مجلس النواب يصادق على مشروع قانون الإضراب    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    شاحن هاتف يصرع طفلا في تاونات    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: أرقام حول المباريات الوظيفية للالتحاق بسلك الشرطة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات            برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في كلمته التوجيهية
نشر في بيان اليوم يوم 28 - 06 - 2010


حزبنا يعرف كيف يحول الأفكار إلى تقدم
أيتها الرفيقات العزيزات، أيها الرفاق الأعزاء،
نجتمع اليوم في الدورة الثانية للجنة المركزية لحزبنا، من أجل استكمال انتخاب هيئاته القيادية الوطنية، ومن بينها المكتب السياسي واللجان الدائمة، المدعوة لأن تشكل أداة لتفعيل العمل الحزبي، على مختلف المستويات، ومراقبته المراقبة الدقيقة المطلوبة. وكان من المفروض أن ينعقد هذا الاجتماع يوم السبت 19 يونيو 2010، أي بعد حوالي أسبوعين من انتهاء المؤتمر الوطني الثامن لحزبنا، الذي كلل بنجاح باهر وخلّف أصداء طيبة في الداخل والخارج. لكن انشغال العديد من رفيقاتنا ورفاقنا، خاصة المنتمين إلى أسرة التعليم، بالإشراف على امتحانات آخر السنة الدراسية، خلال التاريخ المذكور، أملى علينا إرجاء موعد الاجتماع أسبوعاً واحداً، حتى يتأتى لجميع أعضاء اللجنة المركزية المشاركة في هذه الدورة الهامة جداً، والتي نأمل أن تتوفق في أشغالها بما يفضي إلى إعطاء الانطلاقة الفعلية لنشاط حزبي نريده، جميعاً، أن يكون مكثفاً، متجدداً ودائباً، وعلى أوسع نطاق، محلياً وجهوياً ووطنياً.
إن اجتماعنا هذا يأتي وشعلة النجاح الباهر لمؤتمرنا الوطني الثامن لا تزال متقدة، في مؤشر على أن بريق هذا النجاح سيظل لامعاً يهدي طريقنا، ويشكل نبراساً لنا في القادم من أعمالنا.
ذلك أن الأمر لا يتعلق بنجاح عادي، في ظروف بسيطة.فقد تمكن مؤتمرنا الوطني، المنعقد أواخر الشهر الماضي تحت شعار «جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديموقراطية» من تتويج شهور من نقاش جدي واسع بالمصادقة، عن وعي تام وبشبه إجماع، على التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنظيمية.
وإلى جانب انتخابه للجنة المركزية، صادق المؤتمر على تشكيل مجلس للرئاسة، من بين مهامه الأساسية السهر على تماسك الحزب ووحدته وعلى احترام توجهاته السياسية العامة، ويضم ثلة من المناضلين الذين طبعوا مسار الحزب، كقياديين بارزين، وكان لهم فضل في بنائه وتطويره واستمراريته، يتقدمهم الرفيق الأستاذ إسماعيل العلوي، الذي نهنئه على تعيينه بالإجماع رئيساً لهذا المجلس، خلال اجتماعه الأول، المنعقد يوم الجمعة 11 يونيو الجاري حول جدول أعمال تضمن هيكلة المجلس وتدقيق ميادين اشتغاله، ودراسة التظلمات المرفوعة إليه.
وبهذه المناسبة أدعوكم، رفيقاتي العزيزات، رفاقي الأعزاء، الوقوف تحية تقدير واعتراف وامتنان لهذا الرجل الذي بإقدامه، وهو في أوج عطاءاته، على المغادرة الطوعية لموقع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، يكون قد قدم درساً بليغاً في الممارسة السياسية الراقية ليس فقط لرفيقاته ورفاقه في الحزب، وإنما أيضا للفضاء السياسي المغربي برمته وهو أمر ينطبق كذلك على ثلة من الرفاق الآخرين الذين غادروا طواعية قيادة الحزب ويواصلون نضالهم من موقع مجلس الرئاسة.
إننا فخورون بأن ننضوي جميعاً تحت لواء حزب يضم مثل هذا الرفيق، الذي سيظل بالنسبة لنا نموذجاً في التواضع والتضحية ونكران الذات، خدمةً لقضايا الوطن والشعب والحزب، بروح عالية من المسؤولية والتفاني والإخلاص.
والتحية الصادقة الموصولة أيضاً لسائر رفاقنا الأعزاء أعضاء مجلس الرئاسة.
وخاض الحزب، خلال مؤتمره الوطني الثامن، تجربة متفردة ونموذجية لما ينبغي أن تكون عليه الديموقراطية الداخلية، حيث تم التباري على تحمل مسؤولية الأمين العام للحزب بروح من المنافسة الشريفة والشفافة، من منطلق التوجهات العامة المصادق عليها. وكان الترشح متنوعا في ظل الوحدة الحزبية، بحيث لا أحد فكر، ولو مجرد التفكير، في أن يترشح على هامش الوثائق المعتمدة، أو خارج التصور العام الذي أقره المؤتمر الوطني.
وكم كان رائعا ذلك المشهد، الذي افتقدنا مثيله في الانتخابات التشريعية والجماعية، عندما اصطف الرفيقات والرفاق على امتداد أزيد من أربع ساعات، في ليلة بيضاء ستظل مشهودة، وبحضور وسائل الإعلام، للتصويت على المرشح الذي يرتضونه أمينا عاما للحزب، معبرين بذلك عن تقدير كبير للمسؤولية المناطة بهم كأعضاء في اللجنة المركزية، ومقدمين الدليل على أن حماسهم الشديد الذي رافق، قبل ذلك، رغبتهم القوية في نيل عضوية هذه اللجنة لم يكن فقط حبا للعضوية في حد ذاتها، وإنما تعطشاً للإسهام في رسم وبلورة التوجهات والقرارات الحزبية على كافة الأصعدة.
ولعل مسك ختام عملية انتخاب الأمين العام للحزب، هو ذلكم التعاطي الحضاري مع نتائج الاقتراع، والحرص، حرص جميع الرفيقات والرفاق، في لحظة ديموقراطية نادرة، على أن يكون الخيط الناظم بين مختلف مراحل المؤتمر، منذ انطلاقه حتى الإعلان عن اختتام أشغاله، هو التشبث بوحدة الحزب حتى النخاع.
لقد حظيت فعاليات مؤتمرنا، والأجواء الرائعة التي مرت فيه، باهتمام كبير ومتابعة متواصلة، منذ الشروع في التحضير له، حتى آخر طور من أطوار أشغاله، مرورا بحفل الافتتاح، الذي تميز بحضور نوعي ووازن لممثلي الهيئات السياسية والاجتماعية والجمعوية والشعبية الوطنية، والهيئات والحركات السياسية الصديقة من مختلف أرجاء المعمور.
وكان لذلك إشعاع واسع، عكسته مختلف المنابر الإعلامية التي أتيحت لها، في مبادرة هي الأولى من نوعها، تتبع كل أشغال المؤتمر من ألفها إلى يائها.كما خلف ذلك وقعا عميقا في نفوس كل الشرفاء الذين يشاطروننا تحاليلنا وقناعاتنا كحزب ينتج الأفكار، ويعرف كيف يحول الأفكار إلى تقدم، حزب له القدرة على الإبداع والابتكار، والجرأة في اتخاذ الموقف والإقدام على المبادرة، في إطار الالتفاف حول تصور واحد وموحد.
وكل هذا، أيتها الرفيقات العزيزات، أيها الرفاق الأعزاء، إنما تحقق بفضل تضافر جهود كل واحد منا، وبفضل إعمال الذكاء الجماعي، في إطار من وحدة الصف التي لا تنفي تنوع الآراء والمنافسة حول أنجع السبل لبلورة التوجهات العامة للحزب.
لذلك، أود أن أجدد لكم جميعا، التهنئة على الثقة الغالية التي وضعها فيكم رفيقاتكم ورفاقكم مندوبات ومندوبو المؤتمر الوطني الثامن، بأن انتخبوكم أعضاء في اللجنة المركزية للحزب.
كما أجد من واجبي أن أجدد لكم، جميعا، التعبير عن شكري الجزيل وامتناني العظيم بانتخابكم لي أمينا عاما للحزب، مؤكدا لكم، كما أكدت فور الإعلان عن نتائج الاقتراع صبيحة يوم الاثنين 31 ماي 2010، بأنني أثمن الثقة الموضوعة في عاليا، وأستشعر ثقل الأمانة الجسيمة التي طوقتموني بها، ملتزما بأن أعمل بكل ما أوتيت من قوة على أن أتصرف كأمين عام للجميع، كأمين عام للحزب بكافة مكوناته وتنوعاته وطاقاته وكفاءاته ومناضلاته ومناضلين، وأن أجتهد، أقصى ما يكون الاجتهاد، لأكون عند حسن ظنكم، وفي مستوى المسؤولية، التي لي اليقين بأنني لن أتمكن من الاضطلاع بها على أحسن وجه إلا بمعيتكم، وبمساعدة ومؤازرة منكم.
رفيقاتي العزيزات، رفاقي الأعزاء،
ونحن نستحضر الأصداء الطيبة التي خلفها مؤتمرنا الوطني الثامن، لا يسعنا إلا أن نعبر عن اعتزازنا لتفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في التفاتة مولوية كريمة، بالمكالمة الهاتفية لجلالته مع الأمين العام الجديد لحزب التقدم والاشتراكية فور انتهاء أشغال المؤتمر، وباستقباله حيث قدم الأمين العام لجلالته نتائج المؤتمر، وآفاق عمل الحزب من أجل خدمة القضايا العليا لوطننا وشعبنا.
كما نعبر عن اعتزازنا برسالة التهنئة السامية التي بعث بها جلالة الملك إلى الأمين العام الجديد لحزب التقدم والاشتراكية، والتي نوه فيها جلالته بالنهج الصالح الذي جسدته القيادات الحكيمة والمحنكة السابقة لحزبنا، وأثنى على مساهمة الحزب، بمعية الأحزاب الوطنية الفاعلة، في ترسيخ قيم الديموقراطية والتقدم والتحديث، في ظل تشبث راسخ بالمقومات الأساس للبلاد وثوابتها.
أيتها الرفيقات العزيزات، أيها الرفاق الأعزاء،
ككل عمل إنساني، لم تخل وقائع مؤتمرنا الوطني الثامن من بعض الجوانب والمظاهر السلبية، التي يتعين علينا التنبه إليها، للعمل، لاحقا، على تفاديها.
ولا أقصد هنا ما قد يكون حصل، بين فينة وأخرى، من أفعال وردود فعل متشنجة، أو ما قد يكون بدر من هذا أو ذاك من بعض الحدة، فهذه أمور تظل طبيعية متى انحصرت في الحدود التي لا تفسد للود قضية.
إن تفكيري، في هذا الصدد، يتوجه إلى اللجنة المركزية التي انتخبها المؤتمر، والتي يمكن القول إنها بمثابة عملة لها وجهان مختلفان، وتحديدا من حيث قراءة تعدادها والتعامل معه سياسيا وتنظيميا.
فمن جهة، وتعرفون أن التوجه الأولي كان يسير نحو تقليص عدد أعضاء اللجنة المركزية الحالية ما أمكن، قياسا بعدد أعضاء اللجنة السابقة، نجد أن تضخم العدد الحالي يعود، بالأساس إلى الرغبة القوية التي عبرت عنها الفروع المحلية والرفيقات والرفاق للترشح، ومن جهة ثانية، نجد أنفسنا، اليوم، أمام اجتماع أشبه ما يكون بمؤتمر مصغر، مع ما يستتبعه ذلك من إكراهات وصعوبات على المستويين التنظيمي واللوجيستيكي، فضلا عن أنه من المشروع، احتكاما إلى التجربة السابقة، أن ينتاب المرء تخوف من أن يقل بالتدريج عدد الحاضرين في اجتماعات اللجنة المركزية.
على كل، الإشكالية مطروحة، وتشكيلة اللجنة المركزية الحالية واقع لا يرتفع، وبالتالي يظل أمامنا مخرج واحد، وهو الاجتهاد من أجل استثمار ما أبداه الرفاق من حماس عز نظيره للترشح لعضوية اللجنة، كي نحول هذا الحماس إلى طاقة عمل، أي كي يحتفظ الرفيقات والرفاق بالحماس نفسه، أو أكثر، لأداء الدور المناط بهم، وفقا لمقتضيات القانون الأساسي للحزب، وهو دور وطني في التفكير، ووضع البرامج، والإسهام في تنفيذها، على مستوى اللجان الدائمة، والفروع المحلية والإقليمية والجهوية، أو في إطار القطاعات السوسيو-مهنية والمنظمات الموازية، أو ضمن النسيج الجمعوي، بما يلزم من حيوية وفعالية وحضور مستمر، من أجل تمديد رقعة الحزب بشريا وجغرافيا وتوسيع دائرة إشعاعه.
إن النجاح الذي حققناه مع المؤتمر الوطني الثامن يجعلنا في وضع جيد جدا لمواجهة التحديات المطروحة في الحقل السياسي المغربي، والتي تحددها الوثائق التي أقرها المؤتمر، وأضحت بالتالي ملزمة لنا. كما أن الأجهزة القيادية للحزب، خاصة المكتب السياسي واللجنة المركزية، لا يمكنها إلا أن تكون مؤتمنة بصفة فردية وجماعية على احترام هذه التوجهات، التي أقرها مؤتمرنا الوطني بالإجماع، وبلورتها في الواقع الملموس بشكل متماسك ومتضامن.
وهي تحديات يلخصها شعار المؤتمر»جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديموقراطية»، إصلاحات تشمل المستويات الدستورية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وتضمن مضي المغرب قدما نحو مجتمع الديموقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية. وأذكر هنا باقتضاب بأبرز عناوين هذه الإصلاحات :
يأتي إجراء تعديل دستوري في مقدمة هاته المطالب، على أن يتم في تناغم بين المؤسسة الملكية والفاعلين السياسيين، بهدف ضبط اختصاصات كل من المؤسسة الملكية والحكومة والبرلمان، والسير في اتجاه فصل حقيقي للسلط في ظل توازنها، وضمان استقلالية المجلس الأعلى للقضاء، ودسترة الأمازيغية، والتنصيص على سمو القانون الدولي على القوانين الوطنية، وتعزيز الحماية الدستورية لحقوق الإنسان وللمساواة. كما يدرج مسألة الحكم الذاتي الذي تقترحه بلادنا كحل وطني وديمقراطي لقضية الصحراء، والجهوية الموسعة كأسلوب حكامة جديد يتعين أن تستفيد منه كل جهات المملكة.
أما المطلب الثاني، فهو إصلاح سياسي يوسع ويحصن فضاء الحريات العامة الجماعية والفردية، مع صيانة حرمة الأشخاص وكرامتهم، والإقرار بحقهم في اختيار قناعاتهم الفكرية والسياسية دون إكراه، وتطوير مفهوم حقوق الإنسان ليشمل الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحق النساء في المساواة، وضمان حقوق الطفل، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، كما يرسي قواعد نظام تمثيلي أكثر مصداقية ونجاعة. ولن يتم ذلك إلا بتوفير جو سياسي سليم، واحترام إرادة الناخبين، والابتعاد عن محاولات صياغة خريطة سياسية بأساليب منافية للتطور الديمقراطي الطبيعي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يتعين تقوية الاقتصاد الوطني وضمان إقلاعه وتوفير شروط تطوره، مع ترسيخ ما تم إنجازه، خاصة على مستوى الأوراش الكبرى، وتطوير هذه السياسة بأوراش أكبر من جهة، والانتقال إلى إنجاز أوراش شعبية جماعاتية موفرة لأكبر قدر من مناصب الشغل من جهة أخرى، وضرورة التكامل بين القطاعين العمومي والخصوصي، والتخلي عن ثقافة الريع، وإرساء دعائم دولة القانون في مجال الاقتصاد.
وبخصوص المجال الاجتماعي، فإن حزبنا يدعو إلى ضرورة إرساء توازنات اجتماعية حقيقية، وتقليص الفوارق الطبقية والمجالية، وتلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين، من شغل وتعليم وصحة وثقافة، وتطوير القدرة الشرائية، وتعميم الحماية الاجتماعية والصحية. ويقترح حزب التقدم والاشتراكية بلورة ميثاق اجتماعي واقتصادي يحظى بتوافق كل الأطراف المعنية، ومأسسة الحوار الاجتماعي.
وأخيراً، وليس آخراً، الإقرار بالتنوع الثقافي والتعدد اللغوي للأمة المغربية، مع الانفتاح على ثقافة العصر وبناء مجتمع العلم والمعرفة، و إشاعة قيم العقل والتنوير، من أجل الاندراج الواعي في الثقافة العالمية. ثم إيجاد توافق حول ضوابط الممارسة الإعلامية، وتأطيرها على أساس أن الحرية مسؤولية تقتضي الالتزام بالأخلاقيات واحترام الحياة الخاصة.
إن بلورة هذا الجيل الجديد من الإصلاحات، التي يمكن أن تشكل عناصر لاختيارات كبرى وأهدافا متوافق حولها، بين فعاليات الأمة عامة، وكل القوى الديمقراطية والحداثية خاصة، تتطلب من حزب التقدم والاشتراكية العمل، أولاً، على تقوية تحالفه الطبيعي مع مكونات الكتلة الديموقراطية وفصائل اليسار، ومع سائر القوى الحية في المجتمع التي تشاطره المضامين العامة للمشروع المجتمعي الذي يناضل من أجله.
ومن البديهي للغاية، أن التمكن من كل ذلك يتطلب من حزب التقدم والاشتراكية المتشبث بهويته الإيديولوجية الاشتراكية، وبالقيم السامية الإنسانية للفكر الاشتراكي، مع سعي دائم إلى تطويره، وتكيف متواصل لمقاربته الاشتراكية مع الواقع الوطني والعالمي المتحول.. أقول: إن كل ذلك يتطلب من الحزب، ضمن متطلبات أخرى، التوفر على أداة حزبية فعالة، فاعلة، وناجعة، ليكون حزبنا، فعليا، حزبا متجددا ومجددا في خدمة الديمقراطية والحداثة والتقدم الاجتماعي.
رفيقاتي العزيزات، رفاقي الأعزاء،
لقد شكل المؤتمر الوطني الثامن لحزبنا إطارا لمساءلة حصيلة أربع سنوات من الممارسة التنظيمية والسياسية، من خلال مقاربة لأدائه تقوم على النقد والنقد الذاتي الموضوعيين.
وفي هذا الإطار، سجل المؤتمر معاينة مفادها، كما ورد في الوثيقة السياسية المصادق عليها، أن «الحزب عرف تجارب ناجحة في مناطق عديدة، مما يستدعي الاعتراف بالجهود التي قامت بها هيئات قيادية وإقليمية ومناضلين. وفي الوقت نفسه، يجب الإقرار بأن هياكل التوجيه والقيادة لم ترق إلى مستوى الاحترافية والنجاعة التي تفرضها التحديات المطروحة. كما أن عمل أغلب التنظيمات القطاعية ظل محدودا وقليل التأثير على أوضاع المواطنين، وكذلك الشأن بالنسبة لهياكل التأطير والتنسيق الإقليمية والجهوية والقطاعات السوسيو-مهنية» .
وانطلاقا من هذه المعاينة، خلص المؤتمر إلى التشديد على ضرورة ابتكار صيغ وأشكال نضالية جديدة لترسيخ تجذر الحزب في المجتمع، وتحويله إلى فاعل أساس في الحراك الاجتماعي، وتقوية الحضور في النسيج النقابي والجمعوي.
وفي هذا المضمار، حدد المؤتمر، بل أكد، على جملة من التدابير والتوجهات والتوصيات، التي يتعين الاعتماد عليها، لصياغة برامج عمل ظرفية وأخرى بعيدة ومتوسطة المدى، بهدف تحسين فعلنا السياسي، سواء على الصعيد الاستراتيجي أو المرحلي، وأيضا في ما يتعلق بحضورنا السياسي وتدبيرنا التنظيمي، لنكون في مستوى تعزيز التقدم على طريق الديمقراطية.
وأستسمحكم في التذكير بهذه التوجهات المبدئية. وأبدأ بالتأكيد على أن هوية حزب التقدم والاشتراكية، على امتداد تجربته النضالية لما يزيد عن ستة عقود، تنهل من غنى الثقافة الوطنية وعراقة الحضارة المغربية وخصوبة التجربة التاريخية لبلادنا، ومن أخلاقيات الدين الإسلامي الرفيعة وتعاليمه السمحة، وتراثنا العربي والأمازيغي والإفريقي والأندلسي الغني والمتنوع.
إن حزبنا يناصر قضايا السلم والتضامن بين الشعوب، كفصيل ضمن الحركة الاشتراكية والعمالية العالمية، وامتدادها المتمثل في الحركات البديلة للعولمة الليبرالية، كما يناصر قيّم الحرية والمساواة والتضامن، ويدعو إلى الانفتاح الإيجابي على مختلف مظاهر تقدم الحضارة الإنسانية، ومناهضة كل الأفكار والتوجهات المحافظة والرجعية وكل أشكال التطرف.
حزب التقدم والاشتراكية، حزب يدافع عن المصالح العليا للوطن وحقوق الشعب، وقضايا الشغيلة اليدوية والفكرية، ومصالح مختلف الفئات الشعبية المحرومة والمهمشة، وعموم المواطنين المقتنعين بقيم الحرية والعدالة والتقدم، كما يسعى إلى تجسيد المشروع المجتمعي بمختلف وسائل النضال الديموقراطي الكفيلة بتحقيق التغيير، في ظل التمسك باستقلاليته التامة، والحرص على نبذ كل انغلاق أو تقوقع على الذات.
وتأسيساً على هذه المبادئ والتوجهات، فإن تنظيمات الحزب مطالبة باعتماد أسلوب نضال القرب، الذي يستوجب حكامة جديدة تقوم على تمكين التنظيمات القاعدية، المحلية والإقليمية والجهوية، من سلطة التقرير والتنفيذ، والحق في إبداء الرأي في كل القضايا المتعلقة بتدبير الشأن العمومي المحلي والوطني. والسعي إلى إبداع صيغ وآليات تنظيمية وتواصلية داخلية، تضمن تداول المعلومات وتقاسم التجارب، وإشاعة الشفافية في مختلف مستويات الحياة الحزبية.
ولأن حزب التقدم والاشتراكية، حزب ديمقراطي في تدبيره الداخلي، فإن جميع هيئاته وأجهزته تمثل فضاءً للحوار والتكامل والانسجام بين عطاءات ومبادرات المناضلين والمناضلات، فرادى وجماعات، مع ضمان سيادة آراء وتوجهات أغلبية أعضائه، وحفظ للأقلية حقها في إبداء الرأي، وإتاحة لكل مناضلاته ومناضليه إمكانية التعبير عن مواقفهم طبقا لقانون الحزب ومقررات هيئاته. ويقتضي هذا المنحى المزيد من تقوية الديمقراطية الداخلية، وابتكار الآليات الكفيلة بإعمال مبدأ المشاركة الجماعية في اتخاذ القرار، وبإفراز قيادات وطنية ومحلية قادرة على بلورة وتنفيذ المهام المناطة بها. وكل ذلك في إطار وضع وحدة الحزب فوق كل اعتبار، والالتزام الأخلاقي والسياسي والتنظيمي بالانضباط للقرارات المتخذة دمقراطياً.
كما أن جدلية الوفاء والانفتاح، القائمة على تشبث الحزب بهويته وقيمه ومبادئه، وعلى ضرورة الانصهار وسط المجتمع، تقتضي اعتماد سياسة جريئة وإرادية في مجالات الاستقطاب والتأطير والتكوين، حتى نتمكن من جعل الانفتاح، الذي هو ضرورة ملحة لتوسيع نفوذ الحزب وإشعاعه وتقوية حضوره على مختلف الجبهات، قوة دافعة له، تمكنه من الاضطلاع بمهام التعبئة والتغيير بوتيرة أعلى وفعالية أكبر.
