في جو تصدرته قيم التعايش والحوار بين جميع روافد الهوية المغربية جرى صباح الأربعاء بمدينة فاس العتيقة تدشين البيعة اليهودية «صلاة الفاسيين» بعد ترميمها وذلك بحضور رسمي وازن على رأسه رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران ووزير الداخلية امحند العنصر ووزير الثقافة محمد أمين الصبيحي.وبعد مراسيم الصلاة والدعاء لجلالة الملك والترحم على روح والده الملك الحسن الثاني وجده الملك محمد الخامس وفق طقوس يهودية أشرف عليها الحاخامان الأكبران لمدينتي البيضاءوفاس أعطيت الكلمة لرئيس الحكومة بن كيران الذي تفضل بقراءة رسالة ملكية موجهة إلى المشاركين في حفل افتتاح بيعة صلاة الفاسيين والتي أشاد فيها جلالة الملك بهذه المبادرة التي تقف وراءها مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي بتعاون وشراكة مع وزارة الخارجية الألمانية ومجموعة من المؤسسات والشخصيات معتبرا جلالته الحفاظ على بيعة صلاة الفاسيين وتجديدها باعتبارها معلمة تاريخية تم تشييدها خلال القرن السابع عشر دليلا على غنى وتنوع المكونات الروحية والتراث الأصيل للمملكة المغربية، هذا التراث تقول الرسالة الملكية الذي انصهرت في بوتقته الخصوصية اليهودية المغربية، وبالمناسبة دعا جلالة الملك في الرسالة ذاتها إلى ترميم كافة المعابد اليهودية في مختلف المدن المغربية لتصبح ليس فقط مكانا للعبادة وإنما أيضا فضاء للحوار الثقافي ولإحياء القيم الحضارية للمغرب. وقد تميز حفل تدشين بيعة صلاة الفاسيين إلى جانب الرسالة الملكية وحضور ممثلي الحكومة وممثلي الطائفة اليهودية بالمغرب بمشاركة العديد ممثلي الدول الأجنبية في مقدمتهم رئيس البرلمان الألماني وسفير الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب. تجدر الإشارة إلى أن تاريخ بناء بيعة «صلاة الفاسيين» يعود إلى القرن السابع عشر من طرف اليهود الفاسيين الأصليين الذين سكنوا المنطقة لقرون وتختلف طقوس عبادتهم عن طقوس اليهود النازحين من الأندلس سنة 1492 وللحفاظ على تميز عبادتهم قام اليهود الفاسيون المعروفون بالطوباشيم من مرتادي بيعة صلاة الفاسيين بتدوينها في كتاب سموه محبة القدامى، لكن بعد سنوات وعقود من الزمن سوف تغلق البيعة أبوابها، وذلك مع بداية السبعينيات من القرن الماضي وتتحول من مكان للعبادة ومعلمة دينية و حضارية إلى معمل للزرابي ثم قاعة لممارسة رياضة الملاكمة لكن شاءت الأقدار أن تقيد لها رجلا اسمه شمعون ليفي الكاتب العام السابق لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي الذي جعل من ترميمها مشروعا ناضل من أجله وحسس وأقنع بأهميته الكثير من الشخصيات والمؤسسات الوطنية والدولية التي قبلت الانخراط فيه ماديا ومعنويا، ونذكر منها وزارة الخارجية الألمانية والطائفة اليهودية بفاس ومؤسسة جاك طوليدانو وجاك وسيرج بيرديغو وعائلة شمعون ليفي وباتريسيا فيرنانذيز بنسوود وعشرات المتبرعين والمانحين ومن بينهم المستشارالملكي أندريه أزولاي ويأتي ترميم بيعة صلاة الفاسيين بعد سنوات على ترميم بيعة أخرى تحمل اسم ابن دنان وهي العملية التي تندرج في إطارحماية وصيانة التراث الثقافي والحضاري اليهودي المغربي ،الذي ازداد قيمة واهتماما مع التنصيص في الدستور المغربي على الرافد العبري ضمن الهوية الوطنية كما تتخذ عملية ترميم هذا التراث في العاصمة العلمية للمملكة بعدا أوسع، إذ تدخل ضمن حماية مدينة فاس القديمة المصنفة تراثا عالميا من طرف اليونسكو.