تسود حالة من الترقب الشارع الليبي في انتظار إعلان نتائج انتخابات المؤتمر الوطني العام التي شهدتها ليبيا يوم السبت الماضي للمرة الأولى منذ أزيد من أربعة عقود. وشرعت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في تقديم أولى النتائج الرسمية الخاصة بهذا الاقتراع والتي أظهرت تقدما واضحا في ثلاث دوائر انتخابية ل (تحالف القوى الوطنية) الذي يقوده محمود جبريل، رئيس المجلس التنفيذي سابقا بالمجلس لانتقالي الليبية. ويتعلق الأمر بالدائرة العاشرة التي تضم مناطق (ترهونة، مسلاته٬ الخمس، الساحل٬ قصر الأخيار) والتي حاز فيها التحالف على 20 ألف و874 صوتا ودائرة «جنزور» ضواحي العاصمة طرابلس التي حصد فيها 26 ألفا و798 صوتا مقابل 2423 صوتا لحزب العدالة والبناء(الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا) الذي حل ثانيا٬ ثم «دائرة زليتن» غرب البلاد. أما في مدينة مصراتة فآل الفوز، حسب هذه النتائج التي قدمها رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات نوري العبار في مؤتمر صحفي بطرابلس٬ لحزب (التحالف من اجل الوطن) الذي تقوده إحدى الشخصيات المحلية، عبد الرحمن السويحلي. وأكد رئيس المفوضية أن تقديم النتائج الرسمية المتعلقة بهذا الاقتراع ستواصل خلال اليومين المقبلين، مشيرا إلى أن عملية تدقيق النتائج وإدخال البيانات المتعلقة بها في المنظومات الالكترونية جارية على قدم وساق بالمركز الرئيسي للمفوضية. يشار إلى أن الكيانات السياسية الليبية ستنال فقط 80 مقعدا من أصل 200 المشكلة للمؤتمر الوطني العام فيما سيؤول 120 مقعدا للمرشحين الأفراد، وبالتالي فعلى الرغم من أن النتائج الأولية تشير إلى فوز بين على مستوى القوائم الحزبية لتحالف القوى الوطنية الذي يوصف بأنه ذو توجه ليبرالي على حساب حزب العدالة والبناء (الصوت السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، فإن قدرة الكيانات السياسية على استقطاب المرشحين الأفراد وكذا الاصطفافات التي سيختارها هؤلاء هي الكفيلة بتحديد اللون السياسي الذي سينطبع به المؤتمر الوطني العام. وفي هذا السياق، استبق رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية محمود جبريل بدء الإعلان عن نتائج هذا الاقتراع بدعوة مختلف الفرقاء والخصوم السياسيين إلى «توافق وطني» من أجل كسب رهانات المرحلة المقبلة وفي طليعتها صياغة الدستور وتشكيل الحكومة المؤقتة. وأكد جبريل الذي يعد من أبرز القادة السياسيين لثورة 17 فبراير على أهمية تحقيق هذا التوافق الذي يشمل كل المكونات السياسية بالبلد والذي من شأنه «تمكين الحكومة من فتح الملفات العاجلة». ولاحظ أن ليبيا أحوج ما تكون اليوم إلى تكاثف جهود جميع الأطراف التي تستمد شرعيتها من ثقة الشعب الليبي « لإعادة الأمن والاستقرار» للبلد، مشددا على أهمية دعم ومساندة الشارع الليبي «التي بدونها لن يستطيع أي كيان سياسي النجاح. وقد جرت العملية الانتخابية بليبيا التي شارك فيها أزيد من 62 في المائة من الناخبين، في ظروف عادية في أغلب المناطق بشهادة المراقبين الدوليين والمحليين الذين واكبوا مجرياتها باستثناء حوادث متفرقة استهدفت بعض مراكز الاقتراع شرق البلاد وخاصة في مدينتي بنغازي واجدابيا إلا أنها لم تؤثر على سير الاقتراع الذي ينتظر أن تظهر نتائجه في الساعات اللاحقة. ولقيت هذه العملية الديموقراطية ترحيبا دوليا واسعا باعتبارها نقلة نوعية في البناء المؤسساتي لهذا البلد في مرحلة ما بعد نظام القذافي. واختار الناخبون أعضاء المؤتمر الوطني العام الذي ستناط به مهام تشكيل حكومة مؤقتة والإشراف على انتخاب هيئة تأسيسية منتخبة مشكلة من 60 عضوا ستتولى وضع دستور للبلاد وطرحه على استفتاء شعبي، وتوزع المرشحون الذين خاضوا غمار هذه الانتخابات بين 2501 مرشحا فرديا و1206 مرشحا يمثلون الأحزاب السياسية.