ولتحقيق هذا الهدف، يتعين بالضرورة مصاحبة الانفتاح بسياسة إرادية ومضبوطة في مجال تدبير الثروة البشرية المتاحة من أجل استثمار أحسن للكفاءات والطاقات التي يزخر بها الحزب على الصعيدين المحلي والوطني، وحسن توظيفها في مختلف واجهات النضال الحزبي.
كما أن المسؤوليات الحزبية، خاصة على المستويين المحلي والإقليمي تقتضي بلورة مشاريع عمل تروم الدفاع عن المصالح المشروعة للمواطنين، وتنظيمهم وتأطيرهم، لتنمية وتوسيع نفوذ الحزب محليا وإقليميا وجهويا.
وفي مقابل هذا، فإن الهيآت القيادية الوطنية مدعوة للعمل على مواكبة ودعم المبادرات النضالية التي تنخرط فيها التنظيمات الجهوية والمحلية بارتباط مع قضايا الساعة من خلال الدفاع عن مصالح الوطن العليا وتطلعات الشعب وحقوق المواطنات والمواطنين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أما الهيئات الحزبية المحلية، على اختلاف مستوياتها، فهي مدعوة للعمل على توفير هياكل الاستقبال والآليات المساعدة على إدماج الكفاءات من مختلف الفئات الاجتماعية، وضمان تجديدها، وتنويع أشكال وأساليب التأطير والتنظيم والتعبئة، وتكييفها باستمرار مع الخصوصيات المحلية والجهوية.
كما أن التعامل مع الأجيال الجديدة من المنخرطات والمنخرطين، من كفاءات وطنية ومحلية ومنتخبين، ينبغي أن يتأسس على توفير هياكل استقبال تسمح بالاندماج العادي لهذه الطاقات في تنظيمات الحزب، وتمكنها من التشبع بخطه السياسي وقيمه ومبادئه، ومن احترام ضوابطه وقوانينه وأخلاقياتة.
هذه مضامين مستقاة من الوثيقة السياسية التي صادقنا عليها خلال المؤتمر الوطني الثامن، وبالتالي فإننا مطوقون بها، وملزمون بالعمل على تجسيدها.
وفي هذا السياق، وأخذا بعين الاعتبار للأجواء العامة الجيدة التي يعرفها الحزب بعد مؤتمره الوطني الثامن، والأصداء الطيبة التي خلفها نجاح هذا المؤتمر في مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية والإعلامية والشعبية، يتعين علينا الإسراع باستثمار هذا الرصيد في أقرب الآجال، وذلك من خلال تنظيم أنشطة وتظاهرات كبيرة على المستويين الجهوي والإقليمي، وتحديدا في المناطق التي ترى الفروع المعنية أنها قادرة على تأمين ما نصبو إليه من إنجاح لمثل هذه المبادرات.
والأمانة العامة للحزب مستعدة لتسهر على أن يتم هذا الأمر في غضون شهر يوليوز المقبل، وعلى النحو الذي يلائم ظروف فصل الصيف والعطل السنوية.
وفي الاتجاه نفسه، فإن الأمانة العامة مستعدة، من الآن، إلى جانب المكتب السياسي الذي ستنتخبونه، لبحث أنجع السبل لتسطير البرامج المناسبة لشهر رمضان المبارك، والذي كانت لنا خلاله تقاليد في التنشيط الثقافي والفكري، حان الوقت لإحيائها وتطويرها.
أما في أفق الدخول السياسي المقبل، وإلى غاية متم السنة الجارية، فنرى أن الهدف الأساس يجب أن يتمثل في استكمال الهيكلة التنظيمية لكافة الفروع المحلية والإقليمية، التي اقتصرت مؤتمراتها المنعقدة عشية المؤتمر الوطني الثامن على انتخاب المندوبات والمندوبين إلى هذا المؤتمر، وكذا هيكلة القطاعات السوسيو مهنية وتفعيل عمل المنظمات الموازية المعنية، وذلك من أجل إعمال مقتضيات القانون الأساسي للحزب بعد أن اقر المؤتمر التعديلات المدخلة عليه، ومن أجل تهييئ الحزب وتأهيله لخوض الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2012 على النحو الكفيل بتمكينه من تحقيق نتائج متقدمة جدا، وتعكس النجاح الباهر الذي توج أشغال المؤتمر الوطني الثامن.
وعلى كل حال، فإن تدقيق تفاصيل وملامح هذه المسألة، سيكون محور دورة لاحقة للجنة المركزية، في غضون الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الجارية.
الرفيقات والرفاق،
يحدد القانون الأساسي الجديد للحزب دور اللجنة المركزية، التي تعد القيادة الوطنية للحزب وأعلى هيئة تقريرية بين مؤتمرين، ويعود إليها أمر اتخاذ كافة التدابير الكفيلة بضمان تدبير ناجع للحزب، في الاضطلاع بعدة مهام، أذكر منها: تسطير السياسة العامة للحزب طبقا لتوجهات المؤتمر الوطني، واتخاذ المواقف التي تفرضها الراهنية السياسية للبلاد، والمصادقة على برنامج العمل السنوي للحزب، والمصادقة على ميزانيته ونظامه الداخلي، فضلاً، بطبيعة الحال، عن انتخاب أعضاء المكتب السياسي.
ومن هنا يتضح بجلاء أن الدور الحقيقي للجنة المركزية ليس هو عقد ثلاثة أو أربعة اجتماعات سنوية، وإنما الاشتغال أيضاً على مشاريع محددة على مدار الأيام الفاصلة بين دورتين.
ولعل أهم مفعل للجنة المركزية يظل متمثلا في اللجان الدائمة التي ينبغي تشكيلها على النحو الذي يجعلها فعلا خزانا ومختبرا للتفكير، وإنتاج المفاهيم المؤطرة للتغيير، وتتبع مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية...، وغيرها، بما فيها العمل الحكومي، ومجريات الأحداث في مختلف جهات البلاد، وذلك في إطار من التعبير الديمقراطي وحرية الرأي وتجسيد وحدة الحزب، لبلورة القرارات الجماعية المناسبة.
في هذا الإطار، وتنفيذاً للمادة 10-08، من القانون الأساسي للحزب، تنتخبُ اللجنة المركزية «اللجنة الوطنية للمراقبة السياسية والتحكيم»، وهي هيئة لها صلاحية البت باسم اللجنة المركزية في النزاعات التنظيمية، والسهر على احترام حسن تطبيق قوانين الحزب.
