السفياني نائبا ثانيا لرئيس مجموعة الجماعات الترابية طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع    الجزائر.. محامي صنصال يعلن مثوله أمام وكيل الجمهورية اليوم الإثنين    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر        العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة        لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    الأمن الإقليمي بسلا… توقيف شخصين للاشتباه في تورطهما في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    نقابة: مشروع قانون الإضراب تضييق خطير على الحريات وتقييد للحقوق النقابية    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    جمعية تنتقد استمرار هدر الزمن التشريعي والسياسي اتجاه مختلف قضايا المرأة بالمغرب        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    المحكمة تقرر تأخير محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد وتأمر باستدعاء الشاهد خمار الحديوي (صور)    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    "الكونفدرالية" تتهم الحكومة ب"التملص" من التزاماتها بعد تأخر جولة شتنبر للحوار الاجتماعي    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    مخاض ‬في ‬قطاع ‬الصحة..‬    الاشتراكي الموحد يرحب بقرار اعتقال نتنياهو ويصفه ب"المنصف لدماء الشهداء"    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير الأمين العام أمام الدورة الثامنة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية
نشر في بيان اليوم يوم 06 - 03 - 2012


‬‬الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء،
خلال الدورة السابعة للجنة المركزية لحزبنا، المنعقدة بسلا في 10 دجنبر 2011، والتي توجت أشغالها بالمصادقة على مبدأ المشاركة في الحكومة المنبثقة عن نتائج انتخابات مجلس النواب ليوم 25 نونبر 2011، كنا قد التزمنا بأن نخصص الدورة الثامنة للجنة المركزية للقيام بتعميق التحليل وتقييم أداء الحزب، سياسيا وتنظيميا، في ضوء النتائج المسجلة، والوقوف على مختلف النقاط الإيجابية وكذلك النواقص، من أجل استخلاص الدروس لتصحيح المسار، وتوفير عوامل النجاح في المعارك السياسية القادمة .‬
وبالفعل، فإن جدول أعمال الدورة الحالية ينصب على هذا الموضوع، الذي شكل خلال الدورة السابقة، محور قراءة أولية للانتخابات التشريعية الأخيرة، من حيث الأجواء العامة، ونسبة المشاركة، وما أفرزته من نتائج، وآفاق المستقبل، إضافة إلى تقييم أولي لأداء الحزب في هذه المعركة الانتخابية، حيث تم استعراض أبرز الخلاصات السياسية لهذا الاستحقاق الانتخابي، الذي خضنا غماره برمز «‬الكتاب»‬، وتحت شعار «‬الكرامة الآن»‬، عبر تقديم 88 لائحة محلية، أي بنسبة تغطية بلغت 95,‬65 في المائة، فضلا عن اللائحة الوطنية، التي تم انتخاب تشكيلتها في الدورة السادسة للجنة المركزية.
لكن، لا بأس من أن نفرد الجزء الأول من هذا التقرير لاستعراض أهم ما حصل حتى الآن منذ مصادقة اللجنة المركزية على مبدأ المشاركة في الحكومة الحالية.‬
وفي هذا الاتجاه، يجدر، أولا، أن نذكر بالالتزامات التي أخذناها على عاتقنا، لتصريف هذا الموقف، حيث حرصت اللجنة المركزية للحزب، كما تعلمون، وعلى نحو ما هو مثبت في مقررها الصادر في ختام دورتها السابعة، على أن تربط تجاوبها المبدئي والإيجابي مع الدعوة الموجهة لحزبنا قصد المشاركة في الحكومة الراهنة التي كانت قيد التشكل، بضرورة أن يتحقق ذلك على أساس برنامج حكومي تعاقدي بين مكونات الأغلبية، تتم صياغته بشكل تشاركي، ويضمن، بالأساس، مواصلة بناء مشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي، القائم على العدالة الاجتماعية والمساواة، وعلى تعزيز الحريات الفردية والجماعية وتعزيز حقوق المرأة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والثقافية والبيئية، وغيرها من الثوابت الكبرى التي ينبني عليها المشروع المجتمعي الذي طالما ناضل حزبنا، إلى جانب قوى ديمقراطية أخرى، من أجله، وبذل في سبيله تضحيات جسام.
كما شددت اللجنة المركزية على ضرورة أن يكون إسهام حزبنا في خوض التجربة الحكومية الجديدة على أساس مشاركة وازنة، تضمن للحزب، عدديا ونوعيا، قدرة التأثير الفعلي على مضامين وتوجهات هذه التجربة، بما يتجاوب مع تطلعات الشعب المغربي، ومع المطالب الإصلاحية المعبر عنها خلال الحراك الاجتماعي الواسع الذي شهدته بلادنا، والذي تستمر بعض تجلياته حتى الآن .
ومن هذه المنطلقات بالذات خضنا المفاوضات. وكان أول ما توفقنا في انجازه الاتفاق على ميثاق الأغلبية الحكومية، الذي حظي حزبنا بشرف إعداد مشروعه، والذي تم توقيعه يوم الجمعة 16 دجنبر 2011، وذلك باعتباره وثيقة تعاقدية ومرجعا للعمل المشترك للأحزاب الأربعة المشكلة لهذه الأغلبية ( أحزاب العدالة والتنمية، الاستقلال، الحركة الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية)‬، وأساسا لالتزامها الواضح أمام المواطنات والمواطنين.
ويقوم هذا الميثاق، كما تعلمون، على أربعة مرتكزات تتمثل في التشارك في العمل، والفعالية في الإنجاز، والشفافية في التدبير، والتضامن في المسؤولية، وذلك في سياق العمل على تفعيل مقتضيات الدستور الجديد في اتجاه تحقيق مزيد من الإصلاحات وبناء الدولة الديمقراطية، دولة القانون والحرية والمواطنة والعدالة والتعاضد والتضامن بين كافة فئات الشعب وجهات الوطن لتحقيق مزيد من التقدم والتنمية.‬
وجاء هذا الميثاق، كما لا شك لاحظتم في حينه، متجاوبا، في مجمل مضامينه، مع تطلعاتنا، ومطمئنا، من حيث تأكيده على أنه لا مجال للتخوف بشأن بعض القضايا الأساسية المتعلقة بالمرجعيات ، من قبيل الممارسة الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية.‬
فقد وضع ضمن أهدافه، على سبيل المثال لا الحصر، العمل على تعزيز المد الإصلاحي الذي أتى به الدستور الجديد والمتعلق بفصل السلط والتوازن بينها، وإقرار استقلال السلطة القضائية، وتعزيز منظومة الحريات والحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية والبيئية، وبناء صرح الجهوية المتقدمة وإعمال كافة أدوات وآليات الحكامة الجيدة، وكذا تعزيز الاختيار الديمقراطي، بما يقتضيه من توسيع مجال الحريات والمشاركة المواطنة، وتشجيع روح المبادرة، ودعم آليات تكافؤ الفرص والمساواة داخل المجتمع، وتعزيز دور المرأة في أفق المناصفة، والنهوض بمشاركة الشباب وتقوية اندماجه في الحياة المؤسساتية، والانفتاح على الإعلام ودعم شروط الحرية والمسؤولية والإبداع.‬
وموازاة مع الاتفاق على هذا الميثاق، تم تشكيل لجنة مشتركة من مكونات الأغلبية الحكومية، ضمت ممثلين اثنين عن كل حزب، لإعداد برنامج مشترك شكل أرضية اشتغال الحكومة الجديدة لوضع برنامجها، قبل عرضه على البرلمان الذي صادق عليه بأغلبية واسعة.‬
وفي هذا الصدد، وجب التنويه بالجهد الكبير والعمل المتميز والأداء الرفيع، داخل هذه اللجنة، للرفيقين عبد السلام الصديقي وعبد الأحد الفاسي، عضوي المكتب السياسي للحزب، اللذين والعبرة بالخواتم كما يشهد على ذلك محتوى البرنامج المنبثق عن اللجنة كانا، بحق، رجلين مناسبين في المكان المناسب، حيث أديا مهمتهما أحسن أداء.
