بنكيران يعبر عن جاهزيته لما بعد انسحاب الاستقلال من الحكومة اختلطت الأمور على متتبعي الشأن السياسي بالبلاد في الأيام القليلة الماضية، أمام ارتفاع حدة التصعيد بين حزب الاستقلال، الذي يصر على تنفيذ قراره بالانسحاب من الحكومة، حتى قبل تلقي جواب جلالة الملك بعد مذكرة شباط، وتعبير العدالة والتنمية عن جاهزيته لكل الخيارات لمرحلة ما بعد انسحاب الاستقلال في الحكومة. ومع اشتداد حرارة الصيف، بدأت تحتد حدة الصراع الذي يطبع الحالة السياسية في البلاد، ولم تهدأ بعد عاصفة الاتهامات والاتهامات المضادة بين الحليفين في الأغلبية الحكومية الحالية، التي امتدت على مدى الأسابيع الماضية. ولا تلوح في الأفق أي بادرة لإطفاء جذوة هذه الحمى، حيث استمر الأمين العام لحزب الاستقلال في هجومه على رئيس الحكومة وعلى حزبه الذي يقود التحالف، في الوقت الذي بدأ العدالة والتنمية في وضع الاحتمالات الممكنة لما بعد خروج وزراء الاستقلال من الحكومة. ويعقد المجلس الوطني للعدالة والتنمية، بحر الأسبوع الجاري دورة استثنائية، بدعوة من الأمين العام للحزب، وسيكون على جدول أعمال المجلس بحث التعامل مع الأزمة الحكومية الحالية ودراسة احتمالات ما بعد «الاستقلال» في الحكومة الحالية، بالرغم من أن عبد الإله بنكيران أكد خلال اجتماع الأمانة العامة للحزب السبت الماضي، أن حزب الاستقلال «ما يزال حليفا ضمن أحزاب التحالف» إلى حين تنفيذ قراره القاضي بالانسحاب. وتشير مصادر مقربة إلى أن هناك اتجاهين داخل الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الأول يدعو إلى فتح باب الاتصالات مع أحزاب أخرى، والثاني يدفع في اتجاه تقديم رئيس الحكومة لاستقالته والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. ويكاد يتفق أصحاب التوجهين إلى أن العدالة والتنمية جاهز لكلا الخيارين. وهو ما أكد عليه نائب الأمين العام للحزب، في تصريحاته بعد انتهاء أشغال اجتماع الأمانة العامة، بالقول إن الحزب جاهز لكل الخيارات التي تخدم المصلحة العليا للوطن، والتي سيتخذ بشأنها القرار الملائم وفي الوقت المناسب في إطار هيئاته المخولة». وأياما قليلة بعد استقباله من طرف جلالة الملك، عاد حميد شباط إلى تصعيد لهجة انتقاداته لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، مؤكدا في ذات الوقت أن الحزب لن يتراجع عن قرار الانسحاب من الحكومة. واستغل الأمين العام لحزب الاستقلال مناسبة انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب، السبت الماضي، التي دعها إليها بعد الاستقبال الملكي، ليؤكد أنه لا تراجع عن قرار الحزب الصادر في ماي الماضي، والقاضي بالانسحاب من الحكومة، مشيرا أنه سلم لجلالة الملك مذكرة يشرح فيها دواعي هذا القرار. وخلافا لما ذهبت إليه بعض التحليلات بأن الصراع بين الحليفين في الحكومة قد يعرف بعد الانفراج، بعد الاستقبال الملكي للأمين العام لحزب الاستقلال، فإن حدة الأزمة ما انفكت تتصاعد، حيث شدد حميد شباط على أن الحزب يحاول تمرير قرار الانسحاب ب «الإقناع وبوسائل النقاش، في سبيل بناء الوطن». ولم يكتف شباط بذلك فحسب، بل دعا وزراء حزبه إلى الاستعداد للخروج من الحكومة، بالموازاة مع ذلك دعا إلى اجتماع أعضاء فريقيه بمجلس النواب ومجلس المستشارين، لإبلاغهم بالاستعداد للاصطفاف مع فرق المعارضة، وإعلان القطيعة مع فرق الأغلبية الحكومية. هذه اللهجة التصعيدية لزعيم حزب الاستقلال المتواصلة، منذ انتخابه أمينا عاما، بدأت تثير غضب قياديين من العدالة والتنمية، الذين آثروا عدم الانسياق معها، حيث حذر عبد الإله بنكيران، خلال لقاء رؤساء الجماعات التي يسيرها حزبه، الذي تزامن مع انعقاد المجلس الوطني لحزب الاستقلال، خصومه من أن الأسباب التي أدت إلى ظهور الحراك الاجتماعي بالمغرب، وحركة 20 فبراير لا زالت قائمة. ووصف بنكيران المتآمرين على التجربة الحكومية الحالية ب «الشياطين» الذين يوسوسون بالليل وبالنهار ويجدون لهذا الغرض ما أسماه «الأدوات والبيادق» في إشارة واضحة إلى شباط. وكان قياديون في العدالة والتنمية بدأوا يخرجون عن صمتهم إزاء انتقادات شباط، حين أعلن بعضهم أن الحزب ينأى بالرد عن الأباطيل والأكاذيب التي يروج لها أمين عام حزب الاستقلال، في إشارة إلى ما صرح به الأخير من كون رئيس الحكومة عرض عليه منصبا وزاريا ثمنا لسكوته.