نتمنى أن تفضي المشاورات إلى حل مناسب يغني عن إجراء انتخابات سابقة لأوانها الانتصار دوما وأبدا للمصلحة العليا للبلاد خدمة لمشروع بناء مغرب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم التقدم والاشتراكية حزب يساري تقدمي ديمقراطي واشتراكي، حزب غير تابع لأي كان، ولا ناطق إلا أصالة عن نفسه لا باسم أي أحد هناك مناورات تستهدف تعطيل عجلة التقدم وتحريف مسار الإصلاح ومحاولة افتعال أزمة سياسية لم يعد المغرب قادرا على تحمل الانتظارية وانعكاساتها السلبية على الاقتصادالوطني وتأثيراتها السيئة على الأوضاع الاجتماعية لشعبنا الصراع الأساسي قائم بين دعاة الديمقراطية واستقلالية القرار الحزبي، وبين من يسعون إلى الاستحواذ على المشهد السياسي والتحكم فيه عن بعد الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء ، لقد استقر رأي الديوان السياسي للحزب أن نعقد الدورة الحادية عشرة للجنة المركزية في جلسة مركزة نخصصها، حصريا، لمناقشة تطورات الوضعية السياسية الراهنة، في ضوء ما عرفته الساحة، مؤخرا، من مستجدات أفضت، من جملة أمور أخرى، إلى انطلاق مشاورات يقودها رئيس الحكومة بهدف تشكيل أغلبية جديدة. ويأتي ذلك عقب تفعيل قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال بتقديم وزرائه لاستقالاتهم من الحكومة، ورفعها من طرف رئيس الحكومة إلى جلالة الملك. وللتذكير، فقد صدر في الأمر بلاغ للديوان الملكي يفيد بأن صاحب الجلالة «تفضل (...) بقبول الاستقالات المذكورة، وطلب من الوزراء المستقيلين مواصلة تصريف الأعمال الجارية إلى غاية تعيين الوزراء المكلفين بالقطاعات الوزارية المعنية، وبالتالي تمكين رئيس الحكومة من البدء في مشاوراته بهدف تشكيل أغلبية جديدة». وعلاقة بذلك، يجدر أن نسجل أن المؤسسة الملكية، التي أبانت، باستمرار وإقدام، عن إرادة إصلاحية أكيدة، والتي حرصت على إعمال المنهجية الديموقراطية المنصوص عليها في الدستور الجديد، لدى تعيين رئيس الحكومة المنبثقة من صناديق اقتراع أول انتخابات تشريعية نظمت في إطار هذا الدستور، حرصت كذلك (المؤسسة الملكية)، لدى تعاملها مع الأزمة الحكومية الأخيرة، على استبعاد التأويلات التعسفية لمقتضيات الدستور، والالتزام بالتأويل الديموقراطي السليم لها. وهذه مناسبة للتأكيد، مجددا، في إطار سعينا الواضح نحو ملكية دستورية ديموقراطية برلمانية واجتماعية، وفي سياق العمل من أجل مواصلة بناء الدولة الوطنية الديموقراطية، على الأهمية القصوى للدور المركزي الذي تؤديه المؤسسة الملكية، كما تؤشر على ذلك مبادراتها المقدامة، وتجاوبها القوي مع الطموحات الشبابية والشعبية في التغيير، خاصة من خلال خطاب 9 مارس التاريخي، والذي مهد لإقرار دستور جديد بمضامين ديمقراطية متقدمة. وهذا ما يجعل بلادنا، في المنطقة التي ننتمي إليها، متفردة بما يميزها من خصوصيات النظام المؤسساتي، فضلا عن تراكمات المسلسل الديموقراطي. وهو ما لا تستقيم معه المقارنات السطحية التي يحاول البعض عقدها بين تطورات الوضعية السياسية في المغرب ومسار الأحداث في عدد من البلدان