ملائكة الخير والجمال تسبح فوق سماء الدارالبيضاء وتنثر الريش فوق رؤوس الجماهير كان حفل افتتاح مهرجان الدارالبيضاء في دورته السادسة، (المنظم مابين 15 و18 يوليوز الجاري)، ليلة أول أمس الخميس، حفلا متميزا بكل المقاييس، حيث دارت كل فقراته في سماء ساحة محمد الخامس لمدة 45 دقيقة، كانت كلها لحظات احتفالية وشاعرية مفعمة بمظاهر الفرح والحب استمتعت بها الجماهير الحاضرة. فبعد إطلاق الشهب الاصطناعية، كإعلان عن انطلاق فعاليات هذا المهرجان، كان موعد آلاف البيضاويين وغيرهم الذين حجوا من كل مناطق المدينة ومن خارجها، مع لوحات فنية رائعة، أبدعها فنانون شباب متخصصون في الفنون البهلوانية وتقنيات التأرجح واللعب على الحبال، بدوا وهم محلقون في السماء ومكسوون بريش الطيور، كأنهم ملائكة الخير والجمال تسبح فوق أجواء الدارالبيضاء.. فنانون شباب برعوا في الرقص على إيقاع مندمج لموسيقى غربية ومغربية بتفاعل وبإتقان وتناغم، وهم ينثرون أكوام من الريش الأبيض فوق رؤوس الحاضرين، مما جعل ساحة محمد الخامس ترتدي حلة بيضاء... وبعد انتهاء هذا الحفل البديع الذي تفاعل معه الجمهور بقوة، والذي تميز بحضور شخصيات وازنة من عالم السياسة والاقتصاد والثقافة والفن، من بينهم أندري أزولاي مستشار صاحب الجلالة ونزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن ورشيدة داتي وزيرة العدل السابقة بفرنسا، ومجموعة من منتخبي مدينة الدارالبيضاء؛ توجه الحاضرون لتتبع السهرات المقامة بعدد من المواقع في وسط ومحيط المدينة، بعد تخصيص أربع خشبات عرض رئيسية بكل من ساحة الراشيدي وحي العنق وسيدي البرنوصي وبنمسيك، التي من المنتظر أن تستضيف خلال أيام المهرجان، حوالي أربعين حفلا موسيقيا تحييه 24 مجموعة غنائية مغربية و12 مجموعة غنائية أجنبية، أي مامجموعه 400 فنانا، من ناس الغيوان إلى الفنان الجامايكي شين بول، ومن سلطان الأغنية الشعبية عبد العزيز الستاتي إلى سلطانة الهيب هوب الفنانة الأمريكية ميسي إيليوت، مرورا بفنان مدينة أحفير موس ماهر، والفنانة الانجليزية في في براون... وقد استمتع الجمهور خلال الليلة الأولى من مهرجان الدارالبيضاء (أول أمس الخميس)، في خشبة سيدي البرنوصي، بأداء المجموعات الأسطورية لسنوات السبعينات، وبالخصوص ناس الغيوان، وجيل جيلالة، ثم مجموعة لمشاهب التي لم تشارك في المهرجان منذ سنة 2005. وفي خشبة ابن امسيك، كان الحضورعلى موعد مع ابن مدينة طنجة المعروف ب (مسلم) الذي بدأ مشواره بفن الراب في سنة 1995، قبل أن يشتغل بشكل انفرادي ومستقل، حيث يعبر في أغانيه بكلمات جارحة عن آلام ومعاناة الشباب وطموحاتهم، ورافقه في هذا الحفل المغني والملحن والمؤلف اللبناني جاد شويري. أما ساحة الراشيدي، فقد استقبلت في ليلتها الأولى، المغني الأمريكي ليي فيلدز ويدي ومجموعة «رباب فوزيون»، وهي مجموعة موسيقية أمازيغية تأسست بمدينة أكادير. في حين، أحيت مجموعة «واش من هيت» المغربية، التي حازت على الجائزة الأولى لبولفار الموسيقيين الشباب لسنة 2006، رفقة الفنان الجامايكي شين بول، سهرة بخشبة لاكورنيش العنق. كما سيعرف المهرجان إقامة 60 نشاطا فنيا وثقافيا وفكريا موازيا، موزعا على العديد من أحياء المدينة، وتنظيم مسابقة في فن الرقص «البريك دانس» في أربع منصات فرعية صغيرة بالحي الحسني، اسباتة، الادريسية والحي المحمدي (المجازر القديمة)، وكذا إقامة «تجمعات» تشكيلية وشعرية ومشاهدات لفن الفيديو، بكل من عرصة الزرقطوني بالمدينة القديمة، وممر سوميكا، وحديقة الجامعة العربية، وكنيسة ساكري كور، ومدرسة الفنون الجميلة، ومحترف المجازر القديمة، وساحة الأحباس، والكورنيش، ومعهد سيرفانطيس ومعهد كوته. وتشمل البرمجة الفنية والموسيقية لمهرجان الدارالبيضاء أشكالا متنوعة من الموسيقى كموسيقى «الهيب هوب» والراب والموسيقى العصرية المغربية والأغنية الشعبية والأغنية الأمازيغية، وسيفتح المهرجان منصاته المتعددة لأمسيات موسيقية لاحتضان فنانين جدد، مغاربة وأجانب. وفي ما يتعلق بالفنانين العرب، هناك الحضور البارز للنجمة اللبنانية هيفاء وهبي بمنصة سيدي البرنوصي يومه السبت، رفقة بعض خريجي «استوديو دوزيم» وبعض المطربين الشباب المغاربة مثل حاتم آدار. وستعود هيفاء للظهور مرة ثانية على خشبة بن امسيك يوم غد الأحد، رفقة ليلى البراق وعبد الرحيم الصويري.. كما يشارك في المهرجان فنانون عالميون أمثال مغني الراب اوكسمو بوتشينو، والديدجي ميكس ماستر مايك،. هذا، وقد أولى مهرجان الدارالبيضاء، منذ دورته الأولى، مكانة خاصة لموسيقى «الشعبي» ، لذا سيلتقي الجمهور في هذه الدورة مع نخبة من كبار نجوم الغناء الشعبي، أمثال فاضل في العيطة، موس ماهر في راي الشرق، الحجاوي وحادة أوعكي بأغنية وتماوايت الأطلس، إلى جانب المعلم الكناوي حميد القصري، وسعيد الصنهاجي وروحه الشعبية، ثم مع المشاهير أمثال الستاتي والداودي وبوشعيب الزياني. كما قرر المهرجان، هذه السنة، أن يقتحم كل أماكن المدينة، عبر برنامج فني متعدد وطموح، من المأمول تطويره أكثر في الدورات القادمة، أطلق عليه إسم « نزه فنية»، وهوعبارة عن برنامج متعدد المواد والفقرات يتضمن مختلف الفنون التعبيرية : حكي، شعر، رقص، أشرطة فيديو، موسيقى، لقاءات، ورشات وغيرها، وهي دعوة للبيضاويين لاكتشاف الوجه الآخر لمدينتهم، عبر اعتماد موضوع «الذاكرة المتقطعة» كطريقة أخرى لاستحضار ذاكرة وتراث هذه المدينة ووضعها وجها لوجه مع ماضيها وحاضرها ومستقبلها.