أظهرت نتائج جزئية كشفت عنها المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا امس الخميس 12 يوليوز الجاري ان التحالف الوطني المعتدل بزعامة رئيس الوزراء السابق محمود جبريل حقق انتصارا ساحقا على الاحزاب الاسلامية المنافسة في اول انتخابات حرة في البلاد منذ اكثر من 40 عاما. وكشفت عمليات احصاء الاصوات في شتى انحاء البلاد عن هزيمة مدوية للجناح السياسي للاخوان المسلمين في ليبيا في اتجاه مخالف للنجاح الذي حققته الجماعات الاسلامية في بلدان عربية اخرى من دول الربيع العربي مثل مصر وتونس. وليس من المتوقع اعلان النتائج الرسمية الكاملة قبل الاسبوع المقبل. لكن مع الانتهاء من فرز معظم الاصوات تأكد تقدم تحالف جبريل بشكل لا يمكن تغييره في طرابلس والجنوب وبنغازي مهد الانتفاضة في الشرق. وقال المحلل السياسي الليبي ناصر أحداش ان الناس رأوا في جبريل الذي تعلم في الغرب وكان رئيس الوزراء خلال الانتفاضة العام الماضي انفتاحا على بقية العالم وراق لهم هذا الانفتاح بعد ان اغلق القذافي الابواب عليهم. ولم تحقق جماعة اسلامية اخرى هي حزب الوطن بزعامة المقاتل الاسلامي السابق عبد الحكيم بلحاج نتائج يعتد بها بل ويتوقع ان يخسر بلحاج في دائرته في طرابلس. وقال المتحدث باسم الحزب انس الفيتوري ان على الحزب ان يعيد النظر في ادائه ويحدد نوع التحالفات التي سيقيمها او ان يشكل منفردا معارضة قوية. ولم يرد على الفور تعليق من التحالف الوطني ومن حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين. وفي دائرة وسط طرابلس حصل التحالف الذي يضم زهاء 60 حزبا معتدلا على 46 ألف صوت مقابل اربعة الاف فقط لحزب العدالة والبناء وهو الجناح السياسي للاخوان المسلمين في ليبيا. وقال أيمن عبودة عامل النفط البالغ من العمر 35 عاما وهو يتسوق في طرابلس "انا صوتت لصالحه. وأرجو أن يصبح لليبيا الآن مستقبل جيد. وتظهر النتائج ان اختياري كان سليما." وأمام المنافسين الآن فرصة للطعن في نتائج التصويت قبل إعلان النتائج النهائية. وفضلا عن ذلك فإن تقدم التحالف الوطني على المستوى الوطني لا يعني بشكل تلقائي حصوله على الاغلبية في المؤتمر الوطني المؤلف من 200 مقعد لأن معظم المقاعد خصص للمرشحين المستقلين الذين يصعب تحديد انتماءاتهم السياسية. ومن المقرر ان يختار المؤتمر الوطني العام رئيسا للوزراء وحكومة قبل التحضير لانتخابات برلمانية كاملة العام القادم. وتتردد تكهنات بان جبريل قد يخرج من هذه العملية وقد أصبح الزعيم القادم لليبيا وربما رئيس الدولة إذا اختار الدستور الجديد ذلك الشكل من الحكم. ويهون جبريل من شأن الحديث عن مستقبله في الوقت الحالي ودعا الأحزاب من كافة الأطياف الى محادثات بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون إحدى اولوياتها إعادة بناء ليبيا. غير أن مثل هذه الاتصالات قد تكون شائكة مع اتهام جماعات اسلامية هذا الاسبوع جبريل بأنه تعمد إبراز أنه ذو مرجعية إسلامية لاجتذاب الناخبين. ويقول جبريل (60 عاما) انه مسلم متدين منذ ان كان عمره 14 عاما ويرفض منذ وقت طويل وصفه بانه علماني وليبرالي. وقال سليمان زعبي -وهو مرشح فائز مستقل في بنغازي- "لا يوجد ليبراليون في ليبيا. وجبريل ليبي يصوم ويصلي ومن يقول انه ليبرالي لا يعرف ما يتحدث عنه."