يصادف يوم الأحد 13 يناير الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2963 وتتجلى مظاهر هذا الاحتفال في التعبير بالتشبث بالأرض وبخيراتها. وإذا كان الاحتفال بهذه المناسبة في السابق، يتم بشكل عابر وفي حدود ضيقة تقتصر على مناطق معينة وبالأخص في البوادي التي يستقر بها الأمازيغيون المتشبثون بتقاليدهم العريقة، أخذا بعين الاعتبار أن هذا النوع من الاحتفال له جذور عميقة في التاريخ، فإن مظاهر الاحتفال به، ما فتئت تتقوى وتتوسع وتفرض حضورها بمختلف طبقاته وجهاته. ويرجع ذلك إلى الاعتبار الذي أولته الدولة للأمازيغية باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية، ويتجلى ذلك بالخصوص في المكانة التي تبوأتها ضمن الدستور الجديد. ولعل تركيز العناية والاهتمام بالأمازيغية انطلق مع إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي ساهم في تحقيق عدة مكتسبات من قبيل، تطوير اللغة الأمازيغية وفرض حضورها في الوسط التربوي وفي الإعلام وفي مختلف مظاهر حياتنا اليومية. ويأتي موعد الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، الجديدة ليرسخ هذا الاهتمام بالشأن الأمازيغي الذي ما فتئنا نلمسه في مختلف المظاهر. حيث أن هذا الاحتفال لم يعد مجرد طقس ديني سنوي عابر، يقتصر على فئة محدودة من المغاربة، هي بالتحديد ذات الانتماء الأمازيغي، بل صار الاحتفال يكتسي طابعا وطنيا، لترسيخ المكتسبات التي تحققت للأمازيغية باعتبارها لغة وكيانا وأيضا لجل الدفع في اتجاه تفعيل دسترتها. واللافت للانتباه هذه المرة انخراط قطاعات مختلفة في الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة، فلم يعد هذا الاحتفال يعنى به الأمازيغيون وحدهم، بل صار يحظى باهتمام مديريات وزارة الثقافة والعديد من منظمات المجتمع المدني غير المختصة بالشأن الأمازيغي بالضرورة، فهناك منظمات تعنى بشؤون المرأة وحقوق الإنسان وغير ذلك من الاهتمامات العامة، التي أبت إلى أن تنخرط بدورها في الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة، دون إغفال كذلك حرص العديد من الأحزاب السياسية على المشاركة في هذا الاحتفال كذلك. ولأول مرة في اعتقادنا، سيشهد الاحتفال بهذه المناسبة، بعض المظاهر التي ألفنا متابعتها في احتفالات السنة الميلادية والهجرية، من قبيل إطلاق الشهب الاصطناعية، حيث تم تسطير برنامج احتفالي يشتمل على هذه الفقرة المتميزة، ففي مختلف جهات المملكة، سواء في البوادي أو في المدن، سيتم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة، وفق برنامج تنخرط فيه عدة قطاعات على اختلاف اهتماماتها. ويسعى المعنيون بالشأن الأمازيغي إلى جعل رأس السنة الأمازيغية الجديدة، بمثابة عطلة سنوية مؤدى عنها، كسائر الأعياد الدينية والوطنية، حتى يكتسي هذا الاحتفال طابعه الجوهري. فمما لا شك فيه، أن هذا المكتسب من شأنه أن يدعم مختلف المظاهر المتعلقة بدسترة الأمازيغية. أحمد عصيد* من أجل يوم عطلة معترف به تعرف الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية تزايدا في أعدادها، إلى حد أنها باتت تنظم في مختلف مناطق المغرب، بشكل مكثف على امتداد ثلاثة أيام، بمشاركة أعداد كبيرة من الفاعلين الجمعويين والباحثين والفنانين والجامعيين، لأجل عيش لحظة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة، وممارسة الطقوس الخاصة بها. هناك مستجد، تعرفه هذه السنة، يتمثل في انضمام عدد من الجماعات المحلية والمجالس البلدية، في صلب الاحتفال بهذه المناسبة، وهذا مؤشر إيجابي، يجعلنا نقترب من الترسيم الفعلي لهذه المناسبة، لكي تصبح بمثابة يوم عطلة معترف به، كما هو الحال بالنسبة للاحتفال بالسنة الهجرية والميلادية، هذا مطلب رئيسي، فجميع منظمي اللقاءات الخاصة بهذه المناسبة، سيصدرون بيانات، لأجل ترسيم الاحتفال والاعتراف به وطنيا. فبعد انطلاق العمل بهذا القرار في ليبيا، حيث أن مناطق من قبيل أدرار وتوزرارا.. باتت تعرف يوم عطلة بنفس