أعلن بيان للديوان الملكي، أن جلالة الملك قبل الاستقالات التي كان تقدم بها وزراء ينتمون إلى حزب الاستقلال، وطلب منهم مواصلة تصريف الأعمال الجارية إلى غاية تعيين الوزراء المكلفين بالقطاعات الوزارية المعنية، وبالتالي تمكين رئيس الحكومة من البدء في مشاوراته بهدف تشكيل أغلبية جديدة. مرة ثانية يحيل القرار الملكي على احترام كبير للمؤسسات، وعلى حرص قوي لتقوية مسار الإصلاحات في البلاد، وتعزيز الاستقرار المؤسساتي بها. لقد سجل كل المتابعين لشأننا السياسي الوطني، خصوصا بعد الجدل الذي أثاره قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة الحالية، حرص جلالة الملك على عدم التدخل في نزاع بين حزبين، ولم يتم اللجوء إلى مقتضيات الفصل 42 من الدستور، وكان ذلك إشارة ملكية واضحة حول ضرورة التشبث بأحكام الدستور الجديد، وبما أسسه من أفق ديمقراطي يختلف عن الزمن السياسي والمؤسساتي السابق. ويأتي القرار الملكي الحالي ليكرس الاتجاه نفسه، أي أن الأحزاب تتحمل مسؤوليتها كاملة في تحالفاتها واصطفافاتها، وأيضا في انسحابها من هذا التحالف أو ذاك، وذلك في استقلالية تامة، بلا توجيه أو تحكم أو(أضواء)خضراء أو غيرها. وفي الإطار ذاته، فقد جاء القرار الملكي منصتا لمميزات الظرفية الحالية في البلاد، ومستحضرا لباقي السياقات المحيطة، فلم يذهب لا في اتجاه حل البرلمان، ولا الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، وإنما حث على (تمكين رئيس الحكومة من البدء في مشاوراته بهدف تشكيل أغلبية جديدة)، وهو ما تزامن بالذات مع الانطلاق الفعلي لهذه المشاورات التي ستشمل مختلف الأحزاب الممثلة في البرلمان. وبقدر ما أن بيان الديوان الملكي يفيد ممارسة جلالة الملك لصلاحيات دستورية طبيعية وعادية وواضحة في مثل هذه الحالات، وليس ضروريا أن تحيل على أي فهم مباشر بالانتصار لخيار هذا الطرف أو ذاك، فان روح الكلمات ومنطوقها، ودلالات التوقيت والسياق، كلها تشير إلى توجيه ملكي قوي بأهمية استحضار مصلحة البلاد، والحرص على استقرارها المؤسساتي والسياسي العام. الموقف الملكي لا يخلو إذن من درس على كامل الطبقة السياسية أن تحسن استيعابه اليوم، ويتعلق بضرورة الارتقاء بمنظومتنا السياسية والمؤسساتية وبالعلاقات الممتدة داخلها وحواليها إلى مستوى أكبر من النضج والمسؤولية وبعد النظر، وذلك بما يقوي مسارات الإصلاح والتحديث في بلادنا، ويساهم في إخراجها من واقع الانتظارية الذي لم يعد مقبولا. إن المطلوب اليوم هو المساهمة الجماعية في إنجاح مشاورات الخروج من المنغلق، وذلك خدمة لمصلحة البلاد، وبالتالي تمكين بلادنا من تشكيل أغلبية جديدة واستكمال كل المقتضيات ذات الصلة بذلك، من أجل الانكباب العاجل على أوراش التنمية، وعلى كل التحديات المطروحة اليوم على بلادنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته