حرصا منه على حسن التواصل مع الرأي العام بشكل منتظم، عقد وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، لقاء صحافيا، الإثنين الماضي (5 نونبر 2012)، بالمكتبة الوطنية بالرباط، استعرض خلاله أهم المنجزات التي قامت بها وزارته على مدى العشر أشهر الأولى من عمر الحكومة الحالية، وتطرق لأهم الأوراش التي فتحها أو بصدد إطلاقها سواء على المستوى التشريعي، أو على مستوى برنامج إحداث البنيات الثقافية الأساسية، أو على المستوى التنظيمي والهيكلي.. وفي هذا النطاق، أعلن أمين الصبيحي، في الكلمة الهامة التي قدم بها هذا اللقاء التواصلي، عن أربعة عناوين كبرى لمخطط ضخم يستوعب أربعة استراتيجيات موضوعاتية؛ وهي استراتيجية «المغرب الثقافي»، وإستراتيجية «التراث 2020»، وتصور جديد لتفعيل الصناعات الثقافية الإبداعية، ومشروع صياغة منهجية جديدة للشراكة. وفيما يلي النص الكامل لكلمة الوزير. إحداث ستة مراكز ثقافية ستكون جاهزة قبل نهاية السنة تسعة عشر مركزا ثقافيا في طور البناء بتكلفة إجمالية تقدر ب 89 مليون درهما إحداث خزانتين وسائطيتين و17 مكتبة عمومية ودعم وتقوية 60 مكتبة ب 25.4 مليون درهما دعم برامج ومشاريع 176 جمعية ثقافية وفنية بمبلغ 58 مليون درهما مشروع ميثاق وطني للثقافة المغربية بمثابة أرضية لفتح النقاش مع كل الفاعلين لإيجاد تصور موحد متوافق عليه الاشتغال على وضع آلية وطنية لرعاية الفنانين على المستوى الاجتماعي مراجعة القانون المتعلق بالمحافظة على التراث الثقافي مراجعة قانون الفنان استصدار قانون لإحداث ودعم ومواكبة المقاولات الفنية السيدات والسادة نساء ورجال الصحافة والإعلام.. يشرفني كثيرا أن أعبر لكم باسم جميع أطر الوزارة عن سعادتنا بمناسبة هذا اللقاء الصحفي الذي نخصصه لتقديم منجزات الوزارة لسنة 2012 والآفاق المستقبلية لعمل هذا القطاع على مستوى الأوراش الاستراتيجية ومنهجية العمل وطرق التدبير والتسيير وعلى مستوى التنشيط الثقافي والفني. وأملنا كبير أن يتم ترسيخ هذا اللقاء من خلال محطتين في السنة لتقديم المنجز وتقييمه وتبادل الآراء من أجل تطوير القطاع الثقافي والفني، بالإضافة إلى الندوات الصحفية الأخرى الخاصة بمختلف الأنشطة المنظمة على طول السنة. وأعي جيدا أن قطاع الثقافة في بلادنا بحاجة لترويج إعلامي متواصل من أجل توسيع دائرة الاهتمام بالمنتوج الثقافي والفني وتقريبه من المواطنات والمواطنين. ومع بداية هذه السنة، ومنذ تولي الحكومة مهامها، قمنا، بفضل الاهتمام الكبير للمنابر الإعلامية، بتقديم الخطوط العريضة والطموحات الجديدة لهذا القطاع. واشتغلنا بعد ذلك بشكل تشاركي من أجل إعداد وتدقيق أولويات القطاع الثقافي وتمت صياغتها في شكل وثيقة (برنامج العمل القطاعي لسنة 2012) وتم توزيعها على أوسع نطاق حيث قامت وسائل الإعلام مشكورة بالتعريف بها، وقد شرعنا منذ ذلك الوقت بكل جدية في تنزيل مقتضيات هذه الوثيقة من أجل بلورة أولويات القطاع الثقافي. وقد نكون قصرنا في التواصل معكم طيلة هذه المدة بسبب انكبابنا على إنهاء مختلف الأوراش الثقافية من جهة، وبسبب انتظار نضج بعض المشاريع المهيكلة للقطاع حتى نقدمها لكم من جهة ثانية. أيتها السيدات، أيها السادة، رغم الظروف الانتقالية التي عرفتها هذه السنة بتأخير المصادقة على الميزانية، فقد عملنا على تسريع وثيرة إنجاز المشاريع والبرامج والأنشطة والتظاهرات التي تعهدنا بها من خلال مخطط العمل