فيما يبدو أنه لأسباب أمنية، طل الرئيس السوري بشار الأسد من دار الأسد للثقافة والفنون وسط دمشق ليلقي خطابا انتظره الكثير من السوريين على أمل أن يحمل إليهم أي بوادر لحل الأزمة المستمرة منذ 21 شهرًا. لكن الأسد الذي رأى أن الثورة السورية مزعومة وأن الثوار ليسوا سوى حفنة من المجرمين طرح مبادرة اقتصرها على معارضة الداخل. ردود على خطاب بشار وهذا هو أول خطاب مباشر يلقيه الأسد منذ سبعة أشهر. وكانت تقارير صحافية رجحت أن يقدم خلاله ما أطلق عليه اسم «خطاب الحل». وطرح الأسد أسسًا للحل، كما قال، تنص بداية على «التزام الدول المعنية بوقف تمويل وتسليح وإيواء المسلحين ووقف العمليات الإرهابية بما يسهل عودة النازحين»، على أن يلي ذلك «مباشرة وقف العمليات العسكرية من قبل قواتنا التي تحتفظ بحق الرد»، وصولاً إلى «عقد مؤتمر للحوار الوطني تشارك فيه كل الأطياف». وأكد الأسد أن أي مبادرة من الخارج «يجب أن تستند إلى هذه الرؤية السيادية، وأي مبادرة هي مبادرة مساعدة لما سيقوم به السوريون ولا تحل محلها». وأشار إلى أنّ الحكومة السورية ستبلور خلال الأيام المقبلة هذه الأفكار وتطرحها، وأي مبادرة «سوف تستند إلى هذه الأفكار (...) ولا داعي لنضيع وقتنا بأفكار تخرج عن هذا السياق». أعداء الوطن واعتبر الأسد أن النزاع المستمر ليس بين حكم ومعارضة بل بين الوطن وأعدائه. وقال في خطابه: «الكثيرون سقطوا في فخ صور لهم بأنه صراع بين حكم ومعارضة، صراع على سلطة وكرسي ومنصب، من واجبنا أن نعيد توجيه الرؤية باتجاه البوصلة الحقيقية (...) إنه صراع بين الوطن وأعدائه بين الشعب والقتلة والمجرمين». وأضاف أن الصراع هو «بين المواطن وخبزه ومائه ودفئه ومن يحرمه من كل ذلك، بين حالة الأمان التي كنا نتغنى بها وبث الخوف والذعر في النفوس». وسأل «هل هذا صراع على كرسي ومنصب، أم صراع بين الوطن وأعدائه؟ هل هو صراع على سلطة أم انتقام من الشعب الذي لم يعطِ أولئك الإرهابيين القتلة الكلمة المفتاح من اجل تفتيت سوريا وتفتيت مجتمعها؟». وأضاف «يسمونها ثورة وهي لا علاقة لها بالثورة لا من قريب ولا من بعيد (...) الثورة تكون ثورة الشعب، لا ثورة المستوردين من الخارج كي يثوروا على الشعب، هي ثورة من اجل مصلحة الشعب ليس ضد مصالح الشعب». وسأل «بالله عليكم، هل هذه ثورة وهل هؤلاء ثوار؟ إنهم حفنة من المجرمين»، في إشارة إلى المقاتلين المعارضين الذين يواجهون القوات النظامية على الأرض. واعتبر الأسد أن هناك من يسعى إلى تقسيم سوريا، وقال: «للأزمة أبعاد أخرى ليست داخلية، ما يجري في الداخل بات واضحًا (...) هناك من يسعى لتقسيم سوريا». وأكد أنه مع الحل السياسي للأزمة «لكننا لم نجد الشريك» لذلك. يذكر أنه وبالتزامن مع بدء خطاب الأسد قال ناشطون إن الانترنت انقطع في أنحاء البلاد. قسم أنصار الأسد: شبيحة للأبد وشهد خطاب الأسد نهاية دراماتيكية حين حشره حشد من الحاضرين في زاوية القاعة فبدت على وجهه علامات الهلع رغم الهتافات المؤيدة. تدخل مرافقو الأسد لإخراجه من القاعة فيما هتف الحشد «شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد». الائتلاف المعارض يرد بالرفض رفض الائتلاف السوري المعارض الأحد أي مبادرة تعيد الاستقرار لنظام بشار الأسد، وذلك ردًا على ما طرحه الرئيس السوري في خطاب ألقاه في دمشق، بحسب ما قال المتحدث باسم الائتلاف وليد البني لوكالة فرانس برس. وقال البني في اتصال هاتفي «نحن قلنا عند تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بأننا نرغب بحل سياسي، لكنّ هناك هدفاً خرج السوريون من اجله، ودفعوا لأجله حتى الآن أكثر من 60 ألف شهيد»، مؤكدًا أن السوريين «لم يقدموا كل تلك التضحيات من اجل أن يعيدوا الاستقرار لنظام الطاغية» الذي يحكم سوريا. واعتبر البني أن خطاب الأسد موجه بالدرجة الأولى إلى «المجتمع الدولي والذي من الواضح يقوم بجهود حقيقية لإنضاج حل سياسي يؤدي إلى تلبية طموحات الشعب السوري بإنهاء الاستبداد وعلى رأسه إنهاء نظام عائلة الأسد». وأشار إلى أن الأسد يحدد للأطراف العاملة في البحث عن حل «بأن أي مبادرة لا تعيد الاستقرار لنظامه ولا تدعه هو الذي يسيطر على الوضع في سوريا (...) فهو لن يقبلها. هو انتقد حتى أي مبادرة لا تتوافق وروح ما طرح». واعتبر البني أن طرح الرئيس السوري «هو استبعاد إمكانية أي حوار مع الثوار (...) هو يريد أن يحاور من يختاره هو، وضمن هذا الحوار لا يقبل أي مبادرة تؤدي إلى تلبية طموحات الشعب السوري أو تؤدي في النهاية إلى رحيله وتفكيك نظامه». وأضاف أن الدعوة «تستثني الذين يثورون عليه»، وهي موجهة إلى «من لا يثور عليه أو من يمكن أن يقبل بعودة الاستقرار لنظامه بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب السوري». إيران تؤيد مقترح بشار الأسد لحل النزاع في سوريا أعرب وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي الاثنين عن تأييد بلاده للخطة التي اقترحها الرئيس السوري بشار الأسد لحل النزاع في سوريا. وقال الوزير في تصريح نشره موقع وزارته أن «الجمهورية الإسلامية (...) تؤيد مبادرة الرئيس بشار الأسد لحل شامل للازمة» في سوريا. وأكد صالحي أن خطة الرئيس السوري «ترفض العنف والإرهاب والتدخل الخارجي في بلاده وتقترح عملية سياسية شاملة» للخروج من الأزمة. ودعا صالحي كافة الفاعلين السوريين والمجتمع الدولي إلى «اغتنام الفرصة» التي تتيحها هذه الخطة «لإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا وتجنب امتداد الأزمة إلى المنطقة».