اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان الاحد 26 اغسطس الجاري انه تم العثور على مئات الجثث في مدينة داريا بالقرب من دمشق التي كانت اقتحمتها القوات النظامية بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلين معارضين منذ الثلاثاء الماضي. واعلن المرصد في بيان صباح الاحد ان "320 شخصا على الاقل قتلوا في داريا خلال الحملة العسكرية التي استمرت في الايام الخمسة الماضية في داريا". وبين هؤلاء القتلى "تسعة اشخاص عثر على جثامينهم قرب مسجد عمر بن الخطاب في داريا في ظل استمرار الانتشار الامني والعسكري" في المدينة التي يسكنها عموما نحو 200 الف نسمة وتقع الى جنوب غرب العاصمة السورية. ويشمل عدد القتلى ال320 الذين قتلوا منذ الثلاثاء، 34 شخصا قتلوا السبت في المدينة. واضاف المرصد انه "تم توثيق اسماء نحو مئتين من الشهداء بينهم نساء واطفال وشبان ورجال ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة" في المدينة التي "شهدت قصفا عنيفا واشتباكات عنيفة واعدامات ميدانية بعد الاقتحام"، حسب المرصد. في المقابل، ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان الجيش النظامي "طهر مدينة داريا بريف دمشق من فلول المجموعات الارهابية المسلحة التى ارتكبت الجرائم بحق ابناء المدينة وروعتهم وخربت دمرت الممتلكات العامة والخاصة". واضافت ان "عمليات ملاحقة الارهابيين المرتزقة (...) اسفرت عن القضاء على عدد كبير من الارهابيين ومصادرة كمية من الاسلحة والذخيرة". وبحسب التلفزيون السوري الرسمي فان داريا "تم تطهيرها من بقايا الارهابيين". ووصفت صحيفة الثورة الحكومية ما حصل بانه تطهير من قبل قواتنا المسلحة الباسلة لمدينة داريا بريف دمشق من فلول المجموعات الارهابية المسلحة التي ارتكبت الجرائم بحق أبناء المدينة". ووصفت لجان التنسيق المحلية في بيان ما حصل في داريا ذات الغالبية السنية بانه "مجزرة ارتكبها النظام". ولفتت الى ان "وحشية أجهزة النظام ومليشياته زرعت امس (السبت) الموت في شوارع البلدة وبساتينها من دون تمييز بين رجل او امراة او طفل في مقتلة (...) راح ضحيتها أكثر من 300 شهيد". وذكرت ان ما حصل ياتي "نتيجة اجرام ممنهج يبدا بفرض الحصار وقطع وسائل وسبل الحياة ليتبعه قصف عشوائي بالأسلحة الثقيلة والطيران"، مضيفة انه يتبع ذلك "تدخل قطعان القتلة لتمارس الاعدامات الميدانية وتقطيع الأوصال وحرق الجثث". واشارت الى ان "جيش النظام تحول الى جيش احتلال قاتل للسوريين"، واتهمت النظام بانه "يواجه المجتمع الدولي بتحد جديد مع بدء مهمة جديدة ومبعوث جديد" في اشار الى المبعوث الدولي-العربي الجديد لحل الازمة السورية الاخضر الابراهيمي. وكان الابراهيمي اعلن الجمعة انه شعر "بالفخر والاطراء والتواضع" عندما كلف مهمته الجديدة كموفد دولي الى سوريا، لكنه وصف حجم مهمته في سوريا بانه "مخيف". ودعت صحيفة الثورة السورية الحكومية السبت الابراهيمي الى عدم سلوك طريق سلفه كوفي انان حتى لا تفشل مهمته. من جهتهم، اعتبر ناشطون ان ما حصل في داريا محاولة جديدة "للقضاء مرة واحدة والى الابد على الثورة في العاصمة بعد ان اعاد المقاتلون المعارضون التجمع في ضواحي جنوب العاصمة"، بعدما اعلن الجيش النظامي في اواخر تموز/يوليو الماضي استعادة السيطرة الكاملة على دمشق اثر اسبوعين من المعارك العنيفة مع المقاتلين المعارضين. واظهر شريط فيديو بثه ناشطون على الانترنت تحت عنوان "مجزرة في جامع ابو سليمان الدارياني في داريا"، عشرات الجثث المصفوفة جنب الى جنب في قاعة يسيطر عليها نور خافت. وبحسب تعليق المصور فان "مجزرة وحشية ارتكبتها عصابات نظام الاسد في جامع ابو سليمان الدارياني"، مضيفا انه نتيجة ذلك "سقط اكثر من 150 شهيدا في حملة وحشية شنتها العصابات المجرمة ضد المدينة". واتهمت الاممالمتحدة في تقرير صادر عنها منتصف آب/اغسطس الماضي القوات النظامية السورية والشبيحة بارتكاب مجازر ضد الانسانية"، مشيرة الى ان المقاتلين المعارضين يرتكبون كذلك جرائم حرب و"ان على نطاق اضيق". وقال المرصد ان حصيلة ضحايا السبت "بلغت 183 قتيلا هم 124 مدنيا وعشرين مقاتلا معارضا بالاضافة الى 39 من عناصر القوات النظامية". واوضح ان بين القتلى الذين سقطوا امس 34 مدنيا في داريا وحدها "بينهم ست سيدات وستة اطفال إثر اطلاق نار وعمليات اعدام ميداني شهدتها المدينة"، بعد اقتحام القوات النظامية وقصفها اثر معارك عنيفة مع مقاتلين معارضين. ومنذ توقف الاممالمتحدة عن اصدار ارقام للضحايا في سوريا، يتعذر التحقق من الحصيلة التي يعلنها المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويعتمد في ارقامه على شهادات ناشطين على الارض، نظرا للقيود المفروضة على وسائل الاعلام في سوريا. وكان المرصد اعلن ليل السبت الاحد العثور على عشرات الجثث لاشخاص مجهولي الهوية في داريا في ريف دمشق. الى ذلك، وفي ريف دمشق ايضا، ذكر المرصد ان خمسة مقاتلين "استشهدوا اثر اشتباكات وقصف في مزارع بلدة رنكوس". اما في مدينة حلب (شمال)، فتواصلت عمليات القصف على احياء صلاح الدين وسيف الدولة وسليمان الحلبي والصاخور والميدان للقصف من قبل القوات النظامية، بحسب المرصد الذي اشار الى اشتباكات بين هذه القوات والمقاتلين المعارضين "في احياء سيف الدولة والصاخور والميدان وسليمان الحلبي". واضاف ان الاشتباكات ادت الى سقوط مقاتل في حي الميدان. وافاد مراسل وكالة فرانس برس في حلب ان الدبابات تقصف بشكل عنيف احياء عدة في المدينة ما يجبر السكان على الهرب للبحث عن ملجأ. وقال احد القادة الميدانيين من المقاتلين المعارضين في سيف الدولة ان الجيش النظامي "يحاول التقدم ونحن نصدهم، لكن هناك الكثير من الشهداء والجرحى". وفي مدينة حمص (وسط)، تجدد القصف "بشكل عنيف على احياء حمص القديمة المحاصرة من مدفعية النظام المتواجدة في الغابة في الوعر"، بحسب المرصد. ووقتل اكثر من 25 الف شخص معظمهم من المدنيين في سوريا منذ بدء الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الاسد قبل نحو 17 شهرا.