إن هذا البرنامج الطموح، الذي يحدد بوضوح الأهداف المتوخاة من هذه التجربة الحكومية، في نطاق الالتزام بتفعيل المضامين المتقدمة للدستور، واستنادا إلى ثلاثة مرتكزات تتعلق بالعمل المندمج والمقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة، برنامج يكتسي طابعا تقدميا من حيث تضمنه إشارات قوية تستجيب لانتظارات جوهرية للمواطنات والمواطنين على الصعيد الاجتماعي، ولتطلعاتهم الاقتصادية والثقافية الملحة، من خلال المرتكزات الثلاث التي تضمنها.‬
ويتوخى البرنامج الحكومي، من بين ما يتوخاه، ربح جملة من الرهانات ومواجهة عدد من التحديات لعل أبرزها ورش القضاء على الفساد والرشوة ومظاهر الريع، وذلك من خلال ولوج طور جديد في نظام الحكامة الجيدة، وإرساء سلوك قائم على الشفافية وتحديد المسؤوليات وسيادة القانون، وتثمين الموارد البشرية، والصرامة في ربط المسؤولية بالمحاسبة.‬
وإلى جانب هذا وذاك، تمكن حزبنا، كما التزمنا أمامكم بذلك، من ضمان حضور وازن داخل الحكومة الجديدة، إذ استطاع أن يحصل، للمرة الأولى في تاريخه، وبعد مفاوضات لم تكن يسيرة، على أربع حقائب وزارية وازنة، تهم قطاعات اجتماعية حيوية، هي التشغيل والتكوين المهني، والصحة، والسكنى والتعمير وسياسة المدينة، فضلا عن قطاع الثقافة الذي يتبوأ مكانة متميزة في تصور حزبنا لأسس بناء مجتمع ديمقراطي حداثي.
وكانت أجواء الاشتغال على إعداد هذا البرنامج، واتساع دائرة تلاقي وجهات النظر حول قضايا متعددة، مؤشرا إيجابيا على مدى الانسجام الكبير السائد بين مكونات الأغلبية في الأمور الأساسية، والذي وجد امتدادا له داخل الحكومة، بالرغم من أن عمل هذه الأخيرة انطلق في ظرفية صعبة، وبالرغم من بعض المحاولات الهادفة إلى وضع العصا في العجلة حتى قبل إشارة الانطلاق، وأعني هنا، بالخصوص، الظروف المتسمة بما حصل أساسا داخل البرلمان، من إثارة لبعض المواضيع تحت غطاء دستوري، بما في ذلك ما يتصل بتشكيل فريق للحزب، والحال أنه في كل القضايا التي أثيرت ، قال المجلس الدستوري كلمته الفاصلة في اتجاه ينصف الأغلبية البرلمانية والحكومة وحزب التقدم والاشتراكية.‬
ونغتنم هنا المناسبة، لنهنئ، مجددا، الرفيق النائب رشيد روكبان، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ووكيل لائحة الشباب للحزب برسم الانتخابات التشريعية الأخيرة، على انتخابه رئيسا لفريق التقدم الديمقراطي، المشكل من حزبنا وجبهة القوى الديمقراطية وحزب الوحدة والديمقراطية، والذي يتكون من عشرين (‬20) نائبة و نائبا، ضمنهم أربع سيدات و 6 شباب أقل من أربعين سنة.‬
التهنئة موصولة، مجددا أيضا، لعضوي المكتب السياسي لحزبنا، الرفيقتين شرفات أفيلال، وكجمولة أبي، اللتين انتخبتا، على التوالي، نائبة لرئيس مجلس النواب، ورئيسة لإحدى أهم اللجان النيابية الدائمة، وهي لجنة التعليم والثقافة والاتصال.
المناسبة مواتية، كذلك، للتنويه بالدينامية التي أبان عنها هذا الفريق، الذي تعرض منذ تشكيله لحملة مناوئة من جهات استهدفت التشويش على العمل الذي يقوم به، و التأثير سلبا على الحضور السياسي القوي الذي بدأ يراكمه، في محاولة يائسة وبئيسة لمواصلة الحملة الشعواء التي تم شنها على حزب التقدم والاشتراكية قبل الانتخابات وخلالها وبعدها.‬
وفي هذا الصدد، نسجل بارتياح قرار المجلس الدستوري الذي يصب في صالح فريق التقدم الديمقراطي، سواء عندما قضى بعدم الاختصاص، ردا على عريضة الطعن التي تقدم بها رئيس أحد الفرق النيابة، الذي « وهب» لنا، من حيث لا يقصد، فرصة ثمينة للتعريف أكثر بفريقنا، أو عندما قضى بعدم قبول طلب رئيس إحدى المجموعات النيابية التصريح، على أساس إدعاء باطل، بشغور المقعد الذي يشغله أحد نواب فريقنا، بموجب إرادة « شعبية».
وموازاة لهذه الايجابيات المتراكمة، هناك أمر أخفقنا، للأسف الشديد، في تحقيقه، بالرغم من المساعي المبذولة. ويتعلق الأمر بالمشاركة النسائية في هذه الحكومة، حيث اقترحنا رفيقات ضمن الأسماء المقدمة في هذا الإطار، لكن لدى التوزيع النهائي للمسؤوليات، لم تتوفر الشروط لاستوزار رفيقة، أو أكثر، من الرفيقات المقترحات، وكان أن أصبحت مسألة التمثيلية غير المنصفة للنساء في تشكيلة الحكومة الجديدة، نقطة سوداء في سجلها، وغصة في حلق كل غيور على مقاربة النوع، وخطأ ينبغي ليس فحسب الاعتراف به، بل وأخذ العبرة منه، والعمل، في أقرب الآجال، أي متى تهيأت المناسبة ونضجت الظروف، من أجل تداركه، على شتى المستويات.‬
ولعل خير مثال يحتذى به في مجال إعمال الحزب لمقاربة النوع، يتمثل في مبادرته، على صعيد مجلس النواب، إلى توصية الرفيقات والرفاق أعضاء المجلس، وفريق التقدم الديمقراطي، على أن يتم الحرص على تخصيص منصبين من المناصب الهامة التي أسندت إلى الفريق لنائبتين مرموقتين، على نحو ما أسلفت.‬
أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
والآن مطروح موضوع القانون المالي، الذي ورثت الحكومة الجديدة مشروعه عن سابقتها، بعد أن كان قد تم عرضه على البرلمان مرة أولى في أكتوبر الماضي، ثم جرى سحبه قبل أن يعاد عرضه للمرة الثانية، ويتقرر، في نهاية المطاف، ترك أمر المصادقة على صيغته النهائية، بعد التعديلات الضرورية، للحكومة الحالية، خلال الدورة البرلمانية الاستثنائية.
ويأتي هذا القانون في سياق أوضاع اقتصادية عالمية صعبة، خاصة عند شركائنا الأساسيين في أوروبا، وفي ظل أوضاع مالية واقتصادية داخلية تبين أنها أسوأ مما كان متوقعا أن تجده الحكومة الجديدة، وما يتأكد اليوم ، أكثر فأكثر، من حالة جفاف مقبلة بآثارها السلبية والوخيمة. وهذا ما يجعلنا ندعو الحكومة، بإلحاح، إلى تحضير الظروف والشروط اللازمة لتوفير مقاربة استباقية، من أجل الاهتمام بالفئات المتضررة مباشرة، وتخفيف الأعباء عن الفلاحين الصغار وسكان القرى عموما.
