عذابات في انسياب المجرى نظم النادي الثقافي بمدينة الفقيه بن صالح مؤخرا، حفل قراءة وتوقيع لرواية « حرائق المائة عام « للروائي المغربي عبد الله عدالي . قدم في البدء مؤطر اللقاء الأستاذ برناكي البوعزاوي كلمة ترحيبية بالأطراف المنظمة للقاء، منوها بالعمل الروائي قيد القراءة ، لأن صاحبه المقيم بأمريكا تمرس بالحرف والكتابة منذ الستينيات من القرن السالف، ونشر ضمن منابر جادة كمجلة « آفاق « سنة1966 . بعد ذلك توزعت الكلمة بين الأسماء المشاركة في هذا اللقاء . وذكر الأستاذ بوعبيد لبيض بأهمية الكتاب الذي يولد بعد معاناة أو الحياة الأخرى للكتاب . في هذا الصدد رحب بالكاتب عبد الله عدالي بين أحضان تلاميذ شغوفين بالقراءة وطرح السؤال . وتقدم الأستاذ والناقد محجوب عرفاوي بقراءة نقدية في هذا العمل الروائي سماها ب «نزيف الألآم في رواية « حرائق المائة عام « لعبد الله عدالي . وأكد في مدخل ورقته على ضرورة انفتاح المؤسسة التربوية التعليمية على المحيط ، قصد تحبيب القراءة للتلاميذ ، في ظل أزمة قراءة خانقة ، وعربة نقد معطوبة . اعتبرالعارض الرواية تلك عملا سرديا متميزا ؛ قد يدفع الكثير من الكتبة إلى إعادة النظر فيما يكتبون ، لتجاوز الضحالة والابتذال . وقد تناول عرفاوي هذا العمل الروائي من حيث الدلالة ولو من خلال العنوان « حرائق المائة عام « المعرف بالإضافة . وبالتالي فهي حرائق ( جمع كثرة ) مرادفة للآلام التي تصل إلى حد النزيف، إنها آلام عمرت طويلا في المكان والزمان اللصيقين بحياة السارد الذي تدحرج بؤسا من مسقط رأسه بضاحية «أولاد زيان» بالفقيه بن صالح إلى مدينة الدارالبيضاء، رفقة الأسرة، لتأمين االقوت اليومي، إلى أن فصل الأب عن العمل. وتمت العودة إلى الأصل. هنا، سيسلط السارد الضوء على معاناته مع الجلاد المتعدد، مركزا على فقيه « الدوار «، وعلى العنف الجسدي، لكن السارد انفلت من هذا العقاب الذي غور في جلده، بواسطة جنون معقلن، ليلج المدرسة كفضاء آخر، خلق انطلاقة جديدة، أودت للكتابة. الرواية اختارت لها تعددا في المكان والشخوص، وتداخل الأزمنة. تعدد مجتمعي لصيق بحياة السارد كنافذة على المجتمع والحياة . . كل ذلك كما يؤكد عرفاوي صيغ في لغة انسيابية سعت إلى خلق لغة ثالثة بين الدارج والفصيح، فغدا لسان السخرية متعددا وموحيا. وتقدم الأستاذ المعطي بوسطيال، بشهادة في حق الكاتب عبد الله عدالي: الكاتب العصامي ، الحاصل على البكالوريا في الستينيات من القرن السالف. وهو حدث بارز في القرية. وكان الكاتب بذلك، لافتا للنظر في محيطه؛ نظرا لفطنته، وتعلم اللغات آنذاك ؛ بل والقراءة صباح مساء إلى جانب واد « ولاد بوخدو « / المعلمة المائية التي تقتل وتوحي في ضواحي الفقيه بن صالح . وسفره لأمريكا أتاح له كتابة الرواية بنفس طويل، أثبت مكانته وجدارته في الكتابة الأدبية . في المقابل، كان للأستاذ المسير دور الجسر، في الربط بين التدخلات وأسئلة الطلبة، معقبا ومحللا بدوره. فكانت للطلبة والأساتذة من الحضور عدة أسئلة حول السيرة والرواية، تاريخ الكتابة، المعيقات، الرواية والسينما، العنوان والتناص ... وأعقبت ذلك كلمة للروائي عبد الله عدالي، تحدث فيها عن الغربة وعلاقته بالكتابة كقدر وخلاص، بل وشهادة على الحرائق المحفورة على الجلد بمسمارها الخاص. وهي حرائق ذات : لماذا نكتب دائما عن حرائق الآخرين؟ كما يتساءل الكاتب عبد الله عدالي في اندهاش. وقد تساهم الكتابة ولو من خلال عودها الأعزل ( الكاتب ) في التوثيق والتأريخ، للملمة المنسي والتفاصيل الساقطة التي تنطوي على روح فردية وجماعية. * شاعر مغربي