التي شهدت ما شهدته من حراك شعبي واجتماعي واسع النطاق، متعدد الآثار ومتباين الانعكاسات. الرفيقات العزيزات، الرفاق الاعزاء، نحن، إذن، أمام مشاورات تهدف إلى تشكيل أغلبية جديدة في نطاق تطعيم أو ترميم الحكومة الحالية، التي لاتزال قائمة على الأسس التي بنينا عليها قرار المشاركة فيها. وكما هو معلوم، فإن قرار مشاركتنا في هذه التجربة الحكومية الجديدة، التي تمخضت عن صناديق الاقتراع في انتخابات غير مطعون في نتائجها وتصدرها حزب العدالة والتنمية الذي التقينا معه، موضوعيا، في غمار التصدي لما عرفه المشهد السياسي، آنذاك، من انحرافات ومحاولات للتطويع والتحكم والهيمنة، كان قرارا صعبا، معقدا وشجاعا، ولكنه قرار سيادي ومحسوب، بحيث لم يتخذ على حساب هويتنا ومبادئنا، ولم يتعارض مع خطنا الاستراتيجي الدائم متمثلا في جعل الاعتبارات ذات الصلة بالدفاع عن مؤسسات البلاد واستقرارها، في أفق مواصلة الإصلاحات الجوهرية، وتكريس الخيار الديموقراطي، وضمان مواصلة بناء مشروع المجتمع الديموقراطي الحداثي، اعتبارات فوق كل الحسابات الأخرى، بما فيها المصلحة الحزبية الخاصة. وهكذا دخلنا الحكومة على أساس برنامج حكومي تعاقدي يناسبنا، من حيث توجهاته الأساسية، بل وكان لنا في صياغته إسهام وافر وبصمات بارزة. ودخلناها بمشاركة وازنة تضمن للحزب، عدديا ونوعيا، قدرة التأثير الفعلي على مضامين وتوجهات التجربة، وتستند إلى ميثاق للأغلبية الحكومية كمرجع للعمل المشترك للأحزاب المشكلة لهذه الأغلبية. وحرصنا على أداء دور المواكبة، والدفع من أجل أن يتجه عمل الحكومة وفق برنامجها المعتمد، وطبقا لميثاق الأغلبية المبرم، والسعي إلى إرجاع الأمور إلى نصابها كلما دعت الضرورة إلى ذلك. والأمثلة على هذا عديدة، وكثير منها لم يتم ترويجه إعلاميا طالما أن الغرض منه تمثل في تقويم العمل وتصحيح المسار لا التعاطي للدعاية المغرضة. فنحن كانت لدينا، ولنا بالطبع، مآخذ على الأداء الحكومي، نبهنا وننبه إليها. ونعتبر أن هناك ثغرات ونقائص ومقاربات تدبيرية لنا فيها رأي مختلف، وهو ما لم نتردد في التعبير عنه ومناقشته والإلحاح على معالجته، لكننا قمنا ونقوم بذلك في حدود اللياقة اللازمة، وفي نطاق الالتزام بالحد الأدنى من مستلزمات العمل المشترك في إطار التحالف المتعاقد بشأنه، مما لا يتعارض وتمسكنا القوي باستقلاليتنا التامة في اتخاذ القرارات الحزبية والتعبير الحر والمسؤول عنها، كما لا يتعارض وإصرارنا على التميز، في هذه التجربة، بما يتعين من الحذر واليقظة، كحزب يساري تقدمي ديمقراطي واشتراكي، حزب غير تابع لأي كان، ولا ناطق إلا أصالة عن نفسه لا باسم أي أحد. وجاءت مرحلة مرتبطة بحدوث تغييرات على صعيد الهيئات القيادية لحزب مشارك في الحكومة لتبرز خلافات على مستوى هيأة رئاسة تحالف الأغلبية دون أن ينعكس ذلك سلبا على الانسجام داخل الحكومة نفسها، ولا أن يفسد للود بين الوزراء قضية. وسعينا إلى تجاوز هذا الخلاف، وقمنا بوساطة، وبذلنا مساعي حميدة، وتمكنا من عقد اجتماع لهيئة رئاسة تحالف الأغلبية، أواسط شهر فبراير الماضي، كلل بنتائج