ومع أن موعد انطلاق العمل الفعلي للحكومة، في ظل السياق المعروف لمسار هيكلتها وتشكيلها وصياغة برنامجها وإتمام عملية تنصيبها، لم يمض عليه الوقت اللازم لتقييم مجمل نشاطها، فإن هناك ما يكفي من المسوغات للتنويه بما أعطته الحكومة من إشارات أولية دالة، وأبدته من استعداد قوي للتحرك في شتى المجالات، الخارجية والداخلية.‬
وذلك في اتجاه الاستجابة للمطالب المعبر عنها في شأن محاربة الفساد والرشوة، وتحسين أسلوب الحكامة، رغم ما تمر به البلاد من ظروف صعبة تتميز ببعض الحركات الاحتجاجية المعبرة عن مطالب مشروعة، والتي تلجأ أحيانا إلى أساليب تتجاوز نطاق القانون، وتطرح مسألة مدى الحرص على ممارسة حرية الرأي والتعبير في إطار المعايير الديمقراطية، من قبل الجميع، دولة ومجتمعا، وحركات احتجاجية، فردية كانت أم جماعية.
ونود التنبيه هنا إلى أن محاربة الفساد ومكافحة الرشوة واستئصال مظاهر الريع، قضايا لا تعالج بخرجات منفردة، من هنا وهناك، وإنما في إطار التصور الشمولي للحكومة بكاملها، في نطاق الالتزام بالبرنامج الحكومي ومحتوياته كافة.‬
كما أن مصلحة وفعالية العمل الحكومي تقتضيان الحرص الشديد على التقيد بالالتزامات المشتركة الواردة في التصريح الحكومي، والتي ينبغي تركيز الجهود على الوفاء بها، وكم هي مسؤولية جسيمة وأمانة ثقيلة، بحيث يكفينا أن نكون في مستوى تحملهما، دون الخوض في قضايا هامشية، قد يكون لها وقع إعلامي لكنها لن تفيد في شيء عمل الحكومة.
وإلى ذلك، بدأت تثار في المجتمع، هنا وهناك، أمور تقرن أحيانا بتحركات قد تطرح تساؤلات عن مغزاها، والواقفين الفعليين وراءها، وتكون بالتالي مبعث عدم ارتياح، بل وحتى تشكيك في ما إذا لم يكن الغرض منها التمهيد للإقدام على أمر ما يعاكس المنحى الايجابي لتطور البلاد.‬
إننا ما زلنا في بداية المشوار. ونحن جميعا ، أغلبية ومعارضة، في نطاق الاحترام المتبادل. وبالنظر لكل ذلك، نؤكد على أننا مطالبون بالاحتكام إلى معايير ومرجعيات توحدنا، وفي مقدمتها الدستور وخياراتنا الوطنية الكبرى، الرامية إلى إصلاح أوضاع البلاد، في العمق، وإقامة مجتمع الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاستقرار والحداثة، مما يتنافى، بطبيعة الحال، مع أي شكل من أشكال النزوع نحو المقاربات السطحية، لأن قضايا المغرب ومشاكله عميقة جدا، ولا يمكن معالجتها بمجرد تصريحات فردية متسرعة، بل هي تستلزم الاستمرار في التشاور والتوافق لإنجاح تجربة نؤمن بها.‬
وأود هنا، من موقع المسؤولية السياسية والحكومية، التأكيد على أننا سنحرص على أن تظل الحكومة محتفظة بالتوجه الذي أعلنته رسميا، ونالت على أساسه ثقة البرلمان، عبر أغلبيته الواسعة المنبثقة من صناديق الاقتراع، توجه الانفتاح الواعي على الحداثة والتقدم، والتفعيل الأمثل لمضامين الدستور الجديد من خلال تأويلها تأويلا ديمقراطيا.‬
‬الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء،
إن هذه التجربة الحكومية لا تزال في مهدها، وقد تشوبها اضطرابات البداية، وبالتالي يتعين على حزبنا أن يتحمل مسؤوليته في إنجاحها بأن يكون حاضرا فيها بقوة، من خلال أداء دوره كاملا في توجيهها لكي تصل إلى النتائج المرجوة منها. وهذا يتطلب منا كذلك توفر درجة كبيرة من الانسجام في الصفوف الحزبية ، دعما منا لمسيرة الإصلاح، وإسهاما في إنجاح العمل الحكومي، لاسيما عبر دعم الرفاق الوزراء في قطاعات وزارية يشهد الجميع بالإنتظارات القوية السائدة في المجتمع، والمرتبطة بمجالات اشتغال هذه الوزارات.
صحيح أن قوة الانتظارات هذه تجعل حزبنا يواجه تحديا أكبر مما لو كان يتحمل مسؤولية قطاعات أخرى قد لا تقل أهمية لكنها لا تكتسي طابعا اجتماعيا، وبالتالي ليست أمام مطالب آنية وملحاحة، ولا تخضع لضغوطات الحياة اليومية. لكن، في المقابل، فإن مشاركتنا الحالية توفر لحزبنا ، الذي لا يهاب الصعاب وليس من عادته أن يختار الحلول السهلة إن كان فيها تهرب من المسؤولية، إمكانية تقديم خدمات ملموسة لشعبنا، خاصة في قطاعات السكن والصحة والتشغيل والتكوين المهني والثقافة.‬
وستكون لنا الفرصة، لاحقا، سواء أمام اللجنة المركزية بكامل أعضائها، أو أمام اللجان المختصة، لعرض أهم التوجهات التي على أساسها سيشتغل رفاقنا في هذه القطاعات ، علما بأن كلا من الرفاق الوزراء شكل من حوله فريق عمل يضم عددا من الطاقات الحزبية، من داخل اللجنة المركزية وخارجها، ليكون بمثابة خزان أفكار، وقوة اقتراحية، ومصدر توجيه، على غرار المجموعات المعروفة، اختصارا، باسم Think Tanks.‬
وفي هذا الصدد، سعينا كذلك إلى أن نفتح باب الاشتغال في الدواوين الوزارية الأربعة أمام طاقات متنوعة، من جهات وأقاليم مختلفة. وبالطبع كان من الصعب، بالنظر للعدد المحدود جدا من الإمكانيات، أن نحتضن جميع الطلبات المعبر عنها، لاسيما وأن الأمر مرتبط، أساسا، بالحاجيات المحددة للوزراء، حسب طبيعة المهام المسندة، والأهداف المسطرة.‬
‬أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
لنعد الآن إلى الموضوع الرئيسي المتعلق بتقييم الأداء الحزبي في معركة انتخابات أعضاء مجلس النواب في 25 نونبر 2011، بدءا من عملية التحضير لها، وتحديدا منذ الشروع في وضع قوائم المرشحين في الدوائر المحلية ومسطرة انتخاب مرشحات ومرشحي اللائحة الوطنية.‬
تتذكرون أننا كنا قد أعلنا، خلال الدورة السادسة للجنة المركزية لحزبنا، المنعقدة بتاريخ 22 أكتوبر 2011، والتي تمحورت أشغالها حول « الوضعية السياسية في أفق الانتخابات التشريعية (...) والمصادقة على لوائح الترشيحات المقدمة لهذه الانتخابات»‬، أنه من أصل 92 دائرة، تمكنا، حتى ذلك اليوم، وباتفاق مع الفروع الإقليمية والمجالس الجهوية، من تغطية 80 دائرة، 6 منها كانت تعرف تعددا في الترشيحات.‬
وأكدنا في حينه على أنه تم اعتماد مسطرة ديمقراطية، حيث خضعت كل الترشيحات، طبقا لمقتضيات القانون الأساسي، للدراسة المتأنية في الفروع الإقليمية والمحلية، ثم خلال اجتماعات المجالس الجهوية، التي انعقدت في الفترة الممتدة من 13 إلى 16 أكتوبر 2011 ، قبل أن تحال على المكتب السياسي، الذي أنجز بشأنها توليفة عرضها على أنظار دورة اللجنة المركزية المذكورة للبت النهائي فيها، وذلك باعتبار هذه اللجنة أعلى سلطة تقريرية للحزب بعد المؤتمر الوطني، مع استثناء يتعلق ببعض الحالات التي كانت لا تزال موضع اختلافات، حيث اقترح المكتب السياسي على اللجنة المركزية أن تفوض له أمر معالجتها في غضون ما تبقى من الأجل الرسمي لتقديم الترشيحات، وهو ما أقرته بالفعل.‬
