طنجة، هذا الفضاء المنفتح على بحرين، يختزل في عمقه حدوثة سينمائية/فنية متعددة، الأبعاد والدلالات. طنجة اليوم، تحتضن الدورة الرابعة عشر للمهرجان الوطني السينمائي. وصول المهرجان إلى هذا الرقم المركب، دليل على كونه وصل مرحلة النضج، وقطع العديد من المراحل، سواء تلك المتعلقة بالتأسيس، أو الاستمرارية أو الترسيخ. فرصة ممتعة لنساء ورجال السينما بالمغرب، وغيرهم من خارج المغرب، للاطلاع على طبيعة المنتوج السينمائي المغربي. أسئلة متعددة ستطرح للنقاش. المهم أننا كمغاربة أصبحنا نفكر ونناقش بالسينما وللسينما. قد نختلف أو نتفق أو نتصارع حتى...لكن المهم هو كوننا لدينا هذا المنتوج/الخطاب، نبني عليه، ونحاول ما أمكن أن نولد منه المفكر واللامفكر فيه. من يعرف البدايات الأولى للسينما المغربية، وما وصلت إليه السينما اليوم من الممكن أن يستخلص الخلاصات التالية: تطور ملحوظ في الجانب الكمي. تحكم المغربي في كل التقنيات السينمائية، من تصوير ومونتاج وصوت وإنارة وموسيقى تصويرية وملابس، بعدما كنا في «قبضة» الآخر الذي كان يصنع صورتنا وتقنياتها. اقتناع الدولة بأهمية دعم هذا المكون الفني والثقافي، فالسينما شكل من أشكال الدبلوماسية الثقافية. أصبح المغربي»يصنع» صورته بنفسه، وهي صورة مولدة لنقاشات متعددة، من الممكن أن تفضي إلى تعلمنا كيف نفكر بالصورة وللصورة. وجود حرية مهمة في هذا المجال، وهي حرية مضمونة من طرف كل مكونات المشهد السياسي. وجود هامش مهم في مربع القول السينمائي، مفتوح، مهرجان طنجة الوطني للسينما دليل على هذا، وأيضا تعدد المهرجانات السينمائية المغربية من طنجة وإلى حدود الصحراء المغربية، مرورا بالعديد من المدن والقرى المغربية، في شمال ووسط وجنوب وشرق المغرب، وما صدور القوانين الجديدة لدعمها إلا دليل قاطع على إيمان من بيدهم القرار بأهميتها. السينما المغربية رافعة مهمة لتشغيل وتنشيط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. انفتاح البحث العلمي والتربوي على هذه المتون السينمائية، لجعلها مادة للبحث. إيمان كل من يهتم ويشتغل بالسينما، بضرورة الابتعاد المطلق عن العنف والتطرف، بل السينما المغربية جعلت من هذه المواد مادة سينمائية، تدعو من خلالها إلى ضرورة نبذ هذه المظاهر. مشاهدة المغربي للمغربي سينمائيا، بعدما كانت بعض الجغرافيات السينمائية، تتحكم في تلقينا بشكل شبه مطلق. هذه بعض الخلاصات الجوهرية، التي من الممكن تعميق النقاش فيها من زوايا متعددة ذات طبيعة إعلامية وأكاديمية ونقدية. صحيح، أننا مطالبون ببذل العديد من المجهودات التكوينية والترسانة القانونية، وتحقيق المزيد من ضخ الأموال العمومية والخاصة، في مجال الفنون ككل، والسينما على وجه الخصوص، كل هذا من أجل أن نعمق صورتنا المغربية داخل وخارج المغرب، في أفق الإمساك بأهم وأقوي العناصر المؤسسة لمشروع جمالي حضاري مغربي، منفتح على الحدوثات التاريخية والحكواتية الإنسانية.