إيجابية، نوهنا بها في حينها، حيث تم الاتفاق على مراجعة ميثاق الأغلبية لتقديم مقترحات تتوخى تقوية التواصل والتنسيق بين مكوناتها بما يخدم تقارب الرؤى حول القضايا الكبرى، كما تقرر جرد أهم الملفات ذات الأولية لمدارسة التوجهات الكبرى بشأنها. وتداول قادة الأحزاب الأربعة المشكلة للأغلبية الحكومية، آنذاك، في مختلف القضايا الكبرى والمصيرية التي ترهن مستقبل البلاد، في ظل التحديات الوطنية والدولية، وكذا إعادة تحديد الأولويات والأوراش الحكومية الكبرى، في ضوء المستجدات الاقتصادية والاجتماعية التي طغت على الساحة الوطنية. وتم الاتفاق، أيضا، على مناقشة كل القضايا السياسية الكبرى، بشكل مسبق، قبل اتخاذ أي قرار بخصوصها، خاصة تلك التي تتطلب نقاشا عميقا ومسبقا داخل الأغلبية، من قبيل إصلاح صندوق المقاصة، وأنظمة التقاعد، والإصلاح الضريبي، والقوانين التنظيمية، وموضوع الجهوية والانتخابات، ومحاربة الفساد والريع، وإحداث آليات للتشاور بشأن هذه الملفات الحساسة، قبل تصريفها عبر الآليات العادية للعمل الحكومي. وفضلا عن ذلك، تقرر عقد لقاء يخصص للانتخابات الجماعية من أجل التوصل إلى مقترحات مشتركة قبل عرضها على أحزاب المعارضة البرلمانية، والمركزيات النقابية، وسائر الهيئات السياسية غير الممثلة في البرلمان. وساد الاعتقاد، تبعا لذلك، بأن هذه النتائج ستنعكس إيجابا على تماسك الأغلبية وتقوية لحمتها٬ وتؤدي إلى الرفع من وتيرة أداء الحكومة بما يمكن من المضي، قدما، في بلورة مضامين البرنامج الحكومي، بأولوياته الاقتصادية والاجتماعية، ومباشرة ورش القوانين التنظيمية المكملة للدستور في أحسن الظروف، وتعزيز مقومات العمل المشترك بما يوفر شروط نجاح التجربة الحكومية والتقدم في تحقيق الإصلاحات الأساسية للبلاد والعمل على تلبية حاجات المواطنين. لكننا، ويا للأسف، فوجئنا بازدواجية خطاب طرف من الأغلبية إياها، يتفق مع باقي مكونات التحالف على أمور ويتوجه للرأي العام بتصريحات معاكسة تماما، متماديا في المس بكرامة الأشخاص وتبخيس عمل الأغلبية والحكومة، وغير متردد في النهل من قاموس غير لائق ولا مشرف حتى لا أقول سوقي ومنحط. وتمت محاولة استدراجنا إلى هذا المستنقع، من خلال الادعاءات الباطلة والاتهامات الرخيصة التي استهدفت وزراء قياديين في حزبنا وسعت إلى النيل من الحزب ككل، والتي استنكرناها في حينها بشدة لكن دون أن نقع في فخ الانسياق وراء سجالات عقيمة، لا تخدم قضايا الوطن والشعب في شيء، وليس من شأنها إلا أن تزيد المجال السياسي والحزبي ميوعة وتدنيا. لقد أدركنا أن هناك مناورات تستهدف تعطيل عجلة التقدم وتحريف مسار الإصلاح عن وجهته الصحيحة، بل ومحاولة افتعال أزمة سياسية بلادنا في غنى عنها، ولذلك شددنا على أن خير جواب إنما يتمثل في الانكباب الجدي على إخراج الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية إلى حيز الوجود، من خلال تسريع وتيرة العمل الحكومي والرفع من فعاليته ونجاعته، على نحو ما أكدت عليه اللجنة المركزية لحزبنا في وثيقة «البديل التقدمي لمواجهة الأزمة»، التي صادقت