دشن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، اليوم في حي الملاح بمدينة فاس، افتتاح الكنيسة اليهودية "صلاة الفاسيين" بعد ترميمها من خلال هبات ساهمت فيها الجمهورية الفيدرالية الألمانية، والطائفة اليهودية بفاس، ومؤسسة "جاك طوليدانو"، بالإضافة إلى سيرج وجاك بيرديغو، وعائلة سيمون ليفي. ووصف بنكيران في الحفل ذاته، الذي حضره العديد من الشخصيات المغربية والألمانية وممثلو الطائفة اليهودية وفعاليات فكرية وثقافية مختلفة المشارب، افتتاح الكنيسة اليهودية "صلاة الفاسيين" بأنه "درس للقرن 21 يوجهه المغرب إلى بقية العالم". وأكد رئيس الحكومة، الذي كان يتحدث لرجال الصحافة والإعلام عقب حفل الافتتاح، بأن "هذا الحدث يكرس هوية المغرب كأرض للسلام والتسامح والتعايش السلمي بين مختلف معتنقي الديانات السماوية"، مضيفا بأن "تدشين هذا المعبد اليهودي ستكون له بالضرورة أصداء كبيرة على الساحة الدولية". وبدوره أفاد أندري أزولاي، مستشار الملك محمد السادس، بأن تدشين الكنيسة اليهودية بفاس بعد ترميمها "يعكس غنى وحيوية وتنوع المغرب"، لافتا إلى أن "هذا الحدث يشكل تجسيدا لقوة المغرب ولدستوره الذي حدد خارطة طريق لنقاوم النسيان وفقدان الذاكرة". ولم يفت أزولاي، في تصريحات صحفية عقب حفل التدشين، أن ينوه بالراحل شمعون ليفي الذي عبأ حين كان على رأس "مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي" العديد من الشركاء والمانحين من أجل المساهمة في إعادة ترميم هذا المعبد اليهودي الذي يعد أحد المكونات الأساسية للتراث اليهودي المغربي بفاس" وفق تعبير أزولاي. وقال سيرج بيرديغو، السفير المتجول للملك محمد السادس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي٬ إن حفل افتتاح الكنيسة اليهودية "صلاة الفاسيين" بفاس بعد ترميمها "دليل على الاهتمام البالغ الذي يوليه الملك لحماية التراث الثقافي والتاريخي لليهود المغاربة". وأورد بيرديغو بأن تدشين هذه المعلمة الدينية اليهودية مؤشر على أن "تاريخ اليهودية في المغرب هو الحاضر٬ كونها الطائفة الواعية بماضيها المشبعة بالحيوية والمشاريع المنفتحة على المستقبل"، قبل أن يؤكد بأن هذه الطائفة "جزء لا يتجزأ من الواقع المغربي٬ مع كل ما يعنيه ذلك من التمتع الكامل بالحقوق المدنية وحرية العقيدة والوعي الكامل بالمسؤولية". ومن جهته صرح محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة المغربي، بأن الحفاظ على التراث الثقافي اليهودي المغربي يشكل واجبا يكتسي اليوم صبغة استعجالية٬ مما يحتم على الجميع حمايته من التدهور والحيلولة دون انقراض هذا الكنز الوطني الذي يتكون من مخطوطات ووثائق ومؤلفات نادرة باللغة العربية المكتوبة بحروف عبرية". وأفاد الصبيحي بأن "هذا التراث يظل من خلال مواقعه التاريخية وبيعاته وأحيائه المعروفة بالملاح وأضرحته ومقابره خير شاهد على التاريخ المشترك الممتد لمئات السنين، والذي ينقل للأجيال القادمة إرثا ثمينا هو إرث التعايش الذي كان على الدوام خاصية تميز المغاربة منذ القدم". وجدير بالذكر أن الكنيسة اليهودية "صلاة الفاسيين"، التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن 17، تعتبر من المعالم التاريخية للثقافة اليهودية التي تحتضنها مدينة فاس المصنفة من طرف منظمة "اليونسكو" ضمن التراث العالمي الإنساني، وقد لعب هذا المعبد أدوارا مهمة في الحياة الروحية للطائفة اليهودية بفاس التي كان عددها يقدر بحوالي 30 ألف نسمة.