أجمعت شهادات في حق الممثل العالمي المغربي احميدو بن مسعود، المعروف باسم «حميدو»، الذي وافته المنية، يوم الخميس الماضي بأحد مستشفيات باريس، عن عمر 78 سنة، على أن الراحل كان مثالا للفنان المغربي الملتزم بقضايا وطنه، ومنارة أنارت سماء الفن المغربي وفتحت له آفاقا حقيقية على امتداد العالم، نجم شرف بلاده والمهنة التي عشقها وتعاطاها بنبل وشمم وبنجاح. في شهادات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء، خلال مراسيم تشييع جنازة الراحل بمقبرة الشهداء بالرباط بعد ظهر يوم الأحد، أكد السيد محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة، أن الراحل حميدو واحد من الرواد الذين أقاموا وأسسوا لبنات التمثيل بالمملكة بل عربيا ودوليا، ويعتبر من الأسماء الفنية التي تدرجت في مجالات المسرح والسينما والتلفزيون على الصعيد الدولي، بالإضافة إلى إسهاماته الجادة على الصعيد الوطني إلى جانب فنانين كبار من جيل الرواد ومن جيل الشباب، حيث كان له، رحمه الله، حضور فني متميز ومشاركات فنية نوعية. وفي استرجاع لذكرياته معه ولمسار الراحل، ذكر الأستاذ عبد الله شقرون، أحد رواد التمثيل الإذاعي والمسرح بالمملكة، أن حميدو بنسمعود بدأ حياته الفنية منذ سنوات بعيدة، وبجهاده أمكنه أن يصل إلى ما وصل إليه، كان في بداية مشواره مسرحيا ناجحا في التمثيل الإذاعي وعلى الخشبة، وتابع مشواره ومساره في هذا الميدان حتى أصبح نجما يشرف بلاده والمهنة التي عشقها وتعاطاها بنبل وشمم وبنجاح، مؤكدا أنه على الأجيال الحالية من الفنانين أن يستلهموا من تجربة هذا الرائد من رواد الفن المغربي. وببحة تنم عن الألم والحزن على فقدانه، أبرز الممثل العالمي المغربي محمد حسن الجندي ما كان يتمتع به الراحل حميدو من سجايا وخصال، وما كان يكنه لبلده من حب، وما كان يتمناه له من رقي في جميع المجالات ولاسيما القطاع الفني بكل تلاوينه. كان حميدو، يؤكد الجندي، فنانا كبيرا أثبت وجوده داخل المغرب وخارجه، انطلقت مسيرته الفنية، كغيره من رواد الحركة المسرحية والسينمائية الوطنية، بالعمل في الإذاعة الوطنية في مرحلة التأسيس، حيث جمعتهما معا الكثير من الأعمال الإذاعية، كما شاركا معا في فيلم «أفغانستان .. لماذا ¿» من إخراج المغربي عبد الله المصباحي، ليحتك، عبر هذا المسار الطويل، بأكبر نجوم السينما في فرنسا، ما جعله يكتسب تلك الثقافة السينمائية والمسرحية التي كان متعطشا لها. وبنفس حرقة الوالد، أكد المؤلف والمخرج المسرحي أنور الجندي أن الراحل حميدو «أبو طارق» فنان عظيم فذ أوصل الفن والتمثيل المغربيين إلى أعلى القمم السينمائية، بفضل كفاءته وموهبته وتكوينه الأكاديمي الرصين، ما مكنه من فرض اسمه كممثل كبير في هوليود وأوروبا وباقي بلدان المعمور، وما أهله إلى أن يحوز ثقة العديد من المخرجين الفرنسيين ومن بينهم كلود لولوش، الذي شارك الراحل حميدو في 13 فيلما من توقيعه أولها «تفرد الإنسان» سنة 1960 وآخرها «والآن سيداتي سادتي» سنة 2001، الذي صور جزئيا بمدينة فاس. وقال الفنان أنور الجندي إن رحيل هذا الهرم الفني من أهرامات الفن السابع ترك حزنا كبيرا في أنفس وأفئدة كل عارفيه ومحبي فنه، مبرزا أن الراحل لبى داعي ربه «وفي قلبه غصة على ما آلت إليه الحركة السينمائية في المغرب». وبنفس لواعج الحسرة، أعرب حمادي التونسي، أحد أبرز الأسماء التي طبعت ذاكرة التمثيل الإذاعي بالمغرب، عن حزنه الكبير لرحيل حميدو، الممثل الكبير الذي استطاع، بفضل كفاحه ونضاله وحبه للفن وأهله، أن ينقش اسمه عاليا في سجل الخالدين من فناني هذا البلد، بل وفي رقيم الذاكرة الفنية العالمية. «كان فنانا بكل ما تحمل الكلمة من معنى»، يقول حمادي التونسي، إحساسا وشعورا، أداء وإتقانا، تميز في كل الأدوار التي أوكلت إليه في جميع الأعمال السينمائية والمسرحية. أما محمد عبد الرحمان التازي، مخرج فيلم «للا حبي» الذي شارك فيه الراحل حميدو، فقد أكد أنه شخصيا فقد برحيل حميدو صديقا عزيزا، وفقدت فيه الساحة الفنية ممثلا عالميا رفع راية الفن المغربي في العديد من بلاد المعمور، كان رجلا متواضعا تحلى بخصال إنسانية عالية، أعطى الكثير لبلده في المجال الفني، ما يتعين عليه أن يتم استرجاع ذكراه وتوثيق عطاءاته ومساهماته في المجال السينمائي والمسرحي. من جهته، قال الفنان متعدد المواهب يونس ميكري إن الراحل حميدو كان إنسانا طيبا، استطاع أن يصل بأفلامه وأعماله السينمائية إلى مستوى العالمية، مؤكدا أن رحيل حميدو الممثل الكبير خسارة فنية كبرى، فنان مقتدر قليل هم المبدعون الذين يجود الزمان بمثلهم من طينته. وأعرب الفنان يونس ميكري، وفي نبرة صوته كل الأمل، عن تطلعه إلى أن يحمل الفنانون الشباب مشعل الرواد من قبيل الراحل حميدو، ويتأسوا بسيرتهم واستماتتهم وتفانيهم، من أجل استكمال تألق الفن السابع المغربي.