القطاعي لسنة 2012 الذي صادقت عليه لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب ولجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين. وإلى جانب تنفيذ مخطط العمل القطاعي، عملنا على فتح أوراش أساسية لبناء العمل القاعدي لتدبير الشأن الثقافي ببلادنا وركزنا بالأساس على: 1 - إستراتيجية «المغرب الثقافي» 2 - إستراتيجية «التراث 2020» 3 - الصناعات الثقافية الإبداعية 4 - وضع منهجية جديدة للشراكة أولا: إستراتيجية «المغرب الثقافي» وضع تصور لإستراتيجية «المغرب الثقافي» التي تنبني على الهوية المغربية متعددة الروافد والمنفتحة على مختلف ثقافات العالم. واعتمدنا في ذلك على المرجعيات التالية: مقتضيات الدستور الجديد الذي أفرد للثقافة مكانة خاصة؛ التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله الصادرة في خطاب 20 غشت 2012 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، وخطاب 12 أكتوبر 2012 بمناسبة افتتاح السنة التشريعية؛ البرنامج الحكومي، الذي خصص للشأن الثقافي حيزا هاما. وفيما يخص إستراتيجية المغرب الثقافي، تم إعداد وثيقتين هامتين: الأولى: عبارة عن تقرير قطاعي يرصد وضعية مختلف التعبيرات الثقافية والفنية وأوجه النهوض بها وتطويرها. الثانية: وهي مشروع ميثاق وطني للثقافة المغربية، بمثابة أرضية لفتح النقاش مع كل الفاعلين لإيجاد تصور موحد متوافق عليه. وتتلخص الغاية من هاتين الوثيقتين فيما يلي: وضع القواعد القانونية للتنوع والتعديدية الثقافية ب- تنظيم أدوار المتدخلين في الشأن الثقافي ج- ربط السياسة الثقافية بالتنمية. وتتمحور بالتالي حول العناصر التالية: التعددية الثقافية – الحقل اللغوي – وضعية القطاع الثقافي – السياسة الثقافية. ونعتبر هاتين الوثيقتين التي تم إنجازهما من طرف فريق من الخبراء، بمثابة أرضية أولية لنقاش واسع مع الفعاليات الثقافية والفنية من أجل بلورة رؤية شمولية ومتوافق عليها، وسنطرح هذه الأرضية للنقاش ابتداء من منتصف شهر دجنبر المقبل، بعد استشارة الفرقاء الثقافيين حول منهجية تنظيم هذه اللقاءات. ثانيا: إستراتيجية «التراث 2020» نظرا لأهمية التراث الثقافي كآلية من آليات الصناعات الثقافية الإبداعية واعتباره قاطرة للتنمية ببلادنا فقد أنجزنا إستراتيجية لحماية وصيانة وتثمين التراث «التراث في أفق 2020» وترتكز هذه الإستراتيجية على ثلاث مرتكزات: المرتكز الأول: الجانب التشريعي مراجعة القانون المتعلق بالمحافظة على التراث الثقافي، ويهدف هذا القانون إلى التعريف بكل مكونات التراث الثقافي، وسن القواعد العامة لحمايتها وصَوْنها ووقايتها وتثمينها وتحديد آليات تفعيلها. الميثاق الوطني للمحافظة على التراث الثقافي والطبيعي، وهو عبارة عن مشروع قانون إطار يحدد الآليات التالية ومن بينها: - تقنين واستكمال عملية الجرد والتسجيل في السجل الوطني للممتلكات الثقافية - تصنيف التراث الثقافي - تقنين الأبحاث الأركيولوجية البرية والبحرية - المصادقة على خطة التدبير واستثمار التراث الثقافي - إنشاء لجنة وطنية للتراث منظومة الكنوز البشرية الحية بالمغرب، وهي آلية من آليات المحافظة على التراث الغير مادي الأكثر انتشارا، تساهم بقسط وافر في نقل الخبرات والمعارف المكتسبة من خلال الاعتراف الرسمي بحامل هذا التراث الحي، وتتكون من: فئات التراث الثقافي والطبيعي، موضوع المحافظة عناصر النظام القانوني للمحافظة على التراث