جولة جديدة للمفاوضات حول التدبير المفوض لمصحات الضمان الاجتماعي تسابق كل من إدارتي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي الزمن من أجل الامتثال للفصل 44 من القانون المتعلق بالتأمين الإجباري على المرض والذي يمنع حالة التنافي بين مهمة تدبير التأمين الصحي ومهمة تقديم الخدمات الاستشفائية أو العلاجات أو الأدوية. وحسب هذا الفصل، فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبقى مطالبا بإنهاء استغلاله ل13 مصحة تابعة له فيما تبقى إدارة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي مطالبة بالتوقف عن بيع الأدوية بالصيدلية التابعة لها. ويبدو أن الهيئتين معا منحتا مهلة ستكون الأخيرة من أجل تسوية هذه الوضعية قبل نهاية العام المقبل. في هذا الإطار قال مسؤول بإدارة الصندوق الوطني لضمان الاجتماعي إنه «من غير المستبعد أن تعيد إدارة الصندوق النظر في الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات المتعلقة بالتدبير المفوض في اتجاه تخفيفها بهدف جعل صفقة التفويض أكثر جاذبية بالنسبة للشريك المحتمل. وأضاف، في تصريح لبيان اليوم، إن» التركة الثقيلة ل13 مصحة تابعة للضمان الاجتماعي، سواء من الناحية المالية حيث تتجاوز مصاريفها مليون درهم في اليوم، أو من ناحية التحملات الأخرى، لم تشجع المؤسسات التي عبرت عن رغبتها في الحصول على هذا التفويض خلال المفاوضات السابقة». وكانت آخر جولة من المفاوضات حول هذا الموضوع قد دامت شهورا عديدة مع مجموعة ( يو-إس-بي هوسبيتالز) تركزت بالخصوص حول تحديد دقيق لدفتر التحملات في إطار عقد التفويض الذي سيجمع الطرفين. وقد كان من المتوقع أن ينطلق التدبير المفوض للمصحات الثلاثة عشر ابتداء من فاتح يناير 2008، غير أن مشاكل عدة برزت في الطريق أنهت تلك المفاوضات دون نتيجة. ولم تفلح إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في إيجاد شريك في مجال تدبير المصحات رغم عملية إعادة الهيكلة التي باشرتها بهدف جعل المصحات أكثر جاذبية للمفوض الجديد، وهي عملية أثارت الكثير من الجدل حولها، وأيضا رغم تسهيلات تضمنها دفتر التحملات وصفتها أوساط طبية ونقابية بكونها «ستضحي بمكتسبات العاملين بالمصحات وستقضي على ما يدعونه ب «الطب الاجتماعي». وكان المدير العام للصندوق، سعيد أحميدوش، قد قدر حجم الخسائر بالمصحات التابعة للضمان الاجتماعي بمليون درهم في الشهر إضافة إلى أن هناك تضخما للكتلة الأجرية نتيجة لسياسة التوظيف التي لم تكن، في رأيه، تراعي مقاييس الحاجة والكفاءة والمردودية، الأمر الذي جعل أن هناك فائضا في الموارد البشرية ببعض المصالح يثقل كاهل الميزانية. وتستند عملية تفويض تسيير مصحات الضمان الاجتماعي (وعددها 13) إلى شركة خاصة، إلى قرار للمجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في إحدى دوراته بهذا الخصوص. وقد كانت حالة التنافي التي نص عليها القانون المتعلق بالتأمين الإجباري عن المرض مخرجا لكي يتخلص الصندوق من حوالي 13 مصحة عبر التراب الوطني، حيث ظلت مشاكل متعلقة بالتسيير وتدبير أموال الصندوق المتعلقة بالمصحات عالقة دون تسوية. فقد رصدت لجنة التقصي التابعة لمجلس المستشارين العديد من التجاوزات والاختلالات في مجال التسيير وتدبير الموارد المرصودة للمصحات. هذا في الوقت الذي تلاحظ فيه النقابات أنه رغم كل ذلك، لم يتمتع الأجراء، الذين تمول تلك المصحات من اقتطاعات من أجورهم، بالحد الأدنى من العلاجات الصحية التي تبقى كلفتها فوق طاقاتهم. هذا في وقت ظل القطاع الخاص على مر السنين يردد حقيقة «الطابع اللاقانوني» لمصحات الضمان الاجتماعي ليندد بما يراه «منافسة غير مشروعة» من تلك المصحات للعيادات الخاصة. أما بخصوص صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، فمن المحتمل أن تقوم إدارة هذه الأخيرة بتوقيع اتفاق مع نقابة الصيادلة يتم بموجبه تخفيض الهامش التجاري لبيع الأدوية المكلفة من 30 في المائة إلى 5 في المائة، وهو الهامش الذي تطبقه «الكنوبس» في صيدليتها الرئيسية فيما يعتبره الصيادلة «منافسة غير قانونية» لهم.