وعلى هذا الأساس بالذات واصلنا العمل، وتمكنا، بتنسيق مع الفروع الإقليمية المعنية، من تسوية بعض المشاكل في الدوائر التي كان فيها خلاف، بينما اضطر المكتب السياسي لأخذ زمام المبادرة، في الحالات القليلة جدا، التي تيقن بشأنها، أياما معدودة قبل انقضاء الأجل الرسمي لتقديم الترشيحات، من استحالة التوصل باقتراحات من الفروع الإقليمية ذات الصلة . وبذلك نكون قد توفقنا في تغطية مجموع الدوائر المحلية باستثناء أربع منها، وهي تزنيت، زاكورة، بوجدور، وأوسرد.‬
أما بالنسبة للائحة الوطنية للنساء ( 60) والشبان ( 30) أقل من 40 سنة، فقد أقرت اللجنة المركزية في دورتها السادسة معايير للترشح، وعلى أساسها تم الحسم في انتخاب المرشحات والمرشحين بواسطة الاقتراع السري، باعتباره الأسلوب الأنسب، الذي اعتمده حزبنا منذ مؤتمره الوطني، لدى انتخاب أمينه العام في إطار تعددية الترشح، وكذا عند انتخاب أعضاء المكتب السياسي.‬
وقد تميزت ترشيحات حزب التقدم والاشتراكية في هذه الانتخابات بجملة من المعطيات الدالة، فيما يخص اللوائح المحلية واللائحة الوطنية الخاصة بالنساء والشباب بالمعطيات التالية، التي يجدر تأملها و استخلاص العبر من معانيها‮ :‬
* الترشيحات حسب الجنس:‬
- من بين 381 مرشح، تم ترشيح 68 امرأة
- من بين وكلاء اللوائح المحلية في 88 دائرة، تم ترشيح 3 وكيلات لوائح
* الترشيحات حسب السن:‬
- من بين مجموع المرشحين، 20 في المائة لا يتجاوز سنهم 35 سنة
- 66% من المرشحين يتراوح سنهم ما بين 35 و 55 سنة
- 14% من المرشحين يفوق سنهم 55 سنة
* الترشيحات حسب المستوى الدراسي:‬
- 45% من المرشحين يتوفرون على تعليم عال
- 23% من المرشحين يتوفرون على تعليم ثانوي
- 20% من المرشحين يتوفرون على تعليم إعدادي
- 10% من المرشحين يتوفرون على تعليم ابتدائي
لقد انطلق حزبنا، في استعداده لخوض غمار هذه الاستحقاقات، من وعي كامل بأهميتها القصوى، بوصفها أول محطة عملية لتفعيل مضامين الدستور الجديد، الذي صادق عليه الشعب المغربي، بأغلبية واسعة، وفي سياق حراك مجتمعي وسياسي اندرج في إطار ما بات يعرف بالربيع العربي، أو بالأحرى الديمقراطي.‬
ومعنى ذلك، أن استعداد حزبنا، الذي وضع أمامه رهان الحصول على نتائج تبوؤه مكانة متقدمة في المشهد السياسي المغربي، كان في ظل دينامية الحملة الاستفتائية المتميزة التي خاضها في مختلف أرجاء البلاد، والتي تمكن بفضلها من التواصل مع فئات عريضة من المواطنات والمواطنين، عبر تنظيمه لعدد مهم من اللقاءات والتجمعات الجماهيرية، أطرتها، إلى جانب الأمين العام للحزب وأعضاء الديوان السياسي، نخبة من قيادات الحزب على امتداد التراب الوطني، وكانت حقا حملة متميزة، بشهادة المتتبعين والملاحظين الذين اعتبروها من أنشط الحملات، لاسيما وأنها كانت في مجملها ذات طابع تفاعلي، من خلال النقاشات المفتوحة، والتعبئة القوية التي أبان عنها مناضلات ومناضلو الحزب، وهيئاته الوطنية والإقليمية والمحلية، ومنظماته وقطاعاته الموازية، مما أتاح له تفسير مواقفه على نطاق أوسع، وفتح أمام إمكانية تمديد رقعة إشعاعه و نفوذه آفاق أرحب.
وهكذا، نظم الحزب حملة تواصلية شعارها « أبواب الحزب مفتوحة»‬، شملت مختلف الفروع الإقليمية، وذلك بغية التعريف به أكثر فأكثر، والعمل على تعزيز صفوفه من خلال استقطاب مزيد من المنخرطين والمتعاطفين الجدد.
وتزامنا مع ذلك، واكب الحزب، من خلال لجنة منبثقة من مكتبه السياسي، إضافة إلى أعضاء من اللجنة المركزية، مجمل القوانين المنظمة للانتخابات التشريعية، والتي تمت صياغتها وفق المقتضيات الجديدة التي جاء بها الدستور الجديد، حيث انصب الجهد على السعي من أجل جعل هذه الانتخابات محطة فعلية للتقدم، ومناسبة لإضفاء النجاعة والمصداقية على المؤسسات المنتخبة.
وتوزعت النصوص، التي ساهمنا فعليا في عملية إعدادها، من خلال المشاورات التمهيدية للأحزاب السياسية مع وزارة الداخلية، بين أربعة قوانين تنظيمية تتعلق بالأحزاب السياسية ومجلس النواب ومجلس المستشارين والجماعات الترابية، وثلاثة قوانين عادية همت تجديد اللوائح الانتخابية العامة وضبطها، واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية، وشروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات.‬
ويحق لنا أن نعتز بمساهمتنا في هذه المحطة التشريعية الهامة، وما تقدمنا به من تعديلات جوهرية، تم قبول الكثير منها. ونعتبر أن أداءنا في هذا الباب كان، حقيقة، متميزا وعميقا، وينسجم مع تحليلنا الجماعي للمحطات الانتخابية التي شهدتها البلاد منذ 2007 ، ولما عرفته من انحرافات أدت، بشكل رهيب، إلى تبخيس العمل السياسي.
‬أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
في ما يخص الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية، عاينتم في حينه كيف جند الحزب كل إمكانياته المادية، وحفز مختلف أطره، وجميع تنظيماته القاعدية ومنظماته الموازية، للعمل من أجل ربح رهان تحقيق نتائج متميزة بالقدر الذي يمنح الحزب مكانة لائقة ومتألقة.‬
وتميزت هذه الحملة، التي اجتهدنا لكي تكون، فعلا، حملة تواصلية عصرية، مبدعة وناجعة، بتمكن الحزب، على الصعيد الإعلامي، من تسجيل حضور لافت ومتعدد الأشكال، من خلال عشرات اللقاءات التلفزيونية والإذاعية، والاستجوابات مع الصحافة المكتوبة و الالكترونية، بمساهمة رفيقات ورفاق من القيادات الوطنية و المحلية، فضلا عن الحضور بكثافة وتميز في شبكات التواصل الاجتماعي، والاستثمار الجيد لموقع الحزب على شبكة الانترنيت.
أما على المستوى اللوجيستيكي والمادي، والتفاصيل سيطلعكم عليها، بعد حين، تقرير المسؤول عن الشؤون المالية، فقد وضع الحزب رهن إشارة كافة المرشحين إمكانيات مادية لمساعدتهم على تغطية مصاريف الحملة، مع تزويدهم بمختلف الدعامات الانتخابية التي خصصها الحزب لهذه الحملة، إضافة إلى المجهود الكبير الذي بذل على المستوى التعبوي، حيث حرص الحزب على أن ينظم، خلال فترة الحملة، مهرجانات خطابية ولقاءات جماهيرية في جل الدوائر الانتخابية، على امتداد التراب الوطني، أطرها الأمين العام للحزب وأعضاء في المكتب السياسي و من اللجنة المركزية للحزب. وموازاة لذلك، نظم الحزب مجموعة من الجولات التواصلية، في مختلف الجهات، بتأطير من مرشحات ومرشحي اللائحة الوطنية.
