عندما تعبر الخيال أغنية مغربية جميلة يفوح طيب زمن كان الأطلس يرقص فيه تحت قمر أحمر مرددا أنشودة حب، صبابة، أو حديث عيني رفيقة، أو آخر آه في معبد الرموش. في هذا الزمن كانت الأغنية المغربية، شعرا ولحنا وأداء، معلمة للنحو والقوافي، مربية للعواطف ومؤدبة للذوق والتعلق بالجمال. يقترح هذا الركن نفحات من غناء عندما تسمعه الأذن يخفق القلب بالحنين. الشاطئ هذه أغنية صيف تكرر وتكرر تحت لظى شمس مغرب كان ذا فصول أربعة. كتب أبياتها المفعومة بخمر الحنين الشاعر المصري مصطفى عبد الرحمان ووضع ألحانها ببراعة فائقة عبد السلام عامر وأداها عبد الهادي بلخياط. أين يا شط لياليك النديات الحسان أين غابت أين واراها عن العين الزمان فرغت كأسي وجفت من منى النفس الدنان أين يا شط لياليك النديات الحسان راح أمسي وتولى من يدي غير ذكرى تبعث الماضي الدفين آه من هام الغريب المبعد بين نار وعذاب وحنين لا رمال الشط إن راح يناديها تجيب لا ولا يحنو على مدمعه الهامي حبيب شفه الوجد فأمسى من جوى الوجد يذوب يسأل الليل عن الفجر البعيد ويمني النفس باللقيا غدا فإذا لاح سنا الصبح الجديد ذهبت كل أمانيه سدى ها هنا أشرق للأيام فجري وهنا غنت الأمواج و الشطآن والدنيا لنا أين ما كان على الشاطئ من أفراحنا؟ من معيدي لليالي الخوالي وعهود خلدت في خاطري نسبق الفجر إلى شط الجمال ونرى الماضي بعين الحاضر