مهلة جديدة أمام هيئتي الضمان الاجتماعي للتخلي عن تقديم الخدمات الاستشفائية أو الأدوية قررت الحكومة، وللمرة الثالثة على التوالي، منح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي مهلة أخرى من سنتين من أجل الامتثال للفصل 44 من القانون المتعلق بالتأمين الإجباري على المرض والذي يمنع حالة التنافي بين مهمة تدبير التأمين الصحي ومهمة تقديم الخدمات الاستشفائية أو العلاجات أو الأدوية. وحسب هذا الفصل، فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبقى مطالبا قبل نهاية 2014 بإنهاء استغلاله ل 13 مصحة تابعة له، فيما تبقى إدارة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي مطالبة بالتوقف عن بيع الأدوية بالصيدلية التابعة لها. ولم تفلح إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في إيجاد شريك في مجال تدبير المصحات رغم عملية إعادة الهيكلة التي باشرتها بهدف جعل المصحات أكثر جاذبية للمفوض الجديد. فقد كانت آخر جولة من المفاوضات حول هذا الموضوع، والتي دامت شهورا عديدة، مع مجموعة (يو-إس-بي هوسبيتالز) تركزت بالخصوص حول تحديد دقيق لدفتر التحملات في إطار عقد التفويض الذي سيجمع الطرفين. غير أن مشاكل عدة برزت في الطريق أنهت تلك المفاوضات دون نتيجة رغم تسهيلات تضمنها دفتر التحملات وصفتها أوساط طبية ونقابية بكونها «ستضحي بمكتسبات العاملين بالمصحات وستقضي على ما يدعونه ب «الطب الاجتماعي». ويبدو أن مواقف الأوساط النقابية قد لعبت دورها في عدم إتمام هذه العملية. فهناك معارضة شديدة لمسطرة تفويت المصحات لشركة خاصة أجنبية تعمل وفق «منطق الربح السريع وبأي ثمن». في المقابل يدعم هؤلاء المعارضون خيار تفويض التدبير لهيئة مستقلة يشارك ممثلو الشغيلة المنخرطة بالصندوق في مجلسها الإداري حتى يسهروا على ضمان صون مكتسبات العاملين بالمصحات، والحفاظ على الطابع الاجتماعي الذي أسست من أجله. في هذا الإطار أسر مسؤول نقابي من الاتحاد المغربي للشغل لبيان اليوم أن «التجربة التي تمت مع مجموعة «يو إس بي هوسبيتال» التي كانت قاب قوسين من الحصول على حق التدبير المفوض للمصحات، أظهرت أن المجموعة أبانت عن نية في التراجع عن مكتسبات العاملين بالمصحات، وعدم استعدادها للقيام باستثمارات من أجل النهوض بالمصحات، فضلا عن جشعها الواضح المعبر عنه من خلال مطالبتها بدعم مالي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون الاستجابة لشرط هذا الأخير بتقديم ضمانات بنكية لتلك المبالغ». كما أبانت عن عدائها لمكتسبات الشغيلة بإعلانها عزمها التخلص مما تبقى من مستخدمي الصندوق، يضيف هذا المسؤول النقابي. وتستند مواصلة عملية تفويض تسيير مصحات الضمان الاجتماعي، وعددها 13، إلى شركة خاصة، إلى قرار للمجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في إحدى دوراته بهذا الخصوص. فقد رصدت لجنة التقصي التابعة لمجلس المستشارين العديد من التجاوزات والاختلالات في مجال التسيير وتدبير الموارد المرصودة للمصحات. هذا في الوقت الذي تلاحظ فيه النقابات أنه رغم كل ذلك لا يتمتع الأجراء، الذين تمول تلك المصحات من اقتطاعات من أجورهم، بالحد الأدنى من العلاجات الصحية التي تبقى كلفتها فوق طاقاتهم. أما بخصوص صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، حيث يبقى هذا الأخير مطالبا بإغلاقها تماشيا مع البند 44 من القانون المتعلق بالتأمين الإجباري على المرض، فقد فشلت إدارة «الكنوبس» في توقيع اتفاق مع نقابة الصيادلة يتم بموجبه تخفيض الهامش التجاري لبيع الأدوية المكلفة من 30 في المائة إلى 5 في المائة، وهو الهامش الذي تطبقه «الكنوبس» في صيدليتها الرئيسية لتخفيض كلفة تحمل العلاجات فيما يعتبره الصيادلة «منافسة غير قانونية» لهم لكن دون الرغبة في التنازل عن هامش الربح المهم الذي يطبقونه.