ولا يسعنا هنا إلا أن نجدد التعبير عن اعتزازنا الكبير بالحملة الانتخابية النظيفة، والأخلاق السياسية الرفيعة التي برهن عنها الرفيقات والرفاق وعموم المناضلات والمناضلين، ونحيي صمودهم في وجه العراقيل والاستعمال الكثيف للمال الحرام من قبل مفسدي الانتخابات وتجارها، وتصديهم لمناورات من كان يسعى، عبثا، إلى الهيمنة على المشهد السياسي، و حاول،يائسا، تقزيم حزبنا وتهميش دوره.‬
‬أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
إن أهم ما ميز الانتخابات التشريعية الأخيرة هو التقدم المهم الحاصل على صعيد نسبة المشاركة في التصويت، والبالغة 45 في المائة، وذلك في سياق جهوي ووطني بالغ التعقيد، يتميز بالقلق والحيرة والرفض، والنداءات الصريحة للمقاطعة في إطار جو الحرية والديمقراطية الذي تعيشه بلادنا.
وتميزت نتائج هذه الانتخابات باحتلال حزب العدالة والتنمية للصدارة، مما أفضى إلى تعيين أمينه العام رئيسا للحكومة الجديدة، ووقوع تداعيات حزبية وتفاعلات سياسية، شكلت محور أشغال الدورة السابعة للجنة المركزية لحزبنا، التي أقرت مبدأ المشاركة في التجربة الحكومية الراهنة.‬
أما النتائج الانتخابية المتعلقة بحزب التقدم والاشتراكية، التي سبق وحللناها في بعدها الوطني ونود اليوم قراءتها على مستوى العمالات والأقاليم، فقد مكنته من الحفاظ، عموما، على مواقعه، إذ استطاع، مقارنة مع انتخابات 2007، أن يتقدم من حيث عدد المقاعد، محصلا على 18 مقعدا من مجموع المقاعد التي يتألف منها مجلس النواب، والبالغ عددها 395 مقعدا، ضمنها 12 مقعدا عن الدوائر الانتخابية المحلية، و 6 مقاعد عن الدائرة الانتخابية الوطنية (‬4 مقاعد للنساء ومقعدان اثنان للشباب)‬، كما تقدم من حيث عدد الأصوات المحصل عليها ( 270 ألف صوت مقابل 240 ألف) ، وعلى مستوى النسبة العامة (%‬5.75 عوض 5.‬4% سنة 2007 ).‬
وهذا مع العلم أنه من أصل 10 نواب برلمانيين في الولاية التشريعية السابقة، لم يتمكن الحزب من تجديد الفوز إلا في ثلاث دوائر، هي تاونات تيسة، سيدي قاسم والرشيدية، مع الإشارة إلى أن برلمانيي الحزب استهدفوا في إطار مشروع كان يسعى إلى تقزيم الحزب على مستوى المؤسسات التمثيلية، وذلك إما عبر الدفع بترشيحات معينة من أجل تقليص فرص الحزب، أو بواسطة خلق نزاعات أو اللجوء إلى أساليب دنيئة أخرى .‬
وفي هذا الصدد، نتوجه بتحية إكبار لرفاقنا، ومن بينهم مرشحي حزبنا الذين قاموا بعمل جبار في أقاليم استطاع فيها حزبنا أن يحتل الصدارة، والذين نغتنم هذه المناسبة لتهنئتهم ولتثمين ما بذلوه من جهود رائعة توجت بنتائج جيدة.‬
كما نتوجه بتحية إكبار لرفاقنا البرلمانيين الذين تعذر عليهم الاحتفاظ بمقاعدهم، رغم ما بذلوه من جهود وأبانوا عنه من تفان وإخلاص، ونخص هنا بالذكر الرفاق الحسين بلكطو، ومولاي زغلول السعيدي، وحسن مبخوث، وعبد السلام البقالي ومحمد الحناوي ونور الدين الكرديع، ومحمد أوطالب.‬
وبقراءة نتائج الحزب المفصلة، والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات، نستنتج بالنسبة للفئة الأولى، وتهم الأقاليم أو العمالات التي حصل فيها الحزب على نسب أصوات تتراوح بين 7 في المائة و 20 في المائة، وعددها 26، أن الحزب لم يتمكن من الفوز إلا ب12 مقعدأ، كما أسلفنا، أي أن هناك 14 إقليما أو عمالة حصل فيها الحزب على عدد هام من الأصوات، لكن دون الفوز بمقعد. وهذا ما يستلزم تدعيم التنظيمات الحزبية بالمناطق المعنية، حتى يتسنى لنا الحفاظ على هذا الرصيد الجيد وتعزيزه.‬
وفي الأقاليم والعمالات، التي سجلنا فيها تواجدا بينا للحزب بحصوله على نتائج مقبولة (‬بنسب أصوات تتراوح بين 5 في المائة و7 في المائة)‬، وعددها 8، تطرح علينا ضرورة ضخ دماء جديدة في التنظيمات، والانصهار بشكل أقوى مع المجتمع المدني، ومع مختلف الشرائح الاجتماعية، خاصة منها الشباب، لضمان حضور أقوى وإشعاع أوسع للحزب، حتى يتأتى له الاضطلاع، على النحو المطلوب، بالأدوار المناطة به.‬
أما في الأقاليم والعمالات الأخرى، التي حصل فيها الحزب على نتائج متوسطة ( بنسب تتراوح بين 2 و5 في المائة، وعددها 27 ) أو ضعيفة (‬بنسب تقل عن 2 في المائة، وعددها 17) ، فإنه يتعين علينا أن ننهج سياسة تنظيمية جريئة، و أن ينخرط الحزب بمكوناته كافة، انخراطا كليا، من أجل إعادة النظر، جذريا، في التنظيمات الحزبية، بما يمكن من تجاوز هذه الوضعية، التي يتأكد أنها حالات مستعصية، وربما مزمنة، وليست وليدة استحقاقات 2011 .‬
‬أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
ما من شك في أن أداء الحزب كان بالإمكان أن يكون أفضل بكثير لولا عوامل موضوعية وذاتية شتى، من بينها، وهذا ما نريد التركيز عليه للعمل على معالجته، ضعف الأداء التنظيمي في عدد من الفروع الإقليمية والمحلية، كما تبين ذلك خلال اجتماعات المجالس الجهوية التي انعقدت مؤخرا بإشراف من المكتب السياسي للحزب، في أفق التحضير للدورة الحالية للجنة المركزية، ومن أجل استخلاص دروس الاستحقاقات الانتخابية، إقليميا وجهويا، ووضع آفاق للعمل، استعدادا لما ستعرفه السنة الجارية من معارك انتخابية قوية، تهم الجماعات المحلية، والمجالس الإقليمية، والمجالس الجهوية، والغرف المهنية، وتجديد مجلس المستشارين، الذي سيضم 120 عضوا فقط، مما يعني أن التنافس من أجل ضمان التمثيلية اللائقة فيه سيكون على أشده.‬
وينبغي أن يتأسس استعدادنا هذا انطلاقا من النتائج التي حصلنا عليها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبالاعتماد على الهياكل الحزبية، والاستناد إلى ما يتوفر عليه مرشحونا من نسيج علاقات كبير، خاصة الفائزين منهم، و أولائك الذين حصلوا على أصوات مهمة، على أن يكون هدفنا الرئيس متمثلا في تغطية أكبر عدد ممكن من الدوائر و الجماعات، بالنظر لأهمية هذه المسألة على الصعيد الإقليمي، ثم بالنسبة للجهة التي خصها الدستور الجديد بمكانة مميزة.‬
كما ينبغي أن نضع نصب أعيننا، على المديين القريب والمتوسط، العلاقة الجدلية القائمة بين الانتخابات المحلية والاستحقاقات التشريعية، على اعتبار أن التموقع جيدا في أي منها يوفر إمكانيات نجاح أكبر في الأخرى.‬
وبطبيعة الحال، فإن أسباب النجاح لا يجوز توخيها فقط اعتمادا على المرشحات والمرشحين، مهما أوتوا من شعبية، وكيفما تشعبت شبكة علاقاتهم الإنسانية، واتسعت دائرة نفوذهم الاجتماعية. بل لابد، ولابد، ثم لابد من إعادة النظر في قضايانا التنظيمية، بجرأة وموضوعية.‬
إن المواعيد الانتخابية التي تنتظرنا خلال سنة 2012 تطرح على الحزب مهام جسيمة، وتحتم علينا أن نجعل من هذه السنة سنة تفعيل وتأهيل التنظيمات الحزبية، وتعزيز المكانة التمثيلية لحزبنا، الذي يتوفر على طاقات وكفاءات جديرة بأن تدفعه في اتجاه ربح هذا الرهان.‬
ذلك أنه إذا كانت الوتيرة التي اشتغل بها الحزب منذ المؤتمر الوطني الثامن، قد أفرزت انتعاشة مردها التفكير والتنظير السياسي للحزب، المتسم دائما بوضوح خطه السياسي وتعزيز التدبير الشفاف، فإن الوتيرة التنظيمية الحزبية، بارتباط مع ما عشناه في الانتخابات التشريعية الماضية، لا تزال تشكو من نواقص، بالرغم من العناية التي أحيطت بها المسألة التنظيمية، خاصة منذ اعتماد وثيقة خارطة الطريق، التي تستلهم روحها ومضامينها من توجهات ومقررات المؤتمر الوطني الثامن.‬
وأذكر بأن اللجنة المركزية للحزب كانت قد صادقت على هذه الوثيقة خلال شهر أكتوبر 2010، الذي شهد أيضا اجتماع اللجنة الوطنية للحياة التنظيمية، لتحديد آليات تفعيل مقررات المؤتمر الوطني الثامن، السياسية منها والتنظيمية، وبلورة سبل تأهيل الآلة الحزبية على جميع المستويات، من تنظيم وتكوين وتواصل وانتخابات ومالية، وتفعيل دور الهياكل الحزبية.
