توصيات وخلاصات وخارطة طريق من أجل انطلاقة جديدة للفن السابع بالمغرب كرمت المناظرة الوطنية للسينما، التي نظمت على مدى ثلاثة أيام، في ختام أشغالها مساء يوم الخميس الماضي بالرباط، ثلة من رواد الفن السابع الذين أسسوا للممارسة السينمائية المغربية. وسلمت بهذه المناسبة، التي حضرها وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، والمدير العام للمركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل وشخصيات من عوالم الفن والثقافة، دروع المناظرة لكل من فاطمة العلوي (فنانة تشكيلية ومصممة ديكور عملت إلى جانب عدد من كبار المخرجين المغاربة)، ونعيمة البوعناني، (مصممة ملابس ومتخصصة في مجال الماكياج مازالت بصمتها جلية في الصناعة السينمائية المغربية). كما سلم درع المناظرة لكل من حسن العامري (أحد قيدومي المركز السينمائي المغربي الذي برعوا في مجال تقنيات الصوت والإخراج السينمائي)، وفخر غازي عبد الرزاق، (أحد رواد الأندية السينمائية المغربية منذ سبعينيات القرن الماضي)، فضلا عن صالح العراسي (من الرواد التقنيين الذين بصموا السينما المغربية). وقال مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في كلمة خلال الجلسة الختامية إن توصيات هذه المناظرة الوطنية للسينما تشكل الأرضية الأساس لوضع خارطة طريق لانطلاقة جديدة للفن السابع بالمغرب. وأضاف الخلفي أن اللجنة العلمية للمناظرة ستواصل عملها انطلاقا من هذه التوصيات والخلاصات بهدف تعميق النظر في عدد من القضايا والانفتاح على تجارب علمية أخرى في أفق بلورة إجابات جماعية ستكون صلب الكتاب الأبيض المنتظر الانتهاء من صياغته في شهر يناير المقبل. ودعا مختلف الفاعلين والقطاعات الحكومية إلى الانخراط في هذا الورش الإصلاحي الوطني من أجل إرساء سياسة عمومية في هذا المجال من شأنها أن تعطي زخما جديدا للسينما المغربية تصون المكتسبات وتنفتح على آفاق المستقبل. يشار إلى أن هذه المناظرة، التي تميزت جلستها الافتتاحية بالرسالة الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذه التظاهرة، والتي تلاها مستشار جلالة الملك، عبد اللطيف المنوني، توجت بمجموعة من التوصيات رسمت خارطة طريق تحدد الرهانات والمطالب والتوجهات الإستراتيجية للنهوض بالصناعة السينمائية الوطنية وتطويرها. وقد تضمن برنامج هذه المناظرة، التي نظمتها وزارة الاتصال مع المركز السينمائي المغربي وبمشاركة مجموع الهيئات المهنية قي قطاع السينما، وشارك فيها أزيد من 300 مشارك بينهم خبراء مغاربة وأجانب من دول متعددة، تنظيم تسع ورشات تعنى بالإنتاج الوطني والتكنولوجيات الحديثة وآفاق التطور التكنولوجي، والبنية التحتية والتوزيع والاستغلال والاستثمار، والتقنيين والمهن الموازية، والتكوين والتأهيل، ومهنة التمثيل. خلصت التوصيات التي انبثقت عن المناظرة الوطنية للسينما، إلى وضع خارطة طريق تحدد الرهانات والمطالب والتوجهات الإستراتيجية للنهوض بالصناعة السينمائية الوطنية وتطويرها. وفي هذا السياق، دعا المشاركون إلى الارتقاء بالإنتاج السينمائي الوطني وتثمينه، ودعم إنشاء مركبات وقاعات سينمائية، والاهتمام بالعاملين في مختلف مجالات السينما، واتخاذ إجراءات بديلة لاستشراف غد سينمائي أفضل في انسجام تام بين مكونات هذا القطاع. كما أوصى المشاركون في هذه المناظرة، التي نظمت على مدى ثلاثة أيام، والتي توزعت أشغالها على تسع ورشات، بالعمل على جذب الإنتاجات الأجنبية إلى المغرب، وتطوير الشراكة بين السينما والتلفزيون في ميدان الإنتاج، والانفتاح أكثر على التكنولوجيات الحديثة في الصناعة السينمائية. وهمت التدابير المقترحة للنهوض بالسينما في المغرب جميع المجالات المرتبطة بالممارسة السينمائية. كما شددت توصيات المناظرة على ضرورة الارتقاء ب»المهرجانات والإشعاع السينمائي وتشجيع الجمعيات والنوادي السينمائية» و»حقوق المؤلف والملكية الفكرية ومحاربة القرصنة» وأهمية «تقنين وتنظيم القطاع»، ثم الاهتمام ب»الممثل وقضاياه المهنية في الإنتاج السينمائي»، بالإضافة إلى إحداث وتحيين القانون المنظم لمهنة التقنيين، وإحداث نظام تقاعد بالنسبة للمستقلين منهم. ودعت المقترحات المنبثقة عن هذه المناظرة، إلى اتخاذ تدابير تحفيزية لجلب الاستثمار الأجنبي بالتساوي مع المستثمر المغربي، وتسهيل المساطر القانونية لتشجيع النهوض بهما من جهة، والعمل على تجاوز العقبات التي مازالت تعترض عملية الإنتاج السينمائي في المغرب من جهة أخرى. ومن بين توصيات المناظرة العمل على تجاوز العقبات التي مازالت تعترض عملية الإنتاج السينمائي في المغرب، وإعادة النظر في قانون الصناعة السينمائية الصادر