وتتألف اللجنة الوطنية للمراقبة السياسية والتحكيم من 15 عضواً، لهم على الأقل 5 سنوات من الأقدمية في الحزب، ولا ينتمون إلى أي هيئة تنظيمية وطنية أخرى داخل الحزب. وتحدد مساطر اللجوء إلى اللجنة واتخاذ قراراتها بنظام داخلي يقترحه المكتب السياسي وتصادق عليه اللجنة المركزية.
من جهة أخرى، وتطبيقاً للمادة 10-09 من القانون الأساسي للحزب، تنتخب اللجنة المركزية «اللجنة الوطنية للمراقبة المالية»، التي تتمثل صلاحياتها، بالخصوص، في دراسة وتقييم التقارير المالية الدورية الصادرة عن الهيئات الحزبية الإقليمية والجهوية، ودراسة مشروع الميزانية المعد من قبل المكتب السياسي، والتقارير الدورية والسنوية لتنفيذ هذه الميزانية، وتهييئ تقرير سنوي يعرض على أنظار اللجنة المركزية.
أما بالنسبة للجن الدائمة التي تحدثها اللجنة المركزية، من بين أعضائها، إعمالاً للمادة 10-7 من القانون الأساسي المصادق عليه من لدن المؤتمر الوطني الثامن، فإن صلاحياتها تتمثل في مراقبة وتتبع عمل الهيآت الحزبية، وتنتخب كل لجنة رئيساً لها وكاتباً ومقرراً خلال اجتماعها الأول، وتجتمع بمبادرة من رئيسها وبتنسيق مع المكتب السياسي. ويتم تنسيق عمل اللجان الدائمة من طرف تنسيقية، تحت إشراف عضو من المكتب السياسي، وتضم رؤساء اللجان الدائمة. وأستعرض عليكم فيما يلي مقترحاً بهذه اللجن ومهامها، مشيراً إلى أنه لا مانع من إضافة لجن إذا دعت الضرورة لذلك.
1) لجنة التنظيم وحياة الحزب: وتتولى تتبع أنشطة الفروع المحلية والإقليمية والجهوية، والقطاعات السوسيومهنية والمنظمات الموازية، والعلاقات مع المجتمع المدني والنسيج الجمعوي. كما تشرف على تنظيم حملات الانخراطات الجديدة وتدبير الموارد البشرية.
2) لجنة تنمية الحزب والانتخابات: وتسهر على تمديد الرقعة الجغرافية للحزب وتوسيع دائرة إشعاعه، كما تشرف على تنظيم مشاركة الحزب في مختلف العمليات الانتخابية.
3) لجنة المؤسسات والجماعات المحلية والقضايا الوطنية: ويشمل مجال اهتمامها المؤسسات الوطنية، من برلمان ومجالس استشارية، وكذا الحكامة والأمن، والقضية الوطنية والجماعات المحلية وقضايا الجهوية.
4) لجنة القضايا الاقتصادية والمالية : وتهتم بالشؤون الاقتصادية والجبائية، والسياسات القطاعية، ومن بينها الفلاحة، كما تهتم بمجال المقاولات وعالم الشغل.
5) لجنة القطاعات الاجتماعية، والتنمية البشرية، والأرياف: وتدخل في اختصاصاتها السياسات الاجتماعية والتشغيل، التربية والتكوين، الصحة والتغطية الاجتماعية وعالم الأرياف.
6) لجنة الثقافة والاتصال والتكوين : وتتمثل مهامها في الاعتناء بالحقل الثقافي، من خلال أنشطة متنوعة، وعبر توثيق العلاقات مع أوساط المثقفين، والإشراف على الاتصال الخارجي للحزب وعلاقته مع وسائل الإعلام، وتنظيم الاتصال الداخلي للحزب، بما في ذلك موقعه الإلكتروني، وتنظيم دورات تكوينية بأشكال متنوعة.
7) لجنة الحقوق الإنسانية ومقاربة النوع والشباب والطفولة: وتعنى بقضايا العدل وحقوق الإنسان، والمرأة والمساواة ومقاربة النوع، والشباب والطفولة.
8) لجنة البيئة والتعمير والمدينة: وتهتم بقضايا الإيكولوجيا، والتعمير وإعداد التراب الوطني والتنمية المجالية، وسياسة المدينة.
9) لجنة العلاقات الخارجية: وتتولى الإشراف على العلاقات الخارجية للحزب كما تدخل في مجال اختصاصها قضايا السياسة الخارجية للبلاد، وشؤون السياسة الدولية، وأنشطة المنظمات الدولية.
وبهذا الخصوص، أدعوكم إلى ملء الاستمارة التي ستوزع عليكم، لتوضيح اختياراتكم بالنسبة للجان التي ترغبون في الاشتغال بها، بهدف تحديد تشكيلتها، والتمكن من تنظيم اجتماعاتها في المستقبل القريب.
وهكذا فإن اللجنة المركزية، كقيادة وطنية، مسؤولة فرديا وجماعيا عن تطور الحزب وحسن تسييره. ومن هنا وجب التأكيد على ضرورة حرص كل عضو باللجنة المركزية لحزبنا على أن يقوم بدوره، كإطار سياسي وعنصر قيادي، في مختلف هياكل الحزب، محليا وجهويا ووطنيا، باعتباره أداة أساسية لإشعاع سياسة الحزب وخطته وممارساته، وذلك من خلال التأطير والتعبئة والتكوين، وعبر تعزيز التنسيق على المستوى الجهوي، ومن خلال توسيع الانفتاح وتفعيل المبادرات في القطاعات السوسيو-مهنية، والمساهمة في التعبئة والتأطير وتقوية حضور الحزب وإشعاعه في المنظمات الموازية والمجتمع المدني، وكذلك إسماع صوت الحزب وخدمة مصالح المواطنين في البرلمان والمجالس المنتخبة والغرف المهنية. هذا دون إهمال واجب الاشتراك المالي كشرط أساسي لكل منخرط، فبالأحرى لعضو قيادي في الحزب. وأدعوكم بهذا الخصوص إلى المساهمة في تنمية موارد الحزب المالية من خلال إقرار مبدأ الاشتراك الفردي لكل عضو في اللجنة المركزية، كل حسب طاقاته وإمكانياته.
