تقرير خوان مانديز يقر باستمرار التعذيب وينتقد أوضاع السجون بالمغرب انتقد خوان مانديز المقرر الأممي المعني بالتعذيب وكل أشكال المعاملة غير الإنسانية في تقريره الذي قدمه أول أمس الاثنين أمام الدورة العادية الثانية والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، ما أسماه «استمرار التعذيب» في المغرب، مشيرا إلى أن بعض أشكال المعاملة القاسية لا تزال موجودة. بالمقابل رحب بظهور ما وصفه ب «تنامي ثقافة حقوق الإنسان بالمغرب». وبينما ثمن المقرر الأممي المعني بالتعذيب الجهود التي بذلتها السلطات المغربية لمعالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالبلاد، عن طريق هيئة الإنصاف والمصالحة، وما تلاها من جبر ضرر ضحايا ما بات يعرف ب «سنوات الرصاص»، دعا خوان مانديز المنتظم الدولي إلى مساعدة المغرب، من خلال الدعم المالي والتقني، من أجل القضاء على التعذيب وكل أشكال المعاملة غير الإنسانية والقاسية. وانتقد تقرير خوان مانديز الذي زار المغرب خلال الفترة الممتدة ما بين 15 و22 شتنبر من السنة الماضية بدعوة من الحكومة المغربية، استمرار التعذيب بالمغرب في القضايا الجنائية المتعلقة بالحق العام، والجرائم المرتبطة بالمس بأمن الدولة أو الإرهاب، أو التظاهرات الكبرى. وأعرب التقرير أنه في هذه الحالات يتم اللجوء إلى استعمال العنف المفرط وضروب المعاملة القاسية سواء أثناء الاعتقال أو أثناء الوضع تحت الحراسة النظرية. وسجل مانديز في تقريره ارتفاع عدد حالات استعمال القوة المفرط خلال تدخل القوات العمومية ضد المظاهرات، مشيرا إلى أنه ليس من حق السلطات العمومية اللجوء إلى استعمال القوة المفرطة، بغض النظر عما إذا كانت التظاهرات أو التجمعات مرخص لها أم لا. ودعا إلى ضرورة احترام الحق في التظاهر السلمي، وعندما تحيد التظاهرات عن طابعها السلمي، فإن القوات العمومية مطالبة بتوفير الأمن في احترام تام للمعايير الدولية، منبها إلى ضرورة توخي أن تتناسب ردة فعل قوات الأمن، في حالة خروج المظاهرات عن طابعها السلمي، بما يضمن الحق في الحياة والسلامة البدنية للمحتجين. كما سجل التقرير غياب تحقيقات عاجلة ومعمقة بشأن حالات التعذيب المرتكبة، وبالتالي انعدام حالات متابعة في حق مرتكبيها. وانتقد مانديز في تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في نفس السياق، منظومة الطب الشرعي بالمغرب التي دعا إلى إصلاحها باستعجال حتى تساير التطورات التي يعرفها هذا المجال. ووجه المقرر الأممي المعني بالتعذيب وكل أشكال المعاملة غير الإنسانية انتقادات لاذعة للمؤسسات السجنية بالمغرب، التي وصفها ب «الكارثية» نتيجة الاكتظاظ الذي تعرفه السجون، وأيضا إلى سوء المعاملة التي يعاني منها السجناء، والتدابير التأديبية المبالغ فيها، ناهيك عن الظروف الصحية والتغذية غير الملائمة، وصعوبة الولوج إلى الخدمات الطبية. غير أن التقرير رحب في هذا الصدد بجهود الحكومة المغربية لتحسين أوضاع السجناء، والرفع من عدد الزيارات المسموح بها إلى المؤسسات السجنية، خصوصا تلك التي يقوم بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وأشاد مانديز بما أسماه في تقريره تطور ثقافة حقوق الإنسان بالمغرب، مشيرا إلى أنه لمس من عديد من المسؤولين الذين التقى بهم خلال زيارته إلى المغرب، التي امتدت من 15 إلى 22 شتنبر الماضي، إرادة سياسية لإرساء ثقافة مؤسساتية لمنع التعذيب وكل أشكال المعاملة القاسية. هذه الثقافة الجديدة برزت أساسا بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها المغرب لمعالجة انتهاكات الماضي، والتي شملت الوصول والكشف عن الحقيقة، وتعويض ضحايا ما يعرف ب «سنوات الرصاص». بالموازاة مع ذلك سجل التقرير توجها من الدولة للإصلاح المؤسساتي.