سنة 2001، وفي حقوق المنتجين بالنسبة للقنوات التلفزيونية، والعمل على إنتاج برامج تلفزيونية تقرب السينما المغربية والعالمية من المتلقي، وإدماج المهنيين في التعريف بالإنتاج السينمائي المغربي في الخارج. وأكدت المقترحات، التي توجت أشغال هذه المناظرة، على أن الهدف هو الوصول إلى إنتاج 20 فيلما بما يعادل 120 مليون درهم في السنة في أفق سنة 2015، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية من أجل الوصول إلى مليار درهم، ثم إخراج القاعات السينمائية متعددة الشاشات إلى الوجود في أقرب الآجال. كما دعت إلى تجهيز مختبر معالجة الأفلام بالمعدات التقنية المتطورة، وتأهيل التقنيين العاملين فيه عن طريق التكوين والتكوين المستمر، ومضاعفة عدد القوافل السينمائية بغية نشر ثقافة سينمائية أوسع، والعمل على عنونة الأفلام المغربية إلى لغات أخرى بطريقة اختيارية بهدف توزيعها على نطاق أوسع، وحث الهيآت الدبلوماسية المغربية على الترويج للفيلم المغربي بالخارج. وطالب المشاركون في هذه المناظرة بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على القاعات السينمائية في حدود 5 في المائة، والتعجيل برقمنتها، وإعفاء جميع المعدات التقنية وكل التجهيزات المستعملة فيها (القاعات السينمائية) من الرسوم الجمركية، ومن الضريبة على القيمة المضافة، (علما أن كل مختبرات 35 ملم سيتم إغلاقها بصفة نهائية متم السنة الجارية). كما أبرزوا ضرورة إدماج مكونات الثقافة السينمائية في البرامج التعليمية والتربوية، وتخصيص دعم لبرمجة الأفلام الخاصة بالناشئة المغربية بغية تحبيب السينما للأطفال، وتشجيع الجمعيات المهتمة بالثقافة السينمائية على استغلال القاعات السينمائية، ومحاربة القرصنة عبر تفعيل القوانين والوسائل الزجرية والاستعانة بالخبرة والتجربة التقنية والقانونية لبعض البلدان الأجنبية في محاربتها. ومن جهة أخرى، اعتبر عدد من المهنيين والفاعلين في قطاع السينما المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية للسينما، أن هذه المناظرة تأكيد على وجود إرادة لتطوير القطاع، وفرصة للوقوف على الانتظارات الاجتماعية والمهنية. وفي هذا الصدد قال إدريس شويكة مخرج ومنتج سينمائي والكاتب العام للغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام ، إن هذه المناظرة تشكل خطوة إيجابية في حد ذاتها ومكسبا بالنسبة للمجال السينمائي، وتأكيدا للرغبة الموجودة في تطوير السينما وتثبيت دعائمها وتشجيع الإنتاج والإبداع السينمائيين بشكل عام. وخلص شويكة إلى أن المناظرة تهدف إلى ضبط وتقنين مختلف المكونات والآليات المنظمة للقطاع كقانون صندوق الدعم أو التسبيق على المداخيل، ودفتر التحملات الذي صادق عليه المجلس الإداري بشكل نهائي، وتقديم اقتراحات عملية لتنزيل القوانين بشكل دقيق ووفق مقترحات جميع المتدخلين والفاعلين في الإنتاج السينمائي. ومن جهته أكد المعطي قنديل رئيس الغرفة المغربية لتقنيي الأفلام أن من بين الأهداف المتوخاة من هذه المناظرة وضع الأسس والقوانين التي ستؤطر العمل السينمائي في المغرب خلال الخمسة عقود أخرى، والارتقاء به إلى ما هو أفضل والنهوض بالعاملين فيه ولاسيما التقنيين الذين يسعون إلى إثبات هويتهم. ومن بين انتظارات المهنيين من المناظرة الوطنية للسينما، يضيف قنديل، إيجاد حل للمشاكل الاجتماعية، والتفكير في نظام للتقاعد خاص بتقنيي الأفلام، وحل مشكل البطاقة المهنية غير المعترف بها في عدد من المؤسسات، ثم مسالة التكوين والتكوين المستمر في مجال التكنولوجيات الجديدة. وبدوره أكد نوفل البراوي، مخرج ورئيس اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، أن المناظرة الوطنية للسينما تأتي في وقت ملائم، لتأكيد المستوى المتقدم للسينما المغربية والمكتسبات التي حققتها خلال العشر سنوات الأخيرة خاصة في مجالات الدعم والإنتاج وتنظيم المهرجانات، وحضورها القوي في التظاهرات السينمائية العالمية. وأضاف أن المناظرة مناسبة للتفكير الجماعي في كيفية الانتقال بالسينما الوطنية إلى آفاق أرحب وأوسع وأكثر حداثة، وذلك على ضوء خارطة الطريق التي رسمتها الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المناظرة، والتي ستؤرخ لا محالة لمرحلة جديدة في الفن السابع المغربي. وأكد البراوي على أن من بين القضايا الأساسية التي يتعين الانكباب عليها في هذه المناظرة التفكير في تشييد فضاءات فرجوية عصرية تحيي تقليد الذهاب إلى السينما والرغبة في المشاهدة المشاركة التي كانت سائدة قبل عقدين أو ثلاث داخل المجتمع، وبالتالي استعادة الثقافة السينمائية من خلال مبادرات تبدأ بالمتفرج الصغير.