عندما تعبر الخيال أغنية مغربية جميلة يفوح طيب زمن كان الأطلس يرقص فيه تحت قمر أحمر مرددا أنشودة حب، صبابة، أو حديث عيني رفيقة، أو آخر آه في معبد الرموش. في هذا الزمن كانت الأغنية المغربية، شعرا ولحنا وأداء، معلمة للنحو والقوافي، مربية للعواطف ومؤدبة للذوق والتعلق بالجمال. كل يوم يقترح هذا الركن نفحات من غناء عندما تسمعه الأذن يخفق القلب بالحنين. أدى عبد الحي الصقلي قصائد جميلة كأنشودته العذبة «حديث عينيك» التي نظمها أحمد الريفي ولحنها العابد زويتن. هذه الصلاة الشجية إلى غائب، وليدة لقاء بين علم التحديث الإيقاعي عبد السلام عامر والشاعر المصري مصطفى عبد الرحمان. أيها الغائب عن عيني غدا كيف أحيا نائيا عن ناظريك آه لو تعلم ما سوف أرى في ليالي البعد ما هنت عليك كيف أحيا بين همي واشتياقي أشرب الآلام من كأس الفراق وألاقي التنائي ما ألاقي لا تقل منا دنا يوم المنى يا هوى نفسي ومرجو مناها لا تدعني والظنى إن الهوى شعلة في القلب لا يخبو لظاها أترى أحيا هنا نهب الجوى تبلغ الآلام مني منتهاها فارحم القلب ولا تقسو عليه ففؤادي ما صبا إلا إليك عشت دنيا النور والصفو لديه يا ترى هل عاش كالدنيا لديك.