وما خفي أعظم ... هزة عنيفة أحدثها تأجيل الجمع العام لجامعة كرة القدم، وكان طبيعيا أن يحرك الحدث النقاش داخل المجتمع الرياضي لأن المؤسسة «الجامعة» لم تعقد حجمها خلال أربعه سنوات، ووجد مسؤولوها أنفسهم مضطرين لتنفيذ القانون وملاءمة قوانين الجامعة مع الضوابط الجديدة وإضفاء الشرعية على الفضاء، إذ لم تتوقف الأسئلة عن أسباب التأجيل ودواعيه ومصدر القرار. قرار التأجيل صدر ليلا ساعات قبل الموعد المحدد، عن طريق بلاغ يتحدث عن التأجيل، ويحدد نهاية شهر غشت القادم للجمع الاستثنائي، وتنضاف هذه المدة إلى ولاية علي الفاسي الفهري ومن معه في التسيير، ليبقى القرار غريبا ومشفرا خلق ضجة مدوية في وقت أعدت فيه لجنة التحضير كل الترتيبات التنظيمية واللوجيستيكة المطلوبة، والأغرب أن التأجيل أصبح مقرونا بسحب الرئيس علي الفاسي الفهري لترشيحه، هذا الترشيح الذي كان سيتحول فريدا ووحيدا في الجمع؟ تعطلت عملية الطبخ في حرم الجامعة وتوقف العمل بالتخريجة المحضرة والرامية إلى ضمان الاستقرار والاستمرار للرئيس ومن معه في المواقع بدعوى مواصة الأوراش المفتوحة. الإشارات الأولى وفي غياب توضيح رسمي من قلب الجامعة، تفيد أن خلافا اندلع بين ممثلي الوزارة الوصية ومسؤولي الجامعة حول مشروع القانون، لكن الغريب أن الخلاف حدث في آخر ساعة ليترجم العبث، ليتأكد بالملموس أن هناك أشياء في الخفاء تحكمت في مسألة التأجيل. مسؤولو الجامعة اشتغلوا في تحضير التعديلات مع احترام الخصوصيات المرتبطة بممارسة كرة القدم، وقطعوا شوطا في المسار مع الوزير السابق منصف بلخياط وتحت إشراف الفيفا، كما بلغنا أن المشروع حظي بالموافقة بنسبة تفوق تسعين في المائة، لكن ما الذي حدث عند تغيير الوزير؟ وهل تعطلت الاستمرارية في المؤسسة؟؟ لماذا لم يعقد المكتب الجامعي الجمع العام خلال أربع سنوات؟ لماذا يعجل اليوم بتمرير المناسبة قبل أن تعقد الأندية والعصب جموعها؟؟ ثم لماذا اختيار الساعة السادسة والنصف موعدا للقاء؟؟؟ جامعة كرة القدم أمام ملفات متنوعة ومعقدة، من بينها قضية المباراة التي جمعت فريقي النادي القنيطري ورجاء بني ملال، التي جرها مسؤولو الفريق الملالي إلى القضاء، وملف شطر الجنوب بالقسم الأول في مجموعة الهواة، وملف المنتخبات الوطنية وكذا بعض العصب؟ هل يمكن اختزال كل هذه الهموم وما يرافقها من تساؤلات في وقت وجيز تتخلله وجبات الفطور والعشاء وغيرهما؟ جامعة الكرة شبيهة ببنك للمشاكل، فنتائج المنتخبات تترجم ذلك، والمؤسف أن قيمة المنتوج الرياضي لا تناسب قيمة ما أنفقه المسؤولون من أموال؟ وحتى الجمهور طلق الملاعب وأصبح يحضر بعدد قليل في مباريات المنتخب الأول؟ فهل التأجيل المفاجئ يعلن بداية عهد جديد تخضع فيها جامعة كرة القدم بقوة مسؤوليها للدمقرطة واحترام القانون الرامي إلى اعتماد القواعد في اختيار أعضاء المكتب الجامعي، أم أن الأمر يتعلق فقط بصراع طاحن بين أشخاص في مؤسستي الوزارة والجامعة تؤدي الكرة فاتورة خسائره؟ التأجيل يفرض اليوم إقامة الجمع وربط المسؤولية بالمحاسبة، ووضع الحصيلة في الميزان مع إحداث تغييرات في مواقع المسؤولية؟ وما المانع في ذلك؟؟ لقد علمتنا التجارب أن جامعة كرة القدم ظلت استثناء على امتداد التاريخ تسند المهام لمسؤوليها بالتعيين، وقراءة في المحطات تؤكد ذلك، ولن ننسى ما حدث في سنة 1970، عندما تحركت القواعد ممثلة في مسيرين قامات مميزة تهدف إلى التغيير الذي استهدف الكاتب العام آنذاك أحمد النتيفي، ويسجل التاريخ كيف تكثل مسيرون لفرق مع مسؤولي الوزارة الوصية وفرضوا التغيير في حرم الجامعة والتي كان يرأسها المعطي جوريو، وأفرز التغيير مكتبا جامعيا يتكون من الوزير بدر الدين السنوسي رئيسا، الدكتور الزعري نائبا له، وهو طبيب، وأسندت مهمة الكاتب العام للسيد جلول حمو الطاهرة (رجل أمن)، والأعضاء: مصطفى طارق (رجل أمن)، حسن الصفريوي (رجل أمن)، بوبكر جضاهيم (رجل أمن)، المهدي بلمجدوب (ضابط عسكري)، المحاميان محمد العلوي وعبد اللطيف السملالي، محمد الموساوي (موظف)، عبد اللطيف الغربي (صحافي). كما وزعت اللجان على فعاليات أخرى. جامعة كرة القدم تجد نفسها من جديد في المنعرج، فهل تعبر المرحلة بسلام؟ وماذا يمكن أن يحمله المخاض؟؟ في وقت توجد فيه الكرة بمرمى الأندية؟ فهل تكون في الموعد مع التاريخ؟...