عليها خلال دورتها العاشرة، المنعقدة في 13 أبريل الماضي. الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء، تعرفون، جيدا، مجريات هذا «المسلسل»، الذي طال أكثر من اللازم، والذي نتمنى أن تكون قد حلت، أخيرا، حلقته الأخيرة: فقد خيمت، منذ مدة، على الأوضاع العامة في بلادنا حالة من الانتظارية لم يعد المغرب قادرا على تحمل انعكاساتها السلبية على الاقتصاد الوطني، وتأثيراتها السيئة على الأوضاع الاجتماعية لجماهير شعبنا، ولم يعد بوسعه أن يستمر في إبقاء الحابل على الغارب أمام ما ينجم عن حالة الانتظارية هذه من تعطيل لمسار الإصلاح، وتفويت لفرص التقدم، ومخاطر تكريس الصورة السلبية السائدة عن العمل السياسي والحزبي، والانتقاص من مصداقية بلادنا في علاقاتها بشركائها الدوليين. ولذلك، عندما تم الإعلان عن قبول استقالات خمسة من وزراء حزب الاستقلال الستة، وبدأت مشاورات رئيس الحكومة المتعلقة بتشكيل أغلبية جديدة، سجلنا بإيجابية البدء في هذه المشاورات، ليس لأننا مغتبطون لانسحاب حزب الاستقلال من الحكومة أو لكوننا مبتهجين لفك الارتباط الحكومي مع الوزراء الاستقلاليين الخمسة، أبدا. فنحن، باعتبارنا أوفياء لتاريخنا القريب والبعيد ولمسار تحالفاتنا الاستراتيجية الصادقة، نراعي العلاقات النضالية والأخوية التي جمعت حزبينا على امتداد عقود، ونعتز بالوشائج الإنسانية الطيبة وعلاقات العمل المنسجمة التي جمعتنا مع الوزراء المعنيين، الذين كم كنا نود أن نستكمل معهم المشوار ونواصل مع حزبهم مسار الإصلاح من داخل الحكومة، وبالتالي لا يمكننا إلا أن نتأسف لخروج حزب الاستقلال من هذه التجربة المشتركة، وفي الآن ذاته لا يمكن إلا أن نتجاوب مع ضرورة تجاوز وضعية الانتظارية الراهنة في أقرب وقت. لقد دقت ساعة الحسم. وحزبنا، الذي يخلد هذا العام ذكرى 70 سنة من الكفاح الشاق المرير، والنضال الصادق الدؤوب، دفاعا عن قضايا الوطن والشعب، سيظل منخرطا، بقوة، في أفق تحقيق الجيل الجديد من الإصلاحات الجذرية الذي لابد وأن تتجه بلادنا صوبه، ثابتا، كعهده، على المبادئ، حريصا، أشد ما يكون الحرص، على استقلالية قراره، مستعدا، تمام الاستعداد، لكل الاحتمالات، بما فيها الانتخابات السابقة لأوانها، ومنتصرا، دوما وأبدا، للمصلحة العليا للبلاد، التي تمثل المحدد الأساس لما سيتخذه الحزب من مواقف ويختاره من مواقع، خدمة للمشروع الرائد الذي يعتز بحمله، مشروع بناء مغرب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم. دستوريا، هناك احتمالان إثنان لا ثالث لهما: تشكيل أغلبية حكومية جديدة أو تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، قد تعيد، إن لم يكن من المرجح، إنتاج نفس الخريطة السياسية. وحزبنا، الذي يعمل على أساس أن المرحلة الحالية من تطور مسار الإصلاح في بلادنا تعرف تناقضا أساسيا بين دعاة الديموقراطية واستقلالية القرار الحزبي وبين من يسعون إلى الاستحواذ على المشهد السياسي وتدبيره بالتحكم عن بعد، مستعد (حزبنا)، فعلا، لكلا الاحتمالين، وإن كان يرى أن التعامل الرصين، في هذا المجال، يستوجب