل للمواطنين بأن في البلد قضاء وقانون يحميه، وأن ما يؤكده ملك البلاد في خُطبه يجب احترامه حتى ندفع المواطن للإيمان بالإستحقاقات الإنتخابية والمشاركة فيها، بدل أرقام العزوف التي سُجلت في الإنتخابات الأخيرة. ورغم أن القضاء سيد نفسه، فإن حكم البراءة الصادر عن المحكمة الإبتداية جعل المتتبعون يكفرون بالانتخابات، رغم أن الجميع مازالت تلفه مسحة من الأمل في كون محكمة الإستئناف ستنصف تلك الجماعة وساكنتها، ليس من أجل فلان أو "فرتلان" بل من أجل وجه الديموقراطية وصورة المغرب الجديد.فهل سيتحقق ذلك، وهل ستفتح وزارة الداخلية ووزارة العدل تحقيقا في ما وقع، أم أن الجميع سيستمر في دفن رأسه في الرمل والصمت، وفي ذلك مساهمة في رسم صورة سوداء لمغرب جديد. إنها صرخة من أعماق إقليمآسفي، من جماعة سيدي التيجي التي بدأت تتلمس طريقها نحو الإقلاع التنموي، فيما كل ذلك سيذهب مع أدراج الرياح، والسبب أن الديموقراطية تم اغتيالها منذ البداية، منذ أن صمم لشراء منصب رئاسة المجلس، ومنذ أن تم شراء صمت وتواطؤ المستشارين بفضل سلطات الجماعة التي التزمت الحياد السلبي وشاركت من الخلف في رسم معالم كل شيء. وهي صرخة من كل المؤمنين بالديموقراطية بأن القضاء لم ينصفهم في مواجهة تجاوزات تم الوقوف عليها، وهي كافية لأن تعيد العملية الإنتخابية من بدايتها كما وقع في الكثير من الجماعات بمختلف ربوع الوطن. وإلى ذلك الحين يبقى الأمل في بدايته ونهايته، في القضاء ورجاله الشرفاء، وإلى ذلك الحين يبقى أمل الجميع في ما ستسفر عنه الأيام ،، ونضال شرفاء هذا الوطن.