بعدما خفَتَ تأثير قرار الانسحاب من الحكومة، يدخل الصراع بين حزبَي العدالة والتنمية والاستقلال مرحلة جديدة، بعد «الخروج» المفاجئ لكرم غلاب، رئيس مجلس النواب، و»ثورته» في وجه عبد الإله بنيكران، رئيس الحكومة، وانتقاده تحكم حكومة الأخير في العمل التشريعي وإبطالها مُقترَحات الفرَق النيابية. واعتبرت مصادر حزبية متابِعة للأزمة الحكومية أنّ في «خروج» غلاب، خلال افتتاح المناظرة الوطنية حول قانون الحق في الوصول إلى المعلومة، التي نظمتها وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة يوم الخميس الماضي، تحويرا للصراع بين «اليبيجدي» والاستقلال في اتجاه خلق صراع بين المؤسسات (التشريعية والتنفيذية) يوجب تطبيق الفصل ال42 من الدستور، الذي استند إليه الاستقلاليون في طلب التحكيم الملكي، مشيرة إلى أنه «بعد أن لم يكن للمبرّرات التي استندت إليها قيادة حزب علال الفاسي أيّ أثر على تفعيل الفصل ال42، بالنظر إلى كون الصراع هو بين حزبين وليس بين مؤسستين دستوريتين، فإنها تتجه حاليا إلى إيجاد واقع جديد يعطي مصداقية لطلب التحكيم، من خلال استعمال ورقة غلاب ومجلس النواب وإظهار وجود صراع بين الحكومة والبرلمان». وفيما استُقبل غلاب أول أمس السبت استقبال «المنتصرين» من لدن الاستقلاليين خلال التجمع الذي نظمه الحزب في برشيد، بل واعتبره الأيمن العام للحزب ب»من امتلك الشجاعة لمواجهة الجبروت»، بدا بنكيران، خلال اجتماع الأمانة العامة لحزبه المنعقد أول أمس السبت، أكثر إدراكا ل«الفخ» الذي ينصب له من خلال خلق صراع بين المؤسستين التشريعية والتننفيذية، بعد أن حث أعضاء الأمانة وخاصة الفريق النيابي للحزب على عدم التصعيد ضد غلاب، معتبرا خلال تدخله أن «الموضوع انتهى في حينه بمجرد رده على رئيس المجلس». وحسب مصادر من الأمانة العامة، فإن بنكيران رفض مسايرة التوجه الذي عبر عنه عبد الله بوانو، رئيس فريق الحزب بالغرفة الأولى، والقاضي برفع سقف الصراع مع غلاب واتخاذ إجراءات وتدابير تصعيدية، مشيرة إلى أن الأمين العام عبر للحاضرين عن رغبته في عدم تصعيد الموقف وعرقلة العمل التشريعي. ولم يمنع موقف بنكيران الداعي إلى عدم التصعيد ضد غلاب، بعض أعضاء الأمانة العامة، خلال مناقشتهم للأوضاع السياسية، من تصنيف «ثورة» غلاب في خانة «التشويش من قِبل من يتحكمون في الخيوط داخل حزب الاستقلال»، واعتبرته «مؤشرا جديدا على الانتقال إلى مرحلة متقدّمة من خلال التشويش عبر المؤسسات، ممثلة هذه المرة في البرلمان». وخيّمت «ثورة» ، رئيس مجلس النواب، في وجه رئيس الحكومة، خلال المناظرة الوطنية حول قانون الحق في الوصول إلى المعلومة، على أشغال اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي ترأسه بنكيران في مقر الحزب ب»حي الليمون» في الرباط. وحسب مصادر من الأمانة العامة للحزب فقد سارت غالبية تدخلات أعضاء الجهاز التنفيذي للحزب في اتجاه «استهجان وإدانة» ما فعله غلاب، معتبرة أنّ «ما صدر عن رئيس مجلس النواب كان خروجا عن اللياقة وتجاوزا لها، وأنه لم يكن لائقا ومقبولا من مسؤول في مرتبته، بل إنه لم يمتلك حسن التقدير المطلوب حين توجه بالنقد العلنيّ للحكومة ولرئيسها». إلى ذلك، كان لافتا، خلال اجتماع الأمانة العامة، الذي تزامن مع عودة الملك إلى أرض الوطن وحالة الترقب التي تسود في الأوساط السياسية بشأن مصير التحكيم الملكي بين الحزبين «الحليفين»، تشبثت قيادة العدالة والتنمية بموقفها من الأزمة الحكومية التي خلقها قرار برلمان الاستقلاليين الانسحابَ من حكومة بنكيران. ووفق مصادر المساء، فقد تم التشديد -مرة أخرى- على أنّ «قيادة الحزب لن تخضع لابتزاز حميد شباط»، الأمين العامّ للاستقلال، مشيرة إلى أنّ «قيادة الحزب غير مكثرة لتحركات وهجومات شباط، وأنها مستمرّة في قيادة الحكومة».