المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يدعو لليقظة واتخاذ تدابير استعجالية كشف تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن تراجع وتيرة النمو في المغرب برسم السنة الماضية، وعن هشاشة قطاع الشغل، محذرا من مخاطر تقهقر الموازنة ومما آل إليه معدل النمو من تدن واضح وما يميز سوق الشغل من تفشي للبطالة. وأفاد التقرير الذي قدمه نزار بركة في أول لقاء إعلامي له بعد تعيينه على رأس المجلس، أن ما ميز السنة الماضية على المستوى الاقتصادي هو تراجع وتيرة النمو وتفاقم أوجه الاختلال الماكرو اقتصادي. وسجل التقرير أن نسبة النمو تراجعت بحوالي الضعف، منتقلة من 5 في العام السابق إلى 2.4 فقط خلال السنة الماضية. وعزا التقرير هذا إلى انخفاض القيمة المضافة الفلاحية بحوالي 8.7 في المائة، نتيجة تراجع محاصيل الحبوب بما يقارب 40 في المائة بسبب الجفاف الذي عرفته البلاد، وانخفاض وتيرة تقدم الأنشطة غير الفلاحية التي انتقلت من 5.3 في المائة إلى 4.8 في المائة، وأيضا تراجع وتيرة الأنشطة الثانوية من 4 في المائة إلى 3.2 في المائة. وكشف التقرير أن تراجع وتيرة النمو كان له انعكاس على وضعية الشغل التي تميزت خلال السنة الماضية بالهشاشة. فرغم استقرار نسبة البطالة في حدود 9 في المائة، سنة 2012، مقابل 8.9 في السنة السابقة، ارتفعت العطالة في صفوف الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة لتصل إلى 18.6 في المائة، وطنيا، وتزداد هذه النسبة لتصل إلى 33.5 في المائة في المجال الحضري. ويسجل التقرير في نفس السياق أن معدل البطالة في أوساط الشباب حاملي الشهادات تصل إلى 16.4 في المائة برسم سنة 2012، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى أكثر من 18 في المائة في الوسط الحضري، مشيرا إلى أن بطالة الخريجين «بطالة مدينية بامتياز». وأورد التقرير أن عدد مناصب الشغل المحدثة والتي لم تتعد 127 ألف منصب شغل، تعود في أغلبيتها إلى أنشطة الخدمات وتجارة التقسيط، وبقدر أقل إلى مجال الفلاحة والصيد البحري. بينما سجل الاقتصاد الوطني فقدان ما يناهز 40 ألف منصب شغل في قطاع البناء والأشغال العمومية والصناعة. وأكد التقرير أن تأخر المصادقة على قانون المالية لسنة 2012 كان له انعكاس سلبي وزاد من حدة انتظارية الفاعلين، بسبب النقص في المنظورية بخصوص التوجهات التي تم اعتمادها في الميزانية. وسجل التقرير أن ذلك يبدو جليا من خلال تراجع قروض التجهيز، التي تراجعت بحوالي 2 في المائة، وهو ما يدل على تراجع وتيرة الاستثمار لدى المقاولات. وأشار التقرير إلى أنه، بالرغم من هذه الظروف الاقتصادية، وبالرغم من الارتفاع الذي عرفته أسعار المحروقات في يونيو 2012، استطاع المغرب التحكم في نسب التضخم، بفضل آلية المقاصة. ورغم أن هذا القرار أتاح توفير 5.7 مليار درهم، إلا أن نفقات المقاصة، يقول التقرير، عرفت ارتفاعا بأكثر من 12 في المائة، حيث بلغت حوالي 55 مليار درهم، وهو ما أثر على الميزانية التي سجلت عجزا يصل إلى 7.1 في المائة، مقابل 6.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2011. وشدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أن مستوى العجز المسجل خلال السنة الماضية «يصعب تحمله» محذرا مما أسماه «مخاطر تقهقر الموازنة»، وهو ما يفرض، بحسبه، اعتماد عنصر اليقظة لاتخاذ تدابير كفيلة بتوفير هامش للمناورة يتيح تفعيل سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأوضح التقرير أن العجز في الميزانية يدفع إلى اللجوء المنتظم إلى الاقتراض، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع جاري دين الخزينة، الذي وصل إلى 57.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام بمتم فبراير 2012. ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى التحرك لتفادي وقوع ما وصفه «التصاعد الحلزوني للديون»، مشددا على ضرورة توعية المواطنين والفاعلين الاجتماعيين والسياسيين بمخاطر الاستدانة المفرطة الناتجة عن ميزانيات متتالية تتجاوز فيها النفقات المداخيل بفارق يزداد اتساعا مع مرور الزمن. وأشاد التقرير بما عرفه المستوى الاجتماعي بالبلاد خلال السنة الماضية، خصوصا إطلاق ورش تعميم نظام المساعدة الطبية للمحتاجين الذي يستهدف حوالي 8.5 مليون نسمة من الساكنة في وضعية عوز وهشاشة. حيث بلغ عدد المستفيدين من هذا النظام إلى غاية متم دجنبر 2012 ما يزيد عن 5.1 مليون نسمة، منهم 2.4 يمثلون 878 ألف أسرة تسلموا بطائقهم، في حين توصل الباقون وهم 2.7 مليون نسمة بوصل الملف الذي يتيح لهم الولوج إلى العلاج مجانا.