الثقافي والطبيعي الاختصاصات القانونية في مجال المحافظة على التراث تنميط وتوحيد المعايير القطاعية للجرد آليات الشراكة في مجال المحافظة على التراث المرتكز الثاني: الجانب التواصلي إحداث بوابة «التراث الثقافي المغربي» كمصدر رسمي للمعلومات الخاصة بكل ما يتعلق بالتراث الثقافي الوطني إحداث نظام معلوماتي جغرافي SIG للتراث كآلية مكملة لعملية الجرد إعداد مطويات ودلائل للتعريف بالمواقع والمباني التاريخية. المرتكز الثالث: الجانب الإجرائي برمجة عمليات ترميم وتثمين وصيانة التراث بكل أصنافه، حسب الأولويات، وحسب مضمون الشراكات مع كل المتدخلين. وسيتم تنظيم مناظرة وطنية حول استراتيجية «التراث 2020» أيام 27 – 28 – 29 نونبر أو4 – 5 – 6 دجنبر المقبل. ثالثا: الصناعات الثقافية الإبداعية سعينا على المستوى الاستراتيجي إلى الاهتمام بالصناعات الثقافية الإبداعية كمفهوم حديث يعطي للثقافة بعدها الأساسي في صنع القيم ودورها المركزي في التنمية وتطوير الاقتصاد الوطني وتم التركيز في هذا الإطار على: 1) مراجعة فلسفة الدعم المخصص للثقافة والفنون من خلال الاشتغال على مستويين على المستوى الأول: عبر تعديلات أدخلت على الترسانة القانونية الحالية، أخدا بعين الاعتبار ملاحظات ومقترحات الفاعلين، والشركاء وكذا المستجدات الدستورية في شأن التنوع الثقافي. وفي هذا الإطار هناك مراسيم وقرارات مودعة لدى الأمانة العامة للحكومة وهي: - مرسوم دعم مختلف مجالات الإبداع - قرار دعم المسرح - مرسوم بطاقة الفنان - مرسوم جائزة المغرب للكتاب وقرارات جديدة في طور الإعداد وهي: - قرار دعم المهرجانات والتظاهرات الثقافية؛ - قرار دعم الفنون التشكيلية؛ - قرار دعم الجمعيات؛ - قرار دعم الفنون الشعبية والاستعراضية. على المستوى الثاني: تجديد مقاربة الدعم عبر آليات جديدة تساهم في جعل الثقافة دعامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأساسا عبر: استصدار قانون جديد لإحداث ودعم ومواكبة المقاولات الفنية، وخاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة والتعاونيات. مراجعة قانون الفنان، وإصدار المراسيم التطبيقية، خاصة ما يرتبط بالمقاولات الفنية، ووكالات الخدمات الفنية، كآليات جديدة لدعم الإنتاج والترويج الفني. 2) المخطط الوطني لدعم القراءة والكتاب: العمل على تقديم صورة موضوعية لأوضاع القراءة والكتاب وتقييمها، وصياغة الإجراءات والتدابير لخلق واقع جديد للقراءة وصناعة الكتاب بالمغرب. 3) الخطة الوطنية لتأهيل المسرح: بتشاور مع الفاعلين في المجال المسرحي سيتم تبني هذه الخطة لإقرار رؤية واضحة لمستقبل القطاع من خلال وثيقة وطنية شاملة محددة بالأرقام وجدولة زمنية في أفق 2020 مع ضبط سيناريوهات التدخل وتوقيع عقود برامج عمل. رابعا: صياغة منهجية جديدة للشراكة تعتبر الشراكات من أهم الآليات لتنفيذ السياسة الثقافية العمومية التي تعتمدها الدولة وكذلك لدعم البرامج والأنشطة التي يقوم بها المجتمع المدني، وعلى هذا الأساس ستعيد الوزارة النظر في مختلف الشراكات مع مختلف الفاعلين وفق منظور جديد يتضمن أهدافا محددة وجدولة تنفيذها، مع تدقيق المراحل والأرقام. إنجازات وإلى جانب هذه الأوراش ذات البعد الاستراتيجي لابد من الإشارة إلى أهم الإنجازات التي تم تحقيقها خلال هذه السنة والتي تتمثل في: على مستوى المراكز الثقافية: - إحداث ستة مراكز ثقافية ستكون جاهزة قبل نهاية السنة