بنكيران: تدشين الكنيسة اليهودية بفاس يشكل «درسا للقرن 21 يوجهه المغرب لبقية العالم» الصبيحي يؤكد على أن المغرب ظل على امتداد تاريخه فضاء للتبادل ولالتقاء الثقافات جون ليفي: أجمل تكريم للراحل شمعون ليفي هو جعل الكنيس فضاء ثقافيا لفائدة الساكنة المحلية أكد رئيس الحكومة، عبد الإله بن اكيران، أول أمس الأربعاء، أن افتتاح الكنيسة اليهودية «صلاة الفاسيين « بعد ترميمها بفاس يشكل « درسا للقرن 21 يوجهه المغرب لبقية العالم». وقال بن اكيران في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش ترؤسه، في نفس اليوم بفاس، لحفل افتتاح هذه الكنيسة اليهودية أن هذا الحدث يكرس هوية المغرب كأرض للسلام والتسامح والتعايش السلمي بين مختلف معتنقي الديانات السماوية. وأكد رئيس الحكومة أن تدشين هذا المعبد اليهودي»ستكون له بالضرورة أصداء كبيرة على الساحة الدولية». من جانبه، قال محمد أمين الصبيحي وزير الثقافة إن إعادة ترميم هذه الكنيسة اليهودية التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن 17 يشكل خطوة هامة في المجهود الذي يروم الحفاظ على التراث الثقافي الوطني. وأوضح الصبيحي، بنفس المناسبة، أن السلطات العمومية ولاسيما وزارة الثقافة عبرت، انطلاقا من حرصها على دعم ومصاحبة هذه الخطوة، عن التزامها بالمساهمة في الحفاظ على التراث اليهودي المغربي في إطار سياسة عمومية تستهدف بالخصوص الحفاظ على التراث الثقافي الوطني ككل. وأضاف الوزير، أن الحفاظ على التراث الثقافي اليهودي المغربي يشكل واجبا يكتسي اليوم الصبغة الاستعجالية، مما يحتم على الجميع حمايته من التدهور والحيلولة دون انقراض هذا الكنز الوطني الذي يتكون من مخطوطات ووثائق ومؤلفات نادرة باللغة العربية المكتوبة بحروف عبرية، مشيرا إلى أن هذا التراث يظل من خلال مواقعه التاريخية وبيعاته وأحيائه المعروفة بالملاح وأضرحته ومقابره خير شاهد على التاريخ المشترك الممتد لمئات السنين والذي ينقل للأجيال القادمة إرثا ثمينا هو إرث التعايش الذي كان على الدوام خاصية تميز المغاربة منذ القدم. وقال إن العديد من الكتاب المغاربة عمدوا إلى التأريخ لهذا التعايش الذي امتد لأكثر من ألفي سنة والذي عكسته روايات ودراسات كتلك التي خلفها إدموند عمران المالح وحاييم الزعفراني وشمعون ليفي ومحمد كنبيب وباحثون آخرون ممن ينتمون للجيل الجديد. وأكد وزير الثقافة، على أن المغرب ظل، على امتداد تاريخه، فضاء للتبادل ولالتقاء الثقافات وهو الأمر الذي حدد عبر عدة قرون هوية وطنية ترتكز على قيم التسامح والتآخي والتشارك، مشيرا إلى أن الدستور الجديد للمملكة يصب في هذا الاتجاه. ومن جهته، أعرب جون ليفي، نجل الراحل شمعون ليفي الأمين العام السابق مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، عن الأمل في أن يحتضن الكنيس اليهودي (صلاة الفاسيين)، أنشطة ثقافية لفائدة ساكنة المدينة.وقال جون ليفي، في كلمة خلال حفل تدشين هذا الفضاء الخاص بأداء الشعائر الدينية للطائفة اليهودية بعد ترميمه، إن أجمل تكريم للراحل شمعون ليفي، هو جعل الكنيس اليهودي (صلاة الفاسيين) فضاء ثقافيا متميزا تنظم فيه أنشطة لفائدة الساكنة المحلية. كما عبر جون ليفي، الذي يمارس مهنة الطب في برلين، عن سعادته لرؤية الجهود التي بذلها لدى الحكومة الألمانية وتلك التي بذلها والده الراحل، تكلل بإعادة فتح هذا الكنيس الذي يؤرخ لصفحة جميلة من تاريخ المدينة. وقال إن هذه المدينة هي مكان فريد يحمل في طياته دروسا في قيم التسامح والتعايش، مذكرا أنه في القرن ال15 احتضن المغرب بصدر رحب اللاجئين اليهود القادمين من الأندلس وسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية. وحضر حفل تدشين الكنيس، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، العديد من الشخصيات المغربية والألمانية بالإضافة إلى ممثلي الطائفة اليهودية وعلماء مسلمون ومنتخبون ورجال الفكر والثقافة. ويعد كنيس «صلاة الفاسيين»، الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن 17 من المعالم التاريخية للثقافة اليهودية التي تحتضنها مدينة فاس المصنفة من طرف منظمة ( اليونسكو ) ضمن التراث العالمي الإنساني. وفي السابق احتضن هذا الفضاء الذي يقع بحي الملاح الشهير وبجوار الحصن المريني ويشغل أحد أبراجه، ورشة لصناعة الزرابي ثم قاعة للرياضة. ومنذ منتصف التسعينيات نجحت «مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي» التي كان يشرف عليها الراحل سيمون ليفي في تعبئة العديد من الشركاء والمانحين من اجل إعطاء الانطلاقة لأشغال ترميم هذا الفضاء الديني اليهودي الذي يعد من بين أقدم البيع اليهودية بفاس. ولعب هذا الفضاء أدوارا مهمة في الحياة الروحية للطائفة اليهودية بفاس التي كان عددها يقدر بحوالي 30 ألف نسمة. وتم تمويل عمليات ترميم الكنيس اليهودي «صلاة الفاسيين « من خلال هبات ساهمت بها كل من الجمهورية الفيدرالية الألمانية ومؤسسات وأسر يهودية مغربية.