احتفاء بالإرث الثقافي والمشترك الإنساني في إطار هذه الأيام الرمضانية المقدسة التي تخيم بأجوائها الروحية على بلادنا، وتحت شعار «الملحون في حضرة التصوف» تنظم الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية وعمالة إقليمالجديدة الدورة الثانية للملتقى الدولي لفن الملحون بكل من مدينتي أزموروالجديدة في الفترة ما بين ثاني ورابع غشت القادم، وبما يتماشى مع ليالي رمضان وطقوسها، تستدعي الدورة لإحياء لياليها التي ستتنوع عروضها الموسيقية ما بين فن الملحون، الموسيقى والإنشاد الروحي، الفن الشعبي الجزائري، الحضرة الصوفية والذكر العيساوي، أزيد من مائة فنان من خمس دول هي: المغرب، لبنان، إيران ،تونس والجزائر. وذلك في انسجام مع تيمة الدورة التي تلامس التصوف بكل تمظهراته وتلويناته الموسيقية وتعبيراته الصوتية؛ في تنوع موسيقي وغنى روحي تعكسه برمجة الفقرات الفنية. ومعلوم أن الدورة الأولى التي تم تنظيمها خلال السنة الماضية قد عرفت نجاحا كبيرا من خلال برمجتها الفنية التي ضمت كلا من الفنانين المغاربة ماجدة اليحياوي، وأسماء لزرق، ومحمد السوسي، وعبد المجيد رحيمي، وشريفة، وعبد العالي بريكي، ومجموعتي «أولاد البوعزاوي»، و»اعبيدات الرمى»، والفنان الجزائري رشيد الثومي، الذي حظي بتكريم، والفنانة الفرنسية فرانسواز أتلان، والفنان الإسباني ماريبال راموس لازامبر. وحسب بلاغ للمنظمين فان الدورة الثانية ستشهد استضافة الفنانة اللبنانية جاهدة وهبه حيث ستؤدي أغاني وابتهالات وتواشيح ومواويل صوفية لكل من جلال الدين الرومي، إبن الفارض، إبن زريق والحلاج وجبران خليل جبران إلى جانب الفنان علي رضى كورباني في أغاني من التراث الصوفي الإيراني، والفنانة ريم حقيقي في روائع الفن الشعبي الجزائري ومن تونس تقدم حضرة سيدي منصور بصفاقس برئاسة المقدم سفيان السيالة شذرات من تراث الحضرة الصوفية في انسجام مع الحضرة العيساوية. ويضيف البلاغ أن فن الملحون المغربي سيكون حاضرا في كل حفلات ملحونيات من خلال مجموعة من الفنانات والفنانين المغاربة، تتقدمهم ماجدة اليحياوي، سناء مرحاتي، أسماء لزرق، محمد السوسي، عبد العالي البريكي وعبد المجيد رحيمي بصحبة جوق يتكون من أمهر عازفي فن الملحون بالمغرب. ولكي لا يقتصر برنامج الدورة على الموسيقى فقط سيتم ضم المفيد إلى الممتع من خلال تنظيم ندوة علمية في موضوع «فن الملحون في رحاب التصوف» يوم السبت رابع غشت يشارك فيها كل من عباس الجراري، فوزي الصقلي و عبد السلام الخلوفي وهي ندوة تحاول أن تلامس تيمات الوجود والإنسان والزمن و السفر الروحي في فن الملحون و كذا رصد التقاطعات التي ينسجها هذا الفن التراثي مع مختلف الفنون والألوان الإيقاعية والموسيقية الكونية. وبما أن جزء لا يستهان به من الذاكرة التاريخية للمغرب تحفظه مدينتا الجديدة وازمور سيتم الانفتاح على بعض الفضاءات التاريخية والأثرية كفضاء أبراهام مونيس، ودار السلاح بالمدينة العتيقة ب آزمور وفضاء حديقة محمد الخامس بالجديدة من خلال ثلاث ليالي موضوعاتية: ليلة السفر الروحي، ليلة الحضرة الصوفية وليلة الإخاء والمحبة. ومن ميزات مهرجان ملحونيات أنه يعرض السمات المشتركة لدول العالم من خلال الموسيقى الروحية، وأن الرسالة التي يبعث بها مهرجان كهذا ليست سوى الرسالة المثلى التي تبين المبادئ المشتركة التي يلتقي حولها الإنسان في أي جزء من العالم. هكذا، ستكون الفترة ما بين ثاني ورابع غشت القادم إذن موعدا لعشاق فن الملحون مع سفر إبداعي رفقة هذا الفن البديع الذي يجمع بين رقة القول الشعري وعذوبة النغمة الموسيقية والإنشاد، أبعد من هذا أن ضيوف المهرجان مدعوون إلى اكتشاف أنماط من موسيقى الشعوب الأخرى انطلاقا من أنه ليس للإبداع وطن فما هو ملك للإنسانية قدره أن يتخطى الحدود. ملحونيات وهو مهرجان فتي إذا قيس عمره بالزمان لكنه يعتمد في سيره إلى الأمام على وثيرتين وهما أهمية الموضوع المحتفى به والذي يشكل جزءا أساسيا من الذاكرة الثقافية للمغرب ثم تنوعه حيث أنه ليس فقط حدثا فنيا وثقافيا صرفا، بل يتضمن شقا تنمويا انطلاقا من جعل المهرجان فرصة للتعريف بما تزخر به المنطقة من كنوز طبيعية فنية وتراثية. ثم الوثيرة الثانية التي يرتكز عليها المهرجان ألا وهي المكانة التي تتمتع بها مدينتي الجديدة التي تتجدد باستمرار أو أزمور مدينة الفنانين ومدينة التراث التاريخي الغابر ما يجعل من هذه المنطقة، عاصمة للثقافة والفن والتاريخ والتراث وخير معبر عن المغرب الغابر الذي استوطن مصب أم الربيع في لقاءه بالمحيط عند أزمور والمغرب الشاب الذي تعكسه حاضرة الجديدة من خلال ما تراكمه من انجازات وتختزنه من طموحات، كل رمضان ومغربنا العتيد والرائع بألف خير وسلام.