عندما تعبر الخيال أغنية مغربية جميلة يفوح طيب زمن كان الأطلس يرقص فيه تحت قمر أحمر مرددا أنشودة حب، صبابة، أو حديث عيني رفيقة، أو آخر آه في معبد الرموش. في هذا الزمن كانت الأغنية المغربية، شعرا ولحنا وأداء، معلمة للنحو والقوافي، مربية للعواطف ومؤدبة للذوق والتعلق بالجمال. كل يوم يقترح هذا الركن نفحات من غناء عندما تسمعه الأذن يخفق القلب بالحنين. *** تشكل هذه الأغنية الأخاذة الرائعة ملحمة الأغنية المغربية . لقد جمعت بين صلاة شعرية حارة وأصوات شجية وقعها الرباعي عبد الرفيع الجوهري، عبد السلام عامر، عبد الهادي بلخياط وبهيجة إدريس. خجولاً أطلَّ وراءَ الجبال وجفنُ الدجى حولَهُ يسهرُ ورقراقُ ذاك العظيم على شاطئيه ارتمى اللحنُ والمزهرُ وفي موجه يستحمُّ الخلودُ وفي غوره ترسب الأعصُرُ خشوعًا أطلَّ كطيف ندٍ وفي السفح أغنيةٌ تُزهر تُوَقّعُها رَعَشاتُ الغصونِ يصلي لها ليلُنا الأسمر على الربوات استهام العبير تعرى الجمال شدا الوتر وشقراءُ من عرصاتِ الضبابِ يعُبُّ السنا طرفُها الأحور لقد ظمئت روحُها للضياءِ وفي بلدتي أكؤسٌ تُسكر وقلبُها ملَّ ليالي الضبابِ وفي ليلنا أنجمٌ تُمطر تسائلني حلوةُ اللفتات ومن شفتيها الشذى يقطر أفي مرجكم تولد البسماتُ أفي ليلكم قمرٌ أحمر ؟ ورقراق موجاته أغنيات أمن سحره تنبع الأنهر؟ وعزةُ هامات هذي الجبال أفي صخرها يرقد القدر؟ وهذي المراعي الخصاب أللوحي في أرضكم معبد أخضر؟ تسائلني حلوة الوجنتين يسائلني طرفها الأحور وفي السفح تاه عبير الأماسي وفي أفقنا يسهر القمر