قدم المغرب، أول أمس الثلاثاء، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأممالمتحدة إعلانا إقليميا بشأن» تأثير الفساد على التمتع بحقوق الإنسان» نيابة عن 132 بلدا، أي أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في المنظمة. وأعربت الدول ال 132 الممثلة لكافة مناطق العالم، في هذا الإعلان، الذي تلاه السفير الممثل الدائم للمملكة لدى المنظمة بجنيف، عمر هلال، عن «قلقها العميق للتأثير السلبي المتزايد للفساد، المنتشر على نطاق واسع، على التمتع بحقوق الإنسان». ولاحظت الدول الموقعة على الإعلان أن «الفساد هو أحد أكبر العوائق التي تحول دون النهوض بحقوق الإنسان وتوفير الحماية الفعالة لها، وبخاصة تحقيق أهداف الألفية للتنمية»، معتبرة الفساد «ظاهرة عالمية تشكل مصدر قلق كبير لجميع المواطنين عبر العالم». واعتبرت أن مكافحة الفساد يمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وتكريس سيادة القانون، باعتبارها «عنصرا أساسيا لبناء مجتمع حر وديمقراطي، وخطوة هامة في تحقيق تطلعات البلدان إلى تكريس تنمية بشرية متوازنة ومستدامة». ودعت الدول الموقعة على الإعلان إلى «التعزيز المتبادل لسبل حماية حقوق الإنسان والجهود المبذولة لمكافحة الفساد»، مشددة على ضرورة التعاون بين الدول والتنسيق بين آليات الأممالمتحدة ذات الصلة في هذا المجال. وفي هذا الصدد، أعربت الدول الموقعة عن دعمها للنداء الذي وجهه مجلس حقوق الإنسان والذي أكد فيه «أهمية الانسجام والتنسيق في العمل، إن على مستوى الحكومات أو على مستوى الدول، لتكريس اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد».وهذه هي المرة الأولى في تاريخ مجلس حقوق الإنسان التي يتم فيها إدراج موضوع الفساد في مناقشات المجلس ويحظى بهذه الدرجة من الإجماع.ويشكل التأييد الذي أبداه عدد قياسي من الدول لمبادرة المغرب، اعترافا دوليا بالتزام المملكة على المستوى الوطني بقضايا حقوق الإنسان واعترافا كذلك بالأوراش الكبرى من الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب والتي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد تجد امتدادها على المستوى الدولي من خلال حصولها على تأييد عدد غير مسبوق من الدول للإعلان الذي تقدم به المغرب، مما يعزز المصداقية التي اكتسبتها المملكة في هذه المنظمة. وأكد عدد من الدبلوماسيين في جنيف أن المغرب نجح في جعل ظاهرة الفساد، التي كانت تصنف في خانة الطابوهات، موضوعا توحد الجهود الدولية من أجل معالجته. ومن جهتها، أعربت عدد من المنظمات الدولية غير الحكومية، أمام المجلس، عن ارتياحها للمبادرة المغربية، وللدعم الواسع الذي حظيت به على المستوى الإقليمي وكذا عن تقديرها لشجاعة المغرب في إثارة قضية الفساد من منظور حقوق الإنسان. ويأتي النجاح الذي حققه الإعلان الذي قدمه المغرب في جنيف عقب النجاح الذي حققه مؤتمر مراكش للدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد الذي انعقد في أكتوبر الماضي.