أظهرت النتائج أن تحالفا إسلاميا معتدلا بقيادة محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا وقت الحرب تمكن من إلحاق الهزيمة بمنافسين إسلاميين في انتخابات تاريخية لكن لم يتضح بعد من ستكون له اليد العليا في المؤتمر الوطني الجديد مع تكالب جميع الأطراف على كسب ود أعضاء المجلس المستقلين. وبعد الإعلان عن كل النتائج أول أمس الثلاثاء حصل تحالف القوى الوطنية بقيادة جبريل على 39 مقعدا من بين 80 مقعدا مخصصة للأحزاب في المجلس الذي يضم 200 مقعد. أما الذراع السياسية للإخوان المسلمين في ليبيا وهي اكبر حزب إسلامي في البلاد فقد حصلت على 17 مقعدا فقط في أول انتخابات حرة تشهدها ليبيا والتي جرت في السابع من يوليو تموز. لكن هذه الأرقام لن تترجم إلى أغلبية لجبريل الذي ضمن تحالفه 20 في المائة فقط من مقاعد المؤتمر الوطني الذي سيعين رئيسا للوزراء ويسن القوانين ويرتب لانتخابات برلمانية شاملة بعد أن تنتهي ليبيا من وضع دستورها الجديد العام القادم. وهناك 120 مقعدا في المؤتمر الوطني مخصصة لمرشحين مستقلين يصعب تحديد ولاءاتهم. وأعلنت أسماء الفائزين بتلك المقاعد أيضا في مؤتمر صحفي أول أمس الثلاثاء لكن لم تتضح بعد الكتل النيابية التي ستتشكل في المجلس. وسيهيمن على المؤتمر الوطني خليط متشرذم يصعب تحديد توجهاته من بين مرشحين انتخبوا على أساس الصلات المحلية والسمعة والمكانة الاجتماعية لا على أساس الإيديولوجية. ويقف تحالف القوى الوطنية الذي يضم شخصيات ذات توجهات مختلفة عند أقصى الطرف التقدمي في الطيف السياسي الليبي لكنه يرفض توصيفه بالعلماني ويصف نفسه بأنه كيان سياسي إسلامي معتدل. وقال جمعة القماطي مؤسس حزب التغيير انه من السابق لأوانه الحديث عن أغلبية في المؤتمر الوطني وان هذا سيتضح خلال الأيام القليلة القادمة حين يحدد المستقلون تحالفاتهم. وعبر عن اعتقاده بأن تحالف القوى الوطنية سيجتذب بعض المستقلين والأحزاب الصغرى. ويتوقع محللون أن تتحالف كتلة جبريل مع تكتلات أصغر وكثير من المستقلين. لكن رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسية للإخوان المسلمين قال لرويترز أنه من المتوقع أن يشكل حزبه تحالفات هامة مع مستقلين. وقال محمد صوان إن حزبه يشعر بأن هذا نصر لكل الليبيين وقدم تهانيه لكل الفائزين سواء المستقلين أو الكيانات الحزبية. وتوقع حصول حزبه على ما بين 60 و70 مقعدا وأبدى استعداده للتعاون مع أي حزب مستعد لخدمة البلاد. وتتعارض النتائج الليبية مع النجاحات التي حققها الإسلاميون في دول عربية أخرى مثل مصر وتونس حيث ظهر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس كأقوى حزبين. وتتزايد التكهنات بأن جبريل قد يصبح زعيم ليبيا القادم ربما كرئيس إذا نص دستور ليبيا الجديد على هذا الشكل من الحكم. وعلى الرغم من أن الانتخابات كشفت عن أداء أضعف للإسلام السياسي في ليبيا يرفض جبريل 60 عاما ومرشحون محافظون آخرون تصنيفهم كعلمانيين. ومن غير المتوقع أن تأتي الانتخابات بحقبة جديدة من الإصلاحات الليبرالية في بلد محافظ تحظر فيه الخمور وترتدي معظم نسائه الحجاب. والى جانب الدور البارز الذي لعبه جبريل في انتفاضة العام الماضي يقول محللون انه ينظر إليه على انه صاحب يد أمينة في إعادة بناء الاقتصاد الذي يعتمد على النفط والذي توقع البنك الدولي أن ينتعش سريعا. وفي المقابل كان عدد كبير من مرشحي الإخوان المسلمين غير معروفين أو اضروا نتيجة الربط بينهم وبين الإخوان المسلمين في مصر. وقالت اللجنة الانتخابية أن النتائج مازالت أولية إلى حين النظر في الطعون وان النتيجة لن تصبح نهائية إلا بعد الانتهاء من هذه العملية.