مع اقتراب الشهر الكريم كل سنة، يسود التخوف لدى المواطنين من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، أو ندرتها، أو فقدانها من الأسواق. رغم التطمينات الصادرة عن المصالح المختصة. وخلال الفترة الفاصلة مع الشهر الفضيل، تكثف المصالح الاقتصادية عمليات مراقبة الأسعار وجودة المواد الغذائية ووفرتها تلافيا لانتشار المضاربات. في الوقت الذي يتجه إنفاق الأسر المغربية، خصوصا الفقيرة والمتوسطة، إلى الارتفاع نتيجة وفرة الطلب على المواد الغذائية الأساسية. وتشير المعطيات أن إنفاق المغاربة خلال شهر رمضان يعرف ارتفاعا يصل إلى حوالي 20 في المائة، مع تباين بين الوسطين الحضري والقروي. حيث لا يتجاوز معدل الإنفاق حوالي 13 في المائة في المدن، غير أنه يصل إلى أكثر من 19 في المائة بالبوادي. وترأس الوزير الأول، عباس الفاسي، أمس بالرباط اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة بتتبع تمويل السوق الوطنية خلال شهر رمضان الأبرك من أجل الوقوف على وضعية تموين الأسواق المحلية بالمواد الغذائية الضرورية، وتطور الأسعار وسير عمليات مراقبة الأثمان والجودة بمختلف الجهات والأقاليم. وبالرغم من أن السلطات الحكومية تؤكد أن تموين السوق المحلي بالمواد الأكثر استهلاكا لن يعرف أي اضطراب خلال الشهر الكريم، بسبب وفرة العرض الذي يفوق الطلب، فإن حركة الأسواق قد تؤثر على ذلك، خصوصا أن الإقبال يشتد في آخر أيام استقبال رمضان وفي الأيام الأولى منه، لاقتناء الكميات الضرورية من بعض المواد الغذائية، من قبيل اللحوم والحليب، وأحيانا بكميات تفوق الحاجات اليومية للأسر، مما يجعل الطلب أعلى من العرض. وطمأنت اللجنة الوزارية المكلفة بأن تمويل السوق الداخلية سيتم في ظروف جيدة، ولن تعرف أسعار المواد الاستهلاكية أي زيادات تذكر. وستتكلف مصالح الوزارات المعنية بمراقبة وتتبع تمويل السوق بهذه المواد عبر كل حلقات شبكات التوزيع من الاستيراد والإنتاج إلى التوزيع. وعهدت اللجنة إلى لجن محلية للتنسيق، تضم ممثلين عن وزارات الداخلية، والتجارة والصناعة، والفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري، والشؤون الاقتصادية، للقيام بعمليات مراقبة منتظمة لنقط البيع والأسواق الشعبية للحرص على احترام المقتضيات القانونية، وزجر الغش والمضارية، والتحسيس بالعقوبات المنصوص عليها. وبالنظر إلى وضعية أسعار بعض المواد الغذائية، التي عرفت ارتفاعا متزايدا خلال الأسابيع القليلة، كاللحوم والدواجن والبيض والقطاني، فإن أغلب المواطنين يتخوفون أن تستمر هذه الأسعار في الارتفاع في الأيام القليلة المقبلة، رغم تطمينات الحكومة بأن العرض سيكون أكبر من الطلب، وبأن الأسعار ستظل على العموم مستقرة ولن تعرف أي ارتفاع خلال شهر رمضان، نتيجة تدخل المضاربين. وحسب بحث ميداني أجرته المندوبية السامية للتخطيط، فإن إنفاق الأسر المغربية يبلغ أعلى مستوياته خلال شهر رمضان، مقارنة مع باقي أشهر السنة، نظرا لأن هذا الشهر يعتبر شهر الاستهلاك بامتياز. الشيء الذي يتحول معه ارتفاع الطلب على المواد الغذائية الأساسية إلى ارتفاع مؤشرات تكلفة المعيشة. وتهم النفقات الغذائية للمغاربة في شهر رمضان أساسا الفواكه الطرية، والحليب ومشتقاته، ثم المشروبات الغازية، فاللحوم والدواجن. فخلال السنة الماضية سجل مؤشر تكلفة المعيشة خلال الشهر الكريم ارتفاعا بنسبة 1.3 في المائة، كان نصيب أثمان المنتجات الغذائية منها حوالي2.7 في المائة، مقابل 0.2 في المائة بالنسبة للمواد غير الغذائية. ولمعالجة هذا الوضع، تتجه الأسر المغربية غالبا إلى مواجهة ارتفاع نفقات الاستهلاك الغذائي في رمضان إما بالتخفيض من الميزانية المخصصة للمواد غير الغذائية، أو للادخار والتضامن العائلي. في بلد تحتل فيه النفقات الغذائية المرتبة الأولى في ميزانية الأسر، والتي تمثل حوالي 40 في المائة، مما يعني أن أي ارتفاع في أسعار المواد الغذائية يكون له تأثير مباشر على الميزانية العامة للأسر.