وأوصى هذا الاجتماع باتخاذ عدة إجراءات وتدابير تروم تحقيق هذه الغاية، وذلك من خلال الانكباب على تعبئة الهياكل الحزبية خلال الجزء الأخير من سنة 2010، وأساسا تخصيص سنة 2011 لتحضير الاستحقاقات الانتخابية .‬
وتنفيذا لقرارات الاجتماع المذكور، القاضية بنقل روح التوصيات إلى المستويات الجهوية، قد تم خلال شهري أكتوبر ونونبر من سنة 2010 عقد 12 لقاء جهويا، بإشراف وفود عن المكتب السياسي، في ظل التنسيق مع المجالس الجهوية، تمحورت أعمالها حول إستراتيجية تفعيل مضامين خارطة الطريق.
كما تميزت سنة 2011 من جهتها بعقد أربع دورات للجنة المركزية، كان فيها موضوع التنظيم حاضرا، وذلك من خلال الحث الدائم على بلورة المقاربة التنظيمية على أرض الواقع، في كل المحطات.‬
وعلى العموم، اتسم نشاط الحزب باستمرارية ملحوظة، سواء من خلال انخراطه القوي في الحملة الاستفتائية، ومشاركته الفعالة في المشاورات المتعلقة بالقوانين الانتخابية، أو عبر تنظيمه لفعاليات تعبوية وسياسية وثقافية وتواصلية مختلفة، خاصة إبان شهر رمضان المبارك، و في إطار برنامج «‬أبواب الحزب مفتوحة»‬، الذي تميز انجازه بانخراط جماعي للفروع وبتنام ملموس للتعبئة الحزبية في العديد من المناطق.‬
إلا أننا لم نستطع أن نحقق الهدف الأساس، المحدد تنظيميا، والمتمثل في الاستثمار الجيد لهذا الحراك الحزبي الكثيف، أي توسيع رقعة الحزب، على النحو المأمول، وفتح الآفاق أمام أوفر عدد من المنخرطات والمنخرطين الجدد، وإن كنا، تفاعلاً مع استيعابنا الجماعي لضرورة التأهيل التنظيمي الحزبي، قد سجلنا تقدما نسبيا.
وهو تقدم يظل، على أهميته، غير كاف قياسا بالالتزامات المتعلقة بتنفيذ مقتضيات خارطة الطريق، خاصة في ما يتصل بتفعيل عقود البرامج، بين المكتب السياسي والفروع الإقليمية، وبتجسيد مقررات اللجنة المركزية القاضية بوضع التنظيم الحزبي في خدمة الورش الانتخابي، وضرورة العمل، في الآن ذاته، على جعل الجهود المبذولة خلال الفترات الانتخابية تصب كذلك في دعم هذا التنظيم وتقويته.‬
وهذا علما بأن الحزب يتوفر على 55 فرع إقليمي مهيكل، وتم توقيع العقد البرنامج مع 50 منها، حيث تؤدى واجبات الكراء ل 30 فرعا إقليميا، بينما تم اقتناء مقرين بكل من مراكش وتازة، وهي عملية جارية أيضا بالنسبة لجهة الدار البيضاء، ومفتوحة على أقاليم أخرى.‬
‬أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
إذا ألقينا نظرة تفحص موضوعية، وقمنا بجرد مقارن لمختلف مناحي حياة حزبنا، ستصدمنا بالتأكيد مفارقة صارخة لا يعقل تحمل استمرارها، وآن الأوان لوضع حد للجانب السلبي منها. ذلك أنه مقابل تمتع حزبنا بقوة سياسية وازنة ومؤثرة وحضور بارز في وسائل الإعلام بشتى أصنافها، يعتري جسمنا التنظيمي وهن وارتخاء يحدان من قدرة الحزب على مواكبة التطورات المتلاحقة بالسرعة اللازمة، ومواجهة التحديات الشاخصة بالفعالية المطلوبة.‬
لذا يتعين علينا، مرة أخرى، الانكباب بجدية على إنجاز تشخيص دقيق لوضعيتنا التنظيمية، لتحديد مواطن الضعف وجوانب القصور، دون إغفال للتجارب والمبادرات الناجحة، كمدخل لا محيد عنه للانتقال إلى معالجة هذا الاعتلال معالجة جذرية.‬
ولعل أول ما يثير الانتباه، في هذا السياق، وجود تباين كبير في الأداء التنظيمي بين قلة قليلة من الفروع المهيكلة، التي تقوم بعملها السياسي والتأطيري على وجه مقبول، وبين غالبية الفروع التي تواصل اجترار أساليب عمل قديمة، والتي يتسم عملها بطابع موسمي.‬
وبينما تعاني فروع إقليمية عديدة من واقع استنادها إلى قاعدة هشة، من حيث عدد الفروع المحلية المهيكلة فعلا ومدى التواجد الحقيقي في مختلف الجماعات، يلاحظ غياب مطلق لأي تنظيم حزبي في بعض الأقاليم.‬
ومن جهة أخرى، لا تتم الاستفادة من عمل المنتخبين المحليين والبرلمانيين، حيث غالبا ما يتركون خارج الهياكل والقيادات الحزبية المحلية، والحال أنهم الأكثر احتكاكا وارتباطا بقضايا وانتظارات المواطنين. فقد كان حريا بالتنظيمات الحزبية، من فروع محلية وإقليمية وقطاعات سوسيو مهنية، أن تؤدي دورها كاملا في تجميع أعضاء الحزب، وتكوينهم، وتعبئتهم، للدفاع عن القضايا ذات الطابع الوطني، والبحث عن السبل القمينة بحل القضايا المعقدة للساكنة، عبر ممارسة سياسة القرب، التي يؤكد عليها الحزب في كل المناسبات.‬‬
وقد تكون عدم الاستفادة، على النحو الأمثل، من عمل المنتخبين المحليين والنواب البرلمانيين، من الأسباب الثاوية وراء الضعف الكبير المسجل في مجال مسايرة النضالات الجماهيرية والحركات الاحتجاجية، رغم بعض التجارب الرائدة القليلة، التي كان لها تأثير ايجابي على نتائجنا الانتخابية.