الحرص على تجاوز الأزمة الحكومية بأقل تكلفة، وبما يؤمن الحفاظ على استقرار البلاد، ويضمن استمرارية نهج الإصلاحات، ويتيح تسريع عملية التفعيل الأسلم لمضامين الدستور الجديد. حتى الآن، من المبكر التكهن بمآل المشاورات الجارية، التي يقودها رئيس الحكومة، ونتابعها أولا بأول، من موقع ما تبقى من التحالف الحكومي القائم. ونحن نتمنى أن تفضي هذه المشاورات إلى حل مناسب يغني عن إجراء انتخابات سابقة لأوانها، ولن يكون هناك مناص من خوضها، إن لم تسفر المشاورات عن توافق يتوفر على حد أدنى من الشروط المقبولة. وستكون لنا في تشكيل الحكومة المقبلة، إن هي تشكلت، كلام واضح صريح، إن على مستوى هيكلتها وتوجهاتها الأساسية، أو بصدد موقف الحزب منها أو موقعه فيها. فبالنسبة لحزبنا، سنتعاطى مع هذا الأمر على أساس المقومات التي انبنى عليها قرار المشاركة في التجربة الحكومية المنبثقة من انتخابات 25 نونبر2011 التشريعية. وبالإضافة إلى كل هذه الاعتبارات، سنجتهد كذلك من أجل ضمان تمثيلية منصفة للنساء في تركيبة الحكومة المرتقبة، إن حصل وأفضت المشاورات الجارية إلى تشكيلها. وسيواصل الحزب، بثبات وإصرار، التصدي لكل محاولات التحكم في المشهدين السياسي والحزبي، وما تحمله من مخاطر تحريف مسار الإصلاح عن وجهته الصحيحة، التي اختارها الشعب، كما سيظل حزبنا على أتم تعبئة، ومهما كان الثمن، لمجابهة ما يستهدفه من مؤامرات وخطط ممنهجة ترمي، عبثا، إلى النيل منه، وتحاول، يائسة، إضعافه، وتتغيا، من غير توفيق، التشويش على مواقفه. وفي هذا الصدد، وعلاقة بما حصل، مؤخرا، في إطار تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، حيث تراجع الفريقان التابعان لحزبي الاستقلال والحركة الشعبية، في آخر لحظة، عن التزامهما المكتوب والموقع القاضي بعدم مراجعة المواضيع التي حصل بشأنها توافق، وضمنها مسألة تخفيض العتبة المطلوبة لتشكيل فريق نيابي من 20 إلى 18، بعد أن كنا قد اقترحنا تحديد هذه العتبة في 15 .. قلت: علاقة بما حصل لا نملك إلا أن نعرب عن أسفنا الشديد لهذا السلوك المتملص، الذي لم يكن له من مبرر إلا إذا كانت وراءه أهداف مبيتة، وخلفه تدخلات تحكمت في تغيير الموقف لأغراض ليست حتى سياسية، لأن السياسة أخلاق والتزام، وإنما هي أغراض سياسوية ضيقة. ونحن عندما نثير هذه المسألة، لا ننطلق من حالة حزبنا، ولا نطلب من أحد أن يشرع على مقاسنا، أو أن يتبرع علينا بالعطف والشفقة، كما ادعى البعض، سامحه الله. ففريقنا النيابي، وخلافا لما يتم ترويجه عن جهل أو عن سبق إصرار وترصد ورغبة دفينة في التغليط، لا يزال قائما وسيظل كذلك، وذلك بمقتضى حكم صادر عن المحكمة الدستورية وغير قابل للطعن، وضدا على انتشاء من يبدو أنهم يبتهجون لمجرد تخيلهم لاحتمال أن يتحول فريقنا إلى مجموعة عمل، فيفقد صفة فريق، وبالتالي رئاسة لجنة التعليم والثقافة والاتصال وتمثيلية في مكتب مجلس النواب. إننا نثير الموضوع فقط من مضمونه الحقيقي، وبما يتطلبه الأمر من «منسوب عال من الصرامة والجدية والمسؤولية»، أي من زاوية التحذير من مخاطر المس بالتعددية