بكل من بلقصيري – بني ملال – أيت ملول – أزرو – الفنيدق وخنيفرة - تسعة عشر مركزا ثقافيا في طور البناء أو التجهيز أو التهييئ بتكلفة إجمالية تقدر ب 89 مليون درهما دون احتساب مساهمات الشركاء. على مستوى شبكة القراءة: - إحداث خزانتين وسائطيتين؛ - إحداث 17 مكتبة عمومية؛ - دعم وتقوية 60 مكتبة وقد كلفت هذه العمليات مبلغا قدر ب 25.4 مليون درهما على مستوى المؤسسات الفنية: إحداث ستة مؤسسات فنية وهي كالتالي: - معهد موسيقي بوجدة (30 مليون درهما) - مركز الفن الحديث بتطوان (16.4 مليون درهما) - مركز الفنون الغرافيكية بالرباط (8 ملايين درهما) - مسرحين بتازة (10 ملايين درهما) - والمضيق (4 ملايين درهما) وقاعة باب العلو - بالإضافة إلى ستة مؤسسات في طور الإنجاز وعلى رأسها المتحف الوطني للفنون المعاصرة والمعهد الوطني العالي للموسيقى والفنون الكوريغرافية. على مستوى دعم الإبداع: الكتاب والنشر: دعم وإصدار 22 مجلة وإصدار مجموعة من المؤلفات من بينها سلسلة الكتاب الأول، بالإضافة لتنظيم المعارض الجهوية والمعرض الدولي للكتاب والنشر. المسرح: دعم إنتاج 16 فرقة مسرحية ودعم ترويج 14 أخرى برسم سنة 2011 بميزانية بلغت 4 ملايين درهما. دعم استثنائي ل 27 فرقة مسرحية بمبلغ (1.3 مليون درهما) إطلاق عملية دعم 2012 في إطار القرار الجديد بميزانية تقدر ب (6 ملايين درهما). الموسيقى: دعم الأغنية المغربية لفائدة ثمانية مشاريع بتكلفة إجمالية تبلغ (1.3 مليون درهما) برسم سنة 2011 إطلاق دعم الأغنية لسنة 2012 بتكلفة تقدر ب ( 4.5 ملايين درهما )؛ إلى جانب تنظيم 25 مهرجانا فنيا، ودعم أكثر من 20 تظاهرة موسيقية لجمعيات المجتمع المدني. الفنون التشكيلية: تنظيم ما يناهز ستين (60) معرضا تشكيليا، وكذا مسابقات جهوية للتشكيليين الشباب. الجانب الاعتباري والاجتماعي للمبدعين: - دعم التعاضدية الوطنية للفنانين (مليوني درهما) - دعم برامج ومشاريع 176 جمعية ثقافية وفنية بمبلغ 58 مليون درهما - تعويض الأساتذة العرضيين بالمعاهد الموسيقية بأكثر من 10 ملايين درهما وفي هذا الباب وانطلاقا من كون عدد وافر من المبدعين والرواد بالخصوص يعانون من حالات اجتماعية صعبة، وهم الذين أعطوا الشيء الكثير للبلاد، ولولا تدخل صاحب الجلالة وإضفاء رعايته السامية على عدد منهم لكانت الوضعية جد متأزمة. ومن هذا المنطلق نشتغل على وضع آلية وطنية في أقرب وقت لرعاية الفنانين على المستوى الاجتماعي. الثراث: أما بالنسبة للتراث، فبالإضافة للأوراش المهيكلة فقد تم ترميم مجموعة من المآثر التاريخية وتجهيز مجموعة من المراكز علاوة على إعداد دراسات تقنية للقيام بالعديد من العمليات التي تهم الصيانة والمحافظة على التراث. الديبلوماسية الثقافية: وفي مجال تنشيط الدبلوماسية الثقافية تم إبرام مجموعة من الاتفاقيات مع الدول الصديقة والشقيقة وتنظيم مجموعة من الأنشطة الثقافية لهذه الدول ببلادنا إلى جانب إنجاز تظاهرات ثقافية وفنية مغربية بالخارج. التدبير: وتتجلى آخر الإنجازات في الجانب التدبيري على المستوى المركزي والجهوي وخاصة في مجال تنفيذ الميزانية بطرق تتوخى الشفافية والحكامة الجيدة إلى جانب الأدوار التي تقوم بها المفتشية العامة للسهر على تطبيق القوانين والتشريعات. هذه أيتها السيدات أيها السادة جملة من الأوراش ذات البعد الاستراتيجي التي تم فتحها خلال هذه السنة والتي ستعرض على أنظار الفاعلين في الحقل الثقافي.