وفي الوقت الذي استبشرنا خيرا باعتماد خارطة الطريق الهادفة إلى حقن أساليبنا بجرعة كبيرة من الفعالية والمردودية والاحترافية، عاينا بأسف استمرار العمل دون التقيد بمضامين هذه الوثيقة الهامة جدا، والتي كان من شأن تفعيلها أن يولد واقعا تنظيميا أفضل.‬
فالعقود برامج، التي تم إبرامها، وكنا نعول كثيرا عليها، غالبا ما يجري تأويلها في اتجاه أحادي، اتجاه التزامات القيادة الوطنية، دون التقيد بالتزامات الفروع. وهي مناسبة لنؤكد لكم فيها على عدم استعداد المكتب السياسي للاستمرار في أداء مصاريف بعض المقرات الإقليمية، إذا ثبت أن عمل الفروع لا يساير المجهود المالي المكلف بالنسبة لميزانية الحزب.‬
وفضلا عن ذلك، ثمة غياب شبه تام لأي سياسة تحث على الانخراط في الحزب، وتعمل على توفير ظروف استقبال مناسبة للمنخرطين الجدد، حيث لاحظنا أنه بالرغم من الحضور السياسي الوازن للحزب وطنيا، من خلال مواقفه الجريئة وتحاليله الواضحة، وبالرغم مما قمنا به من جولات محلية متتالية، و نظمناه من تجمعات ولقاءات عمومية، لم نكن نجد، في أغلب الحالات، حتى الطاولات التي تعرض فيها وثائق الحزب، وتهيئ إمكانية تسجيل الانخراطات الجديدة.‬
وعلى ذكر وثائق الحزب، التي يجب هنا التنبيه إلى ضرورة الاعتناء بها من خلال تجميعها وتدبيرها وأرشفتها، وهذا على كل حال موضوع آخر ينبغي ألا نمر عليه مرور الكرام ، بل أن نخصص له الوقت الكافي والإطار المناسب للتداول فيه من مختلف الجوانب... قلت: على ذكر وثائق الحزب، لا يمكن إلا أن يحز في النفس ما نلاحظه من استمرار لتجاهل الدوريات والنشريات العديدة التي تبعث بها القيادة الوطنية، وعدم إشراك لكل المنخرطات والمنخرطين، وحتى أعضاء المكاتب الإقليمية، في الاطلاع على مضامينها، والحال أنها أداة من أدوات العمل الحزبي الذي لا نتصور أن تكون له نجاعة دون استخدامها والتعريف بها.‬
وإلى جانب الفروع الإقليمية والمحلية، يلاحظ ضعف أداء القطاعات السوسيومهنية، التي تفتقر تنظيماتها إلى امتدادات إقليمية ومحلية، مما يجعل نشاطها ممركزا وأقل فاعلية، لاسيما وأنها لم تنفذ بعد، بصورة متواصلة، إلى عمق المجتمع المدني.
واللافت، في هذا الصدد، أن العديد من الرفيقات والرفاق، بمن فيهم أعضاء في اللجنة المركزية، ينشطون في كثير من هيئات ومنظمات المجتمع المدني، لكن لم يهتدوا بعد إلى إيجاد قنوات تواصل في ما بينهم، من جهة، ومع قيادة الحزب، من جهة ثانية، والحال أن هناك، فعلا، حاجة ملحة إلى إعداد قاعدة بيانات تهم، على الأقل، كبري، المنظمات المدنية، الثقافية والحقوقية والتنموية والاجتماعية، وأيضا النقابات، لتقييم حضورنا داخلها، وعلاقتنا بها.
إن الضعف يعتري أيضا عملية التنسيق مع المنظمات الموازية، من قبيل الشبيبة الاشتراكية ومنظمة الطلائع أطفال المغرب ، ويتجلى كذلك في عدم التمكن حتى الآن من إيجاد الصيغ التنظيمية الكفيلة بتطوير حضورنا في الأوساط النسائية، الأمر الذي يحتم علينا الإلحاح على ضرورة تحسين أدائنا في هذه الأوساط، خاصة وأن دورتنا هاته تلتئم في أجواء تهب عليها نسائم الاستعداد للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة.‬
‬أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
ونحن، في هذه اللجنة التي يربو عددها عن الست مائة رفيقة ورفيق، بصدد رسم هذه اللوحة الواقعية لحالة تنظيمية قاتمة في مجملها، إن استثنينا زوايا مضيئة لاتؤكد القاعدة، لا يمكن إلا أن يتبادر إلى الذهن تساؤل مشروع : أين هم كل أعضاء اللجنة المركزية ، من الناحية التنظيمية، إقليميا ومحليا وقطاعيا، خاصة وأن الترشح، خلال المؤتمر الوطني الثامن، لعضوية هذه اللجنة تميز بحماس كبير وتنافس شديد ؟
على كل حال، هذا تساؤل وجيه لا نملك إزاءه سوى حث الرفيقات والرفاق المعنيين على أن يتدبروا هذا الأمر بما يساعد على تفعيل التنظيم الحزبي، ولكنه يقود إلى تساؤل آخر: إلى متى سيستمر الاعتماد، بالأساس، على العمل التطوعي، بالرغم من أهميته، وضرورة تقويته؟
لقد أظهر ت التجربة أننا صرنا مطالبين بتوفير الشروط المواتية للانتقال إلى طرق تدبير احترافية، وتكوين بنية بشرية إدارية وسياسية، تتواجد أساسا بالمقرات الإقليمية، مما يستوجب الاجتهاد، أكثر فأكثر، في البحث عن وسائل تمويل بديلة لتجاوز التعثرات الناجمة عن الخصاص المالي الذي يعاني منه حزبنا، والحرص على ترشيد النفقات وفق أولويات تنظيمية محددة، تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الانتشار الحزبي على امتداد الفروع الإقليمية والمحلية، وذلك عبر رصد سياسة لهيكلة الفروع المحلية، وتنشيط حركات خلايا الأحياء، وفتح أوراش تعنى بالشأن المحلي، انطلاقا من الخصوصيات الثقافية والجغرافية، وتكثيف الأنشطة الاجتماعية والثقافية والسياسية، والاهتمام أكثر بالأنشطة الشبابية.‬
أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
إن الخريطة السياسية، التي أفرزتها الانتخابات التشريعية الأخيرة، أضحت تتطلب منا إعادة النظر في طرقنا التنظيمية، لتحديد الصيغ الملائمة فعلا وذات المردودية في المحصلة النهائية.‬ذلك أن مجموعة من الفروع الإقليمية أخفقت، خلال الانتخابات إياها، في تحقيق النتائج المرجوة رغم توفرها على بعض المستلزمات اللوجستيكية والمادية والتنظيمية، بينما حصلنا على نتائج انتخابية مرضية في أقاليم أخرى لا يتوفر فيها الحزب على تنظيمات قوية.‬
وطالما أنه لا يمكن التعاطي مع الورش التنظيمي بمعزل عن الوضع السياسي العام للبلاد وللحزب برمته، فإننا نقترح تكوين لجنة للاشتغال على النظام الداخلي للحزب، حتى يصبح مرجعا للفروع الإقليمية والمحلية، لدى وضع أنظمتها الداخلية، مع برمجة اجتماعات اللجنة الوطنية للحياة التنظيمية لكي تؤدي أدوارها المنصوص عليها في القانون الأساسي.‬
وبموازاة التحضير للانتخابات الجماعية، نقترح جعل سنة 2012 سنة التقييم وإعادة هيكلة الفروع المحلية والإقليمية، وفق أهداف محددة ومضبوطة، منها ابتكار تنظيمات لاستقبال المنخرطات والمنخرطين الجدد، وبنيات مرنة ومنفتحة للتواصل مع القوى الحية بالبلاد وسائر شرائح المجتمع المدني.‬
ويجدر بنا هنا أن نتنبه إلى أن الأمر لم يعد يقتصر على التوفر على فروع محلية وإقليمية قوية، بل إننا مدعوون، بالنظر لما ستعرفه بلادنا من تحولات في إطار الجهوية الموسعة، إلى الاستعداد للتوفر أيضا على هياكل تنظيمية جهوية، وقوية بالقدر الذي يتيح لها مواكبة ما سيستتبع ذلك من تنظيم إداري وانتخابي جديد، مما يقتضي، دون شك، إدخال تعديلات على القانون الأساسي للحزب، وهو أمر سنتداول فيه لاحقا.
