تتعرض الأحياء المحاصرة في وسط سوريا لقصف من القوات النظامية، في ظل استمرار الاشتباكات بين هذه القوات وبين مقاتلين معارضين في غرب المدينة لليوم الخامس على التوالي، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطون. وقال المرصد في بيان صباحي «تتعرض الأحياء المحاصرة للقصف من القوات النظامية»، بعد أن كان أشار صباحا إلى مقتل سبعة رجال بينهم ستة مقاتلين خلال اشتباكات ليلا مع القوات النظامية وقصف على حي جوبر». وذكر أن «القوات النظامية حاولت فرض سيطرتها على أطراف مدينة حمص». وقالت الهيئة العامة للثورة من جهتها في بريد الكتروني إن «قوات النظام تقصف بشكل عنيف بالمدفعية الثقيلة على حمص وسط اشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي في الجهة الغربية اثر محاولة قوات النظام اقتحام المدينة». وندد المجلس الوطني السوري، أحد أبرز مكونات المعارضة السورية، في بيان أصدره ليلا ب»تصعيد النظام السوري هجمته الوحشية المنهجية على مدينة حمص وريفها بهدف تهجير الأهالي على أسس طائفية لتحقيق ما يعتقد أنه انتصاره النهائي على حمص، قلب ثورة الكرامة والحرية السورية». وأضاف البيان أن «النظام يستخدم لتحقيق هدفه الإجرامي هذا أبشع الأساليب التي يمكن أن تستخدم ضد مجتمع بشري: القصف بالأسلحة الثقيلة والحصار المطبق ومنع جميع سبل الحياة من الغذاء والدواء والخدمات الأساسية وإطلاق العصابات والميليشيات الطائفية الحاقدة لتعيث فسادا وقتلا وهتكا للأعراض، ويتوج كل ذلك بالمذابح الجماعية التي أفرغت أحياء وقرى بشكل كامل من سكانها». ودعا المجلس «الشعب السوري إلى هبة وطنية لنجدة حمص على كل الأصعدة» و»الجيش الحر في كل أنحاء سوريا لمد يد العون العسكري لرفاقهم في حمص بالعتاد والرجال»، و»جميع هيئات الاغاثة لاعطاء أهالي حمص المحاصرين والمشردين أولوية مطلقة في المساعدة». وفي محافظة درعا «جنوب»، تعرضت بلدة بصر الحرير لقصف بالطيران الحربي، فيما يشهد محيطها اشتباكات بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية مستمرة منذ أيام، بحسب المرصد. وفي محافظة ريف دمشق، أفاد المرصد عن غارة جوية الخميس على مدينة داريا. كما تتعرض بلدة عقربا لقصف عنيف من القوات النظامية يتزامن مع اشتباكات على أطرافها. وقلل وزير الخارجية السعودي من حظوظ الحل عبر التفاوض مع نظام الأسد، ودعا الأممالمتحدة إلى دور أكثر فاعلية في النزاع، يأتي هذا في ظل تصريحات روسية وأممية تستبعد الوصول إلى حل سياسي في المدى القريب. وقال سعود الفيصل أمس ان الحكومة السورية ترفض أي حل لذلك يواجه العرب «مأزقا كبيرا» في سوريا. وتساءل الفيصل: «ما الذي يتوقع منا ان نقوم به من اجل ان نفوز بالمعركة؟ الوضع سيء جدا في سوريا. دمشق اقدم مدينة اصبحت مكانا للقصف، كيف لنا ان ندرك امكانية الوصول الى حل بالمفاوضات مع شخص يفعل هذا بأهله وتاريخه؟ هذا أمر لا يمكن تصوره». واعتبر الفيصل ان «الأممالمتحدة أمامها واجب أساسي في هذه القضية عندما نصل الى مرحلة نقول معها هذا يكفي لقد مات الآلاف ودمرت المدن والبنية الأساسية». وقال مراقبون إن الرياض، التي فضلت في الفترة الأخيرة إعطاء الفرصة لمحاولات تجري من أجل الوصول إلى حل سياسي بسوريا برعاية عربية، اقتنعت بأن نظام الأسد غير جاد في التعاطي مع هذه الجهود، ما جعلها تدعو إلى حل أممي. وفي سياق متصل بانسداد الأفق في سوريا، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن النزاع قد يطول دون التوصل إلى نتيجة واضحة. وعلق مراقبون على تصريحات بوغدانوف بكونها اعترافا روسيا باستحالة انتصار الأسد عسكريا، وهو ما حدا بنائب لافروف إلى البحث عن توسيع دائرة الاتصالات الروسية لتشمل معارضين سوريين آخرين. وقال بوغدانوف إن روسيا لا تستبعد إجراء اتصالات جديدة مع المعارضة السورية في القريب العاجل بما في ذلك أطراف لم تتصل بهم سابقاً. وتزامنت نبرة التشاؤم السعودية الروسية مع تصريحات أخرى متشائمة صادرة عن المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، وعن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عبرا فيها عن «خيبتهما الكبرى وقلقهما أمام اتساع عمليات الرعب والمجازر والتدمير التي تقوم بها الحكومة والمعارضة وتغذيها القوى الخارجية التي تقدم اسلحة الى الطرفين»، حسب ما أعلن المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نيسيركي. ومن المقرر أن يقدم الابراهيمي تقريرا عن مهمة الوساطة التي قام بها في سوريا إلى مجلس الأمن الدولي في 29 يناير. وارتفع منسوب الأمل في حل سياسي بسوريا بعد تحركات الإبراهيمي بين دمشق وموسكو، فضلا عن دعم أميركي قوي لحل «توافقي» بين الأسد ومعارضيه يمنع وصول المجموعات الجهادية إلى السلطة بسوريا. وكانت تسريبات صحفية قد أشارت إلى أن خطة روسية أميركية يعمل المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي على الترويج لها، تقوم على تشكيل حكومة توافق عليها كافة الأطراف في سوريا على أن يبقى الرئيس بشار الأسد في منصبه حتى 2014 شرط أن تكون له صلاحيات محدودة، من دون أن يترشح مجدداً للانتخابات. وهي مبادرة زكتها دول غربية «عدا باريس» ودول إقليمية خاصة دول الخليج «عدا قطر التي اعتبرت المبادرة تهميشا لها باعتبارها الداعم الأبرز للمجموعات الجهادية، بالإضافة إلى تركيا التي تسرعت في اشتراطها رحيل الأسد فورا». لكن خطاب الأسد الأخير الذي أكد فيه عزمه على الترشح لانتخابات 2014، ورفضه الحوار مع معارضة الخارج التي وصفها بالعميلة، أسقط كل تلك الآمال في الماء.