المناسبة. ونحن علينا بدورنا أن نفتح نقاشا حول القانون التنظيمي للأمازيغية يصاحبه الإلحاح على جعل رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة معترف به. *باحث عبدالله حيتوس* الاعتزاز بما هو مشترك بين المغاربة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يدخل في سياق تاريخي متميز واستثنائي، ويمكن القول إنه يرتبط بملف الأمازيغية المتعلق بترسيم اللغة الأمازيغية. هذا مطلب منظمات المجتمع المدني وكل الديمقراطيين. تم إعطاء الاحتفال بهذه المناسبة نكهة جديدة، حيث أن مدينة تيزنيت ستشهد أنشطة ذات طابع متميز بمبادرة من جمعية تيري وكان، بحضور شخصيات سياسية ومناضلين بارزين، وسيتم لأول مرة ربما إطلاق شهب صناعية بنفس المناسبة. والملاحظ أنه لم تعد الحركات والجمعيات الأمازيغية وحدها من يحتفل بهذه المناسبة، بل انخرطت فيها جمعيات تعنى بشؤون أخرى، مما يدل على أن هذا شأن مشترك، إنه يدخل ضمن المشترك الجماعي، إنه قضية الجميع، و الاحتفال يهم الجميع. من المطالب الملحة التي تطفو على السطح بهذه المناسبة، تلك المرتبطة على وجه الخصوص باعتبار رأس السنة يوم احتفال وطني، طبعا يمكن أن يطرح للنقاش ما إذا كان ينبغي أن يكون يوم عطلة مؤدى عنه أو لا. إن الاحتفال يدل على الاعتزاز بما هو مشترك بين المغاربة، إن له ارتباطا بالأرض وبما تجود به، وهو كذلك مناسبة لتقييم الحصيلة واستشراف الآفاق. * فاعل جمعوي محمد الشامي* العمق الحضاري والشعور الديني الراسخ الاحتفالبهذه المناسبة تابع للحضارة الأمازيغية، فهذا التقويم هو تقويم تاريخي نظرا للشراكة الموجودة بين الأمازيغ والحضارة الفرعونية القديمة. فتقويم سلطة الأمازيغ مأخوذ عن مصر، إنها سلطة مقتسمة، إنه تقويم زمني وثقافي وحضاري وتاريخي، يعبر كما هو شأن العديد من الأمم التي تحتفل ببداية حضارتها أو بحدث سعيد في تاريخها. الأمة الأمازيغية لها حضارة عريقة ولها تقويم لا بد من الاحتفال به، عبر طقوس مختلفة ذات بعد حضاري، يعود إلى تقاليد مرتبطة بالفلاحة، مؤشرة على انتهاء فترة فصلية والانتقال إلى أخرى، وهذه الطقوس لها أبعاد ومتغيرات حضارية. إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية له بعد ديني كما هو الحال بالنسبة للاحتفال بالسنة الميلادية والهجرية، لإبراز التميز الثقافي والحضاري والديني، والإحساس بالعزة، فالأمازيغية مثلهم مثل كافة الأمم، لهم حضارة وقيم تفتخر بها. هذا الاحتفال يدل على العمق الحضاري والشعور الديني الراسخ، وهو مفخرة للأمازيغ بما ساهموا به على المستوى الثقافي والحضاري على الصعيد الكوني. * فاعل جمعوي محمد صلو* الاحتفال بخصوبة الأرض والتشبث بالوطن الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية ما فتئت تتوسع من حيث المواقع والأماكن والمدن والقرى، ومن حيث الكم، فعدد الناس الذي يحتفلون بهذه المناسبة، وكذا التظاهرات الكبيرة التي تقام من أجله، تعرف زخما، وأعطي على سبيل المثال، مدينة تيزنيت خلال هذه السنة الجديدة، ستعرف احتفالات ضخمة، واللافت للانتباه بهذا الخصوص أن بعض المؤسسات الرسمية، من قبيل مديريات وزارة الثقافة بشراكة مع منظمات المجتمع المدني، وهذا الوضع لم يكن قائما، حيث أن الاحتفالات بهذه السنة الجديدة كانت تتم داخل البيوت في إطار عائلي ضيق، غير أنها ما لبثت تكبر عبر التفاعل مع الآخرين. هذا بطبيعة الحال يصب في اتجاه جعل رأس السنة الأمازيغية بمثابة عيد رسمي، بقوة القانون، فالاحتفال بهذا اليوم كان قائما منذ قرون، وكان يأخذ بعدا رمزيا، يتجلى في الاحتفال بخصوبة الأرض، والتشبث بالوطن. بتنا نشهد انخراط أحزاب سياسية في الاحتفال بهذه المناسبة، كما هو الحال بالنسبة لفرع حزب التقدم والاشتراكية ببومية، حيث سيتم تنظيم تظاهرة ثقافية وعمل خيري ولقاءات حول التراث الأمازيغي، ومعرض للكتاب. الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إذن، يتطور بشكل ملفت، وينبغي إقرار يوم عطلة لإعطاء الاعتبار لهذه المناسبة. *باحث