وفي هذا الاتجاه، يجب الاهتمام بمنتخبات ومنتخبي الحزب، وذلك بتنفيذ برنامج إعادة هيكلة الجمعية الديمقراطية للمنتخبين التقدميين، مع وضع برمجة متكاملة للتكوين والتكوين المستمر في المجالين السياسي والتسيير الجماعي، وذلك بمواصلة البرنامج الوطني والجهوي والإقليمي للتكوين.‬
وفي هذا السياق يتعين العمل على تعميم تجربة فضاءات الأطر، التي بدأت في الدار البيضاء، وأبانت عن مدى جدواها. وذلك بالسعي، في مرحلة أولى، لإطلاقها في الرباط، قبل بحث أنجع السبل لتوسيع دائرة امتدادها إلى جهات أخرى.‬
فنحن أمام تعبير عدد متزايد من الأطر والكفاءات عن الرغبة في الالتحاق بالحزب، مما يملي علينا ضرورة إيجاد طرق عمل ملائمة ومرنة لاحتضان هذه الطاقات، التي بوسعها، لو أحسن استقبالها، أن تحمل معها للحزب قيمة مضافة كبيرة.‬
وعلاقة بهذا الموضوع،لا يسعنا إلا أن نبارك إعراب أعضاء مجلس رئاسة الحزب عن إرادة أكيدة في التكفل بأمر تأطير ومواكبة فضاءات الأطر، في أفق تطوير هذه التجربة الفتية والواعدة.‬
أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
لقد بذل المكتب السياسي للحزب جهدا خاصا من أجل إبرام عقود برامج مع الفروع الإقليمية، وفتح مقار لها، وتولي تسديد تكاليف كرائها.‬
وكان من المفروض، أن تتفاعل الفروع إيجابيا مع ذلك من خلال اتخاذ ما يتناسب من مبادرات لتجسيد مضامين ومقتضيات هذه العقود برامج.‬
لكن يتعين، للأسف الشديد، الاعتراف بأن العمل التنظيمي المطلوب يكاد يكون منعدما، إلا في حالات استثناء معدودة تؤكد القاعدة.‬وهو وضع غير طبيعي ولا يمكن أن يستمر، وإلا فلن يكون هناك من خيار آخر غير إعادة النظر في العقود إياها.‬
لسنا هنا بصدد توجيه تحذير لإبراء الذمة، بقدر ما نريد من ذلك تحفيز التنظيمات الحزبية المعنية، لاسيما وأن لنا برنامجا سيشرع المكتب السياسي، من خلال المسؤولين عن الجهات، على تنفيذه في غضون الأيام القليلة القادمة. ويتعلق الأمر هنا بمواصلة العمل مع الفروع الإقليمية من أجل إعادة هيكلتها، وتكوين فروع محلية جديدة على أساس عقود أهداف، مع كل فرع إقليمي، تمتد إلى حدود نهاية سنة 2012، مرورا بالانتخابات المقبلة، التي يجب أن تشكل كذلك، كما أسلفت، مناسبة لتوسيع رقعة الحزب، جغرافيا وبشريا، على الصعيد المحلي، بما يمكننا من التوفر، في مختلف الجهات، على فروع إقليمية مهيكلة، قوية وتعتمد على تعدد الفروع المحلية.
لذا نحث جميع الرفيقات والرفاق على التعبئة الشاملة والدائمة من أجل الإسهام في إنجاح هذا الورش الهام. وندعو أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بوجه خاص، إلى أن يدركوا جيدا مدى حاجة الحزب الماسة إلى حرص كل واحدة وكل واحد منهم على أداء دورهم، الذي لا يعوض، في جعل الورش التنظيمي للحزب يتكلل بما تتطلبه هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة من نجاح، وبما يحول أداة الحزب التنظيمية إلى أداة فعالة وناجعة.‬
وفي موضوع ذي صلة مباشرة بضرورة اتخاذ المبادرات اللازمة لتنشيط الفروع الإقليمية والمحلية، بمشاركة واسعة للقيادة الوطنية، نوجه النداء إلى جميع الرفيقات والرفاق، وكل التنظيمات الحزبية، إلى تخليد اليوم العالمي للمرأة، على النحو اللائق وبالصيغ الملائمة، وذلك من خلال فعاليات مختلفة، وفاء منا بذلك لتقاليدنا العريقة في هذا المجال، وتكريسا لنضالنا المستميت من أجل نصرة قضية المرأة، خاصة وأنه سيكون أول ثامن مارس في ظل الدستور الجديد، وهذا حافز يضاف إلى الظرفية الراهنة التي تستدعي أصلا حشد الجهود لتفعيل المضامين المتقدمة لهذا الدستور، ولاسيما المتعلقة منها بالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبإطلاق ورش تجسيد مبدأ المناصفة .‬
وبهذه المناسبة، نود التأكيد، مجددا، على تشبثنا بنهج الدفاع عن حقوق المرأة، منادين، في هذا الإطار، إلى الحفاظ على الالتزام بالأجندة الحكومية للمساواة 2011 2015، والحرص على تنفيذ كل الالتزامات التي تضمنها التصريح الحكومي وميثاق الشرف المبرم بين مكونات الأغلبية الحكومية.‬
أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
إن ما أكدنا عليه، بصدد الموضوع التنظيمي، يتعين بلورته في إطار التنظيم المحكم للانتخابات المحلية والإقليمية والجهوية، المبرمجة هذه السنة، والمفضية، في نهاية المطاف، إلى انتخاب مجلس المستشارين.‬
واعتمادا على ما حققناه من نتائج في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وفي إطار تكامل العمل بين مرشحينا في الانتخابات التشريعية ومنتخبينا المحليين، من جهة، والهياكل التنظيمية، من جهة ثانية. علينا أن نشرع، منذ الآن، في إفراز الكفاءات، من نساء ورجال، الذين سيرفعون راية الحزب في معركة الاستحقاقات القادمة.‬
لذا يجب الحرص على تغطية أكبر عدد ممكن من الجماعات المحلية، في أفق التوفر على أكبر عدد من المنتخبين المحليين وأكبر عدد من رؤساء المجالس المحلية، ليتأتى لنا تعزيز الحضور الانتخابي الحزبي محليا، وتوفير شروط تمثيلية مشرفة في المجالس الجهوية، وداخل مجلس المستشارين.‬
ونتمنى أن تكون الدورة الحالية للجنتنا المركزية قاعدة انطلاقة قوية صوب تحقيق هذه الأهداف، على أساس أن نعود، في دورة قادمة، وبما يلزم من تفصيل، لهذا الموضوع، عندما تتضح، رسميا، تواريخ مختلف الاستحقاقات المرتقبة.
أيتها الرفيقات، أيها الرفاق،
إننا مقبلون على خوض غمار الاستحقاقات القادمة، من موقع مشاركتنا في تجربة حكومية تحظى باهتمام كبير وتأييد شعبي واسع، ويعول عليها المواطنات والمواطنون في الاستجابة لانتظاراتهم العريضة وتطلعاتهم المشروعة. ونحن بوسعنا، والحالة هاته، أن نحقق خلال هذه الانتخابات نتائج باهرة، إن أحسنا، من جهة، إنجاح هذه التجربة، وعرفنا، من جهة أخرى، كيف نؤهل تنظيماتنا الحزبية لتكون في مستوى مواكبة نضالات الجماهير وحمل همومها والدفاع عن قضاياها. وهذا ما كان، على الدوام، في صلب اهتمامات الحزب، الذي تأسس أصلا من أجل خدمة قضايا الشعب والوطن.‬
فلنكن في الموعد، لتحقيق نقلة نوعية في تاريخ بلادنا، ومن أجل توطيد مكانة حزبنا في المشهد السياسي وداخل المجتمع.‬
‬وشكرا على‬حسن انتباهكم
محمد رويشة..
الإنسان.. والفنان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.