السياسية والفكرية التي تعد مكسبا ديموقراطيا ثمينا، ناضلت من أجله القوى الحية بالبلاد، على مدى عقود، ومن بينها حزب التقدم والاشتراكية، وهو مكسب معمول به في برلمانات الدول المتقدمة والعريقة في الديموقراطية، التي تلجأ، للحفاظ على هذا المكسب، إلى تخفيض العتبة المطلوبة لتشكيل الفرق النيابة. وعلى سبيل المثال، والاستئناس أيضا، والتأمل كذلك، فإن العتبة المطلوبة لتشكيل الفرق السياسية Les groupes politiques في الجمعية الوطنية الفرنسية l'Assemblée nationale، المتكونة من 577 نائبة ونائب (مقابل 395 في مجلس النواب المغربي) قد تم تقليصها من 20 إلى 15، بموجب تعديل أدخل على التنظيم الداخلي للجمعية في 27 ماي 2009، وذلك بعد أن كانت هذه العتبة محددة، خلال ولاية سابقة، في 30. وهكذا فإن الجمعية الوطنية الفرنسية تضم، حاليا، حسب معطيات رسمية مثبتة في موقعها الإلكتروني، ستة فرق سياسية من بينها ثلاثة فرق تتكون، على التوالي، من 17 عضوا (وهو ما يمثل 2,9 في المائة من مجموع أعضاء الجمعية )، و16 عضوا ( 2,8 في المائة)، ثم 15 عضوا ( 2,6 في المائة). وعلى أي، نقول لكل من يسعى إلى تقزيم دور حزب التقدم والاشتراكية داخل القبة البرلمانية، إن نضال حزبنا على هذه الواجهة، والذي أسس له، في ظروف عسيرة، الرعيل الأول من المناضلين الشرفاء، وفي مقدمتهم الأمين العام الأسبق، الرفيق علي يعته رحمه الله، الذي كان (لوحده) نائبا بدرجة فريق وأكثر، قبل أن يلتحق به الأمين العام السابق رئيس مجلس رئاسة الحزب حاليا، الرفيق مولاي اسماعيل العلوي، ليشكلا، معا، قوة ثنائية ضاربة Tandem de Choc، ويضرب بها المثل كقدوة للعمل البرلماني الجاد والمجدي، الخلاق والمتخلق. إن نضال حزبنا على الواجهة البرلمانية نضال راسخ الجذور ومورق الأغصان، نضال صلب لا يلين ولن تنال منه محاولات التضييق والإضعاف والإقصاء، كما لم تنل من حزبنا محاولات أقسى وأشرس على عهد الاستعمار، و في بداية الاستقلال وبعدها، وللأسف حتى على أيدي ذوي القربى ممن ظلمهم أشد مضاضة على المرء من الحسام المهند. إنه نضال مستمر، وسيتواصل على أيدي الأجيال الجديدة من المناضلات والمناضلين، الذين تربوا في مدرسة الوطنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مدرسة حزب التقدم والاشتراكية، الوفي دوما للمصلحة العليا للوطن والشعب. الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء، في ضوء ما تقدم، واعتبارا للطابع المتسارع الذي يمكن أن تتخذه تطورات المشهد السياسي في البلاد، بارتباط مع المشاورات الجارية بهدف تشكيل أغلبية جديدة، وحتى يتأتى لنا التفاعل مع ذلك على النحو الأمثل وفي الوقت المناسب، يقترح عليكم الديوان السياسي منحه التفويض اللازم لتدبير الموضوع وفق المقومات والمحددات التي تم عرضها عليكم، والتي كانت أساسا لاتخاذ قرار المشاركة في الحكومة الحالية، مع التأكيد على التزام الديوان السياسي، كما يقضي بذلك القانون الأساسي للحزب، بالتحرك في النطاق والتوجه المتفق عليهما داخل اللجنة المركزية. لكم واسع النظر، وشكرا على حسن الانتباه.