وبما أن المكتب السياسي هو الساهر على ضمان حسن التدبير الحزبي على الأصعدة السياسية والتنظيمية والإدارية والتواصلية والمالية، خلال الفترة الفاصلة بين دورتين للجنة المركزية، فإنه سيقوم بعقد اجتماعات دورية (أثلوثية) مع مسؤولي الجهات والقطاعات السوسيومهنية والمنظمات الموازية، بقصد تحريك العمل الحزبي، وتتبع الحياة التنظيمية للحزب، وتأمين التنشيط الفعّال والناجع لمختلف الهيئات الحزبية.
أيها الرفاق الأعزاء،
إن القانون الأساسي للحزب يحدد دور الأمين العام للحزب، بوصفه المسؤول الأول عن الحزب، في القيام، على الخصوص، بالسهر على ضمان فعالية ونجاعة أعمال الهيآت والأجهزة الحزبية الوطنية من أجل حسن تدبير الحزب سياسيا وإداريا وتنظيميا وماليا، وتسيير المكتب السياسي والدعوة إلى اجتماعاته ووضع جدول أعمالها، وتمثيل الحزب لدى السلطات ولدى الفرقاء السياسيين وكل الأطراف. وعلاوة على ذلك، فإن الأمين العام، الذي هو الآمر بالصرف، يتولى أيضاً مهمة الناطق الرسمي باسم الحزب.
إن الأمين العام قد تم انتخابه انتخاباً ديموقراطياً، شفافاً، ونزيهاً، من طرف اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الوطني، الذي هو أعلى هيئة تقريرية للحزب، ومن ثم فهو أمين عام للحزب برمته. وبهذه الصفة، فإن الأمين العام هو المؤتمن على تماسك وحدة الحزب، والحفاظ عليها وتعزيزها.
إن وحدة الحزب أمر فوق كل اعتبار، ولذلك فإن الواجب يحتم على الأمين العام للحزب أن يجعل منها الهاجس الأساس، وأن يضعها في صلب اهتماماته، وصدارة اعتنائه.
وإلى جانب ذلك، فإن الأمانة العامة ستكون حريصة، أشد ما يكون الحرص، على أن تضع في مقدمة انشغالاتها مسألة انفتاح الحزب الإيجابي على محيطه وعلى الواقع المجتمعي، لكن مع البقاء دوماًً على يقظة حتى يتم هذا الانفتاح في نطاق الحفاظ المستمر على استقلالية الحزب، وبالتالي استقلالية قراراته.
وبالنظر لجسامة هذه المسؤولية، يجب أن تكون الأمانة العامة جهازا فعالا وناجعا بكل معنى الكلمة، مما يستوجب توفير كفاءات بشرية قادرة على مواكبة العمل الحزبي محليا وجهويا ووطنيا وقطاعياً، وتتبع تطورات الحياة السياسية وغير السياسية في البلاد وخارجها، ودراسة الملفات الموضوعاتية وتتبعها، وتحضير العمل للمكتب السياسي، إلى غير ذلك من المأموريات، التي قد تتطلب أحيانا اختصاصات دقيقة.
وفي هذا الإطار، يعتزم الأمين العام إعمال المقتضى المنصوص عليه في القانون الأساسي للحزب، والذي يتيح إمكانية إحداث ديوان يضم مساعدين له، ممن لديهم الكفاءة المطلوبة والاستعداد للقيام بهذه المهمة، والجاهزية الضرورية.
ومن جانب آخر، ولكي يتأتى للهيئات القيادية للحزب الاضطلاع بالمهام المناطة بها على الشكل الأنجع، يتعين الارتقاء بمستوى الأداء المهني للإدارة المركزية للحزب، وخاصةً من خلال إيجاد مقر وطني أرحب وأكثر ملاءمة مع مكانة الحزب وإشعاعه، وتوفير لوازم العمل العصرية، وكذا تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للموارد البشرية العاملة به، وتسوية وضعها القانوني، والرفع من قدراتها التدبيرية، بما يضمن التوفر على إدارة حزبية عصرية، مهنية وناجعة، تساهم في تحديث طرق تدبير قضايا الحزب التنظيمية والمالية والتواصلية بضبط أكبر وبمردودية أفضل.
أما بالنسبة للمكتب السياسي للحزب، بوصفه الجهاز التنفيذي، فهو مدعو لأداء دور أساسي، بحكم أنه يعتبر عمليا الساهر على بلورة المواقف والتوجهات الحزبية خلال الفترة الفاصلة بين دورتين للجنة المركزية. وهو، كذلك، الإطار المناسب للتداول في القضايا السياسية الكبرى الوطنية والدولية، وتتبع الملفات التنظيمية للهيئات الحزبية، واتخاذ المواقف المنبثقة من توجه المؤتمر واللجنة المركزية.
وتبعا لهذا، فإن المكتب السياسي هو بمثابة قاطرة لتفعيل العمل الحزبي على كافة الواجهات، إقليميا، جهوياً، وعلى صعيد القطاعات السوسيو-مهنية والمنظمات الموازية.
ومن ثم وجب أن يكون المكتب السياسي للحزب، في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، غنياً بكفاءاته، متنوعاً من حيث طبيعة هذه الكفاءات، قويا بحضوره وإشعاعه في الهيئات المحلية والإقليمية والجهوية للحزب، وأن تكون المسؤوليات الموزعة على أعضائه مسؤوليات مدققة، والمهام المناطة بهم واضحة، لينكب على مهمة تعزيز الحضور السياسي للحزب في الساحة الوطنية، وتقوية البناء التنظيمي للحزب وتطويره.
ولكي يكون المكتب السياسي جهازا فعالا وديناميكيا، وقادرا على أداء دور المحرك بالنسبة للحزب ككل، فإنه من الضروري، ضرورة الماء للحياة، أن يكون المكتب السياسي جهازا متماسكا ومتضامنا..
ودعوني أكرر، من باب الإلحاح، والله يحب العبد الملحاح : حزب التقدم والاشتراكية في حاجة ماسة إلى مكتب سياسي قوي، كفء، متماسك ومتضامن.
أجل، أيتها الرفيقات العزيزات، أيّها الرفاق الأعزاء، إن حزبنا أحوج ما يكون اليوم إلى مكتب سياسي فعّال ومتماسك، قادر على إنجاز مهامه في إطار من التعبئة والتضحية والمواظبة، واستعداد فعلي لتخصيص ما يلزم من وقت وطاقات لتحمل كامل المسؤوليات المرتبطة بالعضوية في بالمكتب السياسي، وهي مسؤوليات جسيمة ملقاة على عاتق كل من يطمح في عضوية هذا الجهاز الحزبي التنفيذي الهام جداً.
وينبغي التأكيد، في هذا الصدد، على أن عضوية المكتب السياسي، مرتبطة بمهمة محددة، في في إطار المسؤولية الجماعية، والتقيد باحترام القرارات التي يتم اتخاذها بشكل جماعي، في ظل التعبير الحر عن الآراء، وإلزامية تقديم الحصيلة عن كل مهمة، حيث تكون العبرة بالنتائج.
نحن الآن، معشر المناضلات والمناضلين، مقبلون على آخر حلقات انتخاب الهيئات القيادية للحزب. وكما بدأنا أشغال مؤتمرنا الوطني الثامن وأنهيناه بديمقراطية داخلية عز نظيرها، وكان لها نصيب وافر في ما رافق مؤتمرنا من أصداء طيّبة، يجدر بنا الآن أن نسير على النهج نفسه، تكريساً لهذا النهج الذي أبان عن جدواه، والذي يضمن المشاركة الفعلية والفاعلة لكل الرفيقات والرفاق في اتخاذ القرار الذي سيكون من الطبيعي واللاّزم آنذاك أن يلتزموا به، ويعملوا على تنفيذه.
وفي هذا المضمار، أود التذكير أن المؤتمر الوطني قد التزم برمته بمضمون رسالة الأمين العام الأسبق للحزب، التي تنص على ضرورة تحلي كل المناضلات والمناضلين بقدر عال من اليقظة والغيرة الحزبية، وتغليب ما هو أساسي على ما هو ثانوي وظرفي، وتفعيل الذكاء الجماعي لانطلاقة جديدة لحزبنا ليؤدي دوره البيداغوجي والتاريخي، ويبرهن أنه حزب متجذر في التاريخ النضالي للشعب المغربي، حزب يحمل مشروعاً مجتمعيا طموحاً يخدم في الجوهر مصلحة الشعب والبلاد.كما أن نفس الرسالة تدعو المناضلات والمناضلين إلى الالتزام الطوعي والمسؤول بالعمل الصادق والروح الرفاقية العالية، في إطار موحد ومتضامن حتى نخرج بحزب قوي قادر على إنجاح المهام التي سطرها خدمة لشعبنا ووطننا.
إن المغزى العميق لهاته الرسالة، التي هي التزام سياسي وأخلاقي، هو أن تكون القاعدة الديمقراطية التي تؤطر تعاملنا الجماعي مع أية عملية اقتراع، تنطلق من التقيد بنتائجها وقبولها بروح عالية من المسؤولية، للالتفاف مجدداً كجسم واحد حول توجهات سياسية وتنظيمية واحدة وحزب واحد وموّحد.
وعلى هذا الأساس، سنشرع في انتخاب مكتب سياسي أقترح عليكم أن يضم 35 عضواً.
وهو عدد يزيد بقليل عن عدد أعضاء المكتب السياسي السابق، بالنظر إلى التوسيع الهائل الذي عرفه عدد أعضاء اللجنة المركزية، وضرورة أخذ بعين الاعتبار وجوب الاستعانة بطاقات متنوعة، وكفاءات مختلفة.
وهو انتخاب يملي المنطق الذي اتبعناه لدى انتخاب الأمين العام للحزب أن يتم ذلك عبر الترشيح الفردي الحر، بالاقتراع السري، وفي ظل الحرص على إعمال مقاربة النوع، وفقاً لما تنص عليه مقتضيات القانون الأساسي للحزب.
ولا أخالكم إلا أن تتطلعون، جميعاً، إلى أن يفدي هذا الانتخاب إلى إفراز طاقم متماسك، فعال، ومتضامن، طاقم يمزج بين ضرورة الحفاظ على استمرارية الطاقات ذات التجربة في هذه الهيئة الوطنية الهامة وبين ضرورة إفساح المجال أمام طاقات جديدة، تضمن تواجد المنتخبين، والكفاءات، مع ضرورة استحضار واقع الحزب، الذي برز بجلاء خلال عملية انتخاب الأمين العام للحزب من طرف مؤتمرنا الوطني الثامن، ألا وهو أن الترشيحات لعضوية الهيئات القيادية داخل الحزب، تندرج في إطار وحدة حزبية مثينة ومتماسكة، لأننا جميعاً تشتغل على صدى وثيقة سياسية واحدة، وبرنامج اقتصادي واجتماعي وثقافي واحد، وقانون أساسي واحد.
وبناءً على ما تقدم، واعتباراً لعدد مقاعد المكتب السياسي المقبل، المقترح أن يكون، كما أسفلت، محدداً في 35 عضواً، يتعين أن يتم، لدى عملية التصويت، انتخاب 35 من الأعضاء يكون من بينهم 7 رفيقات على الأقل، وذلك على أساس أن أي لائحة تصويت تضم أكثر أو أقل من 35 إسماً، من أسماء المرشحين، ستعتبر لائحة لاغية.
ومعنى هذا أيضاً، أنه إذا كانت لائحة تصويت تضم 35 إسماً، لكن عدد الرجال فيها يفوق 28 وعدد النساء يقل عن 7، فهي كذلك لائحة لاغية.
فليكن إذن التنافس من أجل خدمة الحزب، وفي سبيل تأهيله وتمنيعه أكثر فأكثر، تنافساً شريفاً ونزيهاً، تنافساً يستحضر، أولاً وأخيراً، ما فيه خير مصلحة الحزب، التي هي من صميم مصالح الوطن والشعب.
